أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صادق الطائي - صراع المرجعيات الدينية في النجف؛التيار الصدري نموذجا















المزيد.....



صراع المرجعيات الدينية في النجف؛التيار الصدري نموذجا


صادق الطائي

الحوار المتمدن-العدد: 5372 - 2016 / 12 / 15 - 20:44
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


صراع المرجعيات الدينية في النجف؛التيار الصدري نموذجا
صادق الطائي


هدف البحث :
دراسة طبيعة الصراع بين المرجعيات الدينية في مدينة النجف التي اشتبك فيها الاثني بالطبقي بالسياسي ،وقد برز ت تمظهرات الصراع بعد وفاة المرجع الشيعي الاعلى في حوزة النجف اية الله العظمى السيد ابو القاسم الخوئي عام 1992 . وقد ادى ظهور اية الله محمد محمد صادق الصدر في المشهد العلمي والاجتماعي والسياسي في النجف الى احتدام هذا الصراع ،الذي افرز بعد غزو العراق تبلورا لما عرف بالتيار الصدري الذي قاده نجله السيد مقتدى الصدر ، محاولة تسليط الضوء على دور التيار الصدري كحركة سوقت نفسها على انها ممثلة للمرجعية العراقية الهوية والعروبية السمات في مواجهة تيارات شيعية ذات ميول ايرانية.
اسئلة البحث:
1. ماهي طبيعة الصراعات بين المرجعيات في الحوزات الشيعية؟
2. هل تلعب الاصول الاثنية للمراجع دورا في الصراعات والتنافس في الحوزات؟
3. ما هي الدوافع والاسباب التي ادت الى ظهور التيار الصدري ؟
4. ماهي التغيرات التي طرأت على حركة اية الله محمد الصدر وصولا الى المشهد السياسي العراقي الحالي؟
5. هل انتقل صراع المرجعيات في تسعينات القرن المنصرم الى صراع نفوذ تبلور في شكل احتراب سياسي بعد 2003 ؟
أهمية البحث:
تكمن الاهمية العلمية للبحث في انه يدرس الواقع العراقي المتشظي من خلال تسليط الضوء على احد التيارات الفاعلة والتي لعبت ادوارا تباينت بين الديني والاجتماعي والسياسي ،حيث ابتدأت الحركة مع تصدي اية الله محمد الصدر للمرجعية وطرح رؤياه الاصلاحية في جو ملبد بالمشاكل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ابان حقبة التسعينات والعراق يرزح تحت وطأة العقوبات الاقتصادية ،وبالرغم من قصر المدة الزمنية بين ظهور ورحيل السيد محمد الصدر الا انه مثل بداية تيار شعبوي كبير كان له تأثيرا كبيرا في الساحة السياسية والاجتماعية في عراق ما بعد الاحتلال ،تيار طرح نفسه بديلا عن احزاب شيعية جاءت من المنافي كانت تتلقى الدعم من جهات متعددة في ايران وسوريا واوربا ،بينما كان للخط الصدري رؤياه (الوطنية) عبر تسويق اطروحاته بكل تجلياتها الدينية والاجتماعية والسياسية وحتى العسكرية في مقاومة الاحتلال ومن ثم دخول اللعبة السياسية كحزب لعب ادوارا مهمة في الحكومة والبرلمان.
الاطار المنهجي والمقاربة النظرية:
الاطار النظري لدراسة الصراع الذي اشتبك به التيار الصدري منذ ولادته على يد مؤسسه اية الله السيد محمد الصدر وصولا الى التيار الصدري الحالي كتيار سياسي ،هو نظرية الصراع وفق منهجية بيير بورديو التي طورت نظرية الصراع الماركسية عبر توسيع الفكرة لتشمل جميع اشكال القوة ،سواء كانت مادية ام ثقافية ام اجتماعية ام رمزية ،فالافراد يستحضرون مصادر ثقافية واجتماعية رمزية مختلفة من اجل المحافظة على مواقعهم ووضعهم في النظام الاجتماعي ،حيث يوضح بورديو ان هذه المصادر تمثل (رأس مال) عندما تقترن بعلاقة قوة اجتماعية،بحيث تصبح موضوعات ذات قيمة يناضل الافراد من اجل الحصول عليها.

الملخص التنفيذي :
مرت المرجعيات الدينية في النجف بصراعات في تاريخها المعاصر ،مثل الصراع بين الاصولين والاخباريين في منتصف القرن التاسع عشر الذي تطور الى انشقاق كبير بظهور المدرسة الشيخية وزعيمها الشيخ احمد الاحسائي ومناوئيه الذين اتهموه بالخروج من الطائفة والخروج من الملة ،ثم وبأمتداد هذا الصراع ظهرت الحركة البابية التي تطورت لاحقا الى الحركة البهائية والتي استقلت كدين جديد بعد ذلك ،ثم الصراع الاضخم بين مراجع الشيعة ابان ما عرف بالصراع الدستوري في مطلع القرن العشرين ،وقد توزع علماء الشيعة بين مساندي الدستور وحقوق الامة عبر ممثليها في تحديد سلطات الشاه القاجاري وهم علماء المشروطة التي وقف في مقدمتهم اية الله النائيني بينما وقف في مقدمة علماء المستبدة المناهضين للثورة الدستورية اية الله الشيخ فضل الله النوري ،وفي كل صراع مرت به المرجعيات ،كانت الاطراف المتنازعة تسعى لاستثمار رأس المال الرمزي الممثل في تقليد المريدين عبرالظهور في المراسم والطقوس الدينية اظهارا لهوية الاطراف المتنازعة ،ومحاولة كل طرف تقديم نفسه باعتباره حارس الطائفة والمحافظ على جوهرها، وفي نفس الوقت يعمل على تكفير الاخر واخراجه من الملة معتمدا على ترسانته الفقهية ، وتستمر الصراعات بين مراجع الحوزات الدينية لكنها لم تصل الى حد المجابهة المعلنة كما حصل في الصراعات المشار لها سابقا ،لكن التنافس على النفوذ وشبكة المقلدين وما تمثله من قوة اقتصادية تتحول الى نفوذ علمي عبر توسع مدارس الفقهاء وانتشار الوكلاء وهكذا يدور التنافس في دائرة مغلقة غالبا ما كان مخفيا عن اعين العامة ،الا ان الكثير من المقربين والمعنيين باجواء الحوزات يعلمون ان هنالك تنافسا وصراعا مخفيا بين المراجع.
ومرت الحوزة العلمية في النجف بحالة من الفتور بسبب تراجع دورها في التأثير على مريديها ممن تقدم لهم خدماتها الدينية والاجتماعية منذ بداية عقد الستينات في القرن الماضي بسبب سطوة الحكومات المتتالية وشيوع مفاهيم علمنة المجتمع ومحاولات تحديث الحياة التي اكلت من جرف مريدي الحوزات الدينية ،وتقلص عدد طلبة المدارس الدينية ،وبدورهم فان رجال الدين لم يقفوا مكتوفي الايدي بل سعوا الى تحديث الدرس الحوزوي ومحاولة اضفاء صبغة عصرية على المناهج وسياقات التعليم الديني ،كذلك بلور عدد من العلماء الشبان رؤيتهم السياسية عبر الانخراط في احزاب اسلامية سياسية شيعية في العراق مثل حزب الدعوة الاسلامية ومنظمة العمل الاسلامي وغيرها، التي دخلت في صدام مع حكومة البعث في سبعينات القرن العشرين وادت الى حملة قمع دموية قادها النظام طالت العديد من الطلبة والعلماء .
