أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صادق الطائي - المشهد الثقافي العراقي في عقد التسعينات في ظل العقوبات الاقتصادية المفروضة على العراق ‏















المزيد.....

المشهد الثقافي العراقي في عقد التسعينات في ظل العقوبات الاقتصادية المفروضة على العراق ‏


صادق الطائي

الحوار المتمدن-العدد: 5976 - 2018 / 8 / 27 - 17:21
المحور: الادب والفن
    


المقدمة ‏

ان الكلام عن الحصار الاقتصادي يطول ويمكن ان يتم تناول الموضوع من اكثر من زاوية ،لكننا ‏سنتحدث عن جانب واحد منه،وهو المشهد الثقافي في ظل العقوبات الاقتصادية طوال عقد التسعينات ‏من القرن المنصرم. الحقيقة التي يجب ان نركز عليها منذ البدء ان المشهد الثقافي كان يعاني من ‏حصارين ، حصار خارجي هو الذي فرض نتيجة عقوبات الامم المتحدة وحصار فرضه النظام على ‏الداخل العراقي عندما ضرب ستارا حديديا على الداخل وعزله عن الخارج الذي قد يمثل تهديدا للنظام ‏نتيجة للطفرة الهائلة في وسائل الاعلام والتواصل الحديثة.‏

