أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عمار ديوب - قراءة في كتاب تجديد العقل النهضوي















المزيد.....


قراءة في كتاب تجديد العقل النهضوي


عمار ديوب

الحوار المتمدن-العدد: 1495 - 2006 / 3 / 20 - 07:48
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


يعد الكاتب والباحث الدكتور هشام غصيب من أبرز وألمع المثقفين العرب الماركسيين اللذين عملوا على إطلاق ورش معرفية فلسفية من أجل نقد مشكلات المجتمع العربي ومختلف الظواهر الاجتماعية التي تثير اللبس والغموض ،كالعولمة ، والموقف من التراث ،والعلاقة بين العلم والعلمانية والتقدم الرأسمالي ،الديمقراطية ماهيتها وشروطها ، وأسباب الفشل في الماركسية الواقعية، ولديه أبحاث معمقة في النقد الماركسي لأشكال الفكر البرجوازي الوضعي ولا سيما كتابه الهام " هل هناك عقل عربي " في مناقشة المنهجية الفلسفية في كتابات المفكر المغربي محمد عابد الجابري ، وهناك كتابات أخرى منها "دفاعاً عن الماركسية " يناقش به بعض كتابات الفكر الماركسي المتلبرل للكاتب الشيوعي السوري عطية مسوح وبعض أراء قيادات شيوعية عربية ستالينية أخرى..
ينطلق هشام غصيب من رؤيةٍ ماركسيةٍ عربيةٍ حيث يعتبر المسألة القومية ومسألة الوحدة ، واحدة من المهمات الملقاة على عاتق اليسار العربي ،ورغم تلبرل قطاعات من الماركسيين العقائديين المؤمنين سابقاً بسياسات الدولة السوفيتية وتعاليمها ولاحقاً بأوهام ليبرالية اجتماعية أو سياسية ، فإن كاتبنا يجتهد من أجل انبعاث حركة التحرر القومي العربية وذلك بعد نقد الحركة الشيوعية العربية والقومية التسلطية وضرورة انبعاث اليسار العربي الماركسي على أرضية المشروع الفكري الذي يعمل عليه "الاستغراب ".

الكتاب المقروء الآن يتصدى في الفصل الأول: لمشكلة الفكر المستورد ، ويعمم مفهوم المستورد ليشمل الثقافة والأطر المؤسسية والمعضلات الحضارية ، والتقانة ، والمفهومات الفكرية ، وحتى المؤسسات السياسية وهياكل الدولة ،ويعتقد أن هذا الاستيراد لم يؤدي إلى تطوير مجتمعاتنا العربية وذلك بسبب الجوهر الإمبريالي الذي يحكم العلاقة بين الغرب والعرب ، وكنقيض للاستيراد المهيمن أوالاستشراق أو الاستشراق المعكوس أوالسلفية أو الترجمة الحرفية المجتزأة يطرح مشروع الاستغراب المعرفي ، ويحدد الاستغراب : أنه عملية استنطاق نقدية للتراث الأوربي تهدف لاستملاكه بما ينسجم ومقتضيات التحرر والنهوض العربي ومن موقع النقيض في النظام الرأسمالي العالمي وتحديداً من موقع الثورة العالمية وحركة التحرر القومي . ولعل كتاب المفكر السوري صادق جلال العظم " دفاعاً عن المادية والتاريخ" من أهم الكتب التي حاولت أنتاج هذا الاستغراب ..
إن ضرورة الاستنطاق تأتي من عدم تحقيق العرب مع الرأسمالية التابعة ما حققته أوربا حين انتقلت من الإقطاع إلى الرأسمالية ، وذلك بسبب تعقد التبعية البنيوية والهيمنة الإمبريالية ، وبالتالي كل ذلك الاستيراد السائد لم يخدم مشروع التنمية، ، واستوعبته بنية التخلف في جوفها ، فالتقانة مثلاً تتساوى مع الزيادة العددية لحاملي الشهادات من مهندسين وفنيين وأجهزة إلكترونية ،أو مجموعة من المهارات الفردية والأجهزة الصماء ، بينما هي في واقعها تعبير عن بنية من العلاقات الاجتماعية المعقدة التي تفرض تقسيماً متطوراً للعمل . هذا المثال ينطبق على كل مفاهيم الاستيراد، وهذا ما يتطلب تخطيط عقلاني شامل لأشكال الاستيراد وخاضع لاعتبار الحرية والتقدم الكلي وبما يحقق مصالح الطبقات الشعبية ويأتي منسجماً مع الوجدان الشعبي الأصيل ..

