أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وليد الحلبي - هل الحدود الدولية قدر لا مناص منه؟















المزيد.....

هل الحدود الدولية قدر لا مناص منه؟


وليد الحلبي

الحوار المتمدن-العدد: 5986 - 2018 / 9 / 6 - 09:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


رغم أن هذا الموضوع قد كتب قبل ست سنوات، لكن من المفيد نشره لنقيم الطريقة التي كنا نفكر فيها في حينه.

نظراً لثباتها وامتداد عمرها سنوات طوالاً، يحسب الناس أن حدود الدول مقدسة أبدية، عصية على الزوال، راسخة رسوخ الجبال، لكن واقع الحياة يقول عكس ذلك، فلئن تمتعت الحدود بنوع من القداسة - خاصة بعد ظهور القوانين الدولية وما تبعها من تثبيت للحيز الجغرافي للدول - إلا أن سنة الحياة التي تتصف بالحركة والتحول، تعتري الحدود كذلك، تماماً كما باقي مظاهر الحياة، إذ نستطيع القول بثقة أن:(الثابت الوحيد في الحياة هو التغيير). ونظرة سريعة على أوضاع الحدود في أوربا خلال القرن التاسع عشر، وما أضحت عليه خلال القرن العشرين، يوضح بطلان إطلاق صفة الديمومة والقداسة عليها، كما أنه لا يمكن إغفال ما استجد من حدود رسمت على يد البريطانيين والفرنسيين، ترتب عليها ظهوردول عربية بعد الحرب العالمية الأولى، خاصة في بلاد الشام، كما أن نظرة على خريطة يوغوسلافيا السابقة في بداية تسعينيات القرن الماضي والتغير الذي طرأ عليها، مثال يفيد في هذا المجال.

والظاهر بوضوح للعيان أن الحروب هي القابلة القانونية الوحيدة التي تستولد الحدود، والسبب الرئيسي في التغيير الذي يطرأ عليها، فما من حرب إلا وانتهت بتأثير لا يمكن تجاهله على حدود الدول المتحاربة، وأقرب مثال على ذلك الحدود السورية - الإسرائيلية بعد حرب عام 1967، - بالرغم من عدم اعتراف أحد الجانبين بها، ولا حتى القانون الدولي - كما أنه مما لا شك فيه أن لأي حدث سياسي نتائج تتناسب مع حجمه، فالأحداث الكبرى تتبعها نتائج كبرى، خاصة مع استخدام القوة المسلحة، كما ويزداد الأمر تعقيداً عندما تضلع في الحرب قوى متعددة، متنافرة المصالح، متضادة الرغبات، فبحجم هذا التناقض وذاك التضاد، تكون غرابة النتائج، وربما سيكون للثورة السورية الحالية - سواء نجحت أم فشلت - نتائج من المفيد استعراضها، لأنها توضح جوهر الموضوع، وقد يكون من المفيد البدء بالسؤال التالي، ثم محاولة الإجابة عليه:
ماذا لو ربح نظام دمشق الحرب الداخلية الحالية، فاستمر في الحكم؟، وماذا لو خسرها، فخرج منه ؟:
أولاً، عمودياً: لو ربح النظام المعركة، ستواجه تركيا أحداثاً عاصفة تتمثل في تقوية شوكة الأكراد في جنوبها الشرقي، أولئك الذين سوف يحصلون على دعم سوري عراقي إيراني، وهو إن لم يؤد إلى قيام دولة كردية - وهي بالطبع ليست في صالح الدول الداعمة للأكراد - فسوف يؤدي إلى زعزعة استقرار الدولة التركية، وربما سيؤدي هذا الأمر، كنتيجة مباشرة، إلى عودة سيطرة الجنرالات على الحكم بدعم غربي كامل – عن طريق انقلاب مدعوم من الغرب، وإعلان حالة الطواريء -، خاصة بعد أن تم إقصاء الجيش عن التحكم بسياسة الدولة على يد حزب الحرية والعدالة الإسلامي، مما سيؤدي بالتالي إلى قيام ربيع شعبي تركي ضد العسكر، يُدخِلُ تركيا في دوامة عنف مرعب، ناهيك عن مطامع اليونانيين في جزر متنازع عليها مع تركيا، وحقد الأرمن والروس من الشرق، كما أن بقاء نظام دمشق سوف يؤدي إلى مطالبة العلويين في لواء الاسكندرون - (يصل عدد العلويين في تركيا إلى حوالي العشرة ملايين) - بالانفصال عن تركيا والعودة إلى الوطن الأم: سوريا. هذا سيستتبع بالضرورة كبح جماح ثورتهم بالقوة العسكرية، وفي ذلك زعزعة للدولة التركية تحسب لها ألف حساب، كما يبدو واضحاً الآن أن تصدي تركيا لإسرائيل منذ محاولات فك الحصار عن غزة، ومشكلة أسطول الحرية، قد سببا لتركيا المشاكل التي تعيشها هذه الأيام، وكأن رد إسرائيل على تركيا قد جاء عن طريق دمشق. أما الناتو، فتجري أحداث هذه الأيام على حدود تركيا الجنوبية بتجاهل تام منه، باستثناء التأييد اللفظي لتركيا، الأمر الذي سوف يؤدي حتماً إلى تصدع ضلعه الجنوبي - المتمثل بتركيا -، مؤقتاً (إلى ما بعد عودة الأتراك العسكر)، فكما رفض الأوربيون قبول تركيا في السوق الأوربية المشتركة، سيجمدون مكانتها في الناتو – أو هم قد فعلوا - حتى تتم إزاحة النظام الديمقراطي الإسلامي لحزب العدالة التركي. يبدو أن أردوغان وغول وأوغلو قد بالغوا في حساباتهم على أن تركيا جزء هام في الناتو، ونسوا عدم رضى أوربا وأمريكا عن قيام نظام تركي يجاهر بالإسلام، ويكون قدوة لدول الشرق الأوسط، خاصة تلك المحاذية لفلسطين (وانتقاد اردوغان في خطابه الأخير لتركيبة الخمس الكبار في مجلس الأمن، مؤشر على تصاعد الصدام التركي مع الغرب). في جميع هذه الأحداث، لنا أن نتخيل الشكل الذي ستكون عليه الحدود التركية الجنوبية والسورية الشمالية.