وبعد انتفاضة شعبان1991 وقمعها الدموي التي قام بها نظام صدام حسين ،ومن ثم وفاة المرجع الاعلى اية الله العظمى ابو القاسم الخوئي،برز صراع في ساحة المرجعية في العراق بعد ان تصدى للمرجعية اية الله محمد الصدر الذي كان يقبع تحت الاقامة الجبرية منذ عام 1980 بسبب اعدام استاذه وقريبه اية الله محمد باقر الصدر،وقد خاض الصدر الثاني - وهذا ما بات يعرف به لاحقا- ثلاث معارك كبرى تداخلت وتسلسلت تبعا لمعطيات كثيرة ،المعركة الاولى كانت ضد الولاية العامة (ولاية الولي الفقيه )للمرشد اية الله الخامنئي حيث طرح نفسه بديلا وولي فقيه في العالم الشيعي ،والمعركة الثانية كانت ضد المرجعيات التقليدية في حوزة النجف (مرجعية ايات الله الحكيم والسيستاني والنجفي والفياض) ،والمعركة الثالثة ضد نظام صدام حسين التي اودت بحياة اية الله الصدر الذي اغتيل مع ابنيه في عام 1999م،لتنزوي الحركة الصدرية مؤقتا لاربع سنوات ، ومن ثم تنطلق بشعبوية مثيرة للجدل في عام 2003 م بعد ان قاد التيار نجل اية الله محمد الصدر، رجل الدين الشاب مقتدى الصدر ،وليشهد العراق تنامي التيار وظهوره بتمظهرات عديدة من تيار مهمشي الشيعة الى تيار مقاوم عسكريا للاحتلال عبر ميليشيا عسكرية هي جيش المهدي الذي انجر الى معارك قذرة في الاحتراب الطائفي عامي 2006-2007 ثم تبلور عمله السياسي ونضج اداؤه عبر تمثيل اعضائه الملفت في البرلمان والحكومة بعد ذلك.
وقد انتقل الصراع الضيق على النفوذ والمكانة والموارد المالية من اجواء حوزات النجف والمدن المقدسة في العراق في النصف الثاني من التسعينات ليشمل المشهد العراقي في صراع سياسي ارتدت فيه العديد من المرجعيات الثوب السياسي في عراق ما بعد صدام ومازال الاشتباك متصلا بين شد وجذب بين الاطراف المتصارعة.

مدخل تاريخي ؛ المرجعيات وصراعها:
شهد القرن الرابع الهجري /العاشر الميلادي ضعف الخلافة العباسية وتفتتها الى دويلات تحكمها بعض الاسر حكما وراثيا وتتصارع فيما بينها على النفوذ والسلطة ولم يبق للخليفة العباسي في بغداد سوى السيادة المعنوية على هذه الدويلات التي كانت تقدم للخليفة العباسي الدعاء والخطب في المساجد ايام الجمع والاعياد وتشتري منه الالقاب ،وحتى العاصمة بغداد كانت قد سقطت بيد البويهيين سنة 334هـ/945م .وفي هذه الحقبة اصبحت بغداد عاصمة التشيع بعد ان كان الشيعة يتعرضون الى قمع الدولة العباسية ،اذ ساعد تشيع البويهيون (يختلف الباحثون حول عقيدة ال بويه فينسبهم البعض الى المذهب الزيدي بينما يرى البعض انهم اثني عشرية كما يشير بعض الباحثون الى انهم فاطميون) على فسح المجال واسعا امام الشيعة لاظهار طقوسهم.
وبعد غياب الامام الثاني عشر لدى الشيعة الاثني عشرية ،الامام محمد بن الحسن العسكري سنة 260 هـ/874م ،مر الشيعة فيما عرف بالغيبة الصغرى الممتدة حتى 329هـ/ 941م التي شهدت وجود السفراء او نواب الامام ،وقد شاب هذه الفترة صراعات بين العديد من اتباع الائمة الذين ادعوا السفارة الا ان الثابت في الادبيات الشيعية هي وجود اربعة نواب او سفراء الاول والثاني هما الاب والابن سعيد بن عثمان العمري وابنه محمد بن سعيد العمري المعروف بالخلاني والسفير الثالث حسين بن روح والسفير الرابع علي بن محمد السمري ،وبذلك يمكن ان نلاحظ ان سيطرة البويهيين قد تمت فيما عرف بالغيبة الكبرى وهي الحقبة التي خلت من الامام او من ينوب عنه ،كما ان القرن الرابع والخامس الهجريين شهدت اولى صراعات الفقهاء فيما عرف بمدرسة الاخباريين ومدرسة الاجتهاد ،فالمدرة الاولى كانت ترفض الاجتهاد والتقليد وبذلك لايمنح الفقيه في عصر الغيبة اي سلطة او نفوذ سوى تفسير النصوص المقدسة من قرأن وحديث نبوي وسيرة الائمة ،بينما حاول بعض الفقهاء الكبار في القرن الخامس فتح باب الاجتهاد لتلافي حالة الجمود الاجتماعي والسياسي الذي اصاب الطائفة .
وترسخت سلطة الفقهاء شيئا فشيء عبر ماعرف بمدرسة بغداد الفقهية وظهر في القرنين الرابع و الخامس الهجريين ما عرف باعمدة الطائفة الاربعة الذين بلوروا نظرية فقهية اجتماعية سياسية في عصر الغيبة وهم الشيخ الكليني (ت:329هـ/940م) والشيخ ابن بابويه القمي المعروف بالشيخ الصدوق (ت:381هـ/ 991م) والشيخ المفيد (ت413هـ/1022م)والشيخ الطوسي (ت:460هـ/1068م) الذي يعتبر ابو المدرسة الفقهية الشيعية او كما عرف بشيخ الطائفة ،وهو الذي نقل مقر اقامته الى النجف بالقرب من مدفن الامام علي بن ابي طالب (رض) وانتقل معه طلبته ليؤسس بذلك حوزة النجف سنة 448هـ/1027م ليبتعد بها عن ظغوط الصراعات الطائفية في بغداد بعد سيطرة السلاجقة السنة المتشددون على بغداد،وقد ناصبوا الشيعة العداء والاضطهاد بدأ من سنة 448هـ .
وبقي الشيعة ملتفون حول فقهائهم الذين يوجهونهم في امور دينهم ودنياهم ،عبر آلية التقليد التي توجب على كل شيعي بالغ ان يتخذ له فقهيا يعده مرجعه في كل مايخص حياته الدينية والمدنية ،كما اتسمت هذه الحقبة بالانسحاب السياسي وعدم الفاعلية ،وشاعت بين افراد الطائفة الشيعية نظرية سياسية قائمة على مبدأ انتظار الامام الغائب الذي سيظهر (الامام محمد المهدي بن الحسن العسكري) في اخر الزمان ليملأ الارض عدلا بعد ان تمتلء جورا ،وان كل راية تظهر قبل راية المهدي هي راية ضلالة ،واستنفذ الفقهاء الشيعة من المدرسة الاخبارية جل جهودهم في محاولة ايجاد مخارج لابناء طائفتهم فيما يخص الحقوق الشرعية وتنفيذ الحدود ودفع الزكاة والخمس او ما يعرف بالحقوق الشرعية التي تعد حقا حصريا للامام يصرفها فيما يحتاجه المجتمع في البحث داخل النصوص المنقولة عن الائمة الاثني عشر، وكان منتهى العمل الاجتهادي يدور داخل النصوص والترجيح فيما بينها ومعرفة العام والخاص ،والمطلق والمقيد وما شابه وكانت فتاوى العلماء كالشيخ الصدوق مجرد نصوص روايات معتبرة لديهم .
وكان التحول السياسي الكبير في حياة الطائفة الشيعية مع قيام الدولة الصفوية في مطلع القرن العاشر الهجري/السادس عشر الميلادي ففي عام 907هـ/1501 م ظهرت الدولة الصفوية على أثر هزيمة اعدء الصفويين وتتويج المرشد الكامل سلطانا لهذه الدولة .واتخذ حكامها المذهب الامامي الاثني عشري مذهبا رسميا والزاميا للدولة ،واخذوا في ملائمة طرق حكمهم مع المباديء المنبثقة من فقه الامامية الاثني عشرية وهكذا انبثقت دولة مرتكزة على طريقة صوفية عرف شيخها ومؤسسها صفي الدين الاردبيلي بسنيته وبالتحديد المذهب الشافعي ،بينما أسس حفيده الشاه اسماعيل الصفوي دولة شيعية محدثا بذلك التطبيق السياسي الاول لنظرية فقهية استمد شرعيتها من استجلاب العديد من فقهاء الشيعة من جبل عامل في لبنان وعلى رأسهم الشيخ المحدث الكركي .
