أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - ناجح شاهين - المراة المستعملة والرجل الطازج أبدا















المزيد.....

المراة المستعملة والرجل الطازج أبدا


ناجح شاهين

الحوار المتمدن-العدد: 6181 - 2019 / 3 / 23 - 17:25
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


نهاية الأسبوع (يوم الخميس) شهدنا تكرارا مملا لحالة الفصام التي نعيشها حيال المرأة. حفلة فيسبوك عربية شاملة في تقديس المرأة بصفتها أما. وعلى الرغم من أن الأراضي العربية الفلسطينية كانت ما تزال تئن تحت وطأة مشاعر القهر التي رافقت تمكن الاحتلال "بجهد استخباري" من الوصول إلى البطل عمر أبوليلى الذي نفذ عملية سلفيت الفذة، وما تلا ذلك من ارتقاء لشهداء آخرين في نابلس وبيت لحم وغيرهما، إلا أن ذلك لم يمنع من ممارسة الاحتفال ب "المناسبة". لقد أدمنا عقلية المناسبة على ما يبدو بما يعني أن كل مناسبة لا بد أن تأخذ "حقها" من المنشورات والتعليقات والتحليلات والانتقادات مهما كانت صغيرة أو كبيرة. ويشمل ذلك يوم الفلسفة ويوم المعلم ويوم النسبة التقريبية 3.14 ...الخ.
لكننا بالطبع لا نقصد ان نقول إن الأم "مناسبة" مثل غيرها من المناسبات. المرأة هي ببساطة ووضوح أحد شقي الكائن الإنساني، وهي بهذا المعنى لا تحتاج إلى أية مناسبات إلا بمقدار ما يحتاج الرجل إلى ذلك. وإذا كان الرجل لا يحتاج إلى تقريظ سنوي أو شهري أو مئوي، فإن المرأة أيضا في غنى عن هذه المدائح التي تحصل في المناسبتين الأبرز، يوم المرأة ويوم الأم، بينما هي مؤهلة بالتعريف لأن تكون إنسانا كامل الإنسانية طوال أيام العام.
ما يحصل فعليا هو أن المرأة في بلادنا تعامل معاملة تترواح بين السلعة الجنسية والجارية الرازحة تحت أعباء الأعمال المنزلية التي لا تنتهي إلا لتبدأ، حتى عندما تكون امرأة عاملة تتعذب طوال النهار في وظيفة من الوظائف التافهة في سوق العمل المحلي، وما يرافق ساعات العمل المريرة من تحرش الزملاء وأرباب العمل، الذي يعد مميزا دائما لتعامل مجتمع الذكور كله مع المرأة، ناهيك عن الذكور الذين يتمتعون ببعض القوة التي يتيحها لهم موقعهم في العمل، أو امتيازهم الطبقي المالي، الذي يبيح لهم مساومة النساء على أرواحهن وأجسادهم على السواء.
وتعاني المرأة أشد المعاناة مع الطلبات المتناقضة التي تطلب منها في وقت واحد: كأن عليها أن تنتهك قوانين الهوية وعدم التناقض في كل لحظة من لحظات اليوم. إنها في منظور "الشارع" موضوع خالص للشهوة والتحرش والمعاكسات التي تجعل المشي في الطريق، على هوان شأنه، نشاطا محفوفا بالمضايقة التي قد تتضمن الضرب بالكتف أو اليد أو التعرض للارتطام المقصود طوال الوقت، ناهيك عن الاستماع معظم الوقت للتعليقات البذيئة المتحرشة. يصر بعض من الرجال - والنساء أيضا، لأسفنا الشديد- أحيانا على تحميل المرأة المسؤولية عما تواجهه بذريعة أنها جميلة، أو بذريعة أنها تلبس ملابس مثيرة. كأن عليها أن تتوقف عن أن تكون أنثى من أجل أن تنجو من عدوان الذكور في الحيز العام.
لكن الرجل/الشاب الذي يرى الأنثى في الشارع موضوعا للهجوم والعدوان الجسدي والنفسي بصفتها كائنا جنسيا خالصا ليس فيه أية مكونات أخرى، هذا الذكر نفسه لا يستطيع التفكير في أمه أو أخته إلا بوصفها كائنا لا علاقة له بالأنوثة. ولعله يضطر في لحظات قليلة إلى التفكير في أخته بوصفها أنثى، عندما يطرأ أمر يتصل بالخطبة والزواج التي تأتي بالنسبة للذكر في سياق "سترة" البنت، وليس في نطاق سعادتها بأن يكون لها شريك تحبه ويحبها، وتمارس معه تلك الشهوات الشريرة الشطانية التي لا يحب الذكر العربي أن يفكر في أن أمه أو اخته موبوءة بها على الرغم من أنه لا يرى في نساء "الشارع" إلا كائنات شهوية خالصة لا تمت للمواطنة العادية وأدواراها المختلفة بأية صلة.