تأثير الحصار على تفاصيل الحياة اليومية

بالتأكيد الكل يعلم جيدا تأثير الحصار القاسي على الشعب العراقي، وفي نفس الوقت عدم تأثيره على ‏النظام،وقد عاش هذه الظروف البعض منكم ،كما سمع بها من كان خارج العراق ، لكن يجب التأكيد ‏على ان الحصار واثاره المدمرة كانت مركزة على الشعب المسكين بينما زادت هذه العقوبات النظام ‏قوة ولم تؤثر عليه ،بل ان رأس النظام كان قد بنى 70 قصرا رئاسيا في حقبة الحصار،حيث كان الفساد ‏الذي طال اتفاق العراق مع الامم المتحدة قد سمح بتسريب اموال اتفاقية (النفط مقابل الغذاء ) ليتسنى ‏للنظام استيراد الرخام الايطالي والزجاج البلجيكي ومختلف الاكسسوارات من مختلف دول العالم لهذه ‏القصور،وفي نفس الوقت كان العراقيون يعانون من اسوء المواد الغذائية التي توزع لهم عبر بطاقات ‏التموين التي تستوردها مؤسسات النظام الفاسدة،وقد تدنى مستوى المعيشة في العراق الى ادنى حد ‏شهده التاريخ المعاصر ،وقد كانت الضربة موجهة بشكل اساس الى الطبقة الوسطى في المجتمع التي ‏تضم المثقفين والاساتذة والعلماء والاطباء والمدرسين وغيرهم حتى وصل الحال بهم الى بيع مقتنياتهم ‏واثاث منازلهم لتدبير مستلزمات المعيشة.‏
وعلى هامش هذه المعاناة ولدت ظاهرة وسمت المشهد الثقافي في حقبة التسعينات،وهي ما عرف ‏بمكتبات الرصيف،حيث لجأ عدد من الكتاب والمبدعين الى بيع مكتباتهم الشخصية التي افترشوا بها ‏ارصفة شارع المتنبي ،مركز بيع الكتب في بغداد ،والذي كان قد انسحب من دوره في حقبة السبعينات ‏والثمانينات مع تصدر مكتبات شارع السعدون الحديثة سوق الكتب، وتحول شارع المتنبي الى امتداد ‏لسوق السراي المختص ببيع القرطاسية واللوازم المكتبية،لكن ظاهرة مكتبات الرصيف التي اعتبرت ‏توسيعا لما كان يعرف بمزادات الكتب التي كانت معروفة وتقام يوم الجمعة من كل اسبوع ، وكان ‏اشهر من يقوم بهذه المزادات هو المرحوم نعيم الشطري، وقد اصبحت ظاهرة بيع الكتب يوم الجمعة ‏حدثا اسبوعيا تحول تدريجيا الى ملتقى ثقافي يحضره كافة المعنيين بالشأن الثقافي في بغداد ‏والمحافظات الاخرى.‏
وارتبط بظاهرة تواجد المثقفين في سوق الكتاب ظاهرة اخرى جديدة ولدت في بدايات التسعينات ،وهي ‏ظاهرة (الكتاب المستنسخ او تصوير الكتب)،مع هبوط قيمة الدينار العراقي مقابل العملة الصعبة، ‏وانغلاق قنوات استيراد الكتاب نتيجة العقوبات الاقتصادية وامتناع دور النشر العربية عن التواصل ‏مع سوق الكتاب في العراق ،ولدت عملية او ظاهرة تصوير الكتب وتجليدها وتسويقها للقاريء ‏العراقي باسعار يقدر على دفعها، وهنالك عدة جوانب يجب تسليط الضوء عليها في هذا المجال ، فكما ‏ذكرنا كانت صعوبة الحصول على الكتاب الحديث او الدوريات الحديثة هي المحرك الاساس،حيث ‏يتم الحصول على نسخ من الكتب او المجلات الحديثة التي تجلب بصورة شخصية من قبل افراد ‏سافروا لسبب او اخر وجلبوا معهم نسخا من الكتب التي يتم تفكيكها وتصويرها واعادة تجليدها.‏
‏ كما ان الحصول على الكتاب العلمي كانت من الصعوبة بدرجة تكاد تكون مستحيلة،وبالذات الكتاب ‏الهندسي والطبي الجديد ،حيث طلبة الجامعات والدراسات العليا بحاجة لهذه الكتب ،فاصبحت عملية ‏تصوير الكتب حلا حقيقيا لتوفير الكتب للدارسين والباحثين ،وقد تطورت عملية اعادة انتاج الكتاب ‏تقنيا بصورة ملفتة واصبحت الكتب المصورة تكاد تنافس بجودتها النسخ الاصلية وباثمان تصل الى ‏ربع قيمة الكتاب الاصلي .‏
كما ان عملية اعادة صناعة الكتاب فتحت الباب لتصوير وتسويق الكتب الممنوعة من التداول في ‏السوق العراقي نتيجة رقابة النظام الصارمة ،حيث كان هنالك شبكة من الناشطين بتوفير هذه الكتب ‏ومكاتب التصوير التي تقوم باعادة صناعة الكتاب ليصل الى منافذ البيع على ارصفة شارع المتنبي ‏،وان السرية كانت هي الشرط الاساس لكل هذه العملية ، وكانت الكتب السياسية هي التي تتصدر ‏قائمة الكتب المطلوبة بالاضافة الى الكتب الدينية وبشكل خاص الكتب الشيعية، وقد كان بعض الكتاب ‏يمثلون نجوم حقبة اعادة انتاج الكتب بالاستنساخ ومنهم نذكر على سبيل المثال لا الحصر كتب حسن ‏العلوي وكنعان مكية ومذكرات السياسين من بعثيين او شيوعيين او قوميين ممن نشروا مذكراتهم في ‏حقبة التسعينات بالاضافة الى بعض الكتب التي كانت تمثل الممنوع المسموح مثل كتب علي الوردي ‏التي لم يعاد طبعها منذ السبعينات، وكان الخطر يحيق بكل العملية ،فاذا ما القي القبض على احد ‏العاملين في هذا المجال من قبل قوات الامن المختصة بمراقبة سوق الكتاب ،فيصار الى مصادرة ‏الكتب وجهاز التصوير بالاضافة الى الاعتقال والتعذيب ،لكن لابد من الاشارة الى ان النظام في هذه ‏الفترة كان قد ارتخت قبضته الامنية نتيجة الاوضاع الاقتصادية حيث اصبحت الرشوة تمثل حلا ‏للتخلص من عقوبات رجال الامن الذين كانوا ايضا يعانون من الجوع الذي اصاب المجتمع ككل.‏

