أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سوزان العبود - - ذهاباً إلى اسكودار -














المزيد.....

- ذهاباً إلى اسكودار -


سوزان العبود
فنانة تشكيلية

(Suzann Elabboud)


الحوار المتمدن-العدد: 6312 - 2019 / 8 / 6 - 01:39
المحور: الادب والفن
    


الغيم يحاصر كل زاوية من السماء في مدينة المغترب مانعاً أي نور أن يضئ العتمة، وفي وسط هذا الغرق علت دندنة موسيقى أغنية يعرفها جيداً، وكلما كان يقترب خطوة كانت الموسيقا تعلو وتعلو لتخترق زاوية تقبع فيها خيبة طفل .
اللحن الذي لم يكن يعرف اسمه والذي كان عازف محترف يعزفه على زاوية الطريق أعاده إلى مدرسته الإبتدائية بالتحديد إلى حصة الموسيقى المنفذ الوحيد للروح خارج عالمه الضيق .
وتذكر أستاذ الموسيقى القاسي صاحب الصوت الجهوري يصيح  بالطلاب :
" إذا احسنتم التصرف خلال الدروس القادمة سأسمح لكم مشاركة الجوقة الموسيقية للصف السادس .. "
وتابع إعطاء بعض التعليمات وعزف بعض الألحان البسيطة وكرر وعده بأنه وخلال شهرين سيشارك كل طلاب الصف العزف بالالات الموسيقية مع الجوقة الناشئة للصفوف العليا .
في اليوم التالي في حصة الرياضيات فقد تركيزه فجأة بعدما سمع لحن أغنية يصدح من الصف المجاور .. ففقد إصغاءه للرياضيات والحسابات والعالم الجامد ودخل في عالم عجيب  آخر أخذته إليه معزوفة تعلو من الصف المجاور  معزوفة لم يكن يعرف لها اسماً لكنها تشربت ذاكرته ، وحنايا روحه ..
تتالت الأسابيع ، و في كل درس موسيقا للصف المجاور كان الأستاذ يعيد تدريب طلابه على نفس اللحن الساحر .
أما هو الطفل الصغير نحيل الجسد ذو العشرة أعوام كان يترك جسده ملتصقاً بالمقعد ، ويطلق العنان لروحه لتحلق بعيداً في فضاء آخر بعيداً عن الواجبات ، والدروس وكل الأشياء التي أرغم على القيام بها .
بعد فترة وجيزة وفي درس الموسيقا حصل ما كان لم يكن يحلم به فقد وعد أستاذ الموسيقى طلابه بتعليمهم المعزوفه نفسها التي يدرسها للصف السادس .. ، أدرك مباشرة انها معزوفته المحببة القادرة على أخذه إلى عوالم سحرية وبفرحة طفل صار يعد الأيام ، ووعود الأستاذ المقترنة بتصرف الطلاب الجيد تزداد .
بعد عدة أسابيع وبشكل مفاجئ دخل أستاذ الموسيقى مع عدة أطفال تعلو على وجوههم الإبتسامات محملين بالآلات الموسيقية .. ، وفي غمرة الفرح الطفولي بدأ الأطفال بإصدار ضجيج تتخلله ضحكات مرحة فعلا صوت الأستاذ فجأة على صوت الضحكات مطالباً طلابه بالهدوء لكن نداءه ذهب هباءاً منثورا .. ، فاستشاط غضباً، وبدأ بالصراخ، والتهديد :
" قسماً بالله إن لم تصمتوا سألغي الدرس"
لكن فرحة الأطفال لا يمكن إيقافها بالصراخ والغضب الذي لم يحملوه على محمل الجد .
وبعناد شديد وقف الأستاذ كجبل وهو يرعد ، ويزبد شامخاً منتقماً من كل شئ ... وبكلمتين ألغى الدرس ، وأخرج أطفال الجوقة الموسيقية بهدوء .. ، عندها فقط صمت الأطفال صمتاً مروعاً ..
شئ جميل سقط سقوطاً مروعاً من عالمه الجميل إلى أرض الواقع... الحلم الجميل الذي انتظر أن يعيشه انتهى بقرار تعسفي من السلطة العليا بالصف .
وكانت هذه أول خيبة في الحياة قد عايشها ستتوالى بعدها الخيبات لترمي به لاجئ في مدينة ضبابية معتمة يحاصرها الغيم، ليجد نفسه يقترب من مصدر خيبته الأولى المعزوفة التي لم يعرف لها طوال حياته عنوان .
وبهدوء تقدم نحو العازف وانتظر بشغف حتى انهى مقطوعته وسأله بهدوء وبصوت منخفض :
- ما اسم هذه المعزوفة
أجابه العازف الشبيه بالمسيح بعينين ضاحكتين ، وابتسامة لطيفة شاكراً اهتمامه، و أجابه :
-  ذهاباً إلى اسكودار
وبقلب فرح مبصراً لنور قريب أخرج كل ما امتلك في جيوبه من مال ووضعه بلطف في علبة معدنية كانت موضوعة أمام الفنان ، وتابع مشيه مبتسماً يدندن :

" ذهاباً إلى اسكودار ... ذهاباً إلى اسكودار "



#سوزان_العبود (هاشتاغ)       Suzann_Elabboud#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -بلد القانون-
- -اصمت-
- - قطتي -
- - وَلَدي -
- - غربة -
- - تعب -
- - سطح الدار -
- - قبلة -
- - رغبة -
- قصة / آزاد / سوزان العبود
- قصة / عصفور بشري/ سوزان العبود
- تصريح شرف
- أنا في مدينة العجائب
- حب افتراضي
- ٲخر ٲيام العيد
- نباتي
- الفارس الجواد - النحات جواد سليم -
- الفارس الجواد (النحات جواد سليم )
- معرض فني للاجئين في متحف الثقافات الٲروبية في برلين
- غونتر غراس نحاتا


المزيد.....




- “باقة من البرامج والمسلسلات وأفلام السينما”عبر تردد قناة CBC ...
- “ابنك هيدمنها” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 لمشاهدة ج ...
- مايكل دوغلاس يزور مستوطنة إسرائيلية ويصف المتضامنين الأمريكي ...
- بتهمة -الفعل الفاضح-.. إحالة سائق -أوبر- بواقعة التحرش بفنان ...
- عز وفهمي وإمام نجوم الشباك في موسم أفلام عيد الأضحى 2024
- فرويد ولندن.. أتاها نجماً هارباً فجعلته أسطورة خالدة
- الروسي بيفول يهزم الليبي مالك الزناد بالضربة الفنية القاضية ...
- وزير الثقافة اللبناني يزور منزل الشهيد عبد اللهيان
- إدارة أعمال الفنان جورج وسوف تكشف عن حالته الصحيه بعد أنباء ...
- كيم كي دوك... المخرج السينمائي الكوري الذي رحل مبكراً


المزيد.....

- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سوزان العبود - - ذهاباً إلى اسكودار -