في هذا السياق يتم التعامل مع مناسبة "يوم الأم" بوصفها حقلا لاستعراض قداسة الأمهات التي تتعالى على الوجود الأرضي الحقيقي للمرأة بجوانبها الإنسانية المتعددة. المرأة الأم كائن متسامي على الوجود الفعلي الدنيوي للمرأة. إذن لا بد أن ننسى أو نتناسى، أو نكبت بحسب مصطلح فرويد، كل ما يتعلق بكونها أنثى تخضع لعالم الشهوات. أما إذا حضر موضوع الأنوثة لأي سبب من الأسباب، فإن الأولاد الصغار على وجه الخصوص سيحرصون على إخفاء اسماء أمهاتهم خشية أن يمسك أقرانهم خيطا يجلب العار للولد عندما ينادونه باسم أمه على الملأ وهم يتضاحكون من واقعة أنهم قد اكتشفوا نقطة ضعفه المخجلة التي يجسدها اسم الأم. لكن الكبار أيضا لا يحبون أن يذكروا أسماء أمهاتهم أو زوجاتهم إلا في حالات الاضطرار. على أن الأخطر والأشق على النفس دائما هو التفكير في ان الأمهات يشكلن كيانات جنسية يمكن أن يكون لديها مشاعر وشهوات. ولا بد أن ذلك يقوض صورة الملاك الذي أنجب الأطفال دون أن يكون له اية مشاعر أو احتياجات جسدية.
من ناحية أخرى تعرفون ان المرأة تتلوث في الذهن العربي إذا ثبت أنها ابتسمت لابن الجيران. بل إن قيمتها التبادلية تنهار إذا سبق لها الزواج. أما إذا أنجبت وأصبحت أما فإن أحدا لا يعود قادرا على الارتباط بها فقد أصبحت مستعملة أكثر مما يحتمل اي رجل طبيعي. وإذا وجدت امرأة مطلقة لأي سبب كان، فإن الرجال (غالبا على قلب رجل واحد) يفكرون كلما خطرت ببالهم أو شاهدوها تعبر الشارع في الوليمة الجنسية التي يمكن الحصول عليها دون تبعات مع تلك المرأة التي لا تتبع لملكية أي ذكر؛ المالك الذكر الذي يردع بقية الذكور عن التفكير في المرأة هو على الأرجح ما يقصده المجتمع العربي عندما يتحدث عن "ستر" المرأة عن طريق الزواج. سعادة المرأة بصفتها إنسانا ليست مطروقة في الذهن الشعبي من هذه الناحية. وهذا الذهن الشعبي يهيمن على وعينا المخبأ جميعا على الأرجح، وقد يشمل ذلك "خطباء الجندر" وحقوق المرأة من الرجال الذين يرددون الشعارات عن حقوق المرأة دون أن يستدخلوا على نحو عميق الفكرة البسيطة التي تخص كون المرأة كيانا إنسانيا مثل الرجل تماما، وليس من داع لأن نطلب، أو نتوقع منها أشياء أصعب أو أسهل مما نتوقعه من الرجال.
بالطبع الرجل لا يعيبه اي شيء، ويظل طازجا متالقا وإنسانا كامل الإنسانية جاهزا للأدوار كلها مهما حصل. إنه الوجود الإنساني الذي لا يمكن تلويثه مهما فعل، وغالباً لا يعيبه أي شيء ولا حتى "جيبه" خلافا لمثل مأثور كان يزعم أن "الزلمة ما بعيبه إلا جيبه".
للأسف تصعيد المرأة الأم كما حصل قبل أيام، وكما يحصل كل عام جزء من مصيبة المرأة العربية أكثر مما هو أنصاف لها.
اتمنى للمرأة بنتا واختا وزوجة وأما وحبيبة أن تحقق انسانيتها الكاملة لا أكثر ولا أقل، وهي في غنى عن الأكاذيب التي تحولها إلى ملاك لتحرمها من حقوقها الإنسانية البسيطة.
حاشية. عندما يموت الاب في الغرب على سبيل المثال، فإن وريثه الأهم هو زوجته، أما في بلادنا فإن الاولاد الذكور يرثون ثروة الاب ويرثون تحكمه في الزوجة التي تصبح في بعض الأحيان متسولة في بيوت أولادها. لكن ذلك لا يمنع قصائد الحب الوهمية في عيد الام العتيد.