‏ منافذ للحياة خارج اسوار الوطن

وولدت ظاهرة الهجرة الكبيرة التي اصابت قطاع الثقافة في العراق نتيجة العوز والحاجة في حقبة ‏التسعينات ،وقد لعب الاشقاء العرب على حاجة المبدع العراقي اسوء الادوار،وقد كان بعض الناشرين ‏العرب يتعاملون مع المبدع العراقي والمترجم العراقي باسوء الطرق ويبخسونهم حقهم ،كما ان ‏الصحافة والنشاطات الثقافية في بلدان مجاورة للعراق اعتاشت وانتشت بوجود المهاجرين العراقيين ‏من شريحة المثقفين كما حصل في العاصمة الاردنية عمان ،التي كانت تتداول فيها نكتة مشهورة ايام ‏التسعينات تقول ( مرحبا بكم في عمان عاصمة الثقافة العراقية) ،كذلك الحال في ليبيا واليمن وبشكل ‏اقل في دولة الامارات العربية ،وقد استفادت هذه الدول من هجرة العقول واساتذة الجامعات ‏والاكاديميين الذين تركوا اماكنهم في العراق وارتحلوا بحثا عن الرزق في هذه الدول، وارتضوا ‏بالعيش في اقسى الظروف، لكن هذا الامر ولد ديمومة وترابطا للنشاط الثقافي في الداخل العراقي ‏،حيث كان هؤلاء المثقفين صلة الوصل بين الخارج والداخل العراقي المعزول بستار حديدي يفرضه ‏النظام والعقوبات الاقتصادية الدولية ،فكم من الكتب والدوريات وصلت الى الداخل مع رحلات ‏العاملين في الخارج في عطلهم الموسمية ،وكم من مسودات وكتابات صحفية وابداعية ارسلت مع من ‏يخرج من الكتاب والمبدعين لتجد طريقها الى دور النشر،كما لعب بعض المثقفين والمبدعين ممن ‏وصل الى اوربا والغرب دورا مهما في تعريف العالم بالابداع والمبدع العراقي من خلال الدوريات ‏ودو النشر التي اقاموها في الخارج ،ونذكر على سبيل المثال مجلة فراديس ومجلة الواح ومجلة المسلة ‏ومجلة الاغتراب الادبي ،حيث كان للقائمين عليها دورا كبيرا في نشر المنتج الابداعي العراقي ‏والتعريف بالمبدع العراقي سواءا بلغته اوعبر الترجمات التي حضيت بها بعض الاعمال الابداعية.‏

الخارج / الداخل ... ثنائية الاتهامات ‏

ونحن نتحدث عن المشهد العراقي تحت ظل العقوبات الاقتصادية وحصار النظام ،لابد من الاشارة الى ‏ظاهرة اصبحت سمة اخرى من سمات هذا المشهد ،وهي ثنائية مثقفو (الداخل/الخارج) ، فقد ولد نتيجة ‏للهجرات المتعددة منذ نهاية خمسينات القرن الماضي وحتى الان اجيال من المثقفين في الخارج ‏،وبطبيعة الحال بقي من المثقفين الكثير في الداخل ، وان مسألة الهجرة او المنفى او الشتات الذي ‏يتوزع العراقيين هو بالدرجة الاولى خيار شخصي ويخضع للفروقات الفردية ،لكن بني على هذه ‏الثنائية صراعا معتمدا على الصور النمطية ، فمثقفو الخارج طالما اتهموا من بقي في الداخل بانهم ‏متواطئون مع النظام او على الاقل متعايشين معه بمعنى عدم رفضهم له، وكثيرا ما تسمع من ‏طروحات مثقفي الخارج ،ان الداخل فرغ او كاد من الطاقات الابداعية المهمة ،واذا وجدت فهي ‏استثناءات لايعتد بها ، بالمقابل يتهم مثقفو الداخل من سافر او هاجر او هرب من العراق بانهم ‏منقطعين عما يحصل في العراق ولا يعرفون الحقائق ،وانهم عاشوا رفاهيتهم في بلدان اللجوء او ‏المنافي بينما اهلهم يرزحون تحت نير الديكتاتور، وتحول الامر في المشهد الثقافي الى ما يشبه نزاع ‏قبيلتين، قبيلة الخارج وقبيلة الداخل ،وقد توضح هذا الامر اكثر ما توضح بعد سقوط النظام والصراع ‏الذي احتدم بين الاثنين على ادارة المشهد الثقافي الجديد، صراع بني على اتهامات وتلفيق تهم وخروج ‏على كل ضوابط واخلاقيات المشهد الثقافي،وبما ان هذا الامر حصل بعد الفترة التي تدرسها هذه ‏الورقة فلن نستفيض في تفاصيله.‏

