أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - ماذا لو قاطََََََعَنا الغربُ فعلا؟















المزيد.....

ماذا لو قاطََََََعَنا الغربُ فعلا؟


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1450 - 2006 / 2 / 3 - 10:55
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


اطلعت على صور الإساءة البالغة للرسول الكريم محمد(ص) ربما في اليوم التالي لصدورها في مجلة Jyllands-Posten، ومن خلال طبعتها الإليكترونية، منذ حوالي خمسة أشهر مضت، وأسفت جدا على هذا التطاول على شخصية فذة ومقدسة، ولها مكانة خاصة في نفوس المؤمنين، وقلت في سري لا بد أنها من فعل طائش وموتور، تدفعه عقد ونواقص في نفسه المهزوزة. وهنا لا أجد بدا من التساؤل عن السر الكامن وراء توقيت هذه الحملة المحمومة ضد الدانمرك في هذا الوقت بالذات، ولِمَ تأجل وتأخر كل هذا الوقت الطويل؟ هل هو الانجرار، والانقياد الجماعي وراء شخصيات وقرارات، وسياسات ربما لا علاقة لها بالحدث نفسه؟ وما هو الدافع والمبرر وراء ذاك التلكؤ في إعلان هذه الفزعة المضرية العارمة كل هذه المدة؟ وما هو السر الدفين وراء الصمت المطبق والسكوت الرسمي طوال الفترة الماضية، ومن قبل أجهزة تحصي، وتراقب كل شيء حتى أحلام الناس؟

هذا ولم تنته تفاعلات "كومونة كوبنهاغن" التي حصلت عقب قيام أحد الرسامين الدانمركيين بالإساءة لشخص الرسول الكريم محمد (ص)، إذ ما يزال يحصل تصعيد من قبل الغاضبين على هذا الفعل الشنيع، كما حصل تضامن وتأييد من قبل مجلات ألمانية وفرنسية، تجلى بإعادة نشر الصور، في سياق تكريس الثقافات لدى الطرفين المتتنازعين. واستمرت الدعوات لمقاطعة البضائع الدانمركية، رغم صدور اعتذار رسمي من الصحيفة المذنبة.

والسؤال، ماذا لو تعامل الغرب بجدية مع هذا الموضوع، وقاطع فعلا كل هذه الدول، وفرض حصارا شاملا عليها، وتعامل معها بردود الأفعال، وانجر وراء هذه الحملات, ومنع عنها كل تلك المواد الحيوية والضرورية لاستمرار الحياة كالدواء والغذاء والخبرات في كل المجالات الأخرى؟ ألا يعيدها إلى الحقب الديناصورية، وعصور الظلام، ويخرجها كليا من الحياة؟ وماذا لو "أخذهم على قد عقلهم" وحرّم عليهم التكنولوجيا في مختلف تطبيقاتها، وحظر الأمصال، ولقاحات الأطفال؟ فهل تلك الحملة لغض الطرف، ولإلهاء الناس، وإشغالهم بمعارك جانبية، ورد المشاكل والمآسي على الآخرين، والتعتيم على الفساد واللصوصية، والنهب المنظم للثروات والتغطية على التناقضات، والفوارق الاجتماعية، واستشراء الجهل، والأمية، والأمراض في حروب دونكيشوتية لا طائل منها، ولا جدوى على الإطلاق؟ في الوقت الذي يعجز فيه هؤلاء عن إدارة أي مشروع، ومهما صغر حجمه، بدون الاستعانة بخبرات الآخرين، وتقنيتهم التي لولاها لتحولت الحياة إلى جحيم وبلاء عام.

ولِمَ لَمْ تطلب أية دولة غربية سحب سفرائها من هذه الدول التي ينعق موتوروها صباح مساء بفناء وموت سلالات بشرية كاملة هنا وهناك، والدعوة ليل نهار، وبمناسبة وبدون مناسبة، على الناس بالاندثار والانقراض في أصقاع الأرض، ووصفهم بأقذع الألفاظ، ولا تعتبر كلمات من مثل أحفاد القردة والخنازير، والمسوخ الكفار المشركين، سوى مجاملات، وتطييب خاطر، ودردشات؟ ولِمَ لَمْ تعتذر أي من هذه الدول، التي تسمن وتنتج عجول الإرهاب العالميين المعروفين، عن كل الجرائم التي طاولت الأبرياء في نيويورك، ومدريد، ولندن، وحتى عمّان، والدوحة، والكويت، وأم المآسي والآلام، ونافورة الدماء في بغداد؟ ولِمَ لَمْ تقم هذه الدول المتضررة من إساءات أشقيائنا المدللين الأعزاء، بسحب سفرائها، وإعلان الحروب الضروس، وبدون هوادة، ضد هذه الدول التي لم تقدم اعتذارات، أوتطرح مبادرات عن جرائم بن لادن، والزرقاوي، وأباطرة الإرهاب ضد بني البشر ودعوتهم العلنية والصريحة لإبادة الناس على أسس همجية منحطة بتراء؟ ولِمَ لَمْ يصدر، حتى الآن، وفي طول العالم الإسلامي وعرضه قرار إعدام، أو فتوى بإهدار دم القتلة المعروفين الذين روعوا الآمنين الأبرياء في كل مكان من العالم؟ وإن كان المطلوب منهم، فعلا، أكثر من مجرد اعتذار عريض.