وكنتيجة لهذا التشوه في الاستيراد يقع المثقف العربي بعجز وتشوه معرفي واجتماعي ،يمنعه من تحديث التراث العربي ، مما يؤدي بدوره إلى العجز عن تأهيل مجتمعه تأهيلاً يتناسب ومقتضيات الحداثة ، فيظهر عجزه في :
1- المثقف العربي شرقي في حياته الرتيبة اليومية وأوربي في حياته الحضارية.
2- عجز المثقف عن التأقلم مع بيئته واستعمال مهاراته لرفع مستواها ، مما يحولانه إلى عبء ثقيل عليها .
3- عجز الواقع العربي ذاته عن تزويد أبنائه بالمهارات الحضارية مما يولد أنصاف المتعلمين والانتهازيين والمثقفين السطحيين وغيرهم.

هذا العجز ليس عربياً كما يرى المؤلف بل هو شعور عالمي بانعدام الجدوى والأفق لدى كثير من المثقفين وهو جزء من حالة الاغتراب والاستلاب التي يعانيها الإنسان وليس فقط المثقف ،وقد تصدى لهذه الظاهرة مثقفين عظماء كدستوفسكي الذي يعبر عن العصر المغترب بان كل شيء في الرأسمالية حلال ، أما نيتشه فيشرح حالة العدمية والضياع التي يعيشها الفرد وغيرهم الكثير الكثير ، ومن الضروري وعي وفهم أعماق هذه الظاهرة ، ففي ذلك تكمن الخطوة الأولى على درب حل الأزمة ، التي هي ذات بعد تدميري في مجتمعاتنا العربية..
فالحداثة العربية بحصيلتها التاريخية تشكل قشرة رقيقة باهتة تخفي وراءها مستنقعاً آسناً من التخلف والعجز والتحجر . مما يسمح بالقول أن حداثة البرجوازية هي حداثة نمو التخلف أو تقدمه ، عندها تصبح الدولة مثلاً فوق المجتمع ، واستطالة غريبة وغربية أو استشراقية عن كل فئاته وطبقاته ، ومن المستحيل فيها الإبداع أو الخلق الحضاري . ولكن هذا لا يعني أنها دولة قديمة ما دامت لا تتساوق مع الدولة الأوربية ،بل إن شكلها الرث والمتخلف نتيجة عهود طويلة من الاستعمار التركي والأوربي والآن تحاول الهيمنة الأمريكية إعادة صياغتها بما يخدم مشاريعها العولمية ..
وبمعنى أدق إن حقيقة التأزم الحاصل في المجتمع العربي لا يمكن فهمها خارج إطار الاستغلال الرأسمالي الامبريالي والبنية العامة للاقتصاد العربي ومركزية النظام العالمي والتمزق الاجتماعي وهو ما يضع المنطقة العربية في وضع ثوري بشكل دائم ، تبدل المشاريع الثورية بشكل فجائي كالمشروع الماركسي أو المشروع القومي والآن المشروع الإسلامي الخ ..
يعتبر المفكر هشام غصيب أن الاستيراد بمعنى الاستغراب ، ضرورة تاريخية لان الوطن العربي لا يزال يعيش فترة انتقالية من الحقبة الزراعية إلى الحقبة الصناعية ، ورغم تحوطه من الفكرة النقدية التي تعد كل قراءة للحداثة الأوربية ، نوعاً من التقليد ، فإنه يقر بأن التاريخ لا يعيد نفسه ، ولكن هناك بنى وعمليات وأبعاد مشتركة بين التاريخ العربي والغربي ، وكل تواريخ العالم ، وبالتالي لا بد من معرفة مقومات الانتقال الأوربي كضرورة عقلية للشعوب المقهورة والمهددة بالانقراض في ظل الاستيراد التابع وهي :
1- الثورة الفكرية الإنسانية في عصر النهضة..
2- حركة الإصلاح الديني ..
3- الثورة العلمية .
4- الثورة البرجوازية الانكليزية ..
5- فلسفة التنوير في القرن الثامن عشر ..
6- الثورة الصناعية
