أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي - المسار - العدد 5















المزيد.....



المسار - العدد 5


الحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي
(The Syrian Communist Party-polit Bureau)


الحوار المتمدن-العدد: 5567 - 2017 / 6 / 30 - 09:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


جريدة ناطقة باسم الحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي
لمسار- العدد (5)- حزيران- يونيو 2017


الافتتاحية

ترامب في ديارنا
يختلف الجمهوريون عن الديمقراطيين في الولايات المتحدة الأميركية بـأنهم أكثر انخراطا في مشاكل الشرق الأوسط وأكثر حسماً وحزماً. فبعد أن رأينا من الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما اعتماده على القوة الناعمة و الدبلوماسية في مختلف قضايا المنطقة كالملف النووي الإيراني و الأزمة السورية على سبيل المثال و خطته للانسحاب من الشرق الأوسط جاء خلفه ترامب معلناً ومن قبل مجيئه تغييره الجذري لسياسة سابقه الخارجية ولم يكتف بمسك خيوط اللعبة من موقعه البعيد, بل أتى إلى الخليج العربي الذي يملك تاريخياً قدراً كبيراً من عناوين السياسة الأمريكية الشرق أوسطية وخصوصا المملكة العربية السعودية فهي المستورد الأكبر للسلاح الأمريكي ومن أهم الدول المستثمرة في الولايات المتحدة الأمريكية.
حرصت المملكة السعودية على أن يكون اجتماعها مع ترامب موسعاً, أقله في الشق الخليجي و قبول الأمريكي هذا التوسع كان قائماً على مركزية سياسية ينظر من خلالها للسعودية .وصل ترامب ويعرف ماذا يريد والسعوديون فهموا آليات عمل ضيفهم و استوعبوها ولاقوها بما يناسبه: فقد تم توقيع عقود على صفقات تجارية بقيمة (460) مليار دولار واتفقوا معه على محاربة داعش عسكرياً والعمل من أجل التغيير في المجتمعات الإسلامية فحصروا وحددوا سويةً الإسلام السياسي كله في سلتين فقط :إسلام شيعي تمثله إيران و إسلام سني أخواني تمثله قطر (كان ملفتاً غياب أردوغان عن قمة الرياض والاكتفاء بوزير الخارجية التركي هناك).
لماذا قطر؟
بدا واضحاً من عهد أوباما أن الهوى الأمريكي للأخوان انتهى في بداية عام2013, حيث تم تنحي أمير قطر وطاقمه , انقلاب عسكري في مصر يطيح برئيس شرعي منتخب , سحب الملف السوري من إيدي الأتراك والقطريين , إلا أن الرئيس الأميركي الجديد يرى الأمور من زوايا مختلفة وبمنظار خاص بالجمهوريين فهو لا يحب اللعب مع الدول الصغيرة ولا يسمح لهم بأن يشغلوا حيزاً أكبر من حجمهم فأتت السعودية ملبية رغبات ترامب ومنتهزه الفرصة لتأخذ ثأرها من جارتها لعدم تنفيذها البنود التي نتجت عن القمة الخليجية المنعقدة في الرياض عام /2014/
فكان كل هذا التجييش بكل الوسائل (عدا العسكرية) ضد قطر.
التوتر القطري _السعودي الخليجي والأزمة في سوريا:
بعد خروج الأزمة من يد السوريين وبعد أن غدت سوريا ساحة صراع دولية-اقليمية أصبح لابد من أي اتفاق أو عداء بين أي من الدول الفاعلة أن يؤثر على الوضع السوري فالتوافق التركي السعودي مثلا أدى إلى انتصارات كبيرة للمعارضة المسلحة وسيطرتها على مدينة ادلب بالكامل في آذار2015 وزحفها لجسر الشغور وتوافق أمريكي روسي نتج عنه تدخل مباشر لموسكو في أيلول2015 أوقف هذا المد، ومن الأكيد هنا أن الخلاف الأخير سيكون له آثره على الأزمة السورية وعلى المعارضة السورية بشكل خاص.
تلك المعارضة المرتهنة للدول الإقليمية الفاعلة الخليجية كالسعودية وقطر بسبب المال النفطي والدعم الاقتصادي لها وتركيا بسبب الدعم اللوجستي. حتى إن هذه الدول الثلاث شكلت بسوريين تابعين لها (المجلس الوطني) و (الائتلاف)، فكان كل جسم مما سبق مكون من مثلث أضلاعه قطر-تركيا-السعودية.
الموقف الإيراني من أزمة قطر:
بدأت العلاقة بين البلدين منذ عام 1991 عندما عقدا اتفاقيات في مجالات مختلفة أهمها النقل الجوي والتعاون الثقافي وفي جولة الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي في المنطقة العربية عام 1999 قال أن زيارته لقطر كانت الأفضل و الأنجح والأمير القطري حمد بن خليفة كان أول خليجي يزور إيران عام 2000 منذ نجاح الخميني في ثورته عام 1979 وأهم تمايز قطري عن دول الخليج وعن أعضاء مجلس الأمن جميعهم حصل عندما عارضت الدوحة القرار الدولي 1696 المتعلق بالملف النووي الإيراني عام 2006.و في العام نفسه يذهب الأمير القطري لإعمار الضاحية الجنوبية بعد حرب تموز وينال لقب أمير المقاومة وفي 2007 تمت دعوة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد كضيف شرف في مؤتمر القمة الخليجية المنعقدة في الدوحة ودعمهما المشترك لحماس في حرب غزة 2008.
و إن تحدثنا عن علاقة إيران بالإخوان المسلمين كتنظيم عابر للحدود فهي علاقة أقدم وأعمق من علاقة قطر بإيران يكفي أن نشير للدعم الإيراني لمرسي وكيف في خطب الجمعة قبيل انتخابه أكد الخطباء والآثمة الايرانيون على أن انتخاب محمد مرسي واجب ديني , ورغم تنافسهما وتباعدهما في المواقف مما يجري في سوريا ودعمهما المطلق لكل طرف من طرفي الصراع إلا أن هذا الخلاف لم يوقف العلاقة الودية بين طهران والدوحة وإن كان قد زعزعها بعض الشيء , والآن بعد الأزمة القطرية- الخليجية أعلنت إيران تضامنها ودعمها بشكل مباشر وعلني ومررت المساعدات التركية لقطر عبر أراضيها ..
هل سينتج عن ذلك اصطفافات جديدة؟ وهل ستنجح إيران ومن خلفها الروس الذين يريدون الأستانة ولا يريدون جنيف في ضم الأخوان المسلمين البراغماتيين بالأصل ومن معهم من سياسيين ومقاتلين على الأرض؟ فنراهم جميعا بالأستانة يصيغون تسوية "ما "تضع الأزمة السورية في البراد إلى أجل غير مسمى؟ وهنا لابد من العودة إلى بلاد العم سام، فعندما يغرد ترامب "قطر تدعم الإرهاب" وطائراته تقلع لمحاربة الإرهاب من قاعدتين على الأرض القطرية وطالما بقيت القاعدتان فهذا يعني أنه ليس بوسع قطر إلا العودة إلى الحضن الخليجي وهي التي تعرف نية ترامب في تحجيم إيران وزيادة حصاره لها وضغطه عليها بذريعة الإرهاب أيضاً وتقليص نفوذها وكسر ذراعها الممدودة بعدة عواصم عربية.
روسيا أيضاً لها مصلحة في تحجيم إيران لأن تضارب مصالحهما سيبدو واضحاً متى أراد الأمريكي صنع اتفاق جدي وحقيقي مع الروسي.
من كل ما جرى ويجري: ما هو مصير المفاوضات السورية-السورية في جنيف المقبل؟
وهل الوضع الإقليمي الآن يقرب أم يبعد الحل؟ أسئلة كثيرة علينا التفكير بها طويلاً
________________________________________________

مفهوم حق تقرير المصير
(قسم الدراسات في الحزب الشيوعي السوري-المكتب السياسي)

