أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سوزان العبود - تصريح شرف














المزيد.....

تصريح شرف


سوزان العبود
فنانة تشكيلية

(Suzann Elabboud)


الحوار المتمدن-العدد: 5383 - 2016 / 12 / 26 - 19:49
المحور: الادب والفن
    


تصريح شرف

طريق العودة في قطار الأنفاق طويلة ومملة لكنه اعتاد فيها انتظار المسافات الطويلة للذهاب الى بغيته والرجوع منها, من محطة الى محطة .. يراقب .. يترقب .. ينتظر .. , وطريق الإياب أقل مللا من طريق الذهاب لأنه يكون قد انجز ما هو بصدد انجازه ولديه ما يشغل باله من الأفكار الجديدة أما في طريق الذهاب فالترقب وحده هو الذي ينتظره.
لكن هذه المرة حصل معه العكس فالعودة كانت مملة كئيبة حاول فيه جاهداً تناسي ما مر معه من أحداث خلاله فتارة يقلب في كتاب وتارة يراقب الوافدين والخارجين من باب القطار حتى قطعت عليه افكاره كلمات ذلك الراكب في الزاوية فأعادته للحظة خروجه من صالة العرض .
ست سنين من الحرب .. كانت الناس قد بدأت تمل الفعاليات المقامة على شرف الوطن .... لكنه كان مثابراً على حضور أي شئ يتعلق فيه , ربما نوع من العقاب الذاتي لعدم تواجده هناك , أوكتكفير عن ذنب الغربة والبعد ..ها أنا ذا معكم ! أحمل مآسيكم واوجاعكم ..
عندما وصل الى صالة العرض الواسعة ... قلبت عينيه المكان ... أعمال كثيرة كبيرة وصغيرة ..قطع من النحت ...لوحات فنية صور فوتغرافية .كلها تتحدث عن عمق معاناة الشعب السوري , وعن الثورة .. الوضع العام .. صور اللاجئين ومأساتهم..... صور كثيرة معلقة عن مدينة حمص .....و عن حلب .. وقد أضحت مدن متهالكة محطمة .....بقايا عرائس شرقية خضبت بالدم.
انقبض صدره ...و زاد انقباضه ...وهو يراقب الألوان القاتمة التي تضرجت بها اللوحات ..الأحمر بدرجاته المتعدده والبني الممزوج بالأرجواني والاسود لون الحداد.
الثورة مستمرة ...كلمة لصوت يعرفه طرقت أذنيه فألتفت .. أحد الفنانيين المقيمين في أروبا وكانت له معرفة مسبقة به يتحدث عن وضع البلاد المزري عن اللاجئين وعن أعماله العظيمة التي تتحدث عن الحرب ...وعن نفسه وأعماله تحدث متحمساٌ ... كيف أنه من اكبر داعمي الثورة من أول يوم فيها فقد تفجر عنده الإبداع من بداية الأحداث وبدأ الرسم مساندا إخوته في الوطن معبرا عن أوجاعهم ...ثم وضع غليونه الفارغ بين اسنانه وتابع .. إن الثورة لتحتاج مخلصيها الانقياء ....
استدار وعينيه قد جحظت قليلا وأخذ يفكر ... ألا يحتاج الفن الى مخاض ثم ولادة ...أم أنه يمكن أن يكون وليد اللحظة والحدث ؟؟!! هل الفن يدعم الثورة أم أنه مجرد موثق لها .... ليس يدري ...ربما لن يدري..
أسئلة طنت كالنحلة في تلافيف دماغه ..
تابعت عيناه الدوران وأذناه استراق السمع هناك في زاوية الصالة شاعر معروف يحتسي النبيذ شاعر الفيس بوك فكتاباته المنتشرة على صفحات مواقع التواصل تتحدث عن الحلم , والثورة , , والوطن هي التي حققت له امكانية الحضور الى الغرب لإلقاء المحاضرات , والأمسيات الشعرية ...كان المعجبون يتلقفون كتاباته بشغف كبير ويمطرونه إعجابات تفوق بعددها أنقياء الثورة المخلصين بأضعاف .
كان يراقبه وهو يتحدث حديثه المشذب المهذب والكل مسحور لم يدري أهم مسحورون بكلماته ...أم بشخصيته ونزقها الطبيعي تارةً والمفتعل تارةً أُخرى ....كانوا يرمقونه بنظرات العبيد للإله ..., وكأن إلهاٌ جديداٌ للكلمة قد خلق . ...
وعادت الأسئلة تطن ...أيحتاج البلد لكلمات وشعراء ..ليحثوا الهمم ومن يقرأ لهم سوى أناس جالسون في بيوتهم يحتسون شراب ساخن في برد شتاء قارص ...وهم يتصفحون النت ليصطدموا ببعض تلك الكتابات ...وبعض صور اللاجئين ... تراك ...لايك ....يحيا الوطن ....!!!
ألم عظيم اشتد في صدره...ماذا يفعل هنا ... هل كل هذا ترجى منه فائدة ... حفلة كوكتيل على شرف الوطن ... على شرف فض بكرية الوطن ...!!! استدار منتفضاً .. راغباٌ بالقليل من الأوكسجين النظيف .
في طريق العودة جالساً ينتظر في مقعده اصطدمت عينيه بعيني ذالك الرجل السكير الذي كان يخاطب الجموع عن كونه كان ذا شأن كبير في البوسنه وفجأة صاح بصوت عال وهو يترنح بعد رشفة من قنينته :
لايقتل المرء الا الحب والحرب .
صدمته عبارته .. الحكيمة ؟
... رد عليه في نفسه :
ولا يتفوه بالحقيقة إلا .. الأطفال والسكارى .



#سوزان_العبود (هاشتاغ)       Suzann_Elabboud#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنا في مدينة العجائب
- حب افتراضي
- ٲخر ٲيام العيد
- نباتي
- الفارس الجواد - النحات جواد سليم -
- الفارس الجواد (النحات جواد سليم )
- معرض فني للاجئين في متحف الثقافات الٲروبية في برلين
- غونتر غراس نحاتا
- قصيدة مترجمة عن الالمانية بعنوان مراحل للشاعر هيرمان هيسه- س ...


المزيد.....




- الكشف عن الإعلان الترويجي لفيلم -المشروع X-.. ما قصته؟
- مصر.. جدل بسبب اللغة الثانية وقرار وزير التعليم أمام القضاء ...
- -معرض الكتاب- في الرباط يتذكر -السي بن عيسى- رمزا ومثالا يحت ...
- إسرائيل زيف الرواية: الجيش يحقق مع نفسه
- بعد وفاة الراحل سليمان عيد .. فيلم فار ب 7 تراوح يتصدر أعلى ...
- فيلم -Sinners- يحطم توقعات صناعة السينما
- من 41 دولة.. 200 رئيس نقابة ينددون بإبادة غزة أمام الممثلية ...
- الفنان اليمني كمال شرف يحصل على جائزة الفن الثوري الإسلامي ا ...
- مبادرة -بالعربي-: خطوة لإحياء اللغة العربية كمحرك للإبداع وا ...
- فضيحة جديدة لميغان ماركل.. اتهامات بالسرقة الفكرية في مسلسل ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سوزان العبود - تصريح شرف