7- الثورة البرجوازية العلمانية التي صهرت الثورات السابقة في حركة واحدة وأتمت مهمات الثورة الديمقراطية ..
8- بناء المؤسسات والآليات الليبرالية ..
ثم يؤكد على ضرورة تحقيقها دفعة واحدة أو في دفعات متعددة في الوطن العربي من أجل تحقيق إمكانية النهوض ..
يعطي باحثنا أهمية كبرى للثورة العلمية ،بسبب نقلها الفكر الأوربي الحديث من العلاقة القديمة التي ربطت العالم بالله وهمشت دور الإنسان إلى العلاقة الجديدة التي أعادت للإنسان دوره ومركزيته كمحور للعالم والكون ..
ويعقب على عقيدة التنوير بأنها أكدت على أن:
1- المادية : أي الطبيعة كياناً مستقلاً بذاته وله قوانين متميزة والإنسان جزءاً منها .
2- النقد المتواصل لكل سلطة أو قداسة والالتزام بالعقل العلمي كسلطة رئيسية للأحكام ..
3- إقصاء المفهومات الغيبية من المعرفة والعلم ثم الأخلاق والتاريخ واعتبارها تعبيراً عن اغتراب الإنسان عن نفسه وإمكانياته ..
4- الثورية : أي إدراك تاريخية الطبيعة والمجتمع البشري .
5- اعتبار المعرفة العلمية قيمة قائمة في ذاتها ولا تنتمي إلا لنفسها ..
6- الإيمان بإلانسان وقدرته الخلاقة واعتباره مصدراً لكل قيمة..
8-الانفتاح على اللانهاية المادية بعكس اللانهاية الغيبية
9- سيادة الروح الاستكشافي للكون دون سلطة تقديسية.
أما أسباب أهمية الحداثة الفكرية وخاصة عقيدة التنوير للأمة العربية فتكمن في:
1- أن الثقافة الأوربية هي أول حضارة تتمحور حول العالم البشري وفكرة الإنسان كفاعل ..
2- أن الوطن العربي ما زال خاضعاً للهيمنة الغربية بنيوياً ،وأخطر دلالاتها المستمرة هو الكيان الصهيوني والسيطرة الأمريكية على الثروات العربية وهو يتطلب مواجهة فعلية لا يمكن أن تتم إلا باستيعاب نقدي عميق للثورات المتتالية في الحداثة الأوربية ..
3- إن الفكر العربي الحديث ما يزال في طبيعته فكر ما قبل علمي ،ولم يقدم السائد منه إلا الهروب وتحديث اللفظ الباهر لإخفاء تخلف مضمونه الباطني ..
4- وبالتالي المهمة الثقافية الكبرى أمام المثقف العربي اليوم هي بناء العقل الحديث لحركة التحرر القومي وللوعي العربي ..
وفي الفصل الثالث يبحث في مسألة العولمة والهوية القومية ،حيث يعتبر أن لكل عصر وثنه الخاص ووثن عصرنا هو العولمة الامبريالية ،وهي نظام يكرس الجوع والفقر والبطالة والاحتراب الأهلي وتدمير البيئة والتحيزات الموروثة وضيق الأفق الخ ...
والأخطر هو تفكيك الوعي الاشتراكي الثوري والقومي التحرري بطريقة منهجية عبر إقامة التعارضات العديمة القيمة بين الديمقراطية والماركسية أو حقوق الإنسان والاشتراكية أو المجتمع المدني والمجتمع الاشتراكي ،أو دمج الديمقراطية بالليبرالية ..
فالعولمة مرحلة جديدة رغم أن الرأسمالية معولمة منذ نشأتها أما جديدها فهو:
1- أنها ترافقت مع ثورة الاتصالات والمعلومات التي سمحت للرأسمال النقدي التدفق والتداول عالمياً وهذا يعتبر إنقاذاً مؤقتاً للنظام الرأسمالي العالمي وعلى حساب نمو الإنتاج الفعلي ..
