أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جوان ديبو - خيارات الأكراد المحدودة في سوريا ما بعد الانسحاب الامريكي















المزيد.....

خيارات الأكراد المحدودة في سوريا ما بعد الانسحاب الامريكي


جوان ديبو

الحوار المتمدن-العدد: 6104 - 2019 / 1 / 4 - 21:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تبدو الخيارات المتاحة أمام الاكراد في سوريا ازاء الانسحاب الامريكي الذي بدأ يلوح في الافق قليلة وصعبة للغاية، لأنها تضع بشكل او بآخر نهاية للاستقلالية النسبية التي تمتعوا بها خلال سنوات الازمة السورية الممتدة من 2011 الى يومنا هذا. بالاضافة الى انه يضع سلامة وأمن مناطقهم التي حافظوا عليها نسبيا على امتداد سنوات الازمة على المحك. تكمن صعوبة وسوداوية البدائل الميسرة امام الاكراد في سوريا اولا في قلتها وثانيا في مرارتها المتفاوتة وثالثا في كونها مفروضة على الاكراد وليست مخيرة، خاصة وان بعض تلك الخيارات قد تهدد الوجود الكردي ذاته. يمكن اختصار وترتيب الخيارات الموجودة حسب واقعيتها وقابليتها للتطبيق كما يلي.

أولا: تسليم المناطق التي يسيطر عليها الاكراد او حزب الاتحاد الديمقراطي وجناحه العسكري "قوات سوريا الديمقراطية" والمتمثلة بمناطق الادارة الذاتية في شمال وشمال شرق سوريا الى النظام السوري. واقعية هذا الخيار ينطلق من حقيقة عدم انقطاع التنسيق والاتصالات المباشرة بين النظام السوري من جهة وبين حزب الاتحاد الديمقراطي من جهة ثانية منذ اندلاع الازمة السورية في 2011. خاصة وان الطرفين يتقاسمان النفوذ والسلطة في اهم واغنى منطقة كردية في شمال شرق سوريا ألا وهي محافظة الحسكة. أيضا كون حزب الاتحاد الديمقراطي يتبع ايديولوجيا وروحيا حزب العمال الكردستاني وقيادته في قنديل التي ما زالت تحتفظ بعلاقات متطورة مع نظام الاسد وفق الكثير من التقارير والآراء. ضمن هذا السياق، اشارت تقارير عدة في الآونة الاخيرة الى توجه بعض القيادات النافذة في العمال الكردستاني الى دمشق للبحث حول مستقبل المناطق الكردية في سوريا في حال اصبح الانسحاب الامريكي امرا واقعا. إضافة الى عدم تشكيل الاكراد عموما وحزب الاتحاد الديمقراطي خصوصا خطرا حقيقيا على النظام في دمشق طوال سنوات الازمة، وذلك بانتهاج الطرف الكردي الأقوى والمتمثل بالاتحاد الديمقراطي الخط الثالث في الازمة السورية حسب ادبيات الحزب.

لكن في المقابل، يوجد من الموانع والعقبات ما تعمل للحؤول دون اتمام هذا السيناريو على الارض. حزب الاتحاد الديمقراطي وحسب تصريحات قادته وآلته الإعلامية لا يعتزم تسليم المناطق التي يسيطر عليها ولا السلاح الذي يمتلكه الى النظام السوري دون مقابل او دون استحقاقات معينة. من جهته يبدي النظام السوري عدم استعداده او موافقته على منح الاكراد اية حقوق حتى ضمن اكثر الصيغ مرونة وسلاسة. النظام وكما تشير المعطيات ليس لديه اية نية صادقة لحل القضية الكردية في سورية. كذلك يبدي النظام عدم استعداده للاعتراف بالاكراد كطرف مستقل وبالتالي عدم رغبته بالخوض في اية مباحثات معهم قد تكتسي طابع المفاوضات، والاكتفاء فقط بالاملاءات والاوامر والشروط المجحفة لانه كعادته لا يتقن سوى لغة القوة، خاصة وانه بدأ ثانية يشعر بالقوة والامان النسبي وما يزال يعيش نشوة الانتصارات التي حققها ضد معارضيه في عدة جبهات بمعية حلفاءه الروس والايرانيين. لكن فشل هذا السيناريو يعني بشكل او بآخر المواجهة العسكرية بين النظام والاكراد.