عرَف بعض فقهاء القانون الدولي حق تقرير المصير بأنه: حق اي شعب في ان يختار شكل الحكم الذي يرغب العيش في ظله، والسيادة التي يريد الانتماء اليها، باعتبار ان السيادة ركن اساسي من اركان تقرير المصير.
للدخول في بحث مصطلح تقرير المصير واثاره وملابساته لابد من لمحة تاريخية لتطور مفهوم هذا الحق. حيث عرف مبدأ تقرير المصير منذ عام 1526، لكن لم يجد تطبيقه الفعلي الا في بيان الاستقلال الامريكي المعلن في 4تموزعام 1776 ، وبعدها اقرت به الثورة الفرنسية عام 1789م ، كما ضمنه الرئيس الامريكي "ولسن" في نقاطه /14/ التي اعلنها بعد الحرب العالمية الاولى ، كما اعتبر لينين ان المقصود بحرية الامم في تقرير مصيرها هو : الانفصال السياسي لهذه الامم في الهياكل القومية الغربية وتشكيلها لدولة قومية مستقلة ، اما روزا لوكسمبورغ فاعتبرت ان حق تقرير المصير حق ميتافيزيقي اجوف كالحق المزعوم بالعمل في القرن التاسع عشر والحق السخيف، وخلافا" لأطروحة كارل ماركس الذي كان يدافع عنها خلال حرب القرم ، حيث اعتبرت لوكسمبورغ ان استقلال الامم الصغيرة يشكل عام وبولونيا بشكل خاص من وجهة نظر اقتصادية ، هو يوتوبيا مدانة بقوانين التاريخ ، واعتبرت انه ليس هناك من استثناء لهذا القانون الجامد سوى الشعوب البلقانية المضطهدة من قبل الامبراطورية العثمانية ،مما استدعى هجوم لينين على هذه الاطروحة التي كتبتها في عام 1908وطرحت مفاهيمها الاشكالية في المسألة القومية والادارة الذاتية . واعتبر لينين وخاصة في الموضوع الاوكراني ويؤكد لينين انه بإمكان الاممية في مطلع القرن العشرين ان تعترف لأوروبا الشرقية واسيا بضرورة مبدأ حرية تقرير المصير عند الأمم سياسياً وبحقها في الانفصال ، وان الاعتراف بحق جميع الامم بتقرير مصيرها يتضمن حدا" اقصى من الديمقراطية وحدا "ادنى من التعصب القومي .
بعد هذه اللمحة التاريخية لابد ان نعتبر ان مبداْ حق تقرير المصير مهم جدا "على صعيد القانون الدولي ،وكان له دور مميز في معاهدات الصلح التي عقدت بعد انتهاء الحرب العالمية الاولى عام 1919 ، ولكن هذا المبدأ لم يتحول الى قاعدة قانونية الزامية في القانون الدولي ، حيث اعتبر فقهاء القانون الدولي ن ان مجرد اقرار هذا المبدأ في عدة معاهدات دولية لا يكفي لاعتباره من قواعد القانون الدولي الوضعي ، لكن الميثاق الذي وقعت عليه الحكومتين الامريكية والانكليزية<روزفلت + تشرشل> في 14 اب 1941 ، ثم انضم اليه بعد ذلك الاتحاد السوفيتي 1941 ، حيث جاء في نص المادة الثانية في الميثاق على ان : الحكومتين لا ترغبان في اي تعديل اقليمي لا يتفق مع الرغبة التي يعرب عنه السكان المعنيون بحرية تامة . ونصت في المادة الثانية فيه على : احترام حق جميع الشعوب في اختيار شكل الحكومة التي تريد ان تعيش في ظلها ، ثم جرى تأكيد هذا المبدأ في تصريح الامم المتحدة عام1945 ، وقد جاء في عدة قرارات صادرة هن الامم المتحدة مؤكدة على حق الشعوب في تقرير مصيرها بحرية واستقلال وفقا" لما تريده بعيدا" عن اي قوة او تدخل اجنبي ، ثم نصت في قرارها رقم 1545 الصادر في 5 شباط 1952على : ضرورة تضمين الاتفاقية الخاصة بالحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية ، مادة خاصة تكفل حق الشعوب في تقرير مصيرها ، والقرار رقم 637 في كانون الثاني 1952 الذي اعتبرت بموجبه حق الشعوب في تقرير مصيرها شرطا" ضروريا" للتمتع بالحقوق الاساسية جميعها .
يمكن ا لقول ان مبادئ الامم المتحدة واحكام العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المؤرخان في 16كانون الاول 1966 واللذان اعدتهما لجنة حقوق الانسان تؤكد كلها على حق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها، ايضا" احكام وبرنامج عمل فيينا اللذان اعتمدهما المؤتمر العلمي لحقوق الانسان في 1993 وبالتحديد الفقرتين < 2، 3> من الجزء الاول المتعلقين بحق الشعوب في تقرير المصير، وخصوصا" الشعوب التي تخضع للاحتلال الاجنبي.
اما معارضي حق تقرير المصير من الافراد والدول والمنظمات، فاعتبروا، ومنهم الانكليز، ان المادتين، المادة الاولى فقرة " 2" والمادة الخامسة والخمسين من الميثاق، لا تعدوان مواد ارشادية ذات قيمة ادبية كبيرة، اما الفرنسيون فقد أقروا ان الميثاق قد أحدث قاعدة ذات فائدة لجميع الشعوب وتلزم كافة الدول ولكن دون تحديد مضمونها وفحواها فهي لم تكون أكثر من رسالة ميتة. هذا الخلاف حول القيمة القانونية لحق تقرير المصير انسحب على فقهاء القانون الدولي ، فبعضهم انكر اي قيمة الزامية قانونية لحق تقرير المصير ، ويعتبرون ان اصدار الامم المتحدة لأي قرار بهذا الصدد يشكل انتهاكا" لسيادة الدول وخرقا" لأحكام الفقرة /7/ من المادة الثانية للميثاق ، ويرى فقهاء اخرون ان حق تقرير المصير يؤدي للفوضى والنزاع بين الامم والدول ، اما الفقيه " فكرسيتان"عام1993 فقد اعتبر ان حق تقرير المصير لا يمكن ان يكون حكرا "على الشعوب المستعمرة فقط مستندا" الى اعلان 1960 للجمعية العامة للأمم المتحدة ، الذي حدد بشكل صريح ان حق تقرب المصير حق لكل الشعوب ، على الرغم من ان حق تقرير المصير اقتصر فهمه على اعتباره حقا" للشعوب المستعمرة حتى سقوط جدار برلين عام 1989 ،الا ان التطورات والتحولات التي رافقت انهيار الاتحاد السوفيتي ـ ويوغو سلافيا ـ ونشوء حركات التحرر ومشاكل كل من قبرص وبنغلادش وباكستان ، قد طرحت اسئلة كثيرة حول هل ان هذه الافعال والممارسات يمكن ان توضع في اطار حق تقرير المصير وهل من الممكن ان يصبح هذا الحق مدخلا لتقسيم الدول ذات السيادة؟ وخاصة بعد حوادث انفصال كثيرة حدثت في الفترة السابقة، على الرغم من أن الامم المتحدة ظل موقفها غامضاً في هذا الشأن اي اتجاه الانفصال، وخاصة في احداث كثيرة، مثل مضايقة الدولة مواطنيها او مجموعة " اثنية او دينية او قومية، فهل الدولة تفقد شرعية تمثيلها لهم؟ وبحيث يصبح هؤلاء غير ملزمين بالانتساب الى هذه الدولة ويفكرون بالخلاص منها ويعملون بشكل جدي للانفصال عنها. هناك اسئلة كثيرة صعبة لم يتم الجواب عليها بعد، مثلا هل أصبح بإمكان الاقليات المنتشرة في العالم ان تطالب بحق تقرير المصير وفق القانون الدولي؟ مثال يوغوسلافيا يوجد ستة اعراق: مسلمون بوسنيون وصرب وسلوفينين وكروات ومقدونيون والجبل الأسود(مونتينغرو). هل على هذه الاقليات الاندماج في الاغلبية الصربية؟ وينسحب هذا الامر على دول كثيرة توجد فيها اقليات عرقية ودينية وقومية الخ، وقد حسم هذا الجدل في معاهدة فيينا 1993 في مؤتمر الامم المتحدة لحقوق الانسان الذي حسم الخلاف حول تفسير اعلان 1960و1970 ومعاهدة حقوق الانسان، ومن القضايا التي تمحور حولها الخلاف هو حق الانفصال، الذي اعتبره الكثيرون وجها من وجوه حق تقرير المصير المتعددة ويفضل اخرون اعتباره كذلك. ومن الوجوه والاشكال المتعددة التي ابرزها مفهوم حق تقرير المصير فيما بعد فيينا : 1ـ حق التحرر من الاستعمار الخارجي < افريقيا الوسطى> 2 حق الحفاظ على الاستقلال < جزيرة مايوني في كوموردس> ـ 3الحق في الانسحاب والانفصال < بنغلادش ـ اريتيريا > ـ 4 الحق في حل الدولة وتغيير شكلها < الاتحاد السوفيتي > ـ 5 الحق في توحيد البلاد المقسمة < المانيا> ـ 6 الحق في حكم ذاتي لمجموعات محددة ومعَرفة اقليميا" كما هو شائع في الاثنيات واللغة في اطار كونفدرالي ـ 7 حقوق الاقليات والمجموعات التي لها وجود ساسي وقانوني 8 حق المصير الداخلي في اختيار شكل الحكومة وبشكل اكثر وضوحا "الشكل الديمقراطي < هاييتي> .
* اساليب ممارسة حق تقرير المصير: اعتبرت غالبية الاعضاء في الامم المتحدة ان ممارسة حق تقرير المصير يجب ان يكون بالوسائل الودية والديمقراطية السلمية المعترف بها مثل ، مثل الاقتراع العام والاستفتاء او اي وسيلة سلمية اخرى ، وهذا ما جاء في قرار الامم المتحدة رقم 1637 الصادر في عام 1952 ونص على ان: رغبات الشعوب تؤب كد من خلال الاقتراع العام او اي وسيلة ديمقراطية اخرى ومعترف بها ، ويفضل ان تكون تحت اشراف الامم المتحدة. وهذا ما طبق في حالة السودان < انفصال جنوب السودان > وموريتانيا وغينيا والهند ونيجيريا. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا ماذا لو رفضت سلطات الدولة التي حصل فيها تقرير المصير بالوسائل الودية وانكرت على الشعب حقه في تقرير مصيره ن بالرجوع الى القرار الصادر عن الامم المتحد رقم 3314 عام 1949 وملحقين المضافين اليه عام 1977: اكدت فيه ليس على حق تقرير المصير فقط، بل وانما اكدت على الحق في النضال من اجل بلوغ هذا الهدف، حتى ان بعض الفقهاء راحوا الى القول بان الامم المتحدة بتأييدها حق حركات التحرر الوطني بالكفاح المسلح تنفيذا" لحق الشعوب في تقرير مصيرها قد شجعت على الارهاب.
التمييز بين الحكم الذاتي و مصطلح تقرير المصير : ان مصطلح الحكم الذاتي يرتبط مباشرة بحق تقرير المصير ويعتبر احدى وسائل ممارسته ، ومصطلح الادارة الذاتية يختلف كل الاختلاف عن مصطلح الحكم الذاتي ، فالإدارة الذاتية مثلا" في الدستور الالماني في المادة 28 تعني ضمان حق البلديات و القرى بتنظيم شؤونها الخاصة في مجتمعها المحلي بنفسها وعلى مسؤوليتها ،ولكن ضمن اطر القوانين السائدة ، فالبلديات والقرى لا تملك سلطة اصدار القوانين ولو كانت قوانينا" محلية , انها تقوم بمهام ادارية فقط ، اما الحكم الذاتي هو لممارسيه حرية التصرف في شؤونهم الداخلية في منطقة تابعة لدولة معينة ، يتم نشوء الحكم الذاتي وتثبيته بواسطة عقد ضمن نطاق الدولة بتم بين فريقين او طرفين هما الحكومة المركزية من جهة وممثلين الشعب من جهة اخرى والذين يتمتعون بالحكم الذاتي ، وفي هذا العقد يتم توزيع الاختصاصات والمهمات اي الحقوق والواجبات لكلا طرفي العقد ، ويتم ضمان عقد الحكم الذاتي بطرق مختلفة ، فإما ان يعتمد في هذا العقد على القواعد والضمانات الدولية او ضمن نطاق دستور الدولة . اعتبر الكثير من فقهاء القانون الدولي ان فكرة الحكم الذاتي تصلح ان تكون حلا" لحقوق الشعوب والاقليات، لأنه بواسطة الحكم الذاتي يمكن ان تضمن حماية وجودها وهويتها من جهة وان تحافظ على ثقافتها ولغتها من جهة اخرى، وفكرة الحكم الذاتي تثبت السلامة الوطنية للدولة، في الحكم الذاتي يبقى دور سلطة الحكم الذاتي ضئيلا" في تقرير السياسة الخارجية ومسائل الدفاع والعملة ن فالقرار حول هذه المسائل يكون للمركز.
* حق تقرير المصير والمسألة الكردية في سورية : لقد تبنى المؤتمر الوطني الكردي في سوريا المنعقد في القامشلي في 26 و27 تشرين الاول 2011 لمبدأ تقرير المصير " للشعب الكردي "في سوريا كأساس للحقوق القومية للشعب الكردي وحتمية الاعتراف الدستوري لحق الشعب الكردي في تقرير مصيره ، ويعتبر الاكراد ان حق المصير له شكلان : وهما تقرير المصير الخارجي وحق تقرير المصير الداخلي ، فحق تقرير المصير الخارجي او الهجومي ، وان انكار حق الشعوب في تقرير مصيرها ، نتيجة الخوف من خسارة جزء من الاقليم لا يمكن ان يكون تبريرا "قانونيا" عندما تكون حدود هذا الاقليم مخالفة اساسا لمبدأ حق تقرير المصير ، ويجب الاخذ بالحسبان بان الشعوب لها حق الانفصال في حالة الاضطهاد غير المحتمل ن وذلك عند توفر شرطين : 1ـ ممارسة سياسة التمييز ضدها مع خرق حقوق الانسان الاساسية 2ـ ابعادها عن عملية القرار السياسي في الدولة التي تعيش ضمنها . وقد حسم المؤتمر الوطني الكردي الامر ولم يطالب بحق تقرير المصير الخارجي للشعب الكردي ، مما يعني الانفصال عن الدولة السورية، واكد على المطالبة بحق تقرير المصير الداخلي وذلك ببيانه الختامي وايجاد حل عادل للقضية الكردية بما يضمن حق تقرير مصيره بنفسه ضمن وحدة البلاد وبالمقابل اعتبر المؤتمر ان عدم الاعتراف بحق تقرير المصير الداخلي للأكراد في سورية يعيد فتح الطريق امام حق تقرير المصير الخارجي ومحاولة الانفصال عن سورية ، اما موقف الاكراد من الدستور السوري الحالي فقد اعتبروا ان الدستور الحالي لا يصلح ان يكون حلا لمسالة معقدة مثل المسألة الكردية وبدون ان يكون دستورا" لدولة تعددية ديمقراطية ، ولا ينبغي محاولة تعديله انما الغائه جملة وتفصيلا" ، ولابد من اي دستور في سورية ان ينص على ويذكر الجور الذي لحق بالأكراد في سوريا في مقدمة الدستور ، وتخصيص فصل من الدستور حول الشعب الكردي في سوريا ، بالاعتراف بحقوق الأكراد ضمن اطار حكم ذاتي والاعتراف بالشعب الكردي كثاني قومية في سوريا وأنه يعيش على ارضه التاريخية ، وحق الحفاظ على هويتهم ولغتهم وتوزيع اختصا صات وصلاحيات السلطة المركزية و سلطة الحكم الذاتي والعلاقات بينهما في قانون خاص ، والاكراد على قناعة تامة ان النظام الفدرالي في سوريا خير وسيلة للتعايش السلمي الداخلي بين المجموعات الاثنية والدينية المختلفة.
* منطقة الادارة الكردية السورية : يسميها الاكراد كردستان السورية او " روج افا " ، ويسميها الاكراد ايضا" " كردستان تحت الخط " وهي منطقة تسيطر عليها ما يسمى " وحدات حماية الشعب " وتشمل محافظة الحسكة ومنطقتي عفرين وعين العرب في محافظة حلب وقد تمت السيطرة على هذه المناطق في عام 2013 بعد انسحاب الجيش السوري النظامي ، ولا تعترف الحكومة السورية بهذه المنطقة كإقليم ذاتي ، ان اعتبار الاكراد ان المناطق التي سيطروا عليها هي الارض التاريخية للشعب الكردي هو محل جدل كبير ، باعتبار ان وجود الاكراد في هذه المناطق هو حديث نسبيا" ، حيث يعود الى اواخر عهد الامبراطورية العثمانية وبداية عهد الانتداب الفرنسي على سوريا . لم تصل الحدود المقترحة لدولة كردستان حسب معاهدة سيفر الى الاراضي السورية، حيث هاجر قسم كبير من الاكراد الى سوريا من تركيا في عام 1925 عقب ثورة الشيخ سعيد بيران، التي قمعتها حكومة اتاتورك بقسوة، وجود الاكراد في سوريا صغير جدا "بالمقارنة مع نسبة الاكراد في إيران والعراق وتركيا، لكن الاكراد بعد عام 1957ونشوء اول حزب لهم قاموا بتغيير تكتيكاتهم ن وبدأوا يطالبون بالجنسية السورية والمواطنة وحقوقه رسميا". اما الاحزاب المشاركة في "الادارة الذاتية" هي: حزب الاتحاد الديمقراطي ـ وحزب البارتي ـ حزب السلام الديمقراطي الكردي في سوريا ـ الاتحاد الليبرالي الكردستاني ـ الحزب الشيوعي الكردستاني -التجمع الوطني الديمقراطي الكردي في سوريا. ولكن يرى الكثيرين ان حزب الاتحاد الديمقراطي له السيطرة الكاملة في هذه المناطق،
اما ردود الفعل على تشكيل الادارة الذاتية فيمكن ان نتبينه من مواقف الدول الكبرى المتدخلة في الشأن السوري ومواقف الدول الاقليمية ، ولا ننسى موقف النظام السوري ، والمعارضة السورية بكافة اطيافها ، حيث اعتبر النظام السوري ان اقامة الاكراد نظاما "فيدراليا" في هذه المناطق لن يكون له اي اثر قانوني ، وقد ردت واشنطن على الخطوة الكردية المنفردة بتصريح يقول بانها لن تعترف بالحكم الذاتي للأكراد في سوريا ، اما الموقف الروسي فليس بعيدا "عن الموقف الامريكي ، حيث اعتبر الروس ان السوريون هم وحدهم من يقرر نظام الحكم المستقبلي لبلادهم ويجب ان يشاركوا في اعداد مشروع دستور جديد للبلاد ، اما تركيا فقد اعتبرت انها تدعم وحدة اراضي سوريا وان اي خطوات منفردة من جانب واحد باطلة وانها تمانع وترفض اي شكل من اشكال الحكم الذاتي او قيام كيان كردي على حدودها ، بينما اكدت المعارضة السورية بكل اطيافها رفضها للخطوة الكردية واكدت ان تحديد شكل الدولة السورية سواء اكانت مركزية او فدرالية ليس من اختصاص فصيل بمفرده او جزء من الشعب وانما بعد وصول سورية الى المؤتمر التأسيسي السوري الذي يتولى وضع دستور جديد للبلاد من خلال استفتاء الشعبي يحدد طبيعة الحكم الذي يرتضيه السوريون دون اقصاء احد . بكل الاحوال ان موضوع حق تقرير المصير يطرح الكثير من الاسئلة واهمها هل من حق الاقليات القومية او الاثنية او الدينية ان تمارس حق الانفصال عن الدولة المركزية لمجرد رغبتها بذلك؟ بصرف النظر عن الاسباب الموجبة لهذا الانفصال ن وهل لعموم شعب الدولة المراد الانفصال عنها رأي في هذا الانفصال؟ ام يجب عدم السماح بتقرير المصير مما يعني استمرار الازمات، ام ان الحل سوف يكون عبر الر جوع الى ميثاق الامم المتحدة ومبادئ القانون الدولي وضرورة ايجاد حل ديمقراطي وعادل دائم لمشاكل الاقليات عبر دساتير عصرية تراعي حق الشعوب في تقرير مصيرها مع عدم المساس بوحدة الدول وسيادتها على جميع اراضيها