2- تعولم الرأسمال الإنتاجي إلى بعض بلدان الأطراف تحاشياً للضرائب في بلدان المراكز وبسبب انخفاض أجور العمال في البلدان المتخلفة وانعدام الوعي العمالي لديهم وتحقيقاً لهدف الربح السريع وكذلك إفراغ أهمية المنظمات العالمية المتقدمة من مضمونها الطبقي ..
3- الاستمرار في تفكيك نظم الإنتاج ما قبل الرأسمالية لتصبح الغالبية الساحقة من سكان الأرض منخرطين في آلية التوزيع والإنتاج الرأسمالية..
4- بروز دور الشركات المتعدية الجنسيات وتحكّمها بثلاثة أرباع الأنشطة الاقتصادية في العالم وعبر استخدام الجيوش الأمريكية . .
5- تفكيك دور الأطراف وأممها التي شكلت رافعة للنضال العالمي بفضل الثورات الاشتراكية وحركات التحرر القومية إلى أسس أثنية وطائفية تصب في مصلحة السوق العولمية وعلى حساب السوق القومية والتنمية الوطنية ..
6- تنامي تجارة المخدرات والجريمة المنظمة والدعارة الدولية ..
وفي الكلام حول علاقة العولمة بالدولة القومية ، يرى أن الدولة القومية لا تزال الضامن الأكبر لنظام الملكية الخاصة ، المرتبطة مع هيمنة البرجوازية القومية على السوق الرأسمالية العالمية ولا سيما الشركات المتعددة الجنسيات أو منظمة التجارة العالمية او صندوق النقد الدولي أو غيرها .وينتهي بالقول ان النظام الرأسمالي العالمي المعولم نظام عدواني واستعلائي مدمر للحضارة الإنسانية وللطبيعة ..
ثم يتناول مفهوم النهضة عند الحركات اليسارية العربية ،فيبادر للقول أنها لم تكن حركات أصيلة واستبدلت مفاهيم النهضة بمفاهيم التحرر الوطني التنموي بسبب تبعيتها للسياسات السوفيتية ، ولم تنطلق من الواقع التاريخي للأمة العربية ، وباعتبارها حركات هامشية فقد استبدلت تبعيتها للسوفييت بتبعيتها لليبرالية الاجتماعية ،انسياقاً مع مبدأ التبعية والتقليد والمحاكاة ..
أما الجناح الثوري في اليسار العربي فقد تم إقصائه عن الفعل منذ مطلع الثلاثينيات ومن أهم رموزه تاريخياً رئيف خوري وسليم خياطة وبعد الستينات سمير أمين ومهدي عامل والياس مرقص وياسين الحافظ وصادق جلال العظم وفوزي منصور وغيرهم ..
وقد أكد هذا الجناح تاريخياً :
1- خطأ الأخذ بتطبيق النماذج الجاهزة والمعلبة على الواقع العربي من خلال مجموعة أفكار مترجمة.
2- ضرورة دراسة آليات إلحاق الوطن العربي بالرأسمالية الغربية في القرنين الأخيرين ، وفهم المشروع الصهيوني في هذا الإطار.
3- التقسيمات الحدودية ليست تقسيمات تاريخية طبيعية وإنما هي جزء لا يتجزأ من نظام التبعية والتخلف..
4- أن البرجوازية العربية لم تكن يوماً وطنية بل هي طفيلية وتابعة بإستثاء بعض شخصياتها ، وتنقصها الثقافة البرجوازية الإنتاجية ووعي مهماتها التاريخية ولم تخض مجابهة مع الامبرياليات العالمية أو القوى ما قبل الرأسمالية.
5- عدم الفصل بين مهمات الثورة الوطنية ومهمات الثورة الاشتراكية في التنظير لمشكلات الواقع العربي أو في تأهيل الوعي العربي .
وبالتالي المهمة الملقاة على عاتق قوى التحرر القومي اليساري هي إطلاق الطاقات التنمية الكاملة في الجماهير العربية وتنظيمها على أساس خطة تنموية علمية شاملة تنفذ ديمقراطياً وشعبياً وهذا لا يتم إلا بوسائل اشتراكية..