ومن هذه النقطة الفارقة في تاريخ الشيعة اصبح للفقيه سلطة موازية لسلطة الحاكم ،او اصبح هنالك تقاسم للسلطة مثل فيها الشاه الصفوي وبعده الشاه القاجاري السلطة الدنيوية بينما مثل فيها الفقيه السلطة الدينية ،واعتمد الشاه على شرعيته المكتسبة من فتاوى الفقهاء .
ولم يمر تقسيم الادوار الاجتماعي والسياسي بين الفقيه والسلطان دون صراعات بين الدورين او بين الفقهاء انفسهم تنافسا على المكانة والثروة ،فقد ثارت صراعات بين المرجعيات الشيعية في الحقبة الصفوية،وكان ابرز خصوم المحقق الكركي الشيخ ابراهيم القطيفي الذي دعمه بعض الساسة والامراء الصفويين المستائين من تصاعد نفوذ الشيخ الكركي ،لذا تصدى الشيخ القطيفي للشيخ الكركي وطارده علميا محاولا تخطئة ارائه التي استحدثتها حاجات الدولة الصفوية كذهابه الى القول بوجوب صلاة الجمعة في زمن الغيبة مع وجود المجتهد الجامع للشرائط (النائب عن الامام)،او ايجاد بعض المسائل الفقهية الفرعية ومحاولة المبالغة في جعلها من المسائل الكبار الهامة كمسألة حرمة السجود على التربة المفخورة بالنار.
ولايخفى على الباحث في تاريخ الدولة الصفوية المكانة التي حاز عليها فقهاء الشيعة وبشكل خاص فقهاء جبل عامل الذين كان لهم الدور الاكبر في دعم قيام الصفويين بنشر المذهب الشيعي في ايران ذات الغالبية السنية ،وقد حاز الفقهاء العامليون على نفوذ كبير في كل مفاصل الدولة وتحديدا في زمن الشاه اسماعيل الصفوي الذي يعد الحقبة الذهبية لسيطرة الفقهاء على الكثير من مفاصل الدولة ،لكن الصراعات والتنافس دب فيما بينهم في الفترة التي حكم فيها الشاه الضعيف محمد خدابندة ،لكن تسنم العرش الصفوي من قبل شخصية قوية مثل الشاه عباس الاول بالرغم من تعصبه الشديد للمذهب الجعفري الاثني عشري الا انه تصدى لنفوذ الفقهاء ولم يسمح لهم بالتدخل في الشؤون السياسية والعسكرية للدولة ،وكف ايديهم عن ذلك ليوقف الفوضى التي اجتاحت امور الدولة بعد وفاة الشاه اسماعيل الاول ،وذلك بسبب طبع الشاه عباس الميال الى التسلط والحكم المطلق.
كما شن الميرزا محمد امين الاستربادي حملة شعواء ضد انصار المدرسة الاجتهادية الاصولية التي راجت في الدولة الصفوية ، وقال ان الروايات التي ذكرها الاخباريون ، كالصدوقين و ثقة الاسلام الكليني , كما صرح في اوائل كتاب الكافي : باب حرمة الاجتهاد والتقليد ، وفي وجوب التمسك بروايات العترة الطاهرة المسطورة في تلك الكتب المؤلفة بامرهم ،وعندما قام العلماء المتأخرون كالمحقق الكركي بالقول بنظرية ( النيابة العامة للفقهاء عن الامام الغائب ) ،اعتبر الاخباريون العمل السياسي واقامة الدولة وممارسة مهامها ، اغتصاباً لسلطة وصلاحيات الامام المعصوم ، وقد تصدى للاخبارين احد رموز الاصوليين المدافعين عن دور الفقهاء السياسي في العراق، السيد باقر البهبهاني الذي كان يدرس في كربلاء في العراق , وافتى بتكفير الاخباريين .
ووصل الصراع بين الاخبارين والاصوليين مديات غير مسبوقة في القرن التاسع عشر ،وكان يتزعم الاخباريين اية الله ميرزا محمد الاخباري بينما كان يقف في مواجهته على رأس الاصوليين الشيخ جعفر كاشف الغطاء ،وقد بلغ النزاع بين هذين الرجلين الى حد التنابز بالالقاب وتبادل الشتيمة المقذعة ،وتصاعد الخلاف حتى وصل مراحل خطرة ففي عام 1817 كان الميرزا محمد الاخباري في الكاظمية فهجم عليه نفر من اهل الكاظمية وقتلوه وقتلوا ولده الاكبر الميرزا احمد .
ويبقى صراع المرجعيات بين شد وجذب ولاسباب سنأتي على تفاصيلها في متن البحث خلال العهدين الصفوي والقاجاري وحتى بدايات العهد البهلوي ،ويظهر اول تنافس او صراع بين المرجعيات على اساس أثني بعد وفاة المرجع الاعلى اية الله العظمة مرتضى الانصاري سنة 1864م ،فخلفه في التنافس على المرجعية العليا اربعة من طلبته هم الميرزا محمد حسن الشيرازي ،والشيخ محمد حسين الكاظمي ،والشيخ حبيب الله الرشتي ،والسيد حسين الكوهكمري ،و يؤشر الدكتور علي الوردي في كتابه لمحات اجتماعية الى انقسام المقلدين بين المراجع الاربعة على اساس قومي او أثني فيقول؛وقد انقسم المقلدون في الاقطار الشيعية بين هولاء الاربعة ،فمال العرب نحو تقليد الشيخ الكاظمي بينما مال الترك نحو الكوهكمري ،اما الفرس فأنقسموا بين الشيرازي والرشتي
كما تجدر الاشارة الى صراع المرجعية كمنظومة اجتماعية دينية سياسية مع السلطة سواء في العراق او في ايران ،وسنذكر بعجالة ابرز هذه الصراعات ،حيث يشير الباحثون الى صراع مرجعية الميرزا محمد حسن الشيرازي مع الشاه ناصر الدين القاجاري في مشكلة انحصار التبوغ التي منحها الشاه لشركة الدخان الفارسية - البريطانية عام 1891م ،وماجرته هذه الاتفاقية من حيف على تجار التبوغ الايرانيين الذين ارسلوا العديد من البرقيات الى المرجع الاعلى طالبين تدخله لدى الشاه ،وبعد محاولات اية الله الشيرازي مع الشاه القاجاري التي بائت بالفشل ،افتى اية الله العظمى محمد حسن الشيرازي من مقره في سامراء – كان قد انتقل من حوزة النجف الى سامراء لاسباب عدة لا مجال لذكرها هنا – عام 1892 م بالنهي عن تدخين التنباك وهي جملة واحدة ؛(التدخين الان حرام ،هو بمثابة محاربة امام الزمان)،مما ادى الى مقاطعة الناس للتبوغ واصابة الشركة البريطانية بخسائر فادحة مما اجبر الشاه القاجاري على التراجع عن المعاهدة وبذلك انتصرت فتوى المرجعية .
ثم النزاع الاكبر بين المرجعية والدولة من جهة والمرجعيات فيما بينها فيما عرف بالثورة الدستورية او حركة المشروطة عام 1906 م ،حيث قاد عدد من المراجع الحركة المطالبة بالدستور وكان على رأس المطالبين بالدستور المرجع الملا الخراساني واية الله محمد الطباطبائي واية الله النائيني الذي صك منفيستو الحركة الدستورية في كتابه (تنبيه الأمة وتنزيه الملة) ،بينما وقف في صدارة اعداء الدستور من العلماء الذين عرفوا بالمستبدة اية الله كاظم اليزدي و اية الله فضل الله النوري الذي كان في البدء من انصار المشروطة ثم غير موقفه الى عدائها .
