أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - ماجدولين الرفاعي - غسل أبي ما تبقى من تاريخنا














المزيد.....

غسل أبي ما تبقى من تاريخنا


ماجدولين الرفاعي

الحوار المتمدن-العدد: 1465 - 2006 / 2 / 18 - 10:30
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


أي ممحاة سحرية يمكنها أن تمحو تاريخا من الم وذكرى تئن وتنزف؟!
أي ممحاة يمكنها أن تمحو من ذاكرتي مشاهد تقطر دما وحسرة وأنا الشاب الذي فتح النجاح أبوابه على مصراعيه لكي ادخله؟! نعم نجحت في دراستي ليس لأني متفوق وأحب الدراسة ، إنما حاولت خلال سنوات وسنوات الغوص في الكتب العلمية لكي أنسى وربما أتناسى تاريخ ما زال يحفر أخاديد موجعة في جبين طفولتي تركها غياب والدتي بطريقة مؤلمة ، غاب أبي فترة ليست طويلة لكن غيابه المفجع ووجوده المؤلم عوامل أضافت الكثير من الحزن والهم على حياتي .. أخي الصغير الذي لم يفهم في حينها ما الذي حصل كبر أمامي دون أم تمنى وجودها مثل جميع أقرانه ، كان كل واحد منهم يحدثه عن والدته وحنانها واهتمامها به فيتألم : لم نشأت دون أم ؟ ولماذا اختار الله والدتي من بين جميع الأمهات ليأخذها إليه. الاحتفال بيوم ألام من أصعب الأيام التي كنا نواجهها فقد كنا نشكو غيابها ونبكيه يشتمنا أبي لعواطفنا التي أطلق عليها عواطف أنثوية ويؤكد لنا أننا رجال ومن العيب أن نسكب دموعنا على أم كأمي حسب كلامه ما زال يشتمها من خمسة عشرة عاما فالهج بالدعاء : رب ارحم والدتي إن كانت مذنبة وسامح مجتمعا ظالما لا يرحم ، منذ وفاة والدتي رحمها الله اعتاد الجميع في الحي والمدرسة على أن يطلقوا علينا لقب أولاد المرأة التي ذبحها زوجها .. كم كان يؤلمني هذا الكلام .. اشعر معه بالخزي والعار وأتساءل : أي شرف غسله والدي حين قتل أمي ؟ هل كرمه المجتمع؟؟؟ أو كرمنا ؟وهل شعر والدي حقا بنظافته من دم والدتي ؟؟ أسئلة كثيرة لا أجد طريقة لطردها من رأسي ، لم أكن قد تجاوزت الثامنة من عمري حين استيقظت على صوت الصراخ وطلقات أصمّت أذني لأجد والدي في حالة انهيار تام يهذي بالشتائم وقد علت ووجهه تعابير لم استطع تفسيرها حتى اللحظة ، كانت والدتي مكورة مثل الكرة على نفسها والدم ينزف منها بغزارة مشهد لن أنساه ما حييت ، قبل ساعة واحدة فقط كانت تسرد لي ولأخوتي قصة ما قبل النوم ، قبلتنا بحنان وغادرت غرفتي .. كم أحبك يا أمي .. رعب شديد انتابني وأخوتي وكره عميق صوبته باتجاه والدي رمزان مقدسان سقطا أمام عيني فجأة أبي بمسدسه الذي مازال بيده وأمي بدمائها وتكور جسدها المضرج بالعار والدم وأخوتي الذين تجمعوا في زاوية الغرفة عيونهم تختزل رعب العالم وخوفه صرخنا معا بصوت عال حين اقترب والدي منا يريد إخراجنا .. خوف جمد الدم في عروقنا .. كيف سنخرج يدا بيد مع قاتل قتل أمنا للتو أمام أعيننا .. توقف المشهد حين طلب أبي من أحد أقاربنا ، الذين جاءوا على عجل ، أن يخرجنا ويصحبني وأخوتي إلى بيته تاركين أمي تئن وتنزف وليتني لم أغادر لعلني أنقذها أو على الأقل اقبلها قبل رحيلها لكن قريبنا أصر على خروجنا . في بيت قريبنا سمعت ما قالوه عن خيانة والدتي ولكني لم أصدق ولن أصدق وإن صدقت بأي حق تقتل؟؟؟ولماذا على يد والدي الذي طالما بكت أمي غيابه المتكرر عن المنزل وعودته في حالة سكر من الملاهي ونوادي السهر الليلية ، مرات عدة استيقظت فيها على صوت أبي وبكاء أمي وهي تتهمه بخيانته لها مع بنات الليل ، كان أبي يرد بصوت عال وكأنه محق فيما يفعل ، ويردد أنا رجل حر في تصرفاتي .. الزمي أدبك معي وإلا طردتك مثل الكلبة من البيت ، طفولتي لم تساعدني على التدخل ، لم يكن أمامي إلا البكاء والدعاء إلى الله بأن يهدي والدي إلى ما فيه خيرنا ، بعذر مخفف خرج أبي من السجن بعد ثلاث سنوات ، أتى إلى بيت جدي لاصطحابنا ، كبر داخلي سؤال هل روح الإنسان رخيصة إلى تلك الدرجة؟؟؟ يقتل أبي ويخرج دون عقاب يستحقه ، أعلم أنكم تستغربون طريقة كلامي عن والدي ، لكنني لا أخفيكم سرا .. إنني اكرهه فهو سبب شقائنا وتعاستنا ، لهذا أحاول تجنب النظر في عينه وأتجنب جلوسي قربه ، أدمنت على زيارة قبر أمي ، لا يمر أسبوع واحد دون أن أضع باقة ورد على قبرها ، وجدت أن دراسة القانون هي السبيل الوحيد للدفاع عن أمي وعن جميع نساء الكون ضد العنف والقتل بداعي الشرف ذلك الشرف الذي ادعى أبي أنه غسله.