المشهد الصحفي

ونحن نتكلم عن المشهد الثقافي العراقي في حقبة التسعينات،لابد ان نتكلم عن تفاصيل هذا المشهد او ‏مكوناته،ومن اهم هذه المكونات المشهد الصحفي ،فقد عانت الصحافة من ضغوط التقشف المفروض ‏بسبب العقوبات ،واغلقت صحف ومجلات كانت تنشر الكثير من المنتج الابداعي ،كما تقلصت ‏صفحات الصحف اليومية وصغر حجم الصفحة الى النصف ،ويمكن ان نؤكد ان هذا الامر كان واقع ‏الحال حتى قبيل منتصف التسعينات ،اذ انشأ عدي صادم حسين ما عرف في حينها بـ (التجمع الثقافي) ‏الذي ضم اتحاد الادباء ونقابة الصحفيين ونقابة التشكيليين وكل النقابات والتجمعات المعنية بالثقافة في ‏تجمع واحد يسيطر عليه ابن الرئيس بطريقة كاريكاتورية ،لكن الامر لم يخلو من بعض الفائدة ‏للمبدعين عندما خصص التجمع الثقافي رواتب شهرية للكتاب والشعراء والصحفيين،وبالرغم من ان ‏مبالغ الرواتب الشهرية كانت ضئيلة الا انها كانت تشكل دعما يحتاجه الكثيرون لتمشية امورهم ‏الحياتية ،ومن جهته كان النظام يعتقد أنه بهذا المبالغ سيستطيع شراء مواقف الكتاب الذين سيتحكم ‏بولائهم نتيجة دعمهم المالي، كما افتتح ابن الديكتاتور منافذ صحفية عديدة بصيغة صحف أسبوعية ‏ومجلات شهرية تولت نشر النتاج الابداعي للكتاب،مع هامش حرية حاول عدي صدام حسين ان يجمل ‏به صورة النظام القمعي ،فما كان من الكتاب الا استغلال هذا الهامش والكتابة في هذه المنافذ التي ‏اتاحت لهم انتقاد كل الظواهر في الدولة والمجتمع باستثناء خط احمر وحيد يمنع المساس به وهو رأس ‏النظام وعائلته والدائرة الضيقة المحيطة به.‏
كما ان المشهد الصحفي انفتح على تجربة اذاعة الشباب وتلفزيون الشباب التي كانت صيغتها مشوشة ‏وغير مفهومة،حيث كانت تتراوح بين القنوات الاعلامية الخاصة والقنوات الحكومية،حيث كانت ‏ملكيتها تعود لأمبراطورية عدي صدام حسين التي باتت تمثل دولة داخل الدولة، وقد لعبت هذه المنافذ ‏الاعلامية دورا مهما في توفير الترفيه للمشاهد العراقي المحاصر،من خلال عدم التزامها بالقواعد ‏الاعلامية وعبر قرصنتها الكثير من الافلام والمسلسلات الحديثة وبثها على المحطة الارضية لتلفزيون ‏الشباب ،كما ان التلفزيون الجديد احتضن موجة جديدة من الغناء العراقي،هوجمت بشدة في بداية ‏انطلاقها باعتبارها موجة قائمة على القطيعة مع مسيرة الاغنية العراقية السبعينية وما قبلها ،وان ‏الموجة الجديدة قد مثلت تدني الذوق الفني وسوقيته ،لكن النتيجة النهائية انها افرزت مطربين اصبحوا ‏نجوما بعد ذلك. ‏
وبعد العام 2000 سعى النظام الى الانفتاح على تقنيات الاتصال الحديثة ولكن بشروطه ومواصفاته ‏التي يفرض من خلالها رقابته الصارمة،فسمح باستعمال شبكة الانترنت عبر الاشتراك المنزلي ‏وبشروط صارمة للمشتركين تمكن النظام من فرض الرقابة وحجب المواقع التي تنتقد سياستة،كما ‏توفر عدد محدود من مقاهي الانترنت التي استفاد منها الباحثون وطلبة الدراسات العليا للتواصل ‏والبحث عن الجديد،وقد استوزر د.همام عبد الخالق الذي كان رئيسا لمنظمة الطاقة الذرية العراقية ‏كوزير للاعلام واستقدم كوادر فنية من منظمته السابقة لتطوير وسائل الاتصال في وزارة الاعلام التي ‏انشأت ما عرف بمنظومة الرافدين ،وهي نموذج من الستالايت المسيطر عليه والذي يبث حوالي ‏عشرين قناة تنوعت بين قنوات الرياضة والافلام والوثائقيات والاغاني للترفيه المسيطر عليه من قبل ‏النظام،كما ادخل نظام اتصال الهواتف الارضية اللاسلكية كبديل عن استخدام الموبايل بالرغم من ‏كفائته المحدودة الا انها مثلت بدائل اتسمت بها حقبة التسعينات .‏

