أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - وليد الحلبي - فلسطين التي أخشى أن تتحرر















المزيد.....

فلسطين التي أخشى أن تتحرر


وليد الحلبي

الحوار المتمدن-العدد: 6027 - 2018 / 10 / 18 - 03:50
المحور: كتابات ساخرة
    


إذا كان أدب الخيال العلمي فن في الكتابة معترف به وله قراؤه، وبمرور الزمن تحقق بعض ما جاء فيه، فأثبت أنه كتابة عن واقع سبق عصره، فلماذا لا يكون لأدب الخيال السياسي من يعترف به ويقرأه، يصنف على أنه خيال سياسي الآن، لكن الأيام يمكن أن تثبت حدوثه؟. المقال التالي نوع من الخيال السياسي،لكنه من النوع الذي لا نرجو أن يتحقق.

أضاع العرب فلسطين عام 48، ثم لما تنبهوا إلى هذا الخطأ الغير المقصود! قرروا استعادتها وتحريرها من أيدي اليهود، أولئك العرب الذين ارتبط زعماؤهم - قبل قيام إسرائيل - بعلاقات صداقة ومودة مع القادة الصهاينة قبل وبعد طرد المحتلين الأتراك!(اتفاق فيصل- وايزمن 1919) -. بعد عام النكبة بدأنا نحتاج إلى تناول أطنانٍ من أقراص الإسبرين ومهدئات الصداع لكثرة ما جعجع العرب وهددوا!!! بتحرير فلسطين من النهر إلى البحر. أيامها كنا صغاراً، وكانت معلوماتنا الجغرافية تنتمي إلى عصر فكرة أن الأرض ليست كروية، فاعتقدنا أن حنث العرب بأيمانهم التي أقسموها لتحرير فلسطين إنما يعود: إما لأن فلسطين في أقصى أقاصي الأرض، أي على حافتها المنبسطة، أو ربما لأنها تقع على سطح كوكب خارج المجموعة الشمسية.
بعد أن عرفنا أن الأرض كروية وأن فلسطين موجودة على سطحها، لم نجرؤ على إظهار تبرمنا من كذب حكامنا، فأيامها لم يكن ليخطر ببالنا أن الحاكم، والذي هو أكبر رأس في البلد، يمكن أن يكذب. قلنا: ربما يكون بعد الشقة، ووجود جبال ووديان وموانع طبيعية، هو الذي يمنع حكامنا الأفاضل من إمكانية الوصول إلى حدودها لكي يبرّوا بأيمانهم.
دارت جميع هذه الأفكار والذكريات في رأسي بينما كانت سيارة الأجرة، التي استقليتها من مطار الملكة علياء في عمان، تتهادى هابطة الطريق المؤدية إلى غور الأردن، وسائقها يشعل سيجارة من سابقتها، مدندناً بأغانٍ بدوية جميلة. عندما انتبهت إلى اللحظة التي أنا فيها، شاهدت عن بعد أضواء مدينة تتلألأ، فسألت السائق عن اسم المدينة الأردنية التي أرى أضواءها وأنا أشير باتجاهها. نفث السائق دخان سيجارته مطلقاً ضحكة قطعت صمتاً تواصل لأكثر من نصف ساعة.
- هذ أضواء مدينة القدس يا عزيزي.
لم أصدق ما قاله السائق، واعتقدت أنه يأتي إلى هذه المنطقة لأول مرة في حياته. ألا يمكن أن يكون هذا السائق ممازحاً عندما قال أن هذه الأضواء هي أضواء مدينة القدس؟ وهل يعقل أن تكون القدس قريبة إلى هذا الحد، يا إلهي إنها تكاد تلامس القلب،،، كررت السؤال عليه، فانتفض معاتباً:" وهل أخبرك أحد أنني كذاب يا رجل؟". اعتذرت بشدة، مبرراً ذلك بجهلي بجغرافية المكان، وأنني أزور فلسطين لأول مرة منذ غادرتها عام48، ثم عدت إلى أفكاري:
"إذن هذه هي فلسطين التي كنا نعتقد أنها في كوكب آخر،،، هذه هي فلسطين التي ضحك علينا قادة كذابون وعدونا بتحريرها منذ أكثر من سبعين عاماً،،، على مدار أكثر من سبعة عقود لم يستطع هؤلاء الأشاوس! السير بجيوشهم الجرارة ولو كيلومتراً واحداً إلى الأمام. " إذن فقد كذبوا علينا وها هي القدس على مرمى حجر، فهل كنا أغبياء فصدقناهم؟ أم هل كانوا صادقين فكذبناهم؟، فها هي ذي القدس تلامس القلب، على مرمى حجر".
ولأن الطريق إلى غور الأردن هابطة متعرجة، فالسائق يتمهل في سيره، وأعود أنا لأغرق في أفكاري: ماذا لو برَّ العرب بأيمانهم المغلظة فتقدموا لتحرير فلسطين؟، سوف يجتاح الجيش السوري الباسل مرتفعات الجولان، ثم ينحدر إلى الجليل الأعلى وسهل الحولة وبحيرة طبريا، كما ستصعد مدرعاته، مدعومة بالطوافات الحربية، مرتفعات الجليل لكي تسيطر على مدينة صفد، تلك التي كانت، أثناء ترسيم الحدود بين مناطق النفوذ البريطاني والنفوذ الفرنسي بعد الحرب العالمية الأولى، تقع داخل الحدود السورية، ثم - ولأنها واحدة من المدن الأربع المقدسة عندهم إلى جانب الثلاث: طبريا، القدس، الخليل - فقد استطاع الصهاينة تحريك خط الحدود الفاصل بين فلسطين وسوريا بجرة قلم رصاص لكي تدخل صفد في الأراضي الفلسطينية. في الجنوب من بحيرة طبريا سوف تجتاح القوات السورية مدينة بيسان لكي تقترب من طولكرم وتتوقف شمال حدود الضفة الغربية، وحتى تضمن حماية هذه المناطق التي احتلتها، سوف تتقدم باتجاه الناصرة وحيفا لكي ترابط هناك لدحر أي هجوم يجليها عن تلك المناطق. في الجنوب تتقدم القوات المصرية الباسلة! لكي تجتاح الجبهة من قطاع غزة غرباً إلى ميناء أم الرشراش شرقاً، متقدمة شمالاً حتى تصل على الساحل الفلسطيني إلى شمال أسدود، وفي الشرق سوف ترابط جنوب حدود الضفة الغربية. القوات المتقدمة من لبنان سوف تحتل مستعمرة نهاريا، وتتقدم مسرعة جنوباً لكي تصل إلى حيفا، ومنها شرقاً إلى سهل مرج بن عامر (الذي باعه آل سرسق لليهود على مائدة قمار في باريس)، فتجد بأن السوريين قد سبقوهم إليهما، وبما أنه لا قدرة للجيش اللبناني على مواجهة الجيش السوري، فسيقنع اللبنانيون بما حصلوا عليه من مزارع الحمضيات في المنطقة الممتدة من رأس الناقورة إلى جنوب عكا بقليل، وهناك تثبت الحدود بين الجانبين. القوات الأردنية سوف تتقدم باتجاه القدس لكي تحتلها بسرعة منتشرة إلى الشمال حتى تصل إلى حدود الضفة الغربية حيث يرابط السوريون، وإلى الخليل جنوباً لكي تمنع المصريين من التقدم عبر الحدود الجنوبية للضفة الغربية، ثم تتقدم غرباً باتجاه ساحل البحر المتوسط محتلة المنطقة الممتدة بين جنوب حيفا شمالاً إلى شمال أسدود جنوباً، لكي تقف في مواجهة الجيش السوري في الشمال والجيش المصري في الجنوب. بعد هذا التحرير المجيد! لفلسطين، وطرد ما تبقى من اليهود منها على ظهر سفن أوربية وأمريكية، مستأجرة بأموال خليجية، (هذا يذكرك بصفقة نقل يهود الفلاشا إلى فلسطين والتي نفذها الشركاء الثلاثة: جعفر النميري(لتسهيل العبور)، عدنان خاشقجي(لاستئجار الطائرات وقبض العمولة)، وأرييل شارون(لتمويل العملية)، ونشرت لهم صورة تجمعهم ثلاثتهم في حديقة قصر النميري في الخرطوم)، تنقلهم هذه السفن لكي يعودوا إلى الأوطان التي جاء منها آباؤهم وأجدادهم،،، بعد ذلك بأسابيع قليلة، سوف تنشب معارك طاحنة بين هذه الدول الأربع للحفاظ على ما احتلته كل منها من أرض فلسطين كمرحلة أولى، لكي تتقدم في المرحلة الثانية من أجل بسط سيطرتها على كامل تراب فلسطين المحررة!!! الموحدة!!!.
كنا قد أصبحنا على بعد أمتار قليلة من نقطة الحدود عندما أطلق السائق نوبات طويلة من السعال، فتنبهت من تخيلاتي،،، ألغيت رغبتي العارمة في عبور الحدود إلى القدس، وطلبت من السائق أن يعود بي من حيث أتيت، راجياً الله ألا يحقق للعرب – الآن - حلمهم بأن يرووا تراب فلسطين بدمائهم الزكية!.
بعد أن استيقظت من نومي، فزال عن قلبي كابوس تحرير فلسطين، عاهدت نفسي ألا أتناول عشاء دسماً قبل الذهاب إلى الفراش.