#ناجح_شاهين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تقرير البنك الدولي حول التعليم في منطقة مينا
- إنليل ومعتقلات التلقين الكريهة
- صفقة القرن بين كوشنر ولافروف
- قراءة في خطاب ترامب -حالة الاتحاد-
- أبومازن يطمئن الشبان الإسرائيليين
- أما تزال قطر عدو إسرائيل الأخطر؟
- مؤسسة الدراسات الفلسطينية وهوى اللغة الانجليزية
- فلسطين في زمن الهوية الطائفية
- العرب وسوريا والولايات المتحدة
- رأس السنة الأوروبية وهيمنة ثقافة المنتصر
- السلطة وحماس وحزب الله
- الصراع الطبقي في فرنسا
- بانوراما الحالة الفلسطينية
- جلاد مصر وصديقه مصاص الدماء
- الفساد البنيوي
- أمريكا: السياسة وسيرك الديمقراطية
- صراعات أسطورية
- حماس وأحلامها السياسية
- في السنة الأولى بعد مئوية بلفور
- الضمان الاجتماعي وتدني التحصيل في مدارس الوكالة


المزيد.....




- أرقام صادمة.. 63 امرأة يُقتلن في كل يوم تستمر فيه الحرب بغزة ...
- منحة المرأة الماكثة في البيت الجزائر 2024 أهم الشروط وخطوات ...
- المرأة المغربية في الخارج تحصل على حق استخراج جواز سفر لأبنا ...
- الشريعة والحياة في رمضان- الأسرة المسلمة في الغرب.. بين الان ...
- مصر.. امرأة تقتل زوجها خلال إعدادها مائدة إفطار رمضان
- الإنترنت -الخيار الوحيد- لمواصلة تعليم الفتيات في أفغانستان ...
- لماذا يقع على عاتق النساء عبء -الجهد العاطفي- في العمل؟
- اختبار الحمض النووي لامرأة يكشف أن أسلافها -كلاب-!
- تزامنا مع تداول فيديو ظهور سيدة -شبه عارية-.. الأمن السعودي ...
- “الحقوا الحرامي سرق جزمة لولو!”.. تردد قناة وناسة الجديد 202 ...


المزيد.....

- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع
- النسوية.المفاهيم، التحديات، الحلول.. / طلال الحريري
- واقع عمل اللمراة الحالي في سوق العمل الفلسطيني الرسمي وغير ا ... / سلامه ابو زعيتر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - ناجح شاهين - المراة المستعملة والرجل الطازج أبدا