ثم الازمة التي نشبت بين مراجع الشيعة فيما بينهم من جهة وبينهم وبين الحكومة الملكية العراقية الوليدة من جهة اخرى،وبلغت الازمة ذروتها عام 1923 م ،حيث كان عدد من المراجع يؤيدون الاتفاقية البريطانية حتى تستطيع الحكومة الوليدة ادارة البلاد ،ويمثلهم فقهاء مهمين مثل اية الله كاظم اليزدي ،واية الله هاشم الهندي ،ومحمد مهدي الكشميري ،وجعفر بحر العلوم و حسن ابن صاحب الجواهر وعلي كاشف الغطاء وهو عميد عائلته ،بينما عارض عدد من الفقهاء المعاهدة البريطانية العراقية ،منهم شيخ الشريعة اية الله الاصفهاني وعبد الكريم الجزائري وجواد الجواهري ومهدي كاشف الغطاء ،مما دفع الحكومة العراقية الى نفي المراجع الفرس الى ايران وكان على رأسهم اية الله ابو الحسن الاصفهاني واية الله النائيني،وكذلك شمل قرار الابعاد مرجع عربي معارض ومهم هو اية الله الخالصي (عربي يحمل الجنسية الايرانية)،ولم يتم السماح للفقهاء بالعودة الى النجف الا بعد تعهدات بعدم التدخل في الشأن السياسي وهو أمر رفضه اية الله مهدي الخالصي فبقي في منفاه الى ان وافاه الاجل هنالك.
منذ بداية العهد الوطني العراقي وصولا الى حكومة البعث الثانية بعد 1968م سعت الحكومات مدفوعة بموجة التحديث الى مزيد من الاجراءات المعلمنة للمجتمع مما دفعها الى السيطرة على وظائف كانت حكرا على رجال الدين فيما مضى مثل ادارة الشؤون القانونية والتعليم وجمع الضرائب ،ولقد ساهمت موجة التحديث هذه في افول دور المؤسسة الدينية الشيعية ودور رجال الدين ،وبذلت انظمة الحكم المتعاقبة في العراق مدفوعة بحوافز دولتية محاولات شاقة للسيطرة على الفضاءات الثقافية الدينية ولأدامة وضبط الفصل بين الدين والدولة .ولان المؤسسة الدينية السنية كانت مدمجة اصلا بادارة الدولة ووزارة الاوقاف فقد باتت هذه الموجة موجهة ضد المؤسسة الشيعية المستقلة بشبكاتها المالية المنتشرة في انحاء العالم في محاولة لاحتوائها ،ولمواجهة هذه الهجمة سعت المدارس الدينية ورجال الدين الى تحديث الدراسة والمناهج ،كما انخرط عدد من شباب العلماء في تشكيل احزاب سياسية لاحتواء الشباب الشيعي في اطر حداثية مما خلق صراعا جديدا مع النظام الحاكم.
مرجعية السيد محمد الصدر وولادة حركته الجماهيرية:
في مرور سريع على سيرة محمد الصدر نتعرف على خطوط عامة لعبت دورا مهما في تشكيل شخصيته فيما بعد . ولد السيد محمد الصدر في 23/3/1943 م في مدينة النجف ،ولد في عائلة ذات تاريخ عريق وقد تحدر منها العديد من الفقهاء المشهورين ،وأصل العائلة البعيد من جبل عامل في لبنان وسكنت الكاظمية ،وليس لرجالها نفوذ كبير في مدينة النجف ،رغم انتقال بعض فقهاء الاسرة للدراسة والسكن في النجف كحال والد محمد الصدر ،السيد محمد صادق الصدر،كذلك فقدت العائلة الكثير من نفوذها في الكاظمية وماحولها منذ منتصف القرن العشرين مع صعود نفوذ ال الخالصي . وقد نشأ وتربى بالصورة التقليدية لابناء رجال الدين اذ درس اولا على يد والده السيد محمد صادق الصدر،ثم انتقل للدراسة في مدارس منتدى النشر الابتدائية فالمتوسطة فالاعدادية وبعد ذلك دخل الى كلية الفقه الى ان تخرج حوالي سنة 1963م ،ثم ابتدأ الدراسة بالطرق القديمة التي تؤهل الفقهاء الشباب للتدرج اللاهوتي للوصول الى درجة الاجتهاد فدرس على يد عدد من المراجع من اهمهم ،طالب الرفاعي ومحمد باقر الصدر ومحمد تقي الحكيم وابو القاسم الخوئي .
وقد كان لدراسته في مدارس منتدى النشر ثم كلية الفقه ،وهي مؤسسات انشأها بعض الفقهاء الاصلاحيون في محاولة لتحديث الدرس الحوزوي والتماهي مع التعليم الحديث ،وكان من ابرز هؤلاء الفقهاء الشيخ محمد رضا المظفر في منتصف القرن العشرين ،والنتيجة تنامي النظرة النقدية لدى محمد الصدر للحوزة التقليدية مما سيثير نزاعا عنيفا مع رموزها الكبار في التسعينات من القرن العشرين ابان تصدي محمد الصدر للمرجعية .
بقي الفقيه الشاب مقربا من قريبه الفقيه الصاعد نجمه في الحوزة في الستينات والسبعينات اية الله محمد باقر الصدر،فقد كتب له عام 1977 مقدمة طويلة لكتابه (موسوعة الامام الغائب ) ،والتي طبعت بعد ذلك بشكل منفصل ككتاب صغير لمحمد باقر الصدر بعنوان (بحث حول المهدي) وفيها اشادة بجهود المؤلف الشاب الذي يتنبأ له اية الله الصدر بمستقبل مهم كفقيه كبير .
لكن قيام الثورة الايرانية بعد عام واحد وتداعياتها التي ادت الى اعدام السيد محمد باقر الصدر في ابريل/نيسان عام 1980م ،قلبت موازين الفقيه الشاب الذي كان مقربا من استاذه وقريبه ونسيبه بعد ذلك (تزوج ولدا محمد الصدر من ابنتي اية الله محمد باقر الصدر) وبالتالي اصبح مسؤولا عن عائلة قريبه وعائلته وهو يمر في ظروف في غاية القسوة من الاقامة الجبرية ومنعه من ممارسة الدراسة والتدريس في الحوزة والاعتياش على بعض العطايا التي تصله من المراجع الكبار وعلى رأسهم اية الله الخوئي بحسب تقاليد علاقات الشبكات الاجتماعية بمريديهم ودعاتهم ،وهذا امر أخر حز في نفس محمد الصدر وفجر غضبه بعد ذلك ضد (الطبقة البرجوزاية ) من كبار الفقهاء المتحكمين باموال طائلة تصلهم من مقلديهم .
والنتيجة ان أسم محمد الصدر كان غائبا وغير مذكور حتى مع من تدرج في التراتب الفقهي من تلاميذ اية الله الخوئي طوال عقد الثمانينات وبداية عقد التسعينات . حيث ظهر منهم فقهاء كبار ينافسون على المرجعية الكبرى في العراق بعد وفاة المرجع الاعلى ابو القاسم الخوئي الايراني الاذري الاصل الايراني الجنسية عام 1992 كل من آية الله علي السيستاني الايراني الجنسية وآية الله اسحاق الفياض الافغاني الجنسية وآية الله بشير النجفي الباكستاني الجنسية واية الله عبد الاعلى السبزواري الايراني الجنسية وآية الله محمد سعيد الحكيم العراقي الجنسية ،وبعد وفاة السبزواري عام 1993 م اصبح ابرزهم اية الله السيستاني الذي اشير له بالاعلمية بدلالة تكليف الخوئي له بامامة صلاة الجماعة في مسجد الخضراء عند مرضه.