أما في فصل العقل والثورة ،فهو يتحدث عن هاجس الأمة العربية في التخلص من عجزها وأزماتها كما كل أمم العالم المتخلف ،مما يفترض بالخطاب الثقافي : الاهتمام بكيفية تحديث قوى الإنتاج وإجراء تحولات نوعية عليها وخلق قاعدة إنتاجية تُكسب المجتمع قوة ومنعةً، لأن هذا التحديث المستمر هو من سمات الحقبة الحديثة ،فالرأسمالية تحدث نفسها بصورة مستمرة ،تحقيقاً للربح والسيطرة على الاحتكارات العالمية ولكنها تؤدي إلى التطور غير المتكافئ بإنطلاقها من الدولة القومية ،وبالتالي مشروع الحداثة التابع يعتبر جزءاً بنيوياً ضمن نظام عالمي مترابط ترابطاً بنيوياً ويتسم باستقطابات تهمش الأطراف وتزيد المراكز تسلطاً وهيمنة ً ..
فالحداثة سمة العصر ولا يمكن العيش خارج عصر الحداثة ،وهي وفق الشرط الإمبريالي ، ما يُخرج الأطراف منها بالضبط ،وبعكس الحداثة ذات البعد الرأسمالي التي تصورها كعملية موضوعية آلية لا تتوقف ،وهي الآن صارت جزء من عولمة السلع وتستهدق تجديد آليات النظام الرأسمالي العالمي ،،فإن الماركسيين والعلمانيين يؤكدون على الوعي الحداثي العقلاني الاستغرابي المحمّل بعقلية الثورة العلمية والفلسفة الحديثة وأهمية دوره في تطوير الحداثة العربية ،وهذا لا يتم عبر آليات الهيمنة كما بينا نتائجها ، وإنما عبر مشروع عربي يأتي استجابة للمشكلات الواقعية بحيث تكون فعالية الحداثة التقنية أمر واقعي وتسهم في التغيير بإتجاه الحرية والرفاه لا أن تكون ضد عملية التغيير كما حدث في القرون السابقة ..
وفي الفصل السادس يحدد شروط تقويم الديمقراطية في مجتمع ما ، وضرورة رفض تحويلها إلى وثن كما فعل الاشتراكيين سابقاً والليبراليين الآن والإسلاميين كذلك ، ومن شروطها :
- ممارسة الحريات الديمقراطية ،حق الانتخاب والترشيح ،حرية الرأي والقول والعقيدة ، والتجمع والتظاهر ، وتشكيل الأحزاب والنقابات والاتحادات ..
- أن تمتلك الغالبية الشعبية وسائل ممارستها ، وبغياب ذلك لا يمكن القول عن الحريات المشار إلا حريات شكلية وتخدم فئات محددة.
- تحديد دور تدخل هذه الممارسات في عملية اتخاذ القرار السياسي والاقتصادي والثقافي ..
ونكثف فكرته الأساسية بأن جوهر الديمقراطية وأهميتها يكمن في ممارسة الحريات الديمقراطية والمشاركة في صنع القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي على صعيد كلية البنية الاجتماعية .
أما التجارب الهشة للديمقراطيات العربية فهي تتميز ب:
* استمرار سيطرة الأجهزة الأمنية ذاتها والتي لم تمس لا من حيث البنية لا من حيث الصلاحيات والوظائف ..
* أن الأقطار العربية لا تزال محكومة من قبل أرستقراطيات بيروقراطية أقرب إلى العصابات والعائلات والمافيات ..
* عملية اتخاذ القرارات الرئيسية لا تزال حكراً على النخبة الارستقراطية البيروقراطية..
وتشارك هذه الفئات الامبرياليات العولمية والصهيونية العالمية والبنك الدولي وغيرها من المؤسسات المالية الإمبريالية في التحكم والهيمنة على المنطقة ..
وبالتالي قضية الديمقراطية تتجاوز إمكانية هذه العصابات، فهي قضية نضالية كبرى لها شروطها الخاصة بها وبرنامجها وقواها الطبقية القادرة على تحقيقها ، وتتحقق في مجابهة قوى الاستبداد والقوى الاستعمارية الغربية وفي سياق التحرر القومي الديمقراطي العلماني ذو الصبغة الماركسية وربما يكون تحقيق الحريات الديمقراطية فاتحة الطريق نحوها..