أما لو خسر نظام دمشق المعركة، فسيكون لذلك أثر حاسم في تشكيل تحالف عامودي، حيث سينفتح المجال واسعاً أمام تقارب سوري – تركي – مصري، سوف يمتد أثره جنوباً لكي يشمل الأردن – الذي تعزز فيه الحركة الإسلامية مواقعها بإنجازات ملموسة على الأرض -، وربما جذب هذا الحلف إليه دولاً خارج إقليمه مثل ليبيا وتونس، وسيكون لهذا الحلف العمودي أثر ماحق على الحلف الأفقي المتمثل في محور إيران الممتد من حدود باكستان إلى جنوب لبنان مروراً بالعراق وسوريا، فحدث بهذا الحجم سيكون له بلا شك تأثير مباشر على شكل الحدود في الشرق الأوسط، مثلاً: ألم تكن الموصل في تقسيم سايكس بيكو تدخل ضمن منطقة النفوذ الفرنسي، أي داخل الأراضي السورية، ثم فصلت عنها لكي تضم إلى العراق البريطاني؟،فما الذي سيمنع سوريا من المطالبة بها بدعم من باقي دول المحور العمودي؟. كما أن طيف الوحدة المصرية السورية ما يزال ماثلاً في الأذهان (وقد ألمح إليه محمد مرسي في خطاب حملته الانتخابية)، فما الذي سوف يمنع عودتها ثانية؟. الطرف الذي سيكون في موقف لا يحسد عليه هو الطرف الإسرائيلي، الذي لن يرى مندوحة عن فتح باب التفاوض للوصول إلى نتيجة مشرفة تحفظ له وجوده، حتى ولو بالتخفيف من تعنته، وبقبول عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، والجنوح إلى قبول قيام دولة ديمقراطية تضم العنصرين العربي واليهودي على أرض فلسطين، هذا مع عدم إقفال ملف الصراع، بل إبقائه مفتوحاً على جميع الخيارات، والتي منها زوال الكيان الإسرائيلي تماماً.
من البديهي أن حدوث هذه الأمور على الأرض لن يكون بسهولة كتابته على الورق، بل هي عملية صراعٍ وتحدٍ معقدة، تحتاج إلى عوامل قوة ليست بالبسيطة والميسرة لجميع أطرافها بالتساوي.

ثانياً، أفقياً: إذا خرج نظام دمشق منتصراً من معركته الحالية، سوف تقوى شوكة إيران إلى الحد الذي سيدفعها إلى التمدد في الساحل الغربي للخليج العربي، منطلقة من العراق الشيعي، ومن سوريا العلوية، طبعاً بضمانات قاطعة للغرب فيما يتعلق بوجود قواعده ومصالحه النفطية، وسوف يكون للتمدد الإيراني غرباً – باتجاه سوريا ولبنان، – وجنوباً – باتجاه دول مجلس التعاون الخليجي –، نتائج مذهلة على الخارطة السياسية للشرق الأوسط (من ذلك مثلاً إعادة الكويت إلى العراق الشيعي)، غير أن أهم ميزة لهذه المرحلة ستكون بالتأكيد التعاون الإسرائيلي الإيراني الوثيق، والذي سوف يكون من سمات المرحلة المقبلة دون تحفظ أو حرج ( فتزويد إسرائيل لإيران بالأسلحة خلال حرب الثماني سنوات مع العراق ليس عنا ببعيد – إيران - كونترا)، واشتراك الطرفين في العداء للعرب، قاسم مشترك يجعلهما حليفين وثيقي الصلة، وما التهديد الإسرائيلي والغربي الحالي لإيران سوى ذر للرماد في عيون العرب، فدعم إسرائيل المطلق للنظام السوري خلال الأزمة الحالية - والمتمثل بتثبيت الهدوء على جبهة الجولان، وباستخدام الآيباك لكبح جماح أية محاولة من الإدارة الأمريكية للعمل ضد النظام السوري – يثبت هذا الدعم، إذ لو كان لدى إسرائيل أية رغبة في إزالة النظام، فلن تجد أفضل من الظروف الحالية التي يخوض فيها حرباً شاملة شرسة ضد معارضيه، مما سيستتبع في حالة استمراره في الحكم، رد الجميل بتوقيع صلح وسلام شاملين مع إسرائيل، يتم فيه نزع السلاح من الجولان - كسيناء مع كامب ديفيد - واستئجاره من قبل إسرائيل لمدة 99 سنة، وقيام علاقات ديبلوماسية كاملة، وبالتالي تجاهل إسرائيلي تام للقضية الفلسطينية، وطمس شعلتها المتوقدة منذ عام 48، ألا وهي قضية اللاجئين، وذلك عن طريق منحهم الجنسية وتوطينهم حيث هم، في سوريا ولبنان، وسيكون التمدد الإسرائيلي بين النيل والفرات نتيجة طبيعية لبقاء نظام دمشق مع حلفائه الإيرانيين.