(قسم الدراسات في الحزب الشيوعي السوري-المكتب السياسي)
النظام العالمي في القرن الواحد والعشرين
أولا: أنواع الأنظمة العالمية:
من أجل فهم النظام العالمي المعاصر نحن بحاجة إلى الدخول في بعض التصنيفات النظرية والضرورية والتي تتعلق بأنواع النظم: 1-تحديد النظم العالمية من حيث عدد الأقطاب: أحادي القطبية – ثنائي القطبية – متعدد الأقطاب.
2-تحديد الطبيعة الخاصة بالنظام من حيث بنية قطبيته فيكون إما "محكم" Tight systemأو فضفاض loose system (مهلهل). وبالتالي يمكن أن يكون لدينا كأنواع للنظم العالمية وفقا للتحديدات السابقة:
1- النظام الأحادي القطبية – المحكم: في هذا النوع من الأنظمة نحن نتحدث عن احتكار شبه تام لجميع أدوات السلطة من قبل جهة مركزية وحيدة على المستوى العالمي، فتكون أحادية القطبية وكأنها أشبه بحكومة عالمية عابرة للقارات تنظم شؤون العالم عبر ميثاق أو دستور معين أو بدونه.
2- الأحادية القطبية الفضفاضة (المهلهلة):
في هذا النوع من الأنظمة يكون وجود مركز عالمي مهيمن متزامن مع وجود قوى عظمة وإقليمية تتمتع ببعض الاستقلال الذاتي وتحوز لنفسها بعضا من أدوات القوة. إن مفتاح فهم هذا النوع من الأنظمة العالمية يكون بالقدرة على التمييز بين القطب العالمي المهيمن و "القوى العظمى" المحيطة فيه، لينشأ لدينا مشهدا دوليا وجيوسياسيتا أكثر تعقيدا من النموذج السابق، حيث يتعرض المركز المهيمن (خلافا للنموذج السابق) للكثير من المنافسة وعلى أكثر من مستوى وفي أكثر من مجال، وليكون موقعه كقطب مهيمن بالذات مهددا من قبل منافسين كبار. ويتميز هذا النظام أيضا بوجود قوى إقليمية، حيث يكون لها إمكانيات للتحرك وفرض الهيمنة ضمن النطاقات والحدود الممنوحة لها من قبل القوى الكبرى والقطب المهيمن، ليزداد المشهد تعقيدا أكثر وأكثر.
لكن القاعدة العامة في هذا النمط أن الدولة المركزية (القطب المهيمن the dominate pole) متفوقة في امتلاك معايير القوة الدولية بحيث أنه لا يوجد لا دولة ولا تحالف ولا تكتل يمكن له ان يكون ندا لها.
- طبعا و بنفس الطريقة و اعتمادا على نفس منهج البحث يمكن لنا تصنيف وجود نظام ثنائي القطبية محكم (أقرب ما يكون إلى حكومتين دوليتين تقتسمان العالم ) و ثنائي القطبية فضفاض ( كالذي كان قائم في مرحلة الحرب الباردة حيث يوجد قطبين يخوضان تحالفات واسعة فضفاضة مع وجود دول مستقلة و غير منحازة ..) , و هناك النظام المتعدد القطبية الذي تعد أهم ميزة فيه غياب وجود الأقطاب إذ يكون هناك قوى كبرى فقط تخوض كل منها تحالفات مع قوى متوسطة و صغرى (و هو ما كان سائدا عشية الحربين العالميتين)و النظام المتعدد القطبية المحكم (البولي اركي) يتميز حتى بغياب القوى الكبرى ..
ثانيا: تحديد طبيعة النظام الدولي اليوم:
لنتمكن من تحديد طبيعة النظام الدولي اليوم ينبغي فحص معايير الهيمنة العالمية الحالية، حيث تتفق أغلب الدراسات الاستراتيجية اليوم على تحديد أربع معايير رئيسية هي: معيار القوة الاقتصادية – ومعيار القوة السياسية – ومعيار القوة العسكرية – ومعيار القوة العلمية والثقافية.
ومن هنا ينبغي البدء بالسؤال الأول: من هي القوة المهيمنة اقتصاديا اليوم على المستوى العالمي وما طبيعة المشهد الاقتصادي الدولي اليوم؟
يوجد لدينا اليوم ثلاث أقطاب اقتصادية رئيسية على المستوى العالمي اليوم :1-أمريكا الشمالية (الولايات المتحدة الأمريكية بالأخص) -2-أوروبا الغربية -3-الشرق الآسيوي (الصين واليابان بالأخص).
لقد حازت الولايات المتحدة الأمريكية على عرش التفوق الاقتصادي العالمي منذ الحرب العلمية الثانية تقريبا، ورغم وجود " قوى كبرى" منافسة ورغم كل أزماتها الاقتصادية لازالت الولايات المتحدة القوة رقم واحد على المستوى الاقتصادي العالمي، فناتجها الإجمالي المحلي (وهو من أهم مؤشرات قوة اقتصادات الدول) 17,968 تريليون دولار لتليها الصين بناتج إجمالي يبلغ 11,385 تريليون دولار ثم اليابان في المرتبة الثالثة بناتج إجمالي محلي بالغ حوالي 4,116 تريليون دولار.
وفعلا تتميز السوق الأمريكية اليوم بقوة وفاعلية تكاملية قل مثيلها على المستوى الدولي اليوم، فالاتحاد الأوروبي حتى اليوم لا يملك حتى تشريع مصرفي موحد! وتفككه الاقتصادي وعدم تكامل سوقه الداخلية يجعل منه بعيدا عن أن يكون قطب اقتصادي منافس للقطب الأمريكي، وأما عن دول الاتحاد الأوروبي منفردة: المانيا – بريطانيا-فرنسا، فإنها خارج ميدان المنافسة تماما إذ أن بلدا ناميا كالهند صار لديه ناتج إجمالي محلي يفوقها مجتمع (4,457تريليون دولار)
وبناء على أرقام النواتج الإجمالية المحلية هناك منافس جدي ووحيد للولايات المتحدة الأمريكية على المستوى الاقتصادي، وهو الصين. فهناك دراسات اقتصادية تنبؤيه اليوم تقول إن الاقتصاد الصيني سيتجاوز الاقتصاد الأمريكي (آو سيساويه على الأقل) في معدلات ومؤشرات قوته، إذا حافظ على معدلات ووتائر نموه الحالية (6-9%) في العام 2027 كحد وسطي، لكن أمام ذلك اليوم تحديات وصعوبات جمة، هي نقاط ضعف الاقتصاد الصيني