المشهد السينمائي ‏

ربما كان قطاع السينما العراقي من اشد القطاعات تضررا من العقوبات الاقتصادية ،حيث منع استيراد ‏الافلام الخام لانها تحوي مواد كيمياوية اعتبرت مزدوجة الاستخدام ويمكن الاستفادة منها في الصناعة ‏العسكرية !! وبذلك توقف الانتاج السينمائي نهائيا وكان فيلم الملك غازي اخر عمل انتجته مؤسسة ‏السينما والمسرح التابعة لوزارة الثقافة،وهي المؤسسة التي سيطرت على سوق صناعة السينما في ‏العراق لعقود مع هامش ضئيل جدا لبعض الشركات الخاصة التي باشرت العمل في ثمانينات القرن ‏الماضي مثل شركة بابل وشركة الخليج وشركة عشتار التي تركز اهتمامها على الانتاج التلفزيوني، ‏كما أنعكس تأثير منع استيراد المعدات والافلام الخام حتى على المؤسسات الاكاديمية في اقسام دراسة ‏السينما في معهد الفنون الجميلة وكلية الفنون الجميلة ،إذ استعاض الطلبة في تنفيذ مشاريع تخرجهم ‏عن كاميرات السينما بأستخدام كاميرات الفيديو المنزلية ( ‏VHS‏).‏
لكن قطاع صناعة السينما في العراق حاول ان يجد له منفذا او بديلا في ظل هذه الظروف العصيبة ‏،فلجأ السينمائيون الى ما عرف بسينما السكرين ، المعتمدة على استخدام الفديوتيب بديلا عن الشريط ‏السينمائي،وبالرغم من ان التجربة كانت بسيطة وبقيمة فنية محدودة الا انها مثلت طريقا استطاع ‏العاملون في قطاع السينما من خلاله التواصل والاستمرار وتقديم اعمالهم، كما ان صالات السينما ‏شهدت تراجعا حادا في الاقبال خلال هذه الفترة مما دفع الكثير من اصحاب ومالكي هذه الصالات الى ‏تحويلها الى خشبات مسرح تقدم عليها المسرحيات التجارية بالاضافة الى العروض السينمائية النادرة ‏التي يحصلون عليها،وهذا الامر حمى الكثير من الصالات من الاغلاق بالرغم من تدني مستوى ‏المسرح المقدم .‏