ثانيا: المواجهة المسلحة بين الاكراد او قوات سوريا الديمقراطية من جهة وبين تركيا من جهة ثانية. تركيا تتأمل وتعتقد بأنها ربما من اكثر الدول المستفيدة من القرار الامريكي الاخير، لأنه سيضع حسب وجهة النظر التركية بداية النهاية للمخاوف (الحجج) التركية حيال عزم الولايات المتحدة تقسيم سوريا ومنح الاكراد كيانا مستقلا، علما بأنه لا الولايات المتحدة ولا الاكراد لم يتبنوا مثل هذا الطرح في يوم من الايام، ولم يعملوا على تجسيده على الارض نهائيا. على العكس من ذلك تماما، فإن افكار وادبيات واطروحات حزب الاتحاد الديمقراطي هي "ما فوق القومية" في اطار ما يسمونه "بالامة الديمقراطية واخوة الشعوب" والمتمثل في المطالبة باللامركزية والفيدرالية في الحالة السورية.

مما يرجح كفة هذا السيناريو المخيف هو ما تم تسريبه خلال قناة سي ان ان الامريكية من المكالمة الهاتفية التي جرت بين الرئيس الامريكي والرئيس التركي في اعقاب اعلان قرار سحب القوات الامريكية من سوريا عندما قال ترامب لاردوغان "سوريا كلها لك، لقد انتهينا ". تم تأويل هذا الحديث على انه بمثابة اعطاء واشنطن الضوء الاخضر لانقرة باجتياح واحتلال المناطق الكردية شرق نهر الفرات على غرار ما حصل في عفرين في بداية هذا العام. لذلك سارعت تركيا الى حشد قواتها وآلياتها العسكرية والآلاف من قوات المعارضة السورية الموالية لها على الطرف الاخر من الحدود مقابل المدن والبلدات التي يسيطر عليها "قوات سوريا الديمقراطية".

لكن الانسحاب الامريكي في حال حدوثه واستكماله عمليا على الارض ربما لن يسهل المهمة كثيرا امام تركيا للانقضاض على بقية المناطق الكردية في سوريا واجهاض اية محاولة كردية او حلم كردي لنيل الحقوق او حتى بعضا منها ضمن سوريا موحدة، بقدر ما سيصعب ويعقد تلك المهمة امام انقرة. والسبب وراء هذا الاعتقاد هو الاصطدام المتوقع بين الطموح والاطماع التركية الشرهة في سائر شمال وشمال شرق سوريا وبين استراتيجية القوة الاولى والاساسية في سوريا ألا وهي روسيا التي تأبى عمليا القبول بشركاء لها في سوريا على المدى الطويل، وهذا سلوك متعارف عليه من قبل القوى العظمى على مر التاريخ. لذلك بدأت تركيا تستجمع جميع قوتها الدبلوماسية وتوجهها نحو مخاطبة الدب الروسي في هذا الشأن، هذا "الدب" الذي يبدو بأنه قد بدأ يكشر عن انيابه تدريجيا تجاه سياسات واحلام تركيا التوسعية والعدوانية في سوريا خصوصا والمنطقة عموما.

تعتقد تركيا بأن اجتياح مناطق شرق الفرات سيكون امرا سهلا وسيحظى باستحسان امريكا وروسيا على حد سواء على غرار ما حدث في عفرين اوائل هذا العام. لكن المشهد السياسي والعسكري العام يختلف حاليا في شرق الفرات عما كان عليه في غرب الفرات (عفرين) إبان الغزو التركي والفصائل الاسلامية المتشددة المتحالفة مع انقرة. احتلال عفرين من قبل تركيا الاردوغانية حظي بموافقة امريكا وروسيا على حد سواء لأن عفرين لم تكن ضمن لا منطقة النفوذ الامريكي ولا الروسي في سوريا. لكن محاولة احتلال مناطق شرق الفرات لن يحظى غالبا لا بدعم من قبل واشنطن ولا من قبل موسكو، حتى وان توهمت تركيا بأن الانسحاب الامريكي المحتمل خطوة سيصب لصالحها. لا يحفل التاريخ كثيرا بأمثلة تنازلت فيها قوى عظمى عن اراض ومصالح معينة لدول غير عظمى دون مقابل او حتى بمقابل لكي نقول بأن امريكا سوف تتنازل عن المناطق التي تتواجد فيها حاليا في سوريا ومن ضمنها المناطق الكردية الى تركيا التي وان طرأ بعض التحسن على علاقاتها مع واشنطن، إلا ان تلك العلاقات تحتاج الى المزيد من الوقت لكي تعود الى سابق عهدها.