- نقاط ضعف الاقتصاد الصيني:
1- واحدة من أهم المشكلات والتحديات التي تواجه الاقتصاد الصيني اليوم هي مشكلة النمو الغير متكافئ داخل الصين نفسها، فنجد تباينا صارخا بين اقتصادات الأقاليم المزدهرة (مثل هونكونغ وواندوني) واقتصادات الأقاليم الداخلية الفقيرة التي لا تزال إلى اليوم تشهد مظاهرا "بدوية " ومتخلفة خاصة في أرياف الصين الداخلية التي قال عنها التقرير الإنمائي للأمم المتحدة 2014" إنها وخلافا لمقاطعات الساحل الغربي المتطورة، نجد أقاليما داخلية وشرقية لا تعرف شيئا عن العولمة ". إن هذه الأقاليم تعاني من معدلات "المثالية ": معدلات بطالة تتجاوز 15% -50 مليون صيني محروم من مياه الشرب المضمونة والنظيفة – أكثر من 80 مليون صيني يعيش تحت خط الفقر. وهذه كلها أرقام ومعطيات تضعف من زخم النمو الصيني وقوتها الاقتصادية على المستوى الدولي، وهي من النوع الذي لا يمكن تجاوزه بسهولة كما يقول الاقتصادي البريطاني " أريكسون" في دراسته عن الاقتصاد الصيني في القرن الواحد والعشرين.
2- اعتماد الصين بشكل أساسي على السوق الأمريكية القوية والنشطة، بوصفها المستقبل الرئيسي للصادرات الصينية، إضافة إلى اعتمادها على استقرار العملة الأمريكية (الدولار) بشكل رئيسي بسب احتياطي الصين الضخم من السندات الامريكية التي يتعامل معها البنك المركزي الصيني كاحتياطي من العملات الصعبة، هذا ما يجعل من الصين في قائمة أول المتضررين جراء أي تدهور في الاقتصاد أو العملة الأمريكية، كما حصل في 2008. ففي واقع الأمر السوق الأمريكية هي العتلة الرئيسية المحركة للاقتصاد الصيني وتراجع ازدهار هذه السوق سيكون وبالا على الاقتصاد الصيني أولا وقبل أي أحد آخر. خاصة أن مؤشرات الاستيراد الصينية مع الولايات المتحدة تظهر ضعفا في العديد من المجالات الحاسمة والرئيسة (فمثلا الصين لازالت المستورد الرئيسي والأول عالميا للحبوب من أمريكا – عدا عن التكنولوجيات الصناعية والعسكرية وقطاعات التقنيات الدقيقة والشرائح السلك ونية.) إذ أن المهم في بحث موازين التبادل التجارية بين الدول النوع وليس الكم.
3- تستند الصين اليوم في صادراتها على قطاع الصناعات الخفيفة، التي تعتبر المحرك الرئيسي لاقتصادها ونموها، أما قطاعات الصناعات التكنولوجية العالية الدقة high Tich وقطاعات الصناعات الدقيقة والحيوية فهي ميادين تتأخر فيها الصين تماما وتعتمد فيها بشكل رئيسي على الاستيراد والاستثمارات الأجنبية والخارجية. يقول توماس فريدمان عن هذا الموضوع " لن يصبح الاقتصاد الصيني قويا حتى نتوقف عن القول "صنع في الصين " ونبدأ في القول " صمم في الصين " والأهم " اخترع في الصين ".
حيث نجد أن واقع الاقتصاد الصيني اليوم على الشكل التالي: التصميم في الغرب أو اليابان، وبراءات الاختراع في الغرب أو اليابان والاستثمار فقط في الصين من اجل التصنيع برأسمال أجنبي للاستفادة من اليد العاملة الرخيصة والتسهيلات الصناعية والاستثمارية فيها.
4- هناك مؤشر حاسم يمكننا المرور عليه لاستبيان مقدار قوة اقتصاديات الدول وهو : توزيع الناتج الإجمالي المحلي على الفرد , وهنا نشهد ضعف الاقتصاد الصيني جليا أمام الاقتصادات المتقدمة و خاصة الولايات المتحدة فبينما يبلغ توزع الناتج الإجمالي على الفرد في الولايات المتحدة 56152دولار فنجد أنه في الصين لا يتجاوز 8126 دولار ,أي أكبر بتقريب ال7 أضعاف , و لذلك فان الأرياف الفقيرة و المتخلفة التي تعاني البطالة و الأوبئة و الفقر التي نجدها في الصين ,لا نجدها في الولايات المتحدة و أوروبا و اليابان , فتوزيع ناتج الإجمالي على الإفراد في جميع هذه البلدان أكبر بكثير من الصين ).
يمكن القول فعلا أن الصين هي " المنافس الاستراتيجي " الجدي والوحيد على المستوى الاقتصادي للولايات المتحدة، لكن ذلك كله رهن ب " استدامة التنمية " الصينية بمعدلاتها العالية الراهنة رغم التحديات والصعوبات الجمة التي رأينا أنها تواجهها. والحديث عن إزاحة الصين للولايات المتحدة عن عرش التفوق الاقتصادي العالمي وقيادة الأسواق الدولية رهن بالعقد أو العقدين القادمين ومسارات تطور الصين خلالهما.
إذا كانت الولايات المتحدة تواجه منافسات اقتصادية عملاقة على المستوى الدولي إلا أنها لا تزال إلى اليوم القوة المهيمنة ولاختزال حصتها من الأسواق والثروات الدولية هي الأكبر والأقوى، فنجد أننا وعلى المستوى الاقتصادي الدولي أمام مشهد أحادي القطبية لكن من النوع الفضفاض أو المهلهل بالضبط، وقطب هذا المشهد هو الولايات المتحدة الأمريكية.
- ومن هنا صار بالمكان الانتقال إلى السؤال الثاني عن القوة السياسية الدولية: من هي القوة المهيمنة سياسيا اليوم على المستوى العالمي وما طبيعة المشهد السياسي الدولي اليوم؟
على المستوى السياسي-الدبلوماسي اليوم نجد أن الولايات المتحدة هي اللاعب الأنشط دوليا على الساحة العالمية في مختلف المسائل وعلى كافة المستويات وفي شتى الأصقاع. إنها البلد الوحيد الذي يسهم ايجابيا وبفاعلية (وليس مجرد اتخاذ مواقف) في كل نزاع أو صراع إقليمي أو دولي ودون استثناء. إن ثقل الدور الأمريكي والسفارات الأمريكية المنتشرة في أنحاء العالم تنشر التوجهات السياسية الأمريكية وأجنداتها ومصالحها بدءا من القطب الشمالي وحق تقرير مصير شعوب الاسكيمو انتهاء بحقوق الملاحة في مضائق الفلبين العشرين...!
عدا عن حقيقة أن الولايات المتحدة اليوم هي المساهم المالي الأكبر في جميع المنظمات الجماعية والدولية مثل هيئة الأمم المتحدة والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي وكلها وسائل مد نفوذ وإخضاع سياسي بامتياز.
إن الولايات المتحدة هي الدولة الأولى عالميا من حيث ضخامة سفاراتها التي هي بمثابة أذرع ضخمة ومجسات تجعلها لاعب ومراقب وحكم دولي في جميع السجالات السياسية الدولية. فلا يوجد مسألة يمكنها أن تسمى " خارج مجال اختصاص الدبلوماسية الأمريكية " وهذا ما يتم عن طريق جيوش الديبلوماسيين والاختصاصيين والخبراء الأمريكيين المتمركزين في مناطق العالم الحساسة والثانوية سواء.
- بدءا من عام 2008 وبعد الحرب الروسية الجورجية بالذات برز لاعب سياسي عالمي بعد غياب طويل يحاول إظهار نوع من المنافسة والتحدي للزعيم العالمي ألا وهو روسيا. فبدأ تدخل الروس بمجموعة من المسائل السياسية الديبلوماسية والدولية العالقة والمتأزمة بحيث تستخدمها ك "عتلات " لتقوية نفوذها السياسي وزيادة ثقلها الجيوبوليتيكي في وجه التيار الجارف للديبلوماسية الأمريكية، وأبرز هذه المسائل: الأزمة الكورية – الملف النووي الإيراني – وبالتأكيد ملف الأزمة السورية ...
لكن هل هذا يعيني أنه قد صار هناك "قطبين " على المستوى السياسي العالمي هما واشنطن وموسكو؟
إن المؤشر الرئيسي لتفحص مدى استعادة روسيا لعافيتها السياسية و وضعها كقوة كبرى على المستوى السياسي هو محيطها ال"وسط أسيوي" , فقد كان هذا المحيط بقومياته المتعددة بمثابة "ساحة خلفية " لروسيا منذ العهد القيصري فارضة عليه ثقلها و نفوذها حتى في أشد حالاتها ضعفا .أما اليوم فان " النسر الأمريكي" بات ينافس " الدب الروسي " في عقر داره مانعا إياه من أن يصبح قوة سياسية مهيمنة حتى على المستوى الإقليمي !, فاغلب دول هذا المحيط الوسط آسيوي هي اليوم ذات حكومات موالية للولايات المتحدة الأمريكية , و ليس ذلك فقط بل فيها قواعد عسكرية أمريكية و قواعد إنذار مبكر و منصات صاروخية ,تجعلها خارجة تماما عن الفضاء الروسي بدءا من جورجيا و كازاخستان و اوزبكستان و أذربيجان انتهاءً بأفغانستان و الباكستان .
إن روسيا بعد ابخازيا وتدخلها العسكري ضد جورجيا في 2008 استطاعت استعادة بعض النفوذ في محاولات جاهدة حثيثة لخلق ثقل سياسي لها في المنطقة ليصير لديها بعض الحكومات الموالية في قرغيزيا واستونيا وارمينيا. إلا أن الوضع يبقى غير مستقر وهو لغير صالحها. وحالة هذا المحيط الوسط أسيوي بالنسبة للدب الروسي إن عكست شيء فهي تعكس ضعف روسيا السياسي أما الولايات المتحدة التي لازالت في الملعب السياسي الدولي " متفوقة بين أنداد" كما يقول الباحث الاستراتيجي الروسي أوتيكين.
أما عندما ننتقل إلى الفضاء " الشرق أوروبي" لروسيا فسيظهر لنا جليا مدى قصر التمدد الجيوبوليتيكي الروسي أما توسع أمريكي مستفحل عبر أدوات سياسية وعسكرية شديدة الفاعلية.
- أمام تفكك القرار السياسي الأوروبي (حيث و على المستوى السياسي حول كل مسألة سياسية تنشأ في داخله أقطاب ), و أمام خمول الصين السياسي يصبح الجواب عن السؤال الثاني بينا : فالولايات المتحدة هي القوة المهيمنة عالميا على المستوى السياسي لكنها تواجه تحديات و منافسة من قبل قوى كبرى و متوسطة تمانع و تعارض توجهاتها و أجنداتها السياسية , و ابرز هذه القوى اليوم هي روسيا , بالإضافة إلى مجموعة من " القوى المتوسطة" الإقليمية التي تشارك روسيا معارضتها هذه و تسعى جاهدة لفرض سيطرة على مستوى الإقليم مثل إيران و كوريا الشمالية . ليكون لدينا اليوم نظاما دوليا أحادي القطب من النوع الفضفاض أو المهلهل وقطبه هو الولايات المتحدة الأمريكية.
- أما بالنسبة للسؤال الثالث: من هي القوة المهيمنة عسكريا اليوم على المستوى العالمي وما طبيعة المشهد العسكري الدولي اليوم؟
فنجد هنا وخلافا للمجالات السابقة أنه لا وجود حتى لمنافس أو حتى مشروع منافس عالمي أو دولي، انه ميدان هيمنة أمريكية محكم نسبيا.
1- قوة ذات حجم هائل أكبر بما يقارب الضعف من أكبر قوة عسكرية مقاربة لها على كافة المستويات الحربية: الأسلحة النووية التكتيكية والاستراتيجية – الغواصات الهجومية – الأقمار الصناعية – التكنولوجيا العسكرية العالية الدقة، ففي جميع هذه المجالات تبرز الولايات المتحدة بوصفها قوة غير قابلة للمقارنة، وكما يقول الاستراتيجي المخضرم بريجنسكي " لم يكن هناك خلال الألف سنة الأخيرة فارقا ضخما لهذه الدرجة في المجال العسكري بين الدولة رقم والدولة رقم 2"
2- الإنفاق العسكري الأمريكي هو الأضخم عالميا بالغا أرقاما قياسية نحو 597.5تريليلون دولار اتليها الصين بإنفاق لا يتجاوز 145,8 تريليون دولار أما روسيا فتاتي في المرتبة السابعة بإنفاق يصل إلى حدود 42,8 تريليون دولار بحسب قائمة المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية.
3- رغم إنفاقها العسكري الضخم فانه لا يشكل عبئا على الناتج الإجمالي المحلي عند الولايات المتحدة الأمريكية فهو يصل إلى حدود 3-3,5 % على عكس بلدان أخرى مثل روسيا حيث يصل إلى 5-7% مما يجعله عبئا ضخما في ظل النواتج الإجمالية المحلية المتواضعة (إيران 13%).
4- الولايات المتحدة هي القائد الفعلي لأكبر تحالف دولي عسكري (الناتو) والمساهم المالي العسكري الأكبر فيه. وهو بمثابة ماكينة عسكرية (الأقوى عالميا) تقف على رأسها الولايات المتحدة مما يجعل الدول التي خارجه عاجزة فعليا على المستوى العسكري.
5- الولايات المتحدة هي أكبر مصنع للسلاح في العالم وتهيمن على أكثر من 50 % من تجارة السلاح الدولية مما يجعلها تاجر السلاح الأكبر عالميا.
6- الولايات المتحدة هي الدولة ذات الانتشار الأكبر عالميا من ناحية الأساطيل الحربية والقواعد العسكرية: 395 قاعدة عسكرية ضخمة وأكثر من 500 قاعدة عسكرية صغيرة في أكثر من 35 دولة.
مع سبعة أساطيل هي الأضخم عالميا تنتشر في جميع المحيطات والبحار دون استثناء من بحر الصين الجنوبي إلى البحر المتوسط مرورا ببحر قزوين. مما يؤمن لها إشرافاً مباشرا على جميع الأقاليم والممرات والمعابر المفتاحية بالعالم وعلى أعلى المستويات
7- تمتلك الولايات المتحدة القوة العسكرية الأكثر استخداما للتكنولوجيا الحديثة العالية التقنية بدءا من أجهزة السطع والمراقبة وتكنولوجيا G31المرتبطة بالأقمار الصناعية، انتهاء بصواريخ كروز وتماهوك الذكية والعابرة للقارات.
يقول الاستراتيجي الأمريكي بريجنسكي عبارة بليغة تعبر عن الموقف بدقة: " يجب الاعتبار أن اية محاولة لمنافسة الولايات المتحدة عسكريا ميؤوس منها. ولهذا السبب لا أحد يحاول ذلك!" .
ان هذا الجانب من جوانب الهيمنة الأمريكية العالمية وخلافا الجانبين السابقين لا يظهر فيه أي منافس جدي استراتيجي، وان أي من القوى الكبرى لا يشكل تهديدا على هيمنة الولايات المتحدة ضمن هذا المجال على المدى المنظور، فبقية القوى الكبرى تمتلك أدوات عسكرية تسمح لها بفرض هيمنة اقليمية في أحسن الأحوال أما على المستوى العالمي تتربع الولايات المتحدة على عرش التفوق العسكري ويبدو إنها ستظل شرطيا للعالم وحافظا للأمن الدولي على مدى بضعة عقود مقبلة.
- السؤال الرابع: من هي القوة المهيمنة علميا وثقافيا اليوم على المستوى العالمي وما طبيعة المشهد الدولي على هذا المستوى اليوم؟
يمكننا أخذ مؤشر حاسم في هذا المجال هو عدد براءات الاختراع والأوراق البحثية العلمية التي تنشرها كل دولة من دول العالم: فلدينا الولايات المتحدة في الصدارة ب 310206بحث وبراءة اختراع لتليها الصين ب 142645 بحث وبراءة اختراع سنويا، أي أقل من النصف وفي المرتبة الثالثة والرابعة على التوالي بريطانيا واليابان ب 90018 و68308 بحث وبراءة اختراع سنويا.
ان ميزانيات الإنفاق والبحث العلمي الأمريكية هي الأعلى عالمياً، فلدينا معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا على سبيل المثال الذي ينفق سنويا نحو 232 مليار دولار وهو رقم أكبر من ميزانيات كثير من الدول العربية ودول العالم الثالث.
مراكز الأبحاث الأمريكية اليوم هي الرائدة والمتقدمة في جميع مجالات العلوم الحديثة:
الانترنيت والحواسيب الفائقة السرعة – أجهزة البث الفضائي – الألياف الضوئية – العلوم الوراثية والجينية – الأبحاث النووية، بالإضافة إلى ما يسمى بالعلوم الأساسية: الرياضيات والفيزياء الحديثة ومشتقاتهما حيث أن الأبحاث الصادرة عن الولايات المتحدة هي الأكثر غزارة والأحسن نوعية على المستوى العلمي العالمي.
ومن أبرز معالم التفوق الأمريكي العلمي الحديث وجود حوالي 10000 جامعة ومعهد بحث علمي في الولايات المتحدة بينما العالم كله لديه 7768جامعة ومعهد بحث!
إن البنية التحتية القاعدية والعلمية والهندسية التي تمتلكها أمريكا تعد الأولى عالميا حيث لا وجود لمنافسة جدية لها من قبل أي من " القوى الكبرى" اليوم بحيث لا تزال المحرك الأقوى والأول للابتكار في العالم، وبرامجها الدراسية متفوقة بأشواط حتى على تلك الموجودة في ألمانيا واليابان وليس في فقط في مجالات الدراسات العليا والجامعية، بل أيضا في المدارس الثانوية والصفوف الأولية، التي تتمتع بإنفاق حكومي سخي وميزانيات بحثية وتمويلية عامة وخاصة ضخمة.
إن تحديد طبيعة النظام الدولي تغدو ممكنة وقابلة للقياس كنظام أحادي القطبية من النوع الفضفاض أو المهلهل مع وجود الولايات المتحدة كقوة أولى مهيمنة على المستويات الأربعة الدولية التي تحدد معايير قوة الدول، وهذا يسمح لنا ببناء تحليلات سياسية -واقتصادية عالمية -وإقليمية أكثر دقة وأكثر علمية، فنرسم لنا نحن العرب طريقنا نحو التحرر وليكون لنا مكان تحت الشمس.