#ماجدولين_الرفاعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ,,,,,حفلة تخرج,,,,,,
- المرأة بين القانون والشريعة الاسلامية
- تجليات في محراب الامس
- من المستفيد من الإساءة للرسول؟؟؟
- ادركت الان فقط!!!
- المرأة في مجتمعاتنا .. بين الواقع والحلم
- المبدع العربي بين التجاهل والتهميش
- صدور مجلة ثقافة بلا حدود الرقمية على شبكة الانترنت
- حوار خاص لجريدة البلاد السعودية
- ردا على مقالة الأستاذ فيصل القاسم - السمكة تفسد من رأسها
- اعلامنا العربي اين انت؟
- سميح شقير ابن الهم العربي
- الإعلان عن القائمة الرابعة من المقبولين في عضوية اتحاد كتاب ...
- من قاسيون أطل ياوطني: رسالة سائح في سوريا
- هل تنتحر جامعة دمشق الحكومية؟
- واقعية رقمية غير مسبوقة
- من الانترنت الى المجلات الورقية
- للشام عبق في القلب
- أدركني الصباح
- تحية لمن يساند المراة العربية


المزيد.....




- الاعتداء على المحامية سوزي بو حمدان أمام مبنى المحكمة الجعفر ...
- عداد الجرائم.. مقتل 3 نساء بين 19 و26 نيسان/أبريل
- هل تشارك السعودية للمرة الأولى في مسابقة ملكة جمال الكون؟
- “أغاني الأطفال الجميلة طول اليوم“ اسعدي أولادك بتنزيل تردد ق ...
- استشهاد الصحافية والشاعرة الغزيّة آمنة حميد
- موضة: هل ستشارك السعودية في مسابقة ملكة جمال الكون للمرة الأ ...
- “مش حيقوموا من قدامها” جميع ترددات قنوات الاطفال على النايل ...
- الحكم على الإعلامية الكويتية حليمة بولند بالسجن بذريعة “الفج ...
- استشهاد الصحافية والشاعرة الغزيّة آمنة حميد
- شاهد.. أرجنتينية بالغة من العمر 60 عاما تتوج ملكة جمال بوينس ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - ماجدولين الرفاعي - غسل أبي ما تبقى من تاريخنا