لقد خاض السيد محمد الصدر ثلاث معارك اساسية منذ ان تصدى للمرجعية بعد انتفاضة شعبان 1991 ،فكانت معركته الاولى مع المرجعيات التقليدية في حوزة النجف ،كما انه طرح نفسه كولي فقيه وامر باقامة صلاة الجمعة ،والمعروف ان هنالك خلافا فقهيا على شروط اقامتها بين المراجع الشيعة ،وهذه الخطوة فتحت عليه معركة مع ولاية الفقيه في ايران وزعيمها الولي الفقيه اية الله علي الخامنئي ،الذي يطرح نفسه كولي فقيه لعموم الشيعة والمسلمين في العالم اما المعركة الثالثة فكانت مع النظام العراقي الذي بدأ المشوار داعما لمرجعية الصدر العراقية لاسباب تكتيكة في مواجهة المرجعيات غير العربية في الحوزة وانهى المعركة باغتيال اية الله الصدر ونجليه عام 1999م في حادث اكتنفه الغموض وبرره النظام بالاقاء القبض على عدد من المشايخ الصغار ممن اختلفوا في الرأي مع الصدر واتهمهم باغتياله ونشر لهم اعترافات متلفزة وحكم باعدامهم. وبطبيعة الحال لا يمكن اخذ رواية النظام بهذه السهولة ،وهو المعروف عنه نزع الاعترافات تحت الاكراه واستخدام القسوة في التحقيق .
هنالك اتهامات واشاعات عديدة ومتشابكة تواجه من يبحث في حقبة ظهور السيد محمد الصدر والنزاعات التي خاضها ،لكن ظاهريا ،يدين السيد محمد الصدر ببروزه لنظام الحكم فبحلول عام 1993 كان لدى السلطات العراقية اعتقاد بانه قد يصبح زعيم حوزة في مقتبل العمر (كان عمره حينذاك خمسون عاما وهو عمر يعتبر مبكر لمن يتبوء المرجعية العليا عادة) لين العريكة نتيجة ما اصابه من نكبات واقامة جبرية قد كسرت شوكته ،لذلك دعمته في تصديه للمرجعية العامة ،بل ظهرت شائعات بان هذه السلطات قد وقعت معه اتفاقا بهذا الخصوص وخلافا لمنافسيه من غير العرب (باستثناء محمد سعيد الحكيم الذي كان مكروها من قبل النظام لدور آل الحكيم في المعارضة العراقية) ،وفر له النظام دعما ملموسا،ونتيجة لذلك تولى ادارة مدارس تابعة للحوزة ووسع من شبكة ممثليه ونشاطاته الاجتماعية وأفتتح محكمة شرعية في النجف،واعاد فتح مكتبات كان قد تم تدميرها في حملة قمع انتفاضة 1991،وقد تم اعفاء اولاده وعدد من طلابه من الخدمة العسكرية وسمح له عام 1997 باصدار مطبوع دوري خاص به هو مجلة الهدى وهي لفتة مدهشة في بلد تخضع فيه الصحافة للرقابة المشددة.
كما خدم تحركات السيد محمد الصدر في حقبة التسعينات اطلاق النظام لما عرف بالحملة الايمانية ومحاولة ركوب موجة اسلمة المجتمع التي التقت مع طموح السيد الصدر في بناء مرجعيته الوليدة على اسس كانت مرفوضة وحتى مستهجنة من قبل الحوزة التقليدية ورموزها من المراجع الذين كانوا يعتبرون تحركات المرجع وظهوره واختلاطه بالناس من الامور التي تقلل من قيمته ،بينما اشتغل السيد الصدر على هذا الامر تحديدا وقرب اليه مجموعة من طلبة الحوزة الجدد المريدين والمقلدين له ،وكانت الاغلبية منهم متحدرين من الطبقات المسحوقة من مدن وسط وجنوب العراق او من الاحياء الهامشية في بغداد ذات الاغلبية الشيعية كمدينة الثورة (تحولت بعد سقوط النظام الى مدينة الصدر) او مدينة الشعلة ،او حي الحيانية في البصرة الذي يضم الكثير من المهاجرين من محافظات الجنوب الفقيرة الى البصرة.
كما انه اشتغل فقهيا على مسائل جمع فيه الشعبي بالرسمي من التدين الذي كان يحاول نشره ،فمثلا اصدر كتابه فقه العشائر في محاولة لفرض سيطرته على نمط الحياة التي ارتدت الى بنى ما قبل الحداثة نتيجة الحصار وتوجه النظام في بعث العلاقات القبيلية وتشجيعها ،وحاول ان يأخذ ضوءا اخضرا من النظام بالسماح بعودة الشعائر الحسينية الشعبية لكنه لم يفلح في ذلك.
كما ان وسيلته الانجع للاحتكاك بشبكة مقلديه من الطبقات الدنيا اجتماعيا كانت عبر دعوته لاعادة العمل بصلاة الجمعة ،التي يرى بعض فقهاء الشيعة وجوب توفر امام عادل لاقامتها مما يعني من طرف اخر انها اعتراف من السيد الصدر بعدالة نظام صدام ،بينما نرى ان السيد الصدر قد فند هذا الادعاء بالتفاف فقهي عبر طرح نفسه كولي فقيه ،وفي هذه الحالة تصح اقامة صلاة الجمعة ،وقد اكد كثيرا على اهمية صلاة الجمعة في الخطب التي كان يلقيها ،وكان هو شخصيا يقيم صلاة الجمعة ويخطب الخطبتين في جامع الكوفة كما انه عين عددا من طلبته في المدن التي يحظى فيها بالشعبية لاقامة صلاة الجمعة ،وتعد خطب الجمعة التي القاها مصدرا مهما لفهم التيار الشعبي الذي التف حول الصدر،وقد ابتدأت باول جمعة بتاريخ 17 نيسان /ابريل 1998 ،وانتهت بالخطبة الخامسة والاربعون بتاريخ 19 شباط /فبراير 1999،اي انها امتدت لعشرة اشهر فقط . ويمكننا ان نطمئن في تحليل وفهم صراع الصدر مع الحوزة التقليدية بالاعتماد على خطب الجمعة لانها مصدر موثق بخلاف الكثير مما كتب اوقيل وقد لفه الكثير من عدم المصداقية.
كما هاجم السيد محمد الصدر المرجعية التقليدية واسماها الحوزة الصامتة (السكوتية)مقارنا ايها بجهوده ونشاطاته التي اسماها الحوزة الناطقة التي ارتبطت بهموم الناس البسطاء ،ويتطرق في احد خطبه الى النزاع الذي دار بينه وبين اية الله محمد سعيد الحكيم ،بعد ان استولى الصدر على احدى مدارس الحوزة التي كانت تابعة للحكيم ،مما حدى بالحكيم اللجوء للقضاء في سابقة لم تعهدها النزاعات بين المراجع ،وبعد ان صدر حكم قضائي اعيدت المدرسة لال الحكيم ،ويذكرها السيد الصدر في احد خطب الجمعة ويعتذر عن سوء الفهم الذي حصل بينهما .
لقدت منح النظام السيد محمد الصدر قبيل منتصف التسعينات ما يعرف بتزكية الاقامات ،وهي سلطة تمنح لأحد المراجع يتمكن بموجبها من تقديم المشورة لدائرة الاقامة بمنح الاقامات للطلبة والاساتذة العاملين في الحوزة اذا كان وجودهم لا يمثل مشكلة لمجتمع الحوزة ،وهي بالنتيجة سلطة في غاية الاهمية لأن بموجبها يمكن ان يبقي او يبعد خارج العراق اي طالب او استاذ او حتى مجتهد اذا لم يمنحه التزكية المطلوبة ،وقد تعاملت حكومات البعث منذ 1968 على ابقاء سلطة التزكية بيد المراجع المعروفين بميولهم العروبية ونزاهتهم ،فقد تمتع بها آل كاشف الغطاء لفترة طويلة ،وعندما آلت هذه السلطة الى السيد محمد الصدر ،يبدو انه استخدمها ضد خصومه من المراجع او الحلقات المحيطة بهم من غير العراقيين ،فقد حجب التزكية عن هادي السيستاني اخي اية الله المرجع المعروف ، لانه كما يبدو رفض التدريس بمدرسة الصدر ،وقال للوسيط السيد محمد كلانتر ( لماذا يعكف هادي السيستاني على تدريس الايرانيين، والعراقيون لا يجدون احداً يدرسهم، اذا كانت هذه حوزة فسقة فليرحل الى اهله). فمازال به السيد كلانتر حتى قال له السيد الصدر: سوف اوقع على الاقامة، وسوف نرى ما يحدث، وسوف تحاسب أنت امام الله على ذلك ،عندها انفجر السيد كلانتربالبكاء ، كما ان السيد الصدر حجب موافقة الاقامة عن اية الله بشير النجفي حيث كان يصرّح للمقربين منه بعمالة (بشير الباكستاني )كما كان يسميه الصدر واتباعه، فجاء الشيخ بشير النجفي الى الصدر متسائلا عن سبب رفض التوقيع على الاقامة فما كان من الصدر الا القول له (من الخير لك وللحوزة ان تغادر النجف) مما دفع بالنجفي للجوء للسفير الباكستاني في بغداد الذي سعى بدوره لمنحه الاقامة ونجح في ذلك مما خلق ازمة بين الصدر وحكومة بغداد.