لهذه الأسباب نهضت أحزاب اليمين المتطرف في أوروبا
كثرت في الآونة الأخيرة، على صفحات الجرائد الورقية والإلكترونية وشاشات التلفزيون ووسائل التواصل الاجتماعي، التحليلات ومحاولات تفسير صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا، بين يمين يرى "صحوة" أوروبية بيضاء ضد ما سببته سياسة الانفتاح الليبرالي على الهجرة، وترويج الحكومات لـ "المجتمع متعدد الثقافات"، وبين ليبراليين يتباكون على ما يجري ويرون أن الشعب "الذي لا يعرف مصلحته" لم يعد يصدق ولا يستمع لـ "النخبة المستنيرة"، وبين يسار أوروبي مشتت في "سياسات الهوية" يرى بعضه أن صراعه الأساسي هو لون البشرة ومكافحة العنصرية والدفاع عن قضايا المثليين، ضارباً الصراع بعرض الحائط، بحجة أنه أصبح "موضة قديمة".
تداخل الهجرة بالهوية والثقافة
يذكر بروفيسور علم الاجتماع في جامعة ستوكهولم "ينس ريدغرين" في مقال أكاديمي له أن قضايا الهجرة واللجوء هيمنت بشكل هائل على سياسة الأحزاب اليمينية المتطرفة ليس فقط في أوروبا الغربية، بل في دولها الشرقية أيضاً، خلال السنوات الأخيرة. وأن هذه القضايا كانت عامل جذب العديد من الناخبين إلى هذه الأحزاب التي أعربت عن رغبتها بإيقاف الهجرة نهائياً إلى دولها.
لكن وبحسب ريدغرين فإن المجتمع الأوروبي منفتح ونظامه معقد، لذلك فإن إيجاد تفسيرات واضحة أمر صعب، لكن أحد العوامل المهمة في زيادة شعبية أحزاب اليمين المتطرف، كان تشابك قضايا الهجرة واللجوء مع قضايا الثقافة والهوية والقيَم، لتأخذ مكاناً أكبر في الساحة السياسية على حساب الصراع السياسي التقليدي بين اليمين واليسار، ويكون الخوف على القيم الهوية الأوروبية، من المهاجرين، الفزاعة التي هرعت بالناخبين للارتماء في أحضان اليمين المتطرف، وكانت، أحياناً، أهم بالنسبة للناخب اليميني من عوامل الاقتصاد الاجتماعي، رغم أن سوء الحالة الاقتصادية تولد سخطاً كبيراً يتم التعبير عنه من خلال قضايا الثقافة والهوية.
ووفقاً لريدغرين فإن نظرة شاملة على وضع الناخبين في معظم الدول الأوروبية تظهر أن الذين يعادون المهاجرين، إما لم يزداد عددهم، أو انخفض خلال العقود الأخيرة، وأنه بالرغم من رغبة العديد من الناخبين الأوروبيين تقييد الهجرة، إلا أنها لم تكن السبب الحاسم لكي يختاروا حزباً آخر، وأن قضايا الاقتصاد الاجتماعي ما زالت مهمة للكثيرين في تحديد مواقفهم، أي أن من صوت لليسار كان مع سياسة إعادة توزيع الاقتصاد، ومن صوّت للمحافظين أو الليبراليين كان مع سياسة خفض الضرائب.
إن صياغة الأحزاب اليمينية لسياستها كان أمراً حاسماً لها، وفقاً لريدغرين، وبالنسبة لهم فإن الفقر والتهميش الاجتماعي لم يكن تفسيراً مهماً لزيادة شعبيتهم، لأن أغلب المفقرين والمهمشين هم من الذين لا يصوتون نهائياً، ومن المهاجرين الذين يصوتون بنسبة أقل لهذه الأحزاب.
خيبة أمل الطبقة العاملة
عامل مهم آخر، بحسب ريدغرين، في زيادة شعبية اليمين المتطرف كان خيبة أمل الطبقة العاملة من عدم تحسن وضعها المادي مع الوقت، وتعبيرها عن هذه الخيبة بطرق مختلفة، بدل أن تطالب بزيادة المساواة الاقتصادية في المجتمع، لأن هذا الأمر يعني بالنسبة لهم التضامن مع الفقراء والمهمشين، وبالتالي مع المهاجرين، كما قد يؤدي تضامنهم إلى زيادة في الضرائب.
وهكذا عبرّ جزء من الطبقة العاملة عن غضبه إما ضد النخبة السياسية، أو عبر إلقاء اللوم على المهاجرين والأقليات العرقية التي "تنافسهم على مواردهم الاقتصادية".
المكانة الاجتماعية والمستوى التعليمي
بحسب ريدغرين فإن سبب آخر لزيادة شعبية اليمين المتطرف هو هبوط منزلة الأوروبيين الاجتماعية، مقارنة بأمثالهم في المجتمع، أي أن مكانتهم يجب أن تكون دوماً أفضل من المهاجرين أو السود مثلاً. وبالنسبة للرجال كان هبوطاً لمكانتهم مقارنة بالنساء، وهذا التهديد أدى بهذه الفئات إلى دعم الأحزاب اليمينية المتطرفة.
يشير البروفيسور السويدي إلى أن المستوى التعليمي، كان له دوراً واضحاً أكثر من الاقتصادي، لأنه وفقاً للإحصاءات فإن أكثرية ناخبي اليمين المتطرف هم الأقل تعليماً، ويعود السبب لأن الدراسة ورأس المال الثقافي تعطي منزلة عالية للشخص في المجتمع الحالي، إلى جانب المعيشة في عواصم الثقافة العالمية، ما يؤدي إلى نمو استياء ضد هذه النخبة المتعلمة والنافذة إلى سلطات القرار من قبل الناخبين الذين لم يحققوا هذا المستوى ويرون أنهم مستضعفين ثقافياً، إلى جانب "الصراع الخفي" بين سُكّان الأرياف والمدن الصغيرة وبين سُكّان المدن الكبرى، أو ما يسمى الناس العاديون مقابل الطبقة والمؤسسة الحاكمة، حيث يملك، وبشكل عام، سكان الريف والمدن الصغرى، ثقة ضعيفة بالمؤسسات السياسية، ويميلون إلى أن يكونوا أقل تسامحاً مع المهاجرين والأقليات، وبالتالي فإن تعبئتهم من قبل الأحزاب العنصرية ضد المؤسسة الحاكمة ليس بالأمر الصعب.
كما أن مستوى التعليم يحدد نوع الصحف والوسائل الإعلامية التي يستخدمها الشخص، ما يؤثر بشكل كبير في وعيه السياسي.
العولمة
سبب آخر لنمو أحزاب اليمين المتطرف، وجد مكاناً صغيراً في مقال ريدغرين، هو غياب سياسة اقتصادية وطنية مستقلة، نتيجة عولمة الاقتصاد، وإنشاء بنوك مركزية مستقلة، ووضع أهداف استقرار وتضخم دولي ثابت. وهذا أدى إلى زيادة التقارب بين الأحزاب المترسخة في البنية السياسية الأوروبية (محافظون واشتراكيون ديمقراطيون) وتسبب بتجمع العديد من الناخبين في الوسط وإلى جانب الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية (المقتربة من اليمين أكثر من اليسار). أدى هذا التكتل إلى صعوبة إثارة حماس الناخبين ووسائل الإعلام، وبالتالي فإن البعد الاقتصادي الاجتماعي جرت إزاحته من الساحة السياسية، وأُفسح الطريق أمام قضايا الثقافة الاجتماعية التي تخلق بسهولة صراعات بين أفراد المجتمع.
من ناحية أخرى، ترى الكاتبة والمؤرخة السويدية Åsa Linderborg في مقال لها أن الأسباب الرئيسية لصعود اليمين المتطرف في أوروبا تعود إلى العولمة والسوق الليبرالي، بشكل أساسي، يليه تدهور الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية التي فقدت ثقة الناس بها وتخلّت عن جذورها الطبقية واتجهت نحو اليمين، وأخيراً تركيز اليسار على سياسات الهوية كان له أثراً في تشتت الصراع الطبقي.
وحول نجاح ترامب في أمريكا تشير ليندربوري إلى أنه لا يجب إلقاء اللوم على "الرجال البيض الغاضبين"، فهم لجأوا إلى هذا الخيار لأنهم فقدوا ثقتهم بالنظام وبالمؤسسة الحاكمة، وإن كل ما يريدوه هو وظيفة وحماية اجتماعية، مؤكدة أن العدو المشترك هو الرأسمالية والإمبريالية.
قوقعة الليبراليين
إن ما يحدث الآن من صعود لليمين المتطرف حذّر منه اليساريون والماركسيون منذ مطلع ثمانينيات القرن الماضي ومنذ ازدهار الليبرالية الجديدة، كما تشير ليندربوري، لكن رغم ذلك فإن كل نتيجة انتخابات في أي بلد متقدم، كانت تصدم الليبراليين وكأنهم يعيشون في قوقعة معتقدين بأن كل شيء يسير على ما يرام، حتى أزمة 2008 المالية لم تجعلهم يَشكّون ولو للحظة بما تسببته سياساتهم.
وتقارن ليندربوري ما يحدث الآن بما جرى مطلع ثلاثينيات القرن الماضي، وقبل الحرب العالمية الثانية، من ناحية الفجوة الكبيرة في الدخل بين الأغنياء والفقراء، مُذَكِّرة بأن الإجراءات الليبرالية للمؤسسة الحاكمة لم تنفع في علاج الظلم الاقتصادي الموجود، وسط استمرار خصخصة الحقوق الاجتماعية وضرب الطبقة العاملة والتجاهل الأعمى للأزمة، دون الاستماع للناس أو إيجاد حلول للظلم والمشاكل الاجتماعية التي أوجدوها، حتى هتلر تعجّب من رفض النخبة ورجال الأعمال تلبية ولو مطلب واحد من مطالب الطبقة العاملة، وهنا رأى فرصته.
ورغم الأعداد الهائلة من الكتب والأفلام التي تتحدث عن فظاعات الحرب العالمية الثانية، وما فعله هتلر، لكنه لم يتم حقيقة البحث عن أسباب صعود النازية والفاشية، وكما تؤكد ليندربوري فإنه من الصعب فهم أسباب حدوث الحرب العالمية الثانية دون استيعاب الأزمة الليبرالية، التي تُفضل النخب فيها على الاستثمار باليمين المتطرف بدل التعاون مع الحركة العمالية.
وعودة إلى وقتنا الحاضر فإن عدم وجود نقد ذاتي لدى الليبراليين يجعل من المستحيل وصولهم إلى حل، ويمنعهم من فهم سبب صعود اليمين المتطرف والشعبوي، وحتى رؤية العلاقة بين الحروب الأمريكية الاستعمارية في الشرق الأوسط والإنهيار الجاري في منطقتنا.
سياسات الهوية
وفقاً لليندربوري فإن السبب الثالث الذي لعب دوراً مهماً في صعود اليمين المتطرف وتشتيت الطبقة العاملة هو تركيز الأحزاب اليسارية والنشطاء على سياسات الهوية كالنسويّة والدفاع عن حقوق المثليين والأقليات العرقية والقضايا القومية ومعاداة العنصرية، ووضعها كالصراع الوحيد الذي تناضل من أجله، أدى إلى تقسيم الطبقة العاملة، بدل التركيز على الصراع الطبقي، الذي سيحل كل هذه القضايا الأصغر منه، ويجمع الطبقة العاملة دون أن يفرقها، مع التأكيد على مساواة جميع البشر.
خاتمة
بين مواضيع الهجرة والهوية ومستوى التعليم والاقتصاد، فإنه هناك أسباب تحتاج إلى تسليط ضوء أكثر كالهيمنة الفكرية عبر المناهج التعليمية وسائل الإعلام والإنتاج المرئي بكافة أشكاله حتى في الألعاب الإلكترونية، التي تشتت الناس والطبقة العاملة، وتمنعهم من التفكير النقدي وفهم ما يجري حولهم وتضع لهم الأثرياء كمُثُل عليا، عليهم أن يسعوا للوصول إليها.
إضافة إلى الهيمنة الغربية على بلادنا وحروبها المباشرة وغير المباشرة، ووقوفهم مع المستبدين ومحاربتهم لكل محاولة استقلال وبناء حقيقي لمجتمعاتنا، ما تسبب بتوليد تربة خصبة صعدت فيها التنظيمات المتطرفة، التي حرقت وتحرق الأخضر واليابس.