لا بد من الاعتراف المرير، وبعيدا عن العاطفية المدمرة، أن هناك صورة سيئة، ومشوهة في نفوس وعقول الكثيرين، وفي غير منطقة من العالم ضد من يقطن هذا الجزء المنكوب والمفجوع من العالم. ولذا أليس من الأجدى والأشرف أن يحاسب أولا من ساهموا في رسم، وإيصال هذه الصور المشوهة، وغرسوها في عقول الآخرين، وما زالوا، حتى الساعة، يكرسونها يوميا في السياسة، والصحافة والإعلام عبر ممارسات وتصريحات لا مسؤولة وطائشة. أم نستمر بدفن الرؤوس في الرمال، ونحمّل الآخرين وزر هذا الداء المستفحل، ومعالجة الظواهر وترك الأسباب الحقيقية وراء هذا السرطان؟ إن المسؤولية عن هذه الظاهرة مشتركة، إذ لا يجوز أن نلوم الآخرين، ونحملهم المسؤولية كاملة، فليس ذاك المدان الأثيم الذي رسم الصور ببريء، كما أن بعضا ممن ينتفض مزمجرا ليسوا بعيدين كليا عن رسم صورة التشويه.

لو لم يتم التعامل مع هذا الموضوع بتلك الغوغائية، لما حققت تلك الرسوم هذه الشهرة والانتشار وصارت على كل لسان، وكان من الأفضل التعامل معها عبر العقلاء، والقنوات الدبلوماسية وبعيدا عن مشاركة الدهماء لتلافي ذلك مستقبلا، كما أن الاعتذار لا قيمة معنوية، ولا أهمية له طالما أنه أتى تحت الضغط والإكراه. وللعلم اليقين هذا هو موقف الآخرين قبل، وبعد، وأثناء انتفاضة الألبان الدانمركية، ولا مناص من ذلك، ويجب تغييره لا تكريسه. وإن قيمة الرسول العظيم(ص)، محفوظة في الأرض والسماء، لا تحط منها ريشة فنان مغمور، ولا يرفعها، أبدا غضب، وانفعال، هذا أو ذاك.

هذه "الهوشة" و"الطوشة" ليست بريئة كليا، وفتح المعارك الجانبية بهذه الحدة والتطرف أمر موضع جدال، وهو للتغطية على قضايا جوهرية، وأوبئة مستفحلة في مجتمعات مترهلة تنخر فيها الديدان والداء العضال، ولتمرير رسائل مشبوهة لتجميل تجار الأديان، من دعاة العصمة، ومحتكري الإيمان. وكان من الأولى معالجة الأمراض المستشرية وتسجيل النقاط البيضاء، والتقدم حضاريا وإنسانيا في شتى المجالات، قبل توجيه سهام اللوم والنقد للآخرين، ولن يصدق عند ذاك أحد أي فنان أو رسام ومهما أوتي من عبقرية وإبداع، ومع التأكيد، دائما، على أهمية وخطورة هذا الحدث الاستثنائي. فحين تتناقل وسائل الإعلام الصور المأساوية المرعبة وبرك الدماء، وأخبار الانتهاكات، والجلد في الشوارع، وقطع الرقاب سيصبح كل شيء مقبولا، وقابلا للتصديق بدون برهان. وأعتقد أن هناك كثيرا من الأسئلة، والاستفسارات، والمعطيات، تحتم التوقف عندها، واستجلاء مسبباتها وخفاياها قبل الشروع في شن الحروب الخاسرة سلفا على الآخرين، وربما نقد الذات، وجهاد النفس الآن هنا هو الأجدى.ومع الإدانة الكاملة والاستنكار الكبير مرة ثانية وعاشرة، وألف، ضد هذا الفعل الصارخ الجبان المدان.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا تنه عن خلق
- الرد السوري على خدام
- حماس: وداعاً للشعارات
- حماس والاحتلال العقائدي
- في تفسير أزعومة الثوابت
- إعلان مناقصة لتوريد معارضين
- لغز الدكتورعارف دليلة
- حكم النسوان
- نحو استراتيجية أمنية جديدة
- سيمفونية في البرلمان
- يوم المزبلة الوطني
- خدام في المنطقة الحمراء
- بأية فضيحة عدت يا عيد
- سامحكم الله أيها الرفاق
- مقالب خدّام
- نكتة الموسم الشامية
- حرب المزابل والنفايات السياسية
- المنشق السوري الكبير
- تعقيبا على تعقيب
- مرايا السوريين


المزيد.....




- أغنيات وأناشيد وبرامج ترفيهية.. تردد قناة طيور الجنة.. طفولة ...
- -أزالوا العصابة عن عيني فرأيت مدى الإذلال والإهانة-.. شهادات ...
- مقيدون باستمرار ويرتدون حفاضات.. تحقيق لـCNN يكشف ما يجري لف ...
- هامبورغ تفرض -شروطا صارمة- على مظاهرة مرتقبة ينظمها إسلاميون ...
- -تكوين- بمواجهة اتهامات -الإلحاد والفوضى- في مصر
- هجوم حاد على بايدن من منظمات يهودية أميركية
- “ضحك أطفالك” نزل تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 2024 على ج ...
- قائد الثورة الإسلامية يدلى بصوته في الجولة الثانية للانتخابا ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تقصف 6 أهداف حيوية إسرائيلية بص ...
- -أهداف حيوية وموقع عسكري-..-المقاومة الإسلامية بالعراق- تنفذ ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - ماذا لو قاطََََََعَنا الغربُ فعلا؟