أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - شادي كسحو - تأملات فلسفية - 11 -















المزيد.....

تأملات فلسفية - 11 -


شادي كسحو

الحوار المتمدن-العدد: 6051 - 2018 / 11 / 11 - 03:45
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


1- التداوي بالكتابة: تعليق حول سيوران:
أقول: الكتابة من أجل الجموع هي محاولة طريفة. كتابة تكتبها الجموع ذاتها عبر فعل الكتابة. من يكتب من أجل الجموع لا يكتب شيئاً. إنه يخون الهدف الأصلي الذي وكلته الجموع به، وهو بالتحديد، ألا يكتب لها، بل يكتب ربما " من خلالها " ما يجعلها قادرة على تجاوز ماهيتها كجموع. عندما يطلب مني صديق كتابا للقراءة فهو لا يطلب كتابا يتحدث عنه، بل كتابا يشعره بعمق المسافة بينه وبين الكتاب الذي يريد قراءته. لكم أن تتخيلوا مقدار تعسف ودناءة الكتب التي تريد أن تكون صوتا للجموع. إنها كتب تحكم على نفسها بأن لا تقرأ أبدا. من يكتب عن الجموع ولها، فإنه يحرم هذه الجموع لذة اكتشاف ذاك الصوت الخافت القادم من بعيد. إنه يحرمها إمكانية اكتشاف نفسها. لذة الابتعاد عن صوتها الخاص. أسوق هذه الكلمات للتأكيد مرة أخرى، أن الكتابة السيورانية، الكتابة-التمزق لا تروم المحاججة، أو البرهنة، أو الإقناع، أو إبقاء القراء مستمعين. مثل ميشيل دي مونتين قبل عدة قرون فإن الكتابة السيورانية ليست مهنة ولا تخصص. أن تكتب يعني أن تعمل على ذاتك. أن تكون قادراً على لملمة وجودك بعد كارثة شخصية. أن تنجو بنفسك من حالة كآبة أو أرق مزمنة. أن تكتب أيضاً، يعني أن تتصالح مع مرض عضال، أو شيخوخة قاسية، أو حرب طاحنة، أو حداد على فقدان صديق عزيز. في حوار مع الكاتب الإسباني فرناندو سافاتر، يقول سيوران: " لو لم أكتب لكان ممكنا أن أصبح قاتلا ". الكتابة هي مسألة حياة وموت. إنها مسألة خلاص فردي. الوجود البشري، في جوهره، هو الكرب والألم واليأس اللامحدود، وحدها الكتابة يمكن أن تجعل الأشياء أكثر احتمالاً. هل قال أحدكم أن نفهم العالم؟. رب سؤال سيجعل سيوران يموت من الضحك، فمهمتنا القصوى في تواجدنا المؤقت ها هنا، ليست فهم العالم، بل تحمله. وهذا هو السبب في منح الكتاب امتياز فريد من نوعه. امتياز يجعل من كل كتاب بمثابة انتحار مؤجل.

2- أزهار الشر:
توقفوا عن البكاء واللطم والدعاء. بكت شعوب قبلكم ولطم كثيرون قبلكم فلم يحصدوا غير الدموع والدم.
التاريخ لا تحركه النوايا الحسنة ولا يسير وفقاً لآهات المعذبين. التاريخ لا يقف في صف من أنفق وبدد كل حكاياته ولم يعد ينتج إلا الخراب. أستغرب كيف وصلت بكم الوقاحة أن تطلبوا تذكرة للدخول إلی التاريخ وليس لديكم سوی موتكم الخاص كورقة لعب أخيرة. الموت، ليس حكاية، بل علامة علی أمة استنفدت كل مدخراتها من الحياة وأضحت تقاوم الفناء لا بنقيضه وإنما باستدراجه إلی أقصی حدوده الممكنة. نحن أزهار الشر..ضحايا ذاك الشر الجذري القديم الذي ساوی بين الموت والحياة ذات صحراء.