روسيا ايضا ليست لها مصلحة حقيقية في السماح لتركيا باحتلال مناطق شرق الفرات وإن كانت تغازل وتهادن تركيا الى حد معين منذ الاعتذار التركي وتحسن العلاقات بين الدولتين الذي اعقب اسقاط الطائرة الروسية من قبل المضادات التركية في نوفمبر 2015 مستغلة تدهور العلاقات بين انقرة وواشنطن. روسيا ليست مستعدة على ان تقدم تنازلات مؤلمة لتركيا في الملف السوري. خاصة اذا اثرت تلك التنازلات على سياسات واستراتيجية موسكو بعيدة المدى في سوريا التي تعتبر منفذ موسكو الوحيد على البحر المتوسط وكذلك نحو بقية الشرق الاوسط.

سواء انسحبت الولايات المتحدة وحلفاءها من سوريا خلال ثلاثة اشهر او اكثر، إلا أن مسألة التركيز والتعمق في الخيارات المتاحة امام الاكراد وقياداتهم السياسية والعسكرية باتت مسألة تستوجب استجماع واستحضار واستنفار كل القوى السياسية والمدنية لدى الاكراد في سوريا، سواء حزب الاتحاد الديمقراطي وحلفاءه ام معارضيهم، لأن المسألة لم تعد تتعلق بمصير حزب معين او ادارة معينة بقدر ما تتعلق بمصير ومستقبل شعب كامل يربوعدده على 3,5 مليون نسمة ويشكل نسبته اكثر من 15% من مجموع السكان في سوريا. خاصة وان موازين القوى وكذلك النية الامريكية بالانسحاب لا تصب لصالح الاكراد وقضية حقوقهم في سوريا، كما ان بعض تلك الخيارات الاكثر سوداوية كالمواجهة مع غزو واحتلال تركي شنيع محتمل سيضع ربما الوجود الكردي والقضية الكردية في سوريا برمتها في مهب الريح، مما يستلزم ابداء اقصى درجات المرونة والحنكة السياسية من قبل حزب الاتحاد الديمقراطي وكذلك من قبل المجلس الوطني الكردي الذي ينضوي تحت راية "الائتلاف السوري" المعارض الموالي لتركيا وغيرهم للجلوس على طاولة واحدة وايجاد مفردات ولغة مشتركة بين مختلف هذه الاطراف بهدف العثور على منفذ وحل قد يقي المناطق الكردية في سوريا من شرور وآثام الخصوم المتربصين بها وخاصة تركيا الاردوغانية.



#جوان_ديبو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اقليم كوردستان والبديل الذي لا يلوح في الافق
- كذبة اوجلان ام كذبة نيسان؟ PKK: من تغيير العَلَم الى طمس الو ...
- ماذا يحدث في كوردستان؟
- هل وقع المحظور في المناطق الكوردية من سوريا؟
- الكورد في سوريا واقتناص الفرصة التاريخية
- عندما تتأبد الضحية دورها
- جنيف 2: عُقد ولم يُعقد
- أضواء على زيارة رئيس اقليم كوردستان ( العراق ) الى آمد ( ديا ...
- مواسم الهجرة الى الجنوب


المزيد.....




- طبيب فلسطيني: وفاة -الطفلة المعجزة- بعد 4 أيام من ولادتها وأ ...
- تعرض لحادث سير.. نقل الوزير الإسرائيلي إيتمار بن غفير إلى ال ...
- رئيسي: علاقاتنا مع إفريقيا هدفها التنمية
- زيلينسكي يقيل قائد قوات الدعم الأوكرانية
- جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة الجعف ...
- طفل شبرا الخيمة.. جريمة قتل وانتزاع أحشاء طفل تهز مصر، هل كا ...
- وفد مصري في إسرائيل لمناقشة -طرح جديد- للهدنة في غزة
- هل ينجح الوفد المصري بالتوصل إلى هدنة لوقف النار في غزة؟
- في مؤشر على اجتياح رفح.. إسرائيل تحشد دباباتها ومدرعاتها على ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جوان ديبو - خيارات الأكراد المحدودة في سوريا ما بعد الانسحاب الامريكي