أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد المجيد طعام - من يوميات زيرو ميكا / قصة قصيرة














المزيد.....

من يوميات زيرو ميكا / قصة قصيرة


عبد المجيد طعام

الحوار المتمدن-العدد: 5551 - 2017 / 6 / 14 - 22:13
المحور: الادب والفن
    



اهتدت "سعيدة" إلى ارتداء لباس فضفاض تحمي خلفه سرا ترفض أن ترمقه عيون تبحث دوما عن فضيحة جديدة ، كان عليها أن تقنع الآخرين بهذا اللباس الجديد كانت تردد أمامهم:" لقد التزمت بالحجاب الشرعي عن قناعة و إيمان " لكنها كلما لمست بطنها ، انتفخ فيها الرعب الممتزج بحركة جسم غريب ينمو بعنف في أحشائها المبعثرة ..كانت تحس بالغثيان كلما استرجعت شريط مأساتها، حينما خرجت ذات مساء ماطر من عملها فأرادت أن تختصر المسافة و تربح الوقت لتصل إلى الصيدلية قبل أن تغلق أبوابها ، كان أبوها بحاجة إلى " الرابوز" ليهدئ من حدة السعال حتى يتمكن من إدخال قليل من الهواء إلى رئتيه الملتهبتين ، اختارت أن تسير على الممر وسط الغابة الصغيرة لكنها وجدت نفسها بين يدي شابين نال منهما الخمر اقتاداها إلى الركن الأشد ظلمة .. هناك ..تداولا على اغتصابها مرات عديدة إلى أن لاح الصباح ، تركاها قرب جدع شجرة منهكة و حينما حاولت الوقوف أحست ببقايا سائل لزج ينزل من بين فخديها .

بتوالي الشهور حذقت "سعيدة " لعبة إخفاء الجسم الغريب الساكن في بطنها لأنها لا تريد أن تفقد عملها بشركة الألبسة الجاهزة.. كانت بحاجة إلى راتبها الصغير لاقتناء الدواء لأبيها المصاب بالربو و تملأ الأفواه الخمسة الجائعة …و بقدر ما ارتفعت في دواخلها حدة العتاب الممزوج باللوم و الكراهية ، ارتفعت فيها حدة تساؤلاتها المؤرقة :" من يكون أب هذا الذي يكيل لي ضربات عنيفة موجعة ؟ أهو المجنون الذي افتض بكارتي أم الشاب العنيف الذي قذف في أعماق جسدي سائلا ملعونا ؟ أ لم يمتزج السائلان معا في رحمي ؟ يا إلاهي من هو هذا الجسم الغريب الذي يتحرك بعنف في أحشائي ؟"

أدركت أن موعد الوضع اقترب مع إحساسها بأوجاع المخاض و في يوم مظلم عاصف خرجت خلسة من بيت والديها و اتجهت نحو الغابة الصغيرة هناك على فرع شجرة ربطت حبلا ، شدته بقوة و عضت بكل أسنانها حتى النواجد على قطعة قماش و دفعت بكل عنفها الرافض بالجسم الغريب نحو الأسفل … امتزج الدفع و العرق و الأنين بصوت الرعود المزمجرة إلى أن سال ماء و دم من بين فخديها فانزلق الجسد الصغير و لامس رأسه التراب المبلل بالدم و المطر…استجمعت كل قوتها ، تركت الحبل و جلست بجانب مولودها ، لامسته بيدها اليمنى ثم أنزلت يدها اليسرى على فمه الصغير لم تكن تعرف هل ولد ميتا أم حيا فقط أرادت أن تشبع رغبة جامحة تدفعها نحو كتم انفاسه .

أخرجت كيسا بلاستيكيا أسودا من تحت لباسها الفضفاض ، و هي تضع جثة الجسم الغريب في الكيس ، مرت أمام عينيها أشرطة سريعة قاسية : شريط اغتصابها من طرف الشابين المخمورين… شريط انتفاخ بطنها و ارتدائها اللباس الفضفاض… شريط شرائها للكيس البلاستيكي الأسود… رغم عنف الأشرطة أحست بارتياح عابر بعدما تمكنت من الوقوف على رجليها . مسحت آثار الدم من على جسدها و قبل أن تخطو خطوتها الأولى نظرت إلى الكيس نظرة فارغة…أحست بدموعها و قد تحجرت وقر قرارها على رمي الجسم الغريب في أقرب حاوية قمامة بالمخرج الجنوبي للغابة بعيدا عن مسكن والديها و تنهدت بصوت مسموع :"هناك تكثر القطط و الكلاب الضالة و لا شك أنها ستلتهمه فتختفي كل معالم الجريمة ".

في الصباح الباكر تجمهر سكان الحي أمام حاوية القمامة يتابعون جلبة حركة رجال الشرطة و هم يحاصرون المكان و العميد يصرخ فيهم بغضب يتقاطر من عينيه المحتاجتين للمزيد من النوم :" كيف يقع هذا في دائرة نفوذي.. إنها مؤامرة ضدي… يجب أن تعثر الشرطة العلمية على بصمات صاحب الكيس الأسود…إنها مؤامرة ضدي.." من وراء زجاج سيارته و قبل أن ينصرف من مسرح الجريمة أعطى السيد العميد تعليماته الدقيقة و بنبرة صارمة صاح في رجاله :" ألقوا بالجسم الغريب في القمامة و دمروا الكيس البلاستيكي الأسود ، لا أريد أن يبقى له أي أثر.. وطننا في غنى عن أية أزمة حكومية جديدة …نريد شيئا من الاستقرار لهذا الوطن الحبيب.." .

من يوميات زيرو ميكا 2017



#عبد_المجيد_طعام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- راه فالكونغو / قصة قصيرة
- الفتنة نائمة تستيقظ قبل كل عيد.. قصة قصيرة
- الكلسيوم هو السبب/ قصة قصيرة
- التوحيمة / قصة قصيرة
- الجو أوروبي / قصة قصيرة
- قصة قصيرة / قالوا ….إنه الزمن الجميل !!
- قصة قصيرة / اعترافات أمام فنجان قهوة...
- حمَارُ عَمّي عمْرو / قصة قصيرة
- الكلاسيكو / قصة قصيرة
- رحل جدّي وأخذ الشمس معه / قصة قصيرة
- حب أول نظرة / قصة قصيرة
- أكيد التحاليل كانت خاطئة / قصة قصيرة
- تفاحة آدم / قصة قصيرة جدا
- يونس المثْليُّ / قصة قصيرة
- زوجي حامل .. ! ! / قصة قصيرة
- الطفلة العاهرة / قصة قصيرة جدا
- حبيبي أصبح سمكة / قصة قصيرة
- قصة قصيرة / أنا أرفض...
- قصة قصيرة / بُعَيْدَ آذان الفجر بدقائق...
- قصة قصيرة جدا / شجرة حب غير عادية


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد المجيد طعام - من يوميات زيرو ميكا / قصة قصيرة