أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - إما تفكيك النظام الطائفي أو الانفجار الاجتماعي الدموي القريب!















المزيد.....

إما تفكيك النظام الطائفي أو الانفجار الاجتماعي الدموي القريب!


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 6062 - 2018 / 11 / 23 - 12:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كتب أحد الأصدقاء التعقيب التالي على واحد من منشوراتي (إن تغيير العملية السياسية شبه مستحيل، وتغيير الدستور يجعلنا في بحار من الدماء مع شعب نصفه لا يعلم ماذا يحدث وما هي واجباتهم). هذا التعقيب القصير يقول الكثير، وأشكر المعقب على صراحته ووضوحه، وقد عقبت عليه بالكلمات التالية والتي جاءت صريحة وربما صادمة لذوي "القلوب الصغيرة" والمشاعر والثقافات الناعمة، ولن أعتذر عن ذلك، فالوضع العراقي خطر وحساس ومتفسخ سياسيا واقتصاديا وقياديا ويحتاج إلى المزيد من النصوص الصادمة والتي تستفز بلادة العقل الجمعي وبرودة الأحاسيس الرتيبة والتي اعتادت إلى درجة التآلف مع أجواء وروائح التفسخ:
الصديق المحترم، أولا، فحالة التجهيل والجهل السائدة اليوم هي نتيجة وليست سببا وهي مؤقتة وعابرة ومرتبطة بهيمنة النخب الحزبية الطائفية ورجال إعلامها ورجال دينها ورجال فصائلها المسلحة على الميادين كافة، وستختفي هذه الحالة أو تخفُّ كثيرا لا محالة كما اختفت أو خفَّت من جماهير البصرة التي هبت في انتفاضتها العفوية والعميقة الكبرى والتي أحرقت أصابع النظام وكانت مجرد إشارة وشرارة لما سيحدث مستقبلا. وثانيا، فنحن نعيش في بحار من الدماء وخراب مستمر وفساد شامل وتفسخ عميق سياسي واقتصادي واجتماعي وصحي وتعليمي ...إلخ، منذ الاحتلال الأميركي سنة 2003 ، بعد سلسلة من الحروب والمجازر التي قام بها النظام السابق والحصار الغربي الأميركي ضد العراق، فمن تمرد القاعدة ومجازرها، الى الاقتتال الطائفي والقتل على الهوية يعد سنة 2006، إلى التمرد الداعشي الدموي الذي خلَّف الملايين من القتلى والجرحى والمشردين والنازحين والمفقودين وعشرات المدن والقرى المدمرة، وكل هذا حدث وسيحدث مستقبلا بسبب نظام حكم طائفي جاء به احتلال أجنبي ما يزال يحمي هذا النظام هو ومعه دولة مجاورة هي إيران ودول مجاورة أخرى ساهمت في إشعال النيران الطائفيةأو استثمرتها بشكل بشع ودموي كالسعودية وتركيا وقطر والإمارات حتى يومنا هذا!
لماذا لا يصلح هذا النظام لحكم العراق؟ السبب هو أن العراق بلد تعددي ومتنوع من الناحية الطائفية الدينية والقومية ولا يمكن أبدا أن يحكم من قبل ساسة طائفة واحدة كبيرة مع إعطاء بعض الفتات لشركاء انتهازيين من الطوائف الأخرى. والحل - كما هي الحال وكما أكدت تجارب شعوب العالم الشبيهة بمجتمعنا- في حكم علماني قائم على أساس المواطنة والمساواة وحظر الأحزاب الطائفية، والأمثلة المجربة كثيرة على الدول العلمانية في المجتمعات التعددية والمتنوعة طائفيا ودينيا وقوميا من الهند إلى سويسرا إلى روسيا الاتحادية إلى أثيوبيا، اما الدول التعددية والمحكومة من قبل ممثلي الطائفة الأكبر فهي أما تعيش في بحار من الدماء أو تنتظر دورها في رعب الانتظار من حدوث الانفجار الشامل ذات يوم والأمثلة هنا قليلة ومنها إيران والسعودية وتركيا التي بدأت تغادر علمانيتها المتطرفة "الأتاتوركية" نحو حكم إسلامي قومي وفرداني بقشور لبرالية زائفة ودولة تابعة للغرب اقتصاديا و عسكريا!
مشكلة العراق اليوم هي في وجود نظام حكم طائفي، وفي دستور قائم على دولة المكونات، وفي قانون انتخابات ومفوضية انتخابات أسستهما وتديرهما أحزاب طائفية فاسدة يقودها لصوص وحلفاء للأجنبي يحمون بعضهم بعضا. وهذا لا يعني أنني ضد الأحزاب فلا ديموقراطية سياسية دون أحزاب ونقابات وصحافة حرة ولكن ليس أحزاب طائفية تكوينا وبرنامجا ومنهجا تقودها قيادات عائلية دينية ومجموعات دينية سرية ومزودة كلها بأجنحة مسلحة ومليشيات ومجالس إسناد و"بيشمركات" لكل حزب كبير، نعم، لأحزاب مدنية يسارية ويمينية ووسطية وحتى إسلامية ديموقراطية تعترف بعلمانية وحياد الدولة وجميع مؤسساتها ولكن لا للأحزاب الطائفية الدينية العائلية فهي سبب دمار ونكبة البلاد.