العلمانية
ما يهم حقاً في موضوع العلمانية ليس جذر الكلمة العربية إن كانت مشتقةً من علم أو عالم، وما يهم حقاً في الميدان التجريبي والواقعي ليس إن كانت العلمانية لا تعترف بالمعرفة الميتافيزيقية أم إن كانت وضعية! [إن لفظ علمانية في اللغة اللاتينية Laicism مشتق من Laity، التي تعني المدني المنفصل عن إكليروس.]
إنّ ما يهم في الميدان السياسي والتطبيقي هو تجليات العلمانية كحالةٍ قانونية أو اجتماعية بغض النظر عن مفهومها، الذي هو بالطبع كحالةٍ مجردة لا يصنع نفسه أو المجتمع، بل إن كل مجتمع ينتج علمانيته الخاصة، أي أن الأفكار لا تصنع الواقع ويكون مفهومها محكوماً بالظروف الاقتصادية والاجتماعية والضرورات التي أدت إلى نشوء الحالة.
إن العلمانية في أوسع معانيها هي فصل الزمني عن الروحي، وتحقيق استقلاليةٍ للتشريعات والقوانين الناظمة لمجتمعٍ ما عن التشريعات الدينية” الروحية“، ولربما الخوض في التعريف من أوسع أبوابه يودي بنا إلى هشاشةٍ في بنيان المفهوم.
إن العلمانية كما يحبذ البعض أن يقدمها على أنها معنية بدور الإنسان في العالم، هي معنيةٌ أيضاً بجعل المجتمع (في كليته وليس في حالة الأفراد) زمنياً يلبي الحاجات الموضوعية والمتطلبات الزمنية في قوانينه وتشريعاته الناظمة للعلاقات في المجتمع المعني، إضافة إلى ذلك فإن العلمانية كما يصفها البعض من المفكرين العرب والقوميين وذلك بعد إدراكهم للضرورة الحتمية لها” هي الضرورة التاريخية من أجل تحقيق الوحدة الاجتماعية ودفع عجلة التنمية الاقتصادية“. وهنا ارتبط تفسيرهم للعلمانية بسيرورة تحديث المجتمعات.
ولكن شعبياً أو حتى بين أوساط المثقفين والسياسيين ارتبط مفهوم العلمانية بالتجربة الأتاتوركية وعلمانية شاه إيران الحديثتين نسبياً، اللتين كانتا علمانيتين دكتاتوريتين قاسيتين، وتلك الحالة تُعرف بالمفهوم السياسي Secularism الذي لا يعني إقصاء الدين فحسب عن التشريعات والقوانين بل إبعاد الدين عن أي دورٍ مؤسساتي من الممكن أن يقوم به [على سبيل المثال منع المدارس الدينية ومنع أي ظهور علني للدين والطقوس الدينية وهنا اقتصر الدين على الشعور الداخلي الجواني للفرد.]
وهاتان الدكتاتوريتان العنيفتان قد أساءتا إلى العلمانية كحالة نظامٍ اجتماعي بالنسبة لمجتمعات الشرق أوسطية المتدينة نسبياً [هنا أصبحت العلمانية وللأسف تعني وجه نقيضاً للدين، أي إلحادية] لأنها ربطت على نحوٍ عضوي تلك التجارب؛ والعلمانية عموماً، بالسمات التي اكتسبتها العلمانية خلال نشوئها في البلدان الغربية، وقد أفقد هذا الربط غير المفهوم الخصوصية للمجتمعات في كل حالة من حالات أو نماذج العلمانية، وحتى بين أواسط العلمانيين أنفسهم نرى من يتكلم عن علمانيةٍ شبيهة بالنموذج الفرنسي أو التركي Secularism ويعممونها على كل نماذج العلمانية، وبذلك يعرّفون العلمانية بالأغراض التي أرادت الحركات العلمانية تحقيقها في الغرب؛ أي محاربة سلطة الإكليروس وإبعاد النزعة الدينية عن الأمور العلمية، وإن أمر رفض العلمانية بات سهلاً بعد ذلك الربط غير المعقول!.في هذا الصدد يتجاهل هؤلاء أن هناك نموجاً آخر للعلمانية laicismفي الغرب يفصل الدين عن الدولة ولايفصل بين المتدينين والسياسة ويعطيهم الحق ماداموا يقبلون بمبدأ الفصل بين الدين والدولة في أن يؤسسوا احزاباً سياسياً تنبع أيديولوجيتها من منابع دينية(مثال الأحزاب الديمقراطية المسيحية في ألمانية وايطاليا واسبانية والبرتغال).
وانطلاقاً من هذا الربط والفهم يجد المناهضون للعلمانية أن أمر دحض أو رفض العلمانية بات سهلاً للغاية، لأنه يتعارض مع خصوصية المجتمعات الشرق أوسطية [على حد زعم بعض المنظرين للإسلام السياسي الذين يرون أن في الإسلام لا وجود لسلطة مشابهة لسلطة الإكليروس، ولا وجود لمؤسسةٍ مشابهة للكنيسة تلعب دور الوسيط بين المؤمن والإله، ولا تتحكم في شؤون الدولة ومقدراتها، ولذلك لا حاجة للعلمانية التي تكون في نظرهم فقط لمحاربة سلطة الإكليروس أو ما شابه.]
ويكونون بذلك قد أهملوا أهم العوامل التاريخية والاقتصادية وينظرون نظرة كليةً وشمولية على كل المجتمعات وكل العلمانيات، وقد أهملوا أيضاً الطابع الكلياني الذي تصنعه الدولة الدينية حتى لو لم يوجد فيها سلطة مشابهة لسلطة الإكليروس [على سبيل المثال، تصبح الانتخابات والواجبات الوطنية ملزمة شرعياً، ولا يعود هناك حيز شعور وطني.].