فالمطلوب عربياً إذن هو بناء عقل حركة التحرر العربية وهذا يتم عبر المثاقفة ومشروع الاستغراب بحيث تكون حركة :
# وحدوية تناضل من اجل تحويل الجماهير العربية إلى قوة قادرة على استلام السلطة السياسية والاقتصادية وتقرير مصيرها ..
# اشتراكية التوجه وديمقراطية الجوهر وقومية المصالح والمصير ومنخرطة عضوياً في أممية ثورية هدفها تقويض الرأسمالية العالمي وإقامة الاشتراكية وتعمل على تأهيل الوعي الماركسي العربي تأهيلاً عقلانياً ..
# تنموية الخيار ،مهتمة بالثورة الصناعية والزراعية، وشروط تحقيقها عبر نظام ديمقراطي حقيقي يستجيب لمصالح الطبقات الشعبية ..
وفي سبيل انبعاث اليسار العربي :
يتناول المسألة بشكل تاريخي حيث ارتبط اليسار بعلاقة ثابتة بالطبقات الشعبية وببرامج لتغيير العلاقات الجوهرية في المجتمع وبنظرية ثورية هدفها معرفة الواقع وتغييره ، واليسار يتحدد فعلياً بعلاقته بكل من الطبقة العاملة والفلاحية والاشتراكية والماركسية..
أما اليسار العربي الحالي و لاسيما الأردني منه فهو من بقايا الحركات الشيوعية العالمية، ولضعف علاقته بمصالح الطبقات الشعبية والواقع العربي ومشكلاته، فقد تحول مع سقوط الاتحاد السوفييتي نحو السياسات الليبرالية ، حيث صنمه الجديد " الديمقراطية ،حقوق الإنسان ،المجتمع المدني "
والمشكلة العميقة أنه لا يزال يؤكد انه ماركسي وكأنه يرتبط بذكرى جميلة وعزيزة ويصر عليها كإيقونة طالما اعتاد على ارتدائها ، وهو تاريخياً وراهناً لديه موقف مهزوز من مسألة الامبريالية والصهيونية والمفاوضات الاستسلامية ،وحصار العراق ،والحريات الديمقراطية ،ومسألة الفساد ، والمقاومة العربية للمشاريع العربية الخ ..
ولو عدنا إلى تاريخ هذا اليسار فلقد بدأ منذ العشرينيات رابطاً بين المسألة الاجتماعية والقومية ولكنه ومع الثلاثينيات وهيمنة الستالينية عليه انفصل إلى جناحين :
& - الجناح الشيوعي الٍستاليني الاجتماعي التابع للسوفييت ..
& - الجناح البعثي القومي ..
وهذا ما أضعف الوحدة الجدلية بينهما والتي تحققت في بلدان أخرى كالثورة الصينية والكوبية والفيتنامية ..
وقد تجدد اليسار الماركسي القومي بعد هزيمة حزيران 67 إلا أنه لم يستطع الهيمنة من جديد ودمرته قوى الجناحين السابقين ومن أهم رموزه النقدية الشهيد مهدي عامل والاقتصادي الكبير سمير أمين.
لكل هذه القضايا لا بد لحركة التحرر من تجديد مواقفها ولا سيما من ثلاثة قضايا :
أولاً : الكيان الصهيوني: باعتباره جزءاً عضوياً و مرتبط بنيوياً بالمشروع الاستعماري الهادف إلى تعميق التخلف في الوطن العربي ..
ثانياً : الديمقراطية: إن الديمقراطية بناء سياسي طبقي ،فلا وجود لديمقراطية غير طبقية ، ومن العبث التفكير بالديمقراطية بمعزل عن قضية الوحدة العربية والمجابهة الشاملة مع الإمبريالية والرجعية العربية..
ثالثاً : الاشتراكية والماركسية: التأكيد على أن الماركسية واللينينية ستظل الرؤية المحورية لأي حركة ثورية جدية وستظل أفق كل تفكير نقدي تحرري أصيل إلى أن تزول الرأسمالية ..
إن هذا الكتاب ضروري للعقل العربي وخاصة لأنصار حركة التحرر القومية واليسارية ، والماركسية ، ومهما حاولنا إظهار أفكاره الأساسية ، فأننا لن نستطع إحاطتها جميعها ، وكل تفسير أو قراءة تنتمي للقارئ لا للنص الأصلي ، ولذلك لا يمكن الاستغناء عن قراءته النقدية ..
الكتاب المقروء صادر عن دار الفارابي، عام 2004 ،عدد صفحاته مائة وتسعون صفحة وهو من القطع المتوسط ...