لا يمكن لممثلي طائفة واحدة، حتى لو كانت تشكل أكثر من نصف عدد السكان، كما هي الحال في العراق، أن تحكم أو تهيمن على حكم العراق لأنها ستنتج دولة وآليات وأيديولوجيا دولة طائفية على شاكلتها، وها أنت ترى كيف تحول العراق من مجتمع تعددي ومتنوع إلى بلد طارد للتنوع والتعدد المكوناتي ولجميع الأقليات القومية والدينية، وحتى الطائفة الثانية في البلد أي "العرب السنة" بناة ومادة الدولة العراقية منذ قيامها في آذار 1921، فقد بدأ الكثيرون منها يفقدون الأمل في الحياة الطبيعية ويتركون البلاد السائرة نحو الوحدانية الطائفية والقومية، وخطر الانفصال والتفكك العمودي قائم وحقيقي، وحتى إذا فشلت محاولتي البارزاني والإقليم السني حتى الآن فإن الأسباب المؤدية إلى تكرار المحاولة لا تزال قائمة ما بقي النظام الطائفي ودستوره قائمين! أما إذا فشلت الطوائف الأخرى في الانفصال أو إسقاط هيمنة الأحزاب الشيعية فإن نخبها الكثر فعالية ستلجأ الى تأييد خيارات قد تكون انتحارية ومضرة بها وبالبلاد.
أما داخل الطائفة المهيمنة على الحكم والثروات ومؤسسات الدولة أي الشيعية، فالصراع شديد بين زعمائها وقادة أحزابها وفصائلها المسلحة المتعيشة كالطفيليات على سمعة ورواتب الحشد الشعبي، ولجانها الاقتصادية "الحزبية" وصيادي العقود الوزارية، هؤلاء كلهم مسعورون ومتعادون ومتكالبون حتى لو ظهروا على شاشات قنواتهم الحزبية مبتسمين متكاتفين أو لاطمين سوية، أما حصة الملايين من العراقيين "الشيعة" فتتمثل في الحرمان والفقر والأمراض وحتى القتل برصاص المليشيات "الولائية" أي الموالية لجهات دينية أجنبية والأجهزة الأمنية التي شكلتها ودربتها قوات الاحتلال الأميركي أشد وأعنف!
*مقابل آلاف الفاسدين في قيادات وكوادر الأحزاب الشيعية الذين تحولوا بلمح البصر من نصابين وحثالة المجتمع وحتى من جلادي النظام السابق إلى مليارديرات، مقابل هؤلاء الآلاف أو حتى عشرات الآلاف هناك الملايين من العراقيين "الشيعة" لا يجدون الماء الصالح للشرب وهم يموتون في المستشفيات السيئة ويعالجون بأدوية فاسدة ومستوردة من قبل النافذين، يعيشون في المدن والقرى السيئة الخدمات والأشبه بمدن وقرى بدايات القرن الماضي. مدن تنتشر فيها مولات الباحثين عن الربح السريع وتغشاها أمراض السرطان والمخدرات والبضائع والمواد الغذائية المسرطِنة المستوردة الآخذة بالانتشار بشكل مرعب.
حتى النهرين العراقيين الخالدين، دجلة والفرات، دخلا مرحلة الاحتضار بسبب مئات السدود التركية والمشاريع المائية الإيرانية دون أن يدافع عنهما أحد في الدولة، بل إن الدولة نفسها لم تعد دولة لقد أصبحت دويلات لعصابات مكلوبة تفتك بالمجتمع وتسرق ثرواته وتقل أبناءه وكل هذا نذير بانفجار شامل ومدمر قادم فأي طريق هو الأسهل والأسلم : تفكيك نظام المحاصصة وإعادة كتابة دستوره وتعديل قوانينه وأحزابه طوعا وهذا غير مرجح ومحتمل اليوم، أم المكابرة والإصرار على ما نحن فيه من خراب لينتهي بنا المسار إلى مذابح لن ينجو منها أحد من أهل النظام القائم وأحزابه الطائفية الفاسدة؟ ولقد كانت حرائق أحزابهم في البصرة مجرد إشارة تحذير تاريخية لن تتكرر إلا كانفجار اجتماعي شامل، وما يزيد من خطورة هذا الاحتمال هو أن الانفجار القادم سيكون كارثيا وفوضويا ودمويا بسبب انعدام قيادات سياسية وطنية متمرسة منذ موت الحركة الوطنية العراقية التقليدية منذ عدة عقود والتحاق ما تبقى منها بالاحتلال ومؤسساته ونظامه السياسي الذي جاء به، وهذا ما يجعل المرجل العراقي غير مسيطر عليه وعلى تداعيات انفجاره في أي يوم و(ستُبْدي لكَ الأيامُ ما كنتَ جاهلاً ...... ويأتيكَ بالأخبارِ من لم تزوِّدِ)!
*هذا المصير لشديد الأسف واضح وأكيد، وانتفاضة الجنوب والبصرة خصوصا كانت تمرينا أوليا على طريق المستقبل: فإما تفكيك نظام المحاصصة الطائفية ودولة المكونات بشكل سلمي وهادئ وإقامة دولة المواطنة والمساواة المستقلة وذات السيادة وإلا فالانفجار الاجتماعي قادم لا محالة. وأول خطوة في عملية تفكيك النظام تبدأ بإعادة كتابة الدستور وحظر الأحزاب الطائفية والمنظمات والأجهزة المسلحة غير الحكومية وبما يضمن سيادة واستقلال العراق وإخراجه نهائيا من النفوذ الأميركي. و #لاحل_إلابحلها !