ونتيجة لصدام السيد محمد الصدر مع المرجعية التقليدية على اساس دعوته لصلاة الجمعة ،فتحت صراعا اخر للصدر مع حوزة قم في ايران وولاية الفقيه التي يشغلها اية الله علي الخامنئي ،لان السيد الصدر طرح نفسه كولي فقيه منافس ،بالرغم من تحفظ حوزة النجف تجاه ولاية الفقيه العامة التي تبناها الامام الخميني في ايران بعد الثورة الاسلامية وورثها الخامنئي ،فاصبحت سياقا فقهيا له مناصروه في حوزة قم بخلاف حوزة النجف ،ويحكي احد المقربين من السيد الصدر وهو احد وكلائه اسماعيل مصبح الوائلي في كتاب كتبه الشيخ عباس الزيدي المياحي بعنوان (سفير الصدر) معاناة الوائلي الذي ارسله الصدر متسللا الى ايران لفتح مكتب للسيد الصدر يشرف عليه السيد كاظم الحائري ويديره السيد جعفر الصدر نجل اية الله محمد باقر الصدر ،الا ان تصدي السيد محمد باقر الحكيم ومعارضته منع هذا الامر نتيجة استخدام السيد الحكيم لنفوذه في دوائر اتخاذ القرار الايرانية وقربه من مكتب الامام الخامنئي ،وقد تعرض اسماعيل الوائلي على اثر ذلك للاعتقال في ايران .
اما الصراع الاخير فكان بين السيد محمد الصدر ونظام صدام وهو الجزء الاخطر من الصراع الثلاثي الذي خاضه وبالتالي الاكثر كلفة ،فقد رأى النظام في ترسيخ السيد محمد الصدر لوضعه بصورة متزايدة وتجاوزه الخطوط الحمراء التي كانت مرسومة ومحددة للصراع ،والنتيجة ،اغتياله مع اثنين من اولاده في شباط /فبراير 1999 كما تم الاشارة لى ذلك سابقا ،ويبدو ان السيد الصدر كان قد قبل ذلك مسبقا باعتباره قدره الذي لا مفر منه ،فطيلة تلك المدة التي كان يظهر لمؤيديه فيها في صلاة الجمعة التزم بأرتداء كفنه دلالة على ايقانه بموته الوشيك.
خلافا لرد الفعل ازاء اعدام واغتيال عدد من ايات الله في تسعينات القرن الماضي التي لم تكن تثير اي رد فعل يذكر،فان اغتيال السيد محمد الصدر قد اطلق موجة محدودة من التظاهرات العنيفة ،وهي شهادة على نجاحه في بناء قاعدة شعبية رغم اتهامه بالقرب في المراحل الاولى من النظام ،وبرغم جو الخوف الذي كان سائدا في ذلك الوقت .وقد نبعت قوته وشعبيته الواسعة من تصميمه على مساعدة فقراء الشيعة والاستماع لهم والتعبير عن امالهم وتصويره للكفاح باعتباره تعبيرا عن الشهادة الشيعية والثورة الاجتماعية.
ظهور التيار الصدري وتناميه كقوة سياسية في عراق مابعد صدام :
لقد ولد التيار الصدري بمشهد دراماتيكي تمثل في مقتل السيد مجيد الخوئي نجل المرجع الاكبر اية الله ابو القاسم الخوئي ومعه سادن الحضرة العلوية السيد حيدر الرفيعي في صحن الحضرة العلوية في اول يوم بعد سقوط نظام صدام حسين يوم 10 ابريل/نيسان 2003 ،وقد تم قتل السيد مجيد ومجموعة كانت ترافقه في دخوله للعراق ،بعد عودته من منفاه البريطاني ،على يد مجموعة هائجة تحركهم غريزة القطيع وتتبع اوامر رجل الدين الشاب الذي ظهر على الساحة مقتدى الصدر وهو ابن المرجع اية الله محمد الصدر ،والذي لم يكن معروفا او سبق له ان لعب ادوارا مهمة في حياة ابيه او بعد اغتياله . لقد كانت حادثة بشعة في تفاصيلها تمت في المدينة المقدسة راح ضحيتها رجل دين بارز واتهم بها رجل دين سيبرز ويثبت وجوده لاحقا في الساحة السياسية وقد روى تفاصيل حادث القتل والتمثيل بالجثث الصحفي العراقي معد فياض الذي كان يرافق السيد مجيد الخوئي في رحلة عودته للعراق والذي نجى من القتل باعجوبة ليكتب كتابه (ظهيرة ساخنة جدا) ،ساردا قصة ما حصل .
لم يكن مقتدى الابن الوحيد ولا الأكثر موهبة بين إخوانه، وقد أشغل في تسعينات القرن الماضي مواقع لا أهمية لها ضمن العائلة ولم يكن معروفاً فعلياً. كان بوسعه، كأبن رابع لمحمد الصدر، أن يطالب بالسلطة بفضل نسبه ولا شيء آخر. كان صغيراً للغاية ولم تكن لديه مؤهلات دينية ذات شأن، وحتى لو سلمنا بتاريخ ميلاده الذي يدعيه فلم يكن قد تجاوز الخامسة والعشرين عند مقتل والده. وطبقاً لسيرته الرسمية فهو قد دخل الحوزة عام 1988 ولم يتجاوز في تعليمه مستوى (بحث الخارج) ،اي انه ليس مجتهدا ولا يمكن ان يقلده اتباع والده الذي قام قبل وفاته، وتحت ضغط أتباعه، بتعيين آية الله كاظم الحائري، وهو مرجع بارز من أصل عراقي يعيش في حوزة قم هربا من نظام صدام ،وكان زميلا للسيد الصدر وتلميذا لاية الله محمد باقر الصدر ، لذلك اشار السيد محمد الصدر على اتباعه بتقليد الحائري خليفة رسمياً له أو بصورة أكثر دقة مرجع التقليد لاتباعه .
وكحل لغياب الحائري، الذي كان يقيم في (قم)، والمشاكل المحتملة للاتصال به تبعاً لذلك، فقد اقترح السيد محمد الصدر اسم اية الله اسحق الفياض، وهو فقيه من اصل أفغاني ومقرب من التقليديين في حوزة النجف بديلا او خيارا اخر لمقلديه . كما أن السيد مقتدى الصدر لم يتمتع بأي فوائد مادية، فالمورد الأفضل لصادق الصدر كان الحقوق الشرعية (الخُمس) التي يدفعها الشيعة لإمامهم وهذه تم تحويلها لخليفته الحائري، بينما صادر نظام الحكم باقي الموارد، ولم يفعل التقليديون شيئاً لمساعدته كما يعترف بذلك أتباع السيستاني، بل إن أقرب مساعدي السيد محمد الصدر نأوا بأنفسهم عن مقتدى بعد سقوط النظام ،فقد انشق الشيخ محمد اليعقوبي وهو فقيه شاب من اهم تلاميذ السيد محمد الصدر ومعه مجموعة كبيرة عن التيار الصدري مكونا في البداية مجموعة عرفت (بالفضلاء) ما لبثت ان تبلورت في حزب سياسي هو حزب الفضيلة الاسلامي ، اما السيد جعفر الصدر نجل اية الله محمد باقر الصدر الذي كان مقربا من السيد محمد الصدر ثم تسلل هاربا الى ايران في نهاية التسعينات ،فقد عاد الى العراق بعد سقوط النظام ،لكنه ظل بعيداً عن مقتدى الصدر والتيار الصدري.