3- أزمة التنوير البدائي:
السياسة تبدد الأشياء التي تقولها. يسقط من حسبان الكثيرين أن السياسة كـ تدبير غير السياسة كـ حقل. إن الخلط بين معنيين للسياسة: أحدهما يعني تدبير الوجود والآخر يعني حقل الاهتمام بممكنات لحظة تاريخية ما، أوقع الذهن العربي والعالمي الراهن في منزلقات هرمنيوطيقية جعلته يعتقد بأولوية السياسي دون أن يعرف أن السياسي بالمعنى الانطولوجي للكلمة هو مفهوم معرفي لا يمت بصلة إلى حقل الانشغال السياسي بالمعنى التحليلي والعلموي للكلمة.
كل ما هو سياسي صادق. بهذا النوع من التعميم الميديائي يجري الوعي السياسي المعاصر تعديلا طريفاً على المقولة الانطولوجية: فعوضاً عن كل شيء تأويلي يغدو الشعار كل شيء سياسي. مكافىء يساروي ساذج، أو ثقافة سياسية لا علاقة لها بـ "السياسي" في حد ذاته. ثقافة فرت من استحقاقها المعرفي وبقيت حارة على مستوى الخطاب تحت قناع الالتصاق باليومي. إن التقاط البنية التي تتخذها كلية ما، يتطلب نوعاً من الفكر الصارم والممل وهذا سبب أساسي من الأسباب التي تفسر لماذا يعيش الفكر العربي والعالمي على هامش ثقافة سياسية هشة. إن الفشل الأساسي هو فشل تأويلي وتكويني. فشل يمكن رده إلى قراءات بسيطة لا تعرف أن الواقعي غير قابل للحسم وأن الوصفات السياسوية الكونية لا تفعل سوى أن تنزلق من موقع إلى آخر. إن كل تأمل نقدي أو رؤيوي للذات لا بد أن يتضمن ارتفاعاً ما عن السياسوية كشكل مؤقت لظهور الأشياء. فمن خلال هذا التعالي الموجب ننأی بأنفسنا عن الانجراف وراء تموضعنا التاريخي الخاص. أنا لا أقول إن السياسة ليست فعلا إيجابياً، لكنني أركز علی أن ارتباط الحيوان البشري بعالمه ليس نشاطاً سياسياً لو بقي مصراً علی إدراج البشر في عوالمهم الخام كما لو أنهم جزء من سلالة القرود أو السنوريات.
إن المؤشر الحقيقي للكينونة في حقبة تاريخية ما، هو قدرة هذا الحيوان الذي نسميه انساناً علی تجاوز هذه التاريخانية السياسوية القانعة تماماً بموتها حتی قبل أن تأتي إلی النور. إن قول العالم ضمن ميكانيزم الحقل السياسي ل كلية ما. لا يفعل سوی أن يكرر حقيقة مبتذلة وهي: أن الامبراطور العاري كان عارياً، حتی قبل أن نبدأ النظر إليه. إن خطأ الاستغراق السياسي في فهم الحوادث يكمن في اعتقادها الطريف بأن ثمة صورة أبدية تلازم الحدث علی الدوام. هنا يبدأ الطابع الكاريكاتوري للسياسة. فهالة الحدث هي مقولة ميتافيزيقية تتسم غالباً بالحماس والحيوية لأنها تخلع حتمية مزيفة علی أحداث وظهورات وفورانات اجتماعية وتاريخية ليس من الضروري أن تحدث أبداً.

4- متى يظهر رجال الدين:
ما أن تبدأ أمة بالتلاشي والانحلال حتی يبدأ رجال الدين بالظهور. يظهر هؤلاء كعلامة علی المرض وكأمارة علی حضارة أصابها الإنهاك والتعب فإذا بها تستدعي هؤلاء ليقوموا بتأبينها ويهيلوا عليها التراب.

5- معيار النص الجميل:
معياري للنص الجميل ليس الكلمات التي يضيفها، بل الكلمات التي يقلع عنها. أتفهمونني جيداً: أحلم بعالم نسمع فيه عن رجل قضی بسبب كلمة زائدة.

6- أن نحيا:
أن نجعل الجميع يصغي إلی وقع أصابعنا علی المعنی، إلی صدی أظافرنا علی الجسد.. أن نجول بمصابيحنا الشحيحة في غابات الوجود المظلمة. أن ندخل لجوف الظلام لقول النور.

7- المشكلة الأصلية للدين:
الدين والتدين هما هندسة الله. جعله رياضياً. احتواء ما لا يمكن احتواءه .



#شادي_كسحو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأملات فلسفية - 10 -
- تأملات فلسفية - 9 -
- تأملات فلسفية - 8 -
- تأملات فلسفية - 7 -
- تأملات فلسفية - 6 -
- تأملات فلسفية - 5 -
- تأملات فلسفية - 4 -
- تأملات فلسفية -3-
- تأملات فلسفية -2-
- بحثاً عن ديونيسيوس
- سطوح ونواتىء: الصحافة العربية مراسم مرعبة وكليشيهات فارغة
- جينالوجيا الحقيقة الدينية
- تأملات فلسفية -1-
- ضد الذات أو في مديح المواطنة
- لعنة الإصلاح
- مثالب الفلاسفة
- هذيان متماسك (شذرات)
- في اللامكان قراءة في شخصية السندباد
- عذراء الكلمات تأملات في الشذرة والكتابة الشذرية


المزيد.....




- السعودية الأولى عربيا والخامسة عالميا في الإنفاق العسكري لعا ...
- بنوك صينية -تدعم- روسيا بحرب أوكرانيا.. ماذا ستفعل واشنطن؟
- إردوغان يصف نتنياهو بـ-هتلر العصر- ويتوعد بمحاسبته
- هل قضت إسرائيل على حماس؟ بعد 200 يوم من الحرب أبو عبيدة يردّ ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن قتل عضوين في حزب الله واعتراض هجومين
- باتروشيف يبحث مع رئيس جهاز المخابرات العامة الفلسطينية الوضع ...
- قطر: مكتب حماس باق في الدوحة طالما كان -مفيدا وإيجابيا- للوس ...
- Lava تدخل عالم الساعات الذكية
- -ICAN-: الناتو سينتهك المعاهدات الدولية حال نشر أسلحة نووية ...
- قتلى وجرحى بغارة إسرائيلية استهدفت منزلا في بلدة حانين جنوب ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - شادي كسحو - تأملات فلسفية - 11 -