أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - سامر سليمان - النوبة والسد العالي والعنصرية في مصر!














المزيد.....

النوبة والسد العالي والعنصرية في مصر!


سامر سليمان

الحوار المتمدن-العدد: 1474 - 2006 / 2 / 27 - 09:53
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


من حق الدولة أن تصادر الملكية الخاصة لصالح المنفعة العامة. هذا مبدأ تعترف به المجتمعات الحديثة في دساتيرها. لكنها تتحفظ على هذا الحق بأن تجعله مشروطاً بتقديم الدولة لتعويض مناسب لمن صودرت ملكيته. نحن الآن أمام اتهام مباشر للدولة بمصادرة ملكيات بعض أفراد شعبنا، دون تعويض مناسب. هذا ما يشعر به بعض النوبيين إزاء ما حدث في الستينات حينما اضطرت الدولة لنزع أراضيهم التي غرقت فيما بعد تحت بحيرة ناصر. هذه البحيرة متهمة من بعض النوبيين اليوم بأنها أجهزت على مساكنهم. والحقيقة أن هذه البحيرة كانت الثمن الذي دفعته مصر لكي تبني السد العالي. هل كان يمكن بناء السد بدون إغراق أراضي هؤلاء المواطنين؟ لا أملك إجابة على هذا السؤال، فهو متروك للمختصين. هل دفعت الدولة تعويضاً مناسباً لهم؟ هذا سؤال يجيب عليه القضاء المصري، فهو يتحمل عبء مهمة الفصل بين المواطن والدولة حينما يحدث خصام بينهما.
المشكلة اليوم أن بعض النوبيين يقولون أن الدولة لم تقدم لهم التعويض المناسب. هم يتحدثون عن المساكن الكئيبة في الصحراء التي تم ترحيلهم إليها. المشكلة أيضاً أن هؤلاء يؤكدون أن هذا ليس رأيهم الشخصي، وأنهم يبوحوا علناً بما يؤمن به النوبي "سرا"ً. والمشكلة الأعظم هي أنهم يفسرون عدم حصول النوبيين على التعويض المناسب بعنصرية تجاههم بسبب لونهم. وهم يؤكدون أن العنصرية ضد السمر والسود ضاربة في المجتمع والدولة في مصر. والحق أن هذا الكلام يجب أن يؤخذ بجدية، لأنه عار على مصر أن تدخل القرن الواحد وعشرين دون أن يكون بها آليات للتحقق من شكاوى التمييز العنصري ومن ثم التعامل معها أما بمعاقبة من يثبت أنه ادعى التمييز زوراً، وأما بمعاقبة من يثبت أنه مارس التمييز العنصري.
إذا كان لكاتب هذه السطور أن يجيب على سؤال فهو الآتي: هل قدمت الدولة لمن غرقت أراضيهم تحت البحيرة تعويضاً معنوياً أو رمزياً عادلاً؟ ليس المقصود هنا المال فمن البديهي أن المال لا يستطيع تعويض كل شيء، الأمر يحتاج إلى ترضية معنوية حينما يتعلق الأمر بغرق مساكن بشر تحت بحيرة، حتى لو كانت هذه البيوت بائسة. من حق كل إنسان أن يفخر ببيته حتى ولو كان متواضع أو فقير. الحق أن الدولة لم تقدم الترضية المعنوية الكافية لهم. والدليل على ذلك أننا تعلمنا في المدرسة أن السد العالي هو فخر لمصر، وأننا قد دفعنا في بناءه الكثير من الدم والعرق. وهذا كلام صحيح مائة بالمائة. لكن قصة السد العالي هكذا تكون ناقصة. لأن الجماعة التي قدمت أكبر تضحية لبناء السد هم من ضحوا بمنازلهم تحت مياه البحيرة. وهذا لم نتعلمه في المدرسة. والأدهى من ذلك هو أن ذوي البشرة السمراء أو السوداء لا يحظون بحماية الدولة من السخرية من لونهم. لن أخوض في الماضي وأتحدث عن الأفلام الكلاسيكية التي سخرت من السمر، ولهجتهم، كما سخرت من الصعايدة ولهجتهم. سأقتصر على الحاضر وأشهد أن العديد من أفلام السنوات الأخيرة تسخر من البشرة السوداء، وأشهد أن الرقابة التي تزعم "حماية" أخلاقنا من الفساد الجنسي، لم يرمش لا جفن حينما شاهدت فيلماً يقول فيه البطل لامرأة سوداء "نهارك أسود زي وشك". وإذا لم تكن هذه الجملة تعبر عن عنصرية فهي على الأقل تكشف عن مستوى مذهل من عدم اللياقة، لأن هذه العبارة تجرح بالتأكيد من شاء حظه أن يولد في مجتمع يتخذ من البياض معياراً للجمال. ربما لأن مستعمرينا كانوا غالباً من البيض، بداية من الاسكندر الأكبر ومرورا بالمماليك والعثمانيين ووصولاً إلى الفرنسيس والبريطانيين. هل نحن متأكدون أننا تحررنا من الاستعمار؟
بعد مذبحة ميدان مصطفي محمود ضد اللاجئين السودانيين طرح البعض سؤال هل المصريين عنصريين؟ وهو طرح غير موفق، لأنه ليس من العدل أن نصم شعباً بأكمله بالعنصرية. ولكن إذا كان السؤال هو: هل لدينا عنصرية، فإن كاتب هذه السطور يشهد، والشهادة أمانة، أنه رأى بعينه ممارسات عنصرية تحدث في وضح النهار، وأنه شعر بالعجز لأنه لا يعرف جهة مؤهلة لتلقي شكاوي التمييز العنصري يمكن أن يتوجه إليها بالشهادة. هل من جهة تستطيع الفصل في هذه المسائل غير القضاء المصري؟ هل يكون الحل بإنشاء محكمة خاصة بالفصل في دعاوى التمييز على أساس اللون أو الجنس أو الدين أو الأصل الاجتماعي أو أي شيء أخر ليس للإنسان حيلة فيه؟ هل لنا أن نتحقق أن المساواة بين المصريين مضمونة حتى ينطلق الجميع للعمل وللعمران، أم نترك ضحايا التمييز يصرخون في البرية دون أن يسمعهم أحد، حتى يصل الأمر بهم للانتحار، كما فعل ذلك الشاب الذي انتحر بعد أن حالت مهنة والده دون أن يحصل على وظيفة في الدولة يستحقها كل الاستحقاق.