أما هزيمة النظام السوري، فستنعكس نتائجها على إيران بكارثة تصيب مشروعها القومي – وليس الديني – في مقتل، ربما يستتبعها زوال النظام الديني لآيات الله، وانتفاض المجموعات القومية والدينية للمطالبة باستقلالها عن المركز: طهران. وفي التنوع العرقي الهائل لإيران، (حوالي عشر أقليات عرقية ودينية)، واتساع رقعة الدولة (أكثر من مليون وستمئة ألف كم مربع)، تربة خصبة لمثل هذا الانقسام والتشظي، خاصة مع تدخل دول الجوار، وما عدم نسيان انتزاع عربستان من الأرض العراقية في أوائل عشرينيات القرن الماضي، سوى دليل على الخطر الذي يحيق بالدولة الإيرانية، وينبيء بشكل حدود الدول التي ستقوم على أنقاضها إن هي انهارت كنتيجة لسقوط النظام السوري. أما إسرائيل فسوف تكون خاسراً مؤكداً، وسوف يفتح بينها وبين دول المحور العمودي صراع يتحدى مشروعية وجودها.

ختاماً: لا بد من التأكيد على أن هذا المقال لا يرمي إلى تبني وجهة نظر بعينها، ولا يتمنى فوز طرف على حساب طرف آخر، بل يهدف إلى الإجابة عن التساؤل الذي ورد في عنوان المقال، أي يرمي إلى نزع فكرة قدرية وقداسة الحدود بين الدول، تلك الفكرة التي رسخت في عقول الذين لم يقرأوا التاريخ السياسي، ولا يقبلون من أحد المساس بما يتمنونه وبما يؤمنون به.
14/10/2012



#وليد_الحلبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الطائفية ( Sectarianism)
- الأكراد والبليارد
- الصديق فخري البارودي صاحب -بلاد العرب أوطاني-
- الوحدة العربية: بالقوة؟، ولِمَ لا؟
- الثابت والمتحرك في القضية السورية
- هل هي بالفعل أدوات تواصل؟
- دردشة في السياسة السعودية
- حاولت جهدي أن أكون حماراً ... ونجحت
- الكلمة الطيبة
- مشاهد منسية، من أيام دمشقية +60
- حوثيو العراق!، ودواعش اليمن!
- صدق من قال: الكونغرس الأمريكي أرض إسرائيلية
- جاري صاحب الكيف: علاقة آثمة مع الخليفة البغدادي
- عنجهية فرنسية فارغة
- لا أحد يستطيع معاندة الحكومة،،، يا بُني
- جاري صاحب الكيف تاجر كراسٍ
- الحمار الفلسطيني، وجزرة الدولة الوهمية
- سائق القطار
- اللاشيء
- جاري صاحب الكيف تاجر سيارات مستعملة


المزيد.....




- وزير دفاع أمريكا يوجه - تحذيرا- لإيران بعد الهجوم على إسرائي ...
- الجيش الإسرائيلي ينشر لقطات لعملية إزالة حطام صاروخ إيراني - ...
- -لا أستطيع التنفس-.. كاميرا شرطية تظهر وفاة أمريكي خلال اعتق ...
- أنقرة تؤكد تأجيل زيارة أردوغان إلى الولايات المتحدة
- شرطة برلين تزيل بالقوة مخيم اعتصام مؤيد للفلسطينيين قرب البر ...
- قيادي حوثي ردا على واشنطن: فلتوجه أمريكا سفنها وسفن إسرائيل ...
- وكالة أمن بحري: تضرر سفينة بعد تعرضها لهجومين قبالة سواحل ال ...
- أوروبا.. مشهدًا للتصعيد النووي؟
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة بريطانية في البحر الأحمر وإسقا ...
- آلهة الحرب


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وليد الحلبي - هل الحدود الدولية قدر لا مناص منه؟