#عمار_ديوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التيار الوطني الديمقراطي الاجتماعي
- الديموقراطية لا الليبرالية ،الجدل لا الوضعية
- الوطن بين السلطة السورية ونخبة الخارج
- خدام سوريا واللحظة الراهنة
- شيخ العقل والسياسة السورية
- علاقة المشروع الاستعماري ببعض أوجه العلاقة السورية اللبنانية
- سوريا بين أنصار السلطة وأنصار المعارضة
- علاقة الحوار المتمدن بالمشروع اليساري
- علاقة المسألة القطرية بالمسألة القومية
- علاقة الديموقراطية بالوطنية في سوريا
- أزمات النظام السوري وأخطاء المعارضة الديموقراطية
- قراءة في كتاب خدعة اليون
- مأزق النظام السوري أم مأزق الدولة السورية
- من المستفيد من إعلان دمشق
- نقد نص رزاق عبود ورثة تقاليد أم نتاج سياسات امبريالية
- الإسلام وأصول الحكم كتاب لكل مكتبة
- ما هو دور ميلس في التغيير الديموقراطي السوري
- جريمة هدى أبو عسلي بين العلمانية والطائفية
- الزرقاوي مذيعاً للأخبار
- مخاطر تبني الضغوط الخارجية


المزيد.....




- محكمة العدل الدولية تعلن انضمام دولة عربية لدعوى جنوب إفريقي ...
- حل البرلمان وتعليق مواد دستورية.. تفاصيل قرار أمير الكويت
- -حزب الله- يعلن استهداف شمال إسرائيل مرتين بـ-صواريخ الكاتيو ...
- أمير الكويت يحل البرلمان ويعلق بعض مواد الدستور 4 سنوات
- روسيا تبدأ هجوما في خاركيف وزيلينسكي يتحدث عن معارك على طول ...
- 10 قتلى على الأقل بينهم أطفال إثر قصف إسرائيلي لوسط قطاع غزة ...
- إسرائيل تعلن تسليم 200 ألف لتر من الوقود إلى قطاع غزة
- -جريمة تستوجب العزل-.. تعليق إرسال الأسلحة لإسرائيل يضع بايد ...
- زيلينسكي: -معارك عنيفة- على -طول خط الجبهة-
- نجل ترامب ينسحب من أول نشاط سياسي له في الحزب الجمهوري


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عمار ديوب - قراءة في كتاب تجديد العقل النهضوي