أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أشرف حسن منصور - حقيقة الناسخ والمنسوخ في القرآن














المزيد.....

حقيقة الناسخ والمنسوخ في القرآن


أشرف حسن منصور
أستاذ الفلسفة بكلية الآداب - جامعة الإسكندرية


الحوار المتمدن-العدد: 5759 - 2018 / 1 / 16 - 13:51
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إن مسألة الناسخ والمنسوخ خدعة فقهية، تمكن الفقيه من إلغاء حكم قرآني بحكم قرآني آخر، بحجة أن الثاني نسخ الأول، أي ألغاه وأبطله؛ ودائماً ما يأتي الادعاء بالنسخ في سبيل حكم متشدد أو رؤية أكثر انغلاقاً. إن القول بناسخ ومنسوخ في القرآن يوقعنا في خطر بالغ، إذ أن هذا يعني أن القرآن يلغي بعضه بعضاً، وكأن دعاة النسخ يقولون "نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ" (النساء 150)، بل كلٌ من عند الله، وكلٌ متساو في القيمة. إذا كان هناك معطلة، فهم ليسوا المعتزلة الذين قيل عنهم أنهم يعطلون الله عن الفعل المطلق وعن صفاته، بل هم الذين يعطلون آيات بحجة أنها منسوخة، من أجل تفسيراتهم المتشددة وحكمهم القمعي. إن الاحتجاج بالنسخ تعطيل لآيات الله. وتتضح أغراضهم في قول الكثير منهم أن كل آيات السلم والتعايش بين المسلمين وغيرهم نسختها آية السيف، أي أن آية واحدة، نزلت في سياق معين وفي حالة خاصة جزئية، تبطل عمل آيات كثيرة تدعو للسلام والتعايش، والواضح طبعاً أن هدف هؤلاء الوصول إلى تفسير يبرر العنف والخصومة والحرب على المخالفين أو المختلفين.
والدليل على أن موضوع الناسخ والمنسوخ خدعة، أنه ليس هناك إجماع على الآيات الناسخة والآيات المنسوخة، بحيث يتبدل رأي الفقيه فيهما حسب الأحوال، ووقت اللزوم يُخرج لنا آية قيل عنها إنها منسوخة ليوظفها في غرضه. من هنا تصير طريقة الاحتجاج بالنسخ طريقة للتعامل مع كتاب الله بحسب الأهواء والمصالح الآنية، وفوق ذلك تلاعباً بكلام الله.
كيف يكون هناك نسخ في القرآن، والقرآن نفسه يقول: " مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ (29)" (ق 29)، "لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (64)" (يونس 64)، "سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا ۖ وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا (77)" (الإسراء 77)، "وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (62)" (الأحزاب 62)، " فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا (43)" (فاطر 43).
أما عن الآية التي يستشهد بها المناصرون لقضية النسخ، فهي لا تعطي أي رخصة لتعطيل آية بحجة النسخ، لأن النسخ المذكور فيها هو حق لله وحده وليس حقاً لفقيه كي ينسخ آية. بمعنى أن الله هو من له حق النسخ، لا البشر. حق النسخ هو لله وحده، ولا يحق لأحد من البشر أن ينسخ آية. لكن ماذا عن الآية التي تحمل في ظاهرها نسخاً لآيات آخرى؟ تأملوا معي آية النسخ: "مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ۗ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (106)" (البقرة 106). لا تعني هذه الآية أن الآية الناسخة لآية أخرى تكون ضدها أو تحمل حكماً معاكساً لها، لأنها تقول "نأت بخير منها أو مثلها"، فالآية الناسخة هي إما خير من الأولى أو مثلها، وليست عكسها أو مناقضة لها كما اعتقد الفقهاء المناصرون للنسخ. والآية التي تكون خيراً من المنسوخة لا يمكن أن تكون الأكثر تشدداً وتصلباً، بل الأكثر تسامحاً والأرحم، والأفضل لصالح كل الناس.
والمصيبة أكبر لدى السلفيين الذين يقولون بنسخ السنة للقرآن، إذ يجعلون السنة بذلك، أي الأحاديث، مهيمنة على القرآن وحاكمة عليه ولاغية له، في حين أن العكس هو الصحيح. فكيف تكون الأحاديث التي هي ظنية الثبوت ظنية الدلالة حاكمة ولاغية لآيات القرآن قطعية الثبوت قطعية الدلالة؟ والبعض من هؤلاء السلفيين يقول إن القرآن أصل والسنة كذلك أصل، إذ يعالجونها على أنها أصل متساو مع القرآن نفسه، فكيف إذن نساوي بين كلام الله وكلام بشري منقول على لسان بشر؟ والبعض الآخر يقول إن القرآن أصل والسنة فرع، لكن هذا غير صحيح، لأن القرآن أصل وحده لا فرع له، لأنه ليس في حاجة إلى فرع. السنة ليست فرعاً بل هي حالة تطبيقية واحدة فقط، جزئية وخاصة بمجتمع معين في زمان معين هو مجتمع المسلمين وقت نزول الرسالة، والحالة التطبيقية الجزئية الخاصة المحكومة بزمانها ومكانها ليست أصلاً للتشريع وليست كذلك فرعاً، إنها حالة تطبيقية فقط، مشروطة بعصرها وطبيعة مجتمعها، إذا عممناها على غيرها من المجتمعات والأزمنة أخطأنا في التشريع وفي الفهم وظلمنا بالدين كل العصور اللاحقة.



#أشرف_حسن_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأشاعرة وكلام الله النفسي
- نحو تصحيح المفاهيم حول مبادئ الشريعة الإسلامية
- خلق العالم بين التوحيد والثنائية الأنطولوجية للروح والمادة
- كيف تملكت أوروبا فلسفة ابن رشد؟
- كيف يصير المرء رأسمالياً – المحددات البنائية للفاعلين الاقتص ...
- كيف تصير النصوص أصناماً؟
- ماذا قال ماركس عن محمد علي؟
- الحداثة والدين وتمايز مجالات القيمة
- كولريدج والجاسوس الفضولي
- هل يستطيع الإله التواصل مع البشر بطرق أخرى غير النبوة؟
- لمحات من فكر المعتزلة - 1) هل القرآن دليل على وجود الله؟
- حول إعادة النظر في تصنيفات الإسلام السياسي
- عصر التنوير ونقد الفكر الديني. هولباخ نموذجاً
- وهم تعظيم الربح
- الليبرالية بين تراثها التقليدي ودلالاتها المعاصرة
- نظرية أُميِّة الشريعة لدى الإمام الشاطبي
- موقف هيجل وهوسرل من العلاقة بين المذهب الفلسفي وتاريخ الفلسف ...
- فلسفة التأويل عند ريكور وأصولها الهيجلية
- فلسفة سارتر ومسلماتها الهيجلية
- المنهج الفينومينولوجي عند هوسرل


المزيد.....




- رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس ...
- مسيّرة للأمن الإيراني تقتل إرهابيين في ضواحي زاهدان
- الجيش الأمريكي يبدأ بناء رصيف بحري قبالة غزة لتوفير المساعدا ...
- إصابة شائعة.. كل ما تحتاج معرفته عن تمزق الرباط الصليبي
- إنفوغراف.. خارطة الجامعات الأميركية المناصرة لفلسطين
- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أشرف حسن منصور - حقيقة الناسخ والمنسوخ في القرآن