المشهد المسرحي

شهد القطاع المسرحي تأثرا واضحا بالعقوبات الاقتصادية ايضا ،لكن يجب ان نشير الى الجهود ‏الكبيرة التي بذلها العاملون في هذا القطاع،حيث تم اطلاق مهرجان المسرح العربي في بغداد لاربع ‏دورات،ومهرجان المسرح العراقي لثلاث دورات والذي احتضنه منتدى المسرح العراقي،كما ان ‏خشبات المسرح الوطني ومسرح الرشيد ومسرح الفن الحديث بقيت محتفظة بتقاليد مسرحية جادة ‏ورصينة جعلها تنتج العديد من الاعمال المهمة التي حازت على تقيم فني عال، وفازت الاعمال ‏المسرحية العراقية المنتجة في هذه الحقبة العصيبة بالعديد من الجوائز العربية والعالمية عند مشاركتها ‏في مهرجانات خارج العراق. وبالرغم من تواضع الامكانات التقنية وعدم تطوير تقنيات حديثة في ‏العرض مثل السينوغرافيا وطرق الانارة الحديثة وتقنيات الخشبة الحديثة ،الا ان كل ذلك استبدل ‏بالمحتوى الفني العالي للاعمال المسرحية المعروضة والجهود الفنية للمشاركين بالاعمال من ممثلين ‏وفنيين ومخرجين.‏
لكن بالمقابل اصاب المشهد المسرحي العراقي في هذه الفترة توسعا ملفتا لما عرف بالمسرح التجاري ‏الذي اضر بشكل كبير بقطاع المسرح حيث ادخل الكثير من المتطفلين لهذا المجال واصاب الاداء ‏المسرحي العراقي بامراض انتقلت بعد ذلك الى الدراما التلفزيونية التي اصيبت بحالة مشابهة لما ‏حدث في المسرح التجاري.‏
وكتلخيص للمشهد الثقافي العراقي تحت ظل العقوبات الاقتصادية طوال عقد التسعينات ،يمكننا القول ‏ان الكثير من التحديات قد واجهت هذا المشهد واصابت مفاصل مهمة منه بأمراض خطيرة، الا ان ‏المعنيين بالامر كانوا في الكثير من الاحيان يقفون بوجه هذه التحديات بما يملكونه من امكانات ‏محدودة ليواصلوا ابداعهم وهذا ما شهدناه في الكثير من تفاصيل المشهد الثقافي.‏



#صادق_الطائي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النهب في العراق .. حفريات أجتماعية
- من شارب هتلر الى لحية البغدادي ... حفريات تاريخية
- دورات التاريخ ..القبلية في العراق العثماني
- القبيلة والسياسة في العراق الملكي والجمهوري
- القبلية في العراق الامريكي
- صراع المرجعيات الدينية في النجف؛التيار الصدري نموذجا
- «الكتلة التاريخية» في العراق… تفكيك المقاربات
- السيارة معيارا للتاريخ الاجتماعي
- قراءة سوسيونقدية لرواية (ابنة القومندان) للروائي شريف حتاتة
- محمد عمارة من وهج اليسار الى الانكفاء الطائفي
- قراءة نقدية لكتاب التطهير الثقافي او التدمير المتعمد للعراق


المزيد.....




- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صادق الطائي - المشهد الثقافي العراقي في عقد التسعينات في ظل العقوبات الاقتصادية المفروضة على العراق ‏