#وليد_الحلبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما يعيد التاريخ نفسه
- هل الحدود الدولية قدر لا مناص منه؟
- في الطائفية ( Sectarianism)
- الأكراد والبليارد
- الصديق فخري البارودي صاحب -بلاد العرب أوطاني-
- الوحدة العربية: بالقوة؟، ولِمَ لا؟
- الثابت والمتحرك في القضية السورية
- هل هي بالفعل أدوات تواصل؟
- دردشة في السياسة السعودية
- حاولت جهدي أن أكون حماراً ... ونجحت
- الكلمة الطيبة
- مشاهد منسية، من أيام دمشقية +60
- حوثيو العراق!، ودواعش اليمن!
- صدق من قال: الكونغرس الأمريكي أرض إسرائيلية
- جاري صاحب الكيف: علاقة آثمة مع الخليفة البغدادي
- عنجهية فرنسية فارغة
- لا أحد يستطيع معاندة الحكومة،،، يا بُني
- جاري صاحب الكيف تاجر كراسٍ
- الحمار الفلسطيني، وجزرة الدولة الوهمية
- سائق القطار


المزيد.....




- “اعتمد رسميا”… جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2024/1445 للش ...
- كونشيرتو الكَمان لمَندِلسون الذي ألهَم الرَحابِنة
- التهافت على الضلال
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- الإيطالي جوسيبي كونتي يدعو إلى وقف إطلاق النار في كل مكان في ...
- جوامع العراق ومساجده التاريخية.. صروح علمية ومراكز إشعاع حضا ...
- مصر.. الفنان أحمد حلمي يكشف معلومات عن الراحل علاء ولي الدين ...
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- شجرة غير مورقة في لندن يبعث فيها الفنان بانكسي -الحياة- من خ ...
- عارف حجاوي: الصحافة العربية ينقصها القارئ والفتح الإسلامي كا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - وليد الحلبي - فلسطين التي أخشى أن تتحرر