ولد التيار الصدري بقيادته الجديدة الممثلة برجل الدين الشاب السيد مقتدى الصدر بعد سقوط النظام مباشرة ،واستقطب الطبقات الدنيا اجتماعيا من الشيعة ،باعتبارهم المادة الجماهيرية الشعبوية التي كانت ملتفة حول اية الله محمد الصدر قبل اغتياله ،مما مثل طرح الصراع بصيغ جديدة ،وكما لاحظنا في مقتل السيد مجيد الخوئي الذي كان رمزا للطبقة العليا من الشيعة في المدن المقدسة ،وكذلك مع طرح رموز المعارضة السياسية لنظام صدام ،التي تشكلت في حركات وتيارات سياسية في المنافي وعادت بعد الاحتلال ،هذه التيارات ايضا كانت عنصر صراع ضد التيار الصدري الجديد ،وقد تم معاملة اتباع السيد الصدر من قبل اغلب الرموز الشيعية باهمال او بازدراء باعتبارهم ( رعاع) الشيعة وبالتالي فهم لا يمثلون قوة يمكن ان تؤثر في المعادلة السياسية الجديدة.كما ان التيار طرح نفسه ومنذ الايام الاولى للغزو الامريكي كتيار مقاوم للاحتلال بعد الضربات الاولى التي وجهت الى واجهات التيار الصدري كأغلاق صحيفتهم (الحوزة الناطقة) ومصادرة محتويات مقرها ،واصدار مذكرة اعتقال بحق مقتدى الصدر بتهمة المشاركة والتحريض على قتل السيد مجيد الخوئي ، اما بعد ان شكل التيار الصدري ميليشياه الخاصة التي عرفت ( جيش المهدي) ،بامر من السيد مقتدى الصدر ،فقد تغيرت موازين القوى على الارض واصبح مقتدى الصدر ومن ورائه تيار شعبوي ضخم من الشيعة يطرح نفسه كرقم مواز وصعب في معادلة العراق الجديد ،ورغم التخبط السياسي الذي اتسم به عمل التيار في البدء الا انه كان يطور نفسه بشكل دؤوب ،واصبح الشارع الشيعي ممثلا باحزاب دخلت اللعبة السياسية مثل حزب الدعوة بتقسيماته والمجلس الاعلى وبعض الاحزاب اصغيرة ،والكتلة الثانية يمثلها التيار الصدري الذي طرح تشكيل حكومة ظل موازية للحكومة المؤقتة التي انبثقت عن مجلس الحكم ،وتقف بعيدا عن مواقف الكتلتين المرجعية الدينية ممثلة برمزها الاهم اية الله علي السيستاني الذي فضل الابتعاد عن الصراعات السياسية ولعب دور الراعي للكل عبر فتاواه وتصريحات مكتبه. وعندما اشتعل فتيل المقاومة المسلحة في الجزء الغربي من العراق انطلاقا من احداث الفلوجة في نهايةعام 2003 م ضد الوجود الامريكي في العراق ،تماهى التيارالصدري مع سنة العراق في سابقة ملفتة ،وطرح نفسه كتيار وطني عابر للطائفية ،واشترك مقتدى الصدر نفسه اكثر من مرة في اداء صلوات الجماعة والجمعة المشتركة في مساجد سنية وخلف ائمة سنة من هيئة علماء المسلمين التي تشكلت بعد سقوط النظام لتمثل مرجعية سنية في عراق ما بعد صدام توازي المرجعية الشيعية الموجودة والفاعلة في الشأن السياسي والاجتماعي ،وقد رد هذا الجميل للتيار الصدري من قبل بعض فصائل المقاومة السنية التي عرضت عليه المشاركة في القتال فيما عرف بمعارك النجف التي خاضها (جيش المهدي ) ميليشيا التيار الصدري ضد الجيش العراقي الذي تدعمه القوات الامريكية في عهد حكومة د.اياد علاوي في اب /اغسطس 2004 ، ومع المعارك الطاحنة والخسائر الكبيرة التي تعرض لها التيار الصدري ، الا انه خرج منها اكثر قوة وتعمد تيارا سياسيا مؤثرا على الارض ،وجاءت ولادة هذه المكانة من الاتفاق الموقع بين السيد مقتدى الصدر والمرجع الاعلى اية الله السيستاني في ايلول/سبتمبر 2004 الذي نص على سحب ميليشيا (جيش المهدي ) من النجف وترك المسؤولية الامنية لقوات الجيش والشرطة العراقية وعلى اثر هذا الاتفاق خرج (جيش المهدي ) باسلحته وهو اكثر قوة من الاول .
ثم دخل التيار الصدري في الحياة السياسية عبر مشاركته في انتخابات عام 2005 م وحصوله على ثلاثين مقعدا في البرلمان وعدد من الوزارات الخدمية ،الا ان تأجج الصراع الطائفي بعد حادثة تفجير مرقد الامامين علي الهادي و الحسن العسكري في سامراء في شباط/فبراير 2006 م ادى الى انجرار ميليشيا (جيش المهدي) لما عرف بالحرب القذرة القائمة على اساس الفصل الطائفي والياته في القتل على الهوية والتهجير الذي افرز احياءا منفصلة احادية الطائفة ونتيجة لضعف مؤسسات الدولة وقواتها الامنية والعسكرية ،طرحت المليشيات وبضمنها (جيش المهدي) نفسها كحامي لطوائفها ومدافعة عنها ،واضطر الكثير من العراقيين الى الاحتماء بطوائفهم وميليشياتها نتيجة فقدان ثقتهم بالقوات الامنية .
وقد تغول (جيش المهدي ) واصبح ذو نفوذ كبير وسيطر على الكثير من الثروات وبشكل خاص في محافظات الجنوب كالبصرة نتيجة السيطرة على الموانيء وتهريب البترول وغيرها من فرض اتاوات على التجار ،ونتيجة لسيطرة الاحزاب والمليشيات على الحكومة المحلية في المحافظة اصبح وضع السكان مزريا ووصلت الحالة الى حد الانفجار حين قامت حكومة نوري المالكي بدورتها الاولى بشن عمليات فرض القانون في بغداد ،ثم تبعها بعملية حاسمة في البصرة هي (صولة الفرسان) التي نفذها الجيش العراقي بدعم من قوات التحالف ،مما ادى بالنتيجة الى كسر شوكة ميليشيا (جيش المهدي) وبالتالي تعليق الكتلة الصدرية مشاركتها في البرلمان والحكومة،وبعد الكثير من الجهود والمفاوضات اثبت السيد مقتدى الصدر قدرته على المناورة بأن قسم (جيش المهدي) الى هيئة سياسية خدمية تضم الجزء الاكبر من المليشيا وجزء اخر عسكري ،ما لبث ان جمد نشاطه بعد مطاردة غير المنضبطين من افراده وقياداته وزجهم في المعتقلات .
ادى الاجراء الاخير الى انشقاقات عديدة في التيار الصدري وولادة العديد من الميليشيات من عباءة التيار كان ابرزها عصائب اهل الحق بقيادة الشيخ قيس الخزعلي الذي كان متحدثا رسميا باسم السيد مقتدى الصدر وكتائب حزب الله تنظيم العراق وغيرها من الميليشيات الصغيرة التي غيرت بوصلة ولائها من المرجعيات العربية التي كانت ميزة للتيار الصدري لتتجه بتقليدها لاية الله علي الخامنئي في ايران لتتلقى الدعم والتدريب والتمويل ،وقد برز دورها واضحا بعد هجوم داعش على الموصل عام2014 م وتشكيل ما عرف بالحشد الشعبي بناءا على فتوى اية الله السيستاني بالجهاد الكفائي ،مما فتح ساحات جديدة للصراع الشيعي الشيعي ،بين مقاتلي جيل جديد من التيار الصدري فيما عرف بسرايا السلام والمليشيات الاخرى مثل عصائب اهل الحق وكتائب حزب الله وقوات بدر للسيطرة على المناطق المتنازع عليها ،مما دفع بالسيد مقتدى الصدر الى اطلاق تسمية الميليشيات القذرة على خصومه .