#سامر_سليمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أزمة اليسار المصري، فتش عن الدولة الناصرية
- الاقتصاد السياسي للمستقبل
- العلمانية والتحالف مع الإسلاميين
- علنا لا ننسى شهداء اليسار اللبناني
- الديمقراطية بين الإيمان بها والمصلحة فيها
- على ماذا يختلف اللبنانيون؟
- من الكافر في الصراع اللبناني؟
- القومية والديمقرطية في مصر والعالم العربي
- أوهام التحديث بالاستبداد
- في الرابطة بين القضية القومية والقضية الطبقية
- في تشريح الصراع الاجتماعي والسياسي في مصر
- دعوة للحوار
- نحو رؤية يسارية للمسألة الديمقراطية


المزيد.....




- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...
- الجيش الأمريكي يعلن تدمير سفينة مسيرة وطائرة دون طيار للحوثي ...
- السعودية.. فتاة تدعي تعرضها للتهديد والضرب من شقيقها والأمن ...
- التضخم في تركيا: -نحن عالقون بين سداد بطاقة الائتمان والاستد ...
- -السلام بين غزة وإسرائيل لن يتحقق إلا بتقديم مصلحة الشعوب عل ...
- البرتغاليون يحتفلون بالذكرى الـ50 لثورة القرنفل
- بالفيديو.. مروحية إسرائيلية تزيل حطام صاروخ إيراني في النقب ...
- هل توجه رئيس المخابرات المصرية إلى إسرائيل؟
- تقرير يكشف عن إجراء أنقذ مصر من أزمة كبرى
- إسبانيا.. ضبط أكبر شحنة مخدرات منذ 2015 قادمة من المغرب (فيد ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - سامر سليمان - النوبة والسد العالي والعنصرية في مصر!