السوريون في السويد: من ستة أشخاص إلى ثاني أكبر جالية
للجالية السورية في السويد تاريخ ليس بالبعيد، لكنه حافل بالتجارب المثيرة والتحديات الاجتماعية والاقتصادية. مجموع السوريين في السويد كان ستة أشخاص فقط عام 1960، وفق أرقام مكتب الإحصاء المركزي السويدي SCB، ليصبحوا في نهاية العام 2016 ثاني أكبر جالية بعد الفنلندية. وتعتبر الأزمة السورية السبب الأساسي لهذه الزيادة الكبيرة، التي دفعت بأكثر من 880 ألف لاجئ سوري إلى الانتشار في أوروبا وحدها، ليقرر عدد كبير منهم متابعة رحلته شمالاً إلى السويد.
السويد والهجرة
يبلغ عدد سكان السويد عشرة ملايين نسمة، 1,7 مليون منهم مولودين خارجها. تاريخ السويد في الهجرة ليس مثيراً فقط من ناحية الاستقبال بل أيضاً بالمهاجرين الذين تركوها. فبين عامي 1860 و1930 هاجر من السويد 1,4 مليون نسمة، أي ربع سكانها تقريباً وقتها، توجه معظمهم إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية في السويد وارتفاع معدلات البطالة وقلة عدد المساكن.
بعد الحرب العالمية الثانية وتطور التصنيع في السويد، ازدادت فرص العمل والحاجة الماسة إلى اليد العاملة الصناعية، فانتقل الاقتصاد إلى مرحلة صعود وازدهار، تلاه أزمة مطلع التسعينيات. ومنذ العام 2011 بدأت الهجرة من السويد إلى الارتفاع مجدداً حيث وصل العدد إلى 50 ألف شخص سنوياً، أغلبهم من المهاجرين السابقين، ومعظمهم عاد إلى بلده الأصلي. أما 37% ممن ترك السويد عام 2016 كانوا من المولودين فيها، وكانت الدنمارك الوجهة الأكثر جاذبية لهذه الفئة، إلى جانب الدول الإسكندنافية الأخرى وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، مقابل هجرة 163 ألف شخص إلى السويد في العام نفسه.
المهاجرون السوريون في السويد
بعد تدهور الأوضاع في سوريا، وفي أيلول/سبتمبر 2013 قررت مصلحة الهجرة السويدية منح الإقامة الدائمة لجميع طالبي اللجوء السوريين الواصلين إلى أراضيها، عدا مرتكبي جرائم الحرب، وكانت بذلك أول بلد في الاتحاد الأوروبي يقدم هذا العرض. فاستقبلت على أثره ما يقارب 110 آلاف طلب لجوء من السوريين من مجموع 884,461 طلب لجوء قُدِّم في مختلف الدول الأوروبية خلال الفترة ما بين نيسان/أبريل 2011 وتشرين الأول/أكتوبر 2016، وفقاً للمفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة.
ينحدر السوريون في السويد من جميع الأطياف، ويعكسون بنية المجتمع السوري إلى حد كبير. ومن ستة سوريين فقط عام 1960، وصل العدد أواخر العام 2016 إلى أكثر من 166 ألف شخص، وصل معظمهم بعد أحداث العام 2011، ومن مجموعهم فإن 34 ألف شخص منهم ولدوا في السويد. وبذلك أصبح السوريون في السويد ثاني أكبر جالية بعد الفنلندية.
وتتركز أكبر التجمعات السورية، من المولودين في سوريا، في خمس بلديات:
- سودرتاليا 6758 شخص
- ستوكهولم 6537 شخص (المقصود هنا بلدية وليس المحافظة)
- يوتيبوري 5701 شخص
- مالمو 5109 شخص
- نورشوبينغ 4968 شخص
وبحسب أرقام مكتب الإحصاء المركزي SCB للعام 2014 فإن 38% من السوريين في السويد لديهم تعليم ما دون الثانوي، والبقية تحمل الثانوية والشهادات المهنية الأخرى والجامعية، وهي نسبة مرتفعة مقارنة بالجاليات الأخرى التي وفدت إلى السويد في الفترات السابقة من تشيلي في السبعينيات وإيران ثم العراق والصومال وأفغانستان وأريتيريا.
التحديات الاجتماعية والاقتصادية
رغم سمعة السويد المعروفة بمجتمع الرفاهية ونموذجها الاقتصادي الذي يجمع بين اليمين واليسار واقتصاد السوق والملكية الحكومية الواسعة، إلا أن مجتمعها يعاني من مشكلة متأزمة لم نعتد عليها في بلداننا. وهي مشكلة السكن، فمن أجل أن يحصل الشخص على عقد أولي للإيجار مع أي شركة سكن، خاصة أو بلدية، فإن متوسط فترة الانتظار في ستوكهولم تصل إلى سبع سنوات، وذلك فقط من أجل عقد (يسمى بالأبيض) للإيجار فقط، مع استثناءات واختلافات في المدن الأخرى الأصغر.
وبالتالي انتشرت العقود المسماة بالسوداء، مع إمكانية طرد مفاجئ، وبإيجارات باهظة الثمن وأحياناً ضعف التكلفة الأصلية، وخاصة في المدن الثلاث الكبرى ستوكهولم ويوتيبوريومالمو لتواجد معظم فرص العمل فيها.
لكن من تم فرزه أو اختار العيش في المدن الشمالية أو الأخرى التي تعتبر أسهل في موضوع السكن، ظهرت له مشاكل أخرى وهي قلة فرص العمل، وقلة عدد السكّان، ما أدى إلى ظهور صعوبات في الاندماج ودخول سوق العمل وسط المنافسة مع المولودين في السويد وخاصة في المدن المتوسطة والصغيرة.
ورغم ذلك إلا أن سوق العمل السويدي يتميز بقوة في العديد من القطاعات الاقتصادية الأخرى وسط حاجة ماسة إلى أيدي عاملة وخاصة في مجالات الصحة والتعليم والخدمات والبناء والتكنولوجيا.
النشاطات الثقافية
تمكن السوريون من تأسيس نشاطاتهم الثقافية بالعديد من الأندية والمراكز أكبرها "النادي السوري"، وهو أقدم نادي للسوريين في أوروبا، وثالث أقدم نادي لهم في العالم، بعد نادي ساو باولو في البرازيل ونادي الأرجنتين، وهو أحد أفرع الاتحاد العام للمغتربين السوريين، الذي مقره المركز نفسه.
تأسس النادي السوري عام 1977، وهو نادي اجتماعي، ثقافي، رياضي، غير سياسي وغير ديني، والهدف منه ضم السوريين تحت سقف واحد، والتواصل فيما بينهم، كما يجمع جاليات عربية أخرى، وينظم العديد من النشاطات الاجتماعية والثقافية ولديه أقسام للعائلات والشبيبة والأطفال وجمعية للمرأة ولكبار السن، ويمتلك مئات الأعضاء، كما ينظم دورات لتعليم اللغة السويدية بالتعاون مع معاهد تعليمية. وتمكن من خلال هذه النشاطات إلى جمع نسبة كبيرة من السوريين في مكان واحد، رغم الانقسامات الحادة بعد أزمة 2011.
خاتمة
لا يمكن التخمين وتقديم التحليل الدقيق حول كيفية انتهاء الأزمة السورية، ومتى؟ وكيف سيكون شكل الحكم فيها؟ أو حتى إذا ستبقى كما نعرفها، أو ستتحول إلى عدة أقسام أو فيدراليات! لكن المؤكد هو أن كل الجاليات، وليس فقط السورية، تساهم بالكثير من ثقافتها وتاريخها ومجتمعها في المغترب كما تتلقى وتتعلم الكثير من الخبرات في معظم المجالات. وبحسب أرقام الهجرة العكسية من السويد، فلربما يعود العديد من السوريين في المستقبل للمساهمة في بناء البلد الذي تركوه مُرغمين.
--------------------------------------------------------------------------------------