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكومة عراقية ناقصة في فيلم أميركي طويل!
- ما الفرق بين المالكي والعبادي وعبد المهدي؟
- اغتيال الشيخ وسام الغراوي أحد قادة انتفاضة البصرة إشارة خطير ...
- برهم صالح في الكويت والهدف تدمير ميناء الفاو العراقي!
- ج2/الصراع القيسي اليمني في التاريخ العربي
- ج1/الصراع العنيف بين القيسية واليمنية في التاريخ العربي؟
- حسان عاكف يتصدى للخصخصة
- الأسباب الحقيقية لكارثة نفوق الأسماك!
- حكومة عبد المهدي: عودةٌ لرجال بريمر -تكنوقراطياً-!
- ج4/المجتمع المدني...وممثلوه المشبوهون في العراق وغيره!
- محاولات تغيير اسمي المدرستين النحويتين البصرية والكوفية إلى ...
- الديموقراطية الفاسدة ليست ديموقراطية!
- عودة رجال بريمر على عكازات تكنوقراطية في حكومة عبد المهدي!
- ج3/ الجذورالاستعمارية للمجتمع الدولي والشرعية الدولية:
- الحرية لجورج عبد الله بعد 34 عاما من السجن الانتقامي الفرنسي ...
- ج2/الجذور المخابراتية الاستعمارية لمصطلحات -لبرالية- شائعة: ...
- الغزو الفرنسي للجزائر وأكذوبة مروحة حسين داي
- جنرال إلكتريك الأميركية قد تخطف عقد كهرباء العراق ب 15 مليار ...
- ج1/الجذور المخابراتية والاستعمارية لمصطلحات -لبرالية- شائعة
- الشرقات الأدبية ليوسف زيدان كما رصدها كتاب عرب


المزيد.....




- بيان من -حماس-عن -سبب- عدم التوصل لاتفاق بشأن وقف إطلاق النا ...
- واشنطن تصدر تقريرا حول انتهاك إسرائيل استخدام أسلحة أمريكية ...
- مصر تحذر: الجرائم في غزة ستخلق جيلا عربيا غاضبا وإسرائيل تري ...
- الخارجية الروسية: القوات الأوكرانية تستخدم الأسلحة البريطاني ...
- حديث إسرائيلي عن استمرار عملية رفح لشهرين وفرنسا تطالب بوقفه ...
- ردود الفعل على قرار بايدن وقف تسليح
- بعد اكتشاف مقابر جماعية.. مجلس الأمن يطالب بتحقيق -مستقل- و- ...
- الإمارات ترد على تصريح نتنياهو عن المشاركة في إدارة مدنية لغ ...
- حركة -لبيك باكستان- تقود مظاهرات حاشدة في كراتشي دعماً لغزة ...
- أنقرة: قيودنا على إسرائيل سارية


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - إما تفكيك النظام الطائفي أو الانفجار الاجتماعي الدموي القريب!