أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وديع العبيدي - دامداماران [19] يسرييل.. يزرعيل: حقل الدم..















المزيد.....



دامداماران [19] يسرييل.. يزرعيل: حقل الدم..


وديع العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 5539 - 2017 / 6 / 2 - 16:35
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


وديع العبيدي
دامداماران [19] يسرييل.. يزرعيل: حقل الدم..

كانت سيناء مسرح احداث قصة موسى، وهي –جغرافيا- الجزء الفاصل بين جنوبي فلسطين ومصر، وصلة اليابسة بين قارتي اسيا وافريقيا، أكبر قارتين في الكرة الارضية واكثرها سكانا. وبحسب مقتضيات القصة عاش موسى ثمانين عاما [3 × 4 + 0]= الرقم (12) من مضاعفات الجذر (3). وقد سبق الاشارة في فصل (الزرادشتية) الى قدسية الرقم [12] ودلالاته، المتصل بالجذر الستيني الذي استند اليه السوامرة والبابليون في تقسيمات الايام والشهور والعام، السائدة والمتداولة ليومنا.
وسوف تبقى تكرارات الارقام رتيبة متشابهة بمناسبة وغيرها، وذلك لتعلقها بدوال [كونية وميثولوجية] تدخل في باب [السحر والماجك] الذي شكل احد الاعمدة الرئيسة لمهنة العرافة والدين، والمؤسسة لهيكلية النص/ المعبد الديني. ولا يستغرب العبراني او العبراني المشيحاني من تحديد الحقبة الملكية في في الكتاب بـ[مائة وعشرين] عاما، مقسمة على ثلاث اربعينيات بالمسطرة والقلم، من غير زيادة او تطريف. فكيف توفرت هاته الصرامة الحسابية لمدة كل ملك [شاول وداود وسليمان] مما يؤكد الوضعية والتدبيج الكهنوتي في البناء الفني للملحمة، مدعمة بفنون سحرة بابل والنيل.
يتذاكى المفسرون والوعاظ، في تعليل سبب انحراف خط هجرة جماعة موسى نحو أدوم/ الحجاز ومؤاب/ الاردن، من اجل الوصول لما يدعونه [ارض الموعد]، بدل من التقدم مباشرة مع ساحل البحر المتوسط او الارتفاع باستقامة نحو الهدف.
واقع الحال ان الكاتب، ليست له دراية بطبيعة الارض وتوزيعات المدن والسكان، وهو ما تبين في غياب اية تفاصيل جغرافية وسياجتماعية عن مصر، وكل ما ذكره لا يتعدى العموميات: [فرعون، مصر، النيل]. والقول بعدم الدراية، يفند اساس الموضوع برمته، وهو ما يجمع عليه معظم دارسي الكتاب ونقاده من غير الدوغماتية.
لقد اختار الكاتب العبراني بناء تاريخه السياسي على قاعدة [قصة الخروج: جنة عدن/ اور/ مصر] المهلهلة، والحافلة بمظاهر ميثولوجية من طراز صراعات الالهة البابلية واليونانية.
فاذا تهلهل الاساس، يكون البناء كله مهلهلا، خاويا، متداعيا، لا يشكل في قوام الكتبيم: [يشوع- قضاة- صموئيل- ملوك- ايام] غير سلسلة قصص معارك سطحية ومفذلكة. وبشكل يجري معه تسفيه معاني الحياة والانسانية والاستقرار، ويضرب صفحا عن تاريخ فن الحرب واخلاقيات الحروب المتعارفة عبر التاريخ القديم والوسيط.
لا توجد حرب للتسلية او تزجية الوقت والسأم. ومهما كان لفكرة الحرب من مضامين واساليب غير انسانية، فأنها لم تكن اطلاقا من باب التفاهة/[التفاهة هي كل ما يفتقد الضرورة!]. ويعرف -أي عسكري عادي ذي خبرة حربية-، قيمة الحسابات العسكرية والستراتيجية والبشرية والمستقبلية، قبل الاقدام على أي خطوة. والواقع ان الاغبياء والسفهاء فقط يخوضون حروبا غير مدروسة. وعندما وصف رئيس الوزارء الاسرائيلي بيغن حرب الثمانينيات بين العراق وايران، بـ[حرب الاغبياء]، كان عليه ان يقيس قصص حروبه الكتابية بنفس المنظار.
[حشد بنهدد ملك ارام كل جيشه، بعد ان انضم اليه اثنان وثلاثون ملكا (؟!!) بخيلهم ومركباتهم وحاصرة السامرة عاصمة اسرائيل(...) واذا بنبي يتقدم الى اخاب قائلا: هذا ما يقوله يهوه: هل ترى هذا الجيش الغفير؟.. ها انا انصرك عليه اليوم، فتعلم اني انا يهوه!]- (1مل 20: 1، 13).
واقع الحال، ان السامرة –ما يدعى اسرائيل/ المملكة الشمالية في التاناك، وارام –دمشق- كانتا على اتفاق دائم وعلاقات ودية ، امر الذي كان يغيض حكام اليهودية، فيوقعون بينهما لجني مكاسب من صراعهم وخلافاتهم، كما هو اليوم واقع بلدان الشرق الاوسط.
ان مثل هذا الكلام لا يتصل بالذات الالهية ولا الدين والشريعة الصحيحة، قدر ما هو تآليف عجائز يقتلهم السأم، أو (سحرة) يزرعون بذور الحقد في افئدة البشر [ثم يقولون هذا من عند الله]، والسؤال الراهن، هو: ماذا جنوا للان من تلك البذور والافكار؟..
اليس الاحترام ومعرفة الذات والمحبة اكثر جدوى لتأسيس اجتماع بشري نظيف، بدل العنجهية والكبرياء الجوفاء والاجتهاد في انتاج ايديولوجيات حقد وضغائن وصراعات شيطانية. وقد تأسست عشرات الطوائف والمنظمات الحديثة، ذات الامكانيات التقنية والرأسمالية، لفