أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد كشكار - جاراتُ أمِّي ورفيقاتُ دَربِها في جمنة الستينيات!














المزيد.....

جاراتُ أمِّي ورفيقاتُ دَربِها في جمنة الستينيات!


محمد كشكار

الحوار المتمدن-العدد: 6065 - 2018 / 11 / 26 - 14:53
المحور: سيرة ذاتية
    


نساءُ حيِّ الحمادة تحديدًا "وزنڤتِنا*" الحادّة تخصيصًا، حيث نشأتُ وترعرعتُ. كنّ يخرجن لزيارة الجيران والأقارب ويستقبلننا، نحن الشباب، دون إذن أزواجهن ويعاملننا كأولادهن بحنانٍ وحِنِّيّةٍ ونِيةٍ طيبةٍ خالصةٍ. كنّ يتبخترن في "الزنڤة*" سافرات مرفوعات الرأس والهامة. كنتُ، وأنا شابٌّ في العشرينيات من عمري، أرتمي في أحضانهن عند رجوعي إلى مسقط رأسي في العطل المدرسية، لا أفرّق بين أمي و"أمي"، وما زلتُ وأنا في الستة وستّين من عمري أحنّ إلى أحضانهن الدافئة. واليوم، عند زيارة موطني، أبكي طويلا عالِقًا في جلابيبِ مَن تبقّى منهن، وكن يبكين معي ويقولون لي همسًا أنني أذكّرهن برائحة الغالية يامنة، أمي (ماتت سنة 1993). في العيد الصغير والكبير، كنا معشر الشباب، نطوف نصف البلاد، نعيّد بالأحضان على النساء جارات أمهاتنا وقريباتهن وصاحباتهن. كنتُ حينذاك أروي تفاصيل حياتي الجمنية لزملاء الدراسة، أبناء مدينة صفاقس، فيتعجّبون من أمري ويكادوا أن لا يصدّقونني فيما أنقل لهم.
رجعتُ مرّة إلى جمنة، بعد غيابٍ دام عشر سنوات، لإحياء حفلٍ ديني ترحّما على روح أمي، حفلٍ نسميه "ألفية" وكنت غير مرفوقٍ بزوجتي (هي من أصل جمني لكنها وُلِدت وعاشت بأحواز تونس الجنوبية). وصلتُ إلى منزلنا غير المأهولِ، جاء الجيرانُ وهرعتِ الجاراتُ صوبَ منزلنا لتحيتي والترحاب بمَقدَمي، أعلمتهن بما أنتوي صنعه، رحّبن جميعًا بالفكرة، وبعد يومين وفي الصباح الباكر تهاطلت الجاراتُ على "حوشْنا الواسعِ"، عجائز وشابات، كَنَسْنَه، نظّفنه، أحضرْن الأواني، وبدأت أسمع طلباتهن وأنفّذ أوامرهن دون حضور أو وساطة أزواجهن، كن يتصرّفن معي وكأنهن أخواتي الشقيقات. حضر العشاءُ، فهَلَّ ركبُ حفظةِ القرآن المتطوعين مجانًا، تلوْا ما تيسّر من الذكرِ الحكيمِ، ثم أعقبوا التلاوةَ بدعاءٍ يقشعرّ له البدنُ خِشيةً ورِعشةً، دعاءٍ صالحٍ لروح المرحومة ولي أنا شخصيا، أبكاني من فرطِ الحنينِ. دعاءٌ بترنيمةِ شيخٍ جليلٍ، مهنته بنّاء واسمه علي بن عبد الله، تربّيتُ منذ الصغرِ على صوتِه المُتَهِدِّجِ الحنونِ، وما يزال صداه يرنُّ في أذني بعد وفاتِه بِعشرِ سِنينَ، رحمه الله رحمةً واسعةً وأسكنه فراديسَ جنانِه وغمره برضوانِه وغفرانِه وأسعدَ كل مَن سمعَ وتمتّعَ بِحلاوةِ لسانِه.

الزنڤة: النهجُ الذي له مدخلٌ واحدٌ و ليس له مخرجٌ (impasse).

إمضائي، أصيل جمنة ولادةً وتربيةً (وُلِدتُ سنة 1952)
أجتهدُ فإذا أصبتُ فلي الأجرُ الموعودُ، وإذا أخطأتُ فلي بعضُه!
و"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران



#محمد_كشكار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمارس ثلاثة أنشطة ذهنية كانت لي بمثابة حبوب مهدِّئة؟
- عن أيِّ ضميرٍ مِهَنيٍّ تَتَحَدَّثونْ؟
- -الفِتنةُ- لم تكن فتنةً!
- بتصريحاتها العنترية الأخيرة، يبدو لي أن النهضة بدأت تهدد أرك ...
- دفاعًا عن منهجيتِي وأسلوبِي في الكتابةِ والنشرِ
- أشياءٌ كنتُ بالأمسِ معها وأصبحتُ اليومَ ضدها!
- بطاقة تعريف مواطن العالم محمد كشكار
- فكرةٌ مخالفةٌ للسائدِ: هل حقًّا إن المرأةَ العربيةَ المسلمةَ ...
- نساء مناضلات في جمنة الستينيات
- جمنة وروزا؟
- سيرة فكرية، تُقرأ ولا تُحتذى: خطاب الهوية، المختلف، المتعدد، ...
- سيرة فكرية، تُقرأ ولا تُحتذى: خطاب الهوية، المختلف، المتعدد، ...
- جولةٌ علمية داخل المخ صحبة دليلٍ عالِمٍ اسمه جان دِيدْيي فان ...
- حضرتُ اليوم بحمام الشط حفلاً دينيًّا بَهائيًّا
- عركة حامية الوطيس بين المخ والقلب!
- أحداثٌ طريفةٌ وَقعت لِي أثناء ممارستي لمهنة التدريس؟
- كِذبة هجرة الفقراء من الدول الإفريقية إلى الدول الأوروبية!
- هويتي: هويةٌ واحدةٌ أم هويةٌ متعددةٌ؟
- تمجيدٌ ودفاعٌ عن مجانية الخدمات.
- ردٌّ وديٌّ وموضوعيٌّ على نصيحةٍ صادقةٍ قدّمها لي زميلٌ متديّ ...


المزيد.....




- فيديو أسلوب استقبال وزير الخارجية الأمريكي في الصين يثير تفا ...
- احتجاجات مستمرة لليوم الثامن.. الحركة المؤيدة للفلسطينيين -ت ...
- -مقابر جماعية-.. مطالب محلية وأممية بتحقيق دولي في جرائم ارت ...
- اقتحامات واشتباكات في الضفة.. مستوطنون يدخلون مقام -قبر يوسف ...
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بسلوكها
- اكتشاف إنزيمات تحول فصائل الدم المختلفة إلى الفصيلة الأولى
- غزة.. سرقة أعضاء وتغيير أكفان ودفن طفلة حية في المقابر الجما ...
- -إلبايس-: إسبانيا وافقت على تزويد أوكرانيا بأنظمة -باتريوت- ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف بلدتي كفرشوبا وشبعا في جنوب لبنان (صور ...
- القضاء البلغاري يحكم لصالح معارض سعودي مهدد بالترحيل


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد كشكار - جاراتُ أمِّي ورفيقاتُ دَربِها في جمنة الستينيات!