النتيجة ،لقد نشأ تيار شعبوي نتيجة التفاف فقراء الشيعة حول المرجع اية الله محمد الصدر،الذي خاض صراع ثلاثي الابعاد مع الحوزة التقليدية ومع مؤسسة الولي الفقيه ومع نظام صدام حسين الذي اغتاله عام 1999م ،ولبثت الحركة في نوع من الكمون حتى سقوط النظام ،ومن ثم انبثقت حركة شعبية سعى الساسة العراقيون لتهميشها ،لكنها اتسعت ووصلت مديات خصيرة في الاقتتال الطائفي في الحرب القذرة عامي 2006 و2007 ،ثم انخرط التيار الصدري في العملية السياسية واثبت ساسته دورهم عبر ساحات جديدة من الصراع مع الساسة العلمانيين من جهة ومع الاسلامين ومرجعياتهم الدينية من جهة اخرى.

الكلمات المفتاحية للبحث :
الصدر،محمد الصدر،مقتدى الصدر،التيار الصدري،المرجعية الدينية ،الحوزة،الاسلام السياسي


المراجع:
1. ابن الطقطقي ،الفخري في الاداب السلطانية ،بيروت – دار صادر 1980
2. الانباري ،شاكر ،دولة على مفترق ،تأملات في اوضاع العراق بين عامي 2003- 2006، دار اراس ،اربيل ،2011 .
3. الحوراني، د. محمد عبد الكريم ،النظرية المعاصرة في علم الاجتماع، دار مجدلاوي ،الاردن 2008
4. الخيون ، د.رشيد ،المشروطة والمستبدة مع كتاب تنبيه الامة وتنزيه الملة ،معهد الدراسات الاستراتيجية ،دار الفرات بغداد- بيروت 2006 ط1
5. الخيون ، د.رشيد ،النزاع على الدستور بين علماء الشيعة المشروطة والمستبدة ،دار مدارك،دبي 2011 ،ط2
6. الخيون ، د.رشيد ،لاهوت السياسية ،الاحزاب والحركات الدينية في العراق ، دراسات عراقية ، بغداد- اربيل– بيروت-2009، ط1
7. الخيون ،د. رشيد ،100 عام من الاسلام السياسي بالعراق – الشيعة،مركز دراسات المسبار- دبي 2011،ط1 .
8. درويش ،علي ابراهيم ،السياسة والدين في مرحلة تسأيس الدولة الصفوية 1501-1576،المركز العربي للابحاث ودراسة السياسات،بيروت ط1
9. ديب ،د.كمال ،موجز تاريخ العراق من ثورة العشرين الى الحروب الامريكية والتحرير وقيام الجمهورية الثانية ،دار الفارابي ،بيروت 2013 ، ط1 .
10. شهاب، زكي ،العراق يحترق ،شهادات من قلب المقاومة، رياض الريس للنشر ،بيروت 2006،ط1
11. الصدر ،محمد محمد صادق ، موسوعة الامام المهدي (ع) ،دار التعارف ،بيروت ،1992 ،ج1
12. الصدر ،محمد محمد صادق،خطب الجمعة لشهيد الجمعة ،هيئة تراث السيد الشهيد الصدر،النجف الاشرف ،مطبعة البصائر ،لبنان ،2013، ط1 .
13. الصدر، محمد باقر ،بحث حول المهدي ،بيروت ،دار التعارف 1977.
14. عبد الجبار، د.فالح ،العمامة والافندي،سوسسيولوجيا خطاب وحركات الاحتجاج الديني،ترجمة امجد حسين،منشورات الجمل بيروت – بغداد ،ط1 2010
15. عبد الرزاق ، د.صلاح ، المرجعية الدينية في العراق والانتخابات البرلمانية وتعزيز الوحدة الوطنية ،منتدى المعارف ،بيروت ،2010.
16. علي ،د.جواد ،المهدي لمنتظر عند الشيعة الاثني عشرية ،منشورات الجمل ،ترجمة ابو العيد دودو،كولونيا المانيا ،2005 ط1
17. الغروي، السيد محمد ،الحوزة العلمية في النجف الاشرف ،دار الاضواء ،بيروت 1994،ط1
18. فياض، معد ،ظهيرة ساخنة ،توزيع دار المدى ،بغداد 2006،ط1 .
19. القزويني، د.جودت ،المرجعية الدينية العليا عند الشيعة الامامية ،دراسة في التطور السياسي والعلمي،دار الرافدين ،بيروت ،2005،ط1
20. قطوش ،د.محمد سهيل ،تاريخ الدولة الصفوية في ايران ،دار النفائس ،بيروت 2009،ط1
21. الكاتب، احمد ،تطور الفكر السياسي الشيعي من الشورى الى ولاية الفقيه،دار الجديد ،بيروت ،1998
22. كاشف الغطاء ،الشيخ محمد الحسين ، العبقات العنبرية في طبقات الجعفرية ،تحقيق د.جودت القزويني،بيروت – دار بيسان ط1
23. الكسندر و عساف،آن ،سيمون ،العراق وقيام المقاومة ،مركز الدراسات الاستراتيجية ،القاهرة 2006،
24. المياحي ،الشيخ عباس الزيدي ،السفير الخامس استعراض لحياة ومرجعية الامام الصدر ،2001بيروت
25. المياحي ،الشيخ عباس الزيدي ،سفير الصدر ،دار الوائلي 2008.
26. نقاش، اسحاق ،شيعة العراق ،ترجمة عبد الاله النعيمي ،دار المدى –دمشق 1996 ،ط1
27. الوردي ،د.علي ،لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث،بغداد – مطبعة الارشاد 1971،ج3
28. اليعقوبي، د.خالد محسن ،السياسة الامريكية تجاه العراق وانعكاساتها الاقليمية والدولية بعد نيسان 2003،الدار العربية للعلوم ناشرون ،بيروت 2013،ط1.


التقارير والمواقع الالكترونية :
 تسجيل عرف بـ (لقاء الحنانة) وهو الحي الذي عاش فيه في مدينة النجف،اجرى اللقاء الفديوي احد طلبة السيد محمد الصدر وهو الشيخ محمد النعماني بتاريخ تقريبا 14/9/1997 في بيت السيد الصدر ،يبين فيه محمد الصدر روايته ونهجه واهدافه وعلاقاته مع ايات الله الاخرين ،ويعتبر هذا الشريط المتوفر على نطاق واسع في العراق مصدرا رئيسيا هاما حول محمد الصدر نشر على يوتيوب في08/02/2011 على الرابط : https://www.youtube.com/watch?v=-JVxdAqU9E0
 منظمة حل الازمات الدولية ICG، تقرير المنظمة بعنوان :مقتدى صدر العراق – عنصر استقرار ام تخريب ، تقارير الشرق الاوسط 55، صادر 11 تموز /يوليو 2006 : http://www.crisisgroup.org/ar.aspx



#صادق_الطائي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- «الكتلة التاريخية» في العراق… تفكيك المقاربات
- السيارة معيارا للتاريخ الاجتماعي
- قراءة سوسيونقدية لرواية (ابنة القومندان) للروائي شريف حتاتة
- محمد عمارة من وهج اليسار الى الانكفاء الطائفي
- قراءة نقدية لكتاب التطهير الثقافي او التدمير المتعمد للعراق


المزيد.....




- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صادق الطائي - صراع المرجعيات الدينية في النجف؛التيار الصدري نموذجا