شخصية من ذاكرة السوريين

محمد علي العابد 1876-1939
سياسي ودبلوماسي عربي سوري، وأول رئيس للجمهورية السّورية بين الأعوام 1932-1936، وهو أول رئيس يتم انتخابه ولا يُعيَّن تعيين، كان العابد يمثل عند انتخابه "الأرستقراطية الدمشقية والمتقدمة في العمر، إذ كان يبلغ عند انتخابه، السبعين من عمره. تمتع الرئيس العابد قبل انتخابه بعلاقات جيدة مع الموالين للانتداب الفرنسي والكتلة الوطنية، وهو ما أمَّن انتخابه لهذا المنصب. وكان العابد أول من حمل لقب "رئيس الجمهورية" في سوريا، إذ أن من سبقوه سمّوا رؤساء الدولة لعدم وجود دستور يتبنّى النظام الجمهوري. استقال الرئيس العابد سنة 1936 بحجة كبر سنه وذلك قبل انتهاء ولايته التي تمتد لخمس سنوات، وذلك تمهيداً لتدشين حكم الكتلة الوطنية بعد إقرار المعاهدة السّورية الفرنسية.
________________________________________________________________________

من ذاكرة الشيوعيين في سوريا ولبنان

إبراهيم يوسف يزبك 1901-1982
يعتبر «يزبك» من أول ناشطي الحركة الشيوعية في مصر وسوريا ولبنان، ومن المؤسسين الأوائل للحزب الشيوعي في سوريا ولبنان قبل أن ينفصلا في العام 1964. انصرف منذ سن مبكرة إلى الأدب والصحافة، وبدأ عمله بالصحافة في العشرين من عمره وكتب في أكثر من جريدة ومجلة وأصدر جريدتين سياسيتين هما «الإنسانية» في ١٩٢٥ واليسار في ١٩٣٠ وشارك في النضال الوطني ضد الانتداب الفرنسي وعطلت صحيفتاه واعتقل ونفى أكثر من مرة.
وبعد عودته من باريس استأنف نشاطه في الصحافة والكتابة وأسس "عصبة تكريم الشهداء» مع آخرين وانصرف إلى كتابة التاريخ وأسس مجلته الشهرية «أوراق لبنانية» المتخصصة في تاريخ لبنان وصدرت في يناير ١٩٥٥ وتوقفت في ديسمبر ١٩٥٨ ثم ترك لبنان في ١٩٧٧ لباريس ليمضي سنواته الأخيرة.
وليزبك الكثير من المؤلفات منها «حكاية أول نوار في العالم العربي"، «مؤتمر الشهداء» و«تطور الشعر العربي» و «النفط مستعبد الشعوب"، «كتاب الشهيد"، «المحررون"، «الجذور التاريخية للحرب اللبنانية» و«ثورة وفتنة في لبنان»
________________________________________________

تواريخ سورية
1954
تمَّت الانتخابات التشريعية في سوريا بتاريخ 24 و25 أيلول/سبتمبر وتمَّت دورة الإعادة في 4 و5 تشرين الأول/أكتوبر. أظهرت نتائج هذه الانتخابات تراجع شعبية الأحزاب السورية مقابل المستقلين، الذين هم في الغالب من وجهاء المدن والبلدات والتُّجار أو شيوخ العشائر، وكان المستقلين أكبر كتلة مستقلة في تاريخ البرلمانات السّورية. وشهدت هذا الانتخابات أيضاً تقدُّم الأحزاب اليسارية كالبعث والسوري القومي، في حين حافظَ الأخوان المسلمين على موقعهم السّابق بأربع نواب. ودخل الشيوعيين البرلمان لأول مرة عبر أمينهم العام خالد بكداش. جاءت هذه الانتخابات بعد عودة الحياة الدّستورية والإطاحة بحكم العقيد أديب الشِّيشكلي، الذي وصل للسلطة عبر انقلاب عسكري. حقَّق حزب الشعب-كالعادة-المركز الأول بعدد 30 نائب من أصل 142 نائباً وهم العدد الكلي للبرلمان.
حزب الشعب: 30 نائب
حزب البعث: 22
الحزب الوطني: 19

الحزب التعاوني: 2
الحزب السّوري القومي: 2
حركة التَّحرير العربي: 2
الحزب الشيوعي السوري: 1
المستقلون: 64
المجموع العام:142








زوروا صفحتنا على الفايسبوك للاطلاع و الاقتراحات على الرابط التالي
http://www.facebook.com/1509678585952833- /الحزب-الشيوعي-السوري-المكتب-السياسي
موقع الحزب الشيوعي السوري- المكتب السياسي على الإنترنت:
www.scppb.org
موقع الحزب الشيوعي السوري-المكتب السياسي على (الحوار المتمدن):
www.ahewar.org/m.asp?i=9135








#الحزب_الشيوعي_السوري_-_المكتب_السياسي (هاشتاغ)       The_Syrian_Communist_Party-polit_Bureau#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المسار - العدد 4
- المسار العدد 3
- المسار العدد 2
- وثائق2003-2013
- المسار - العدد 1
- بيان


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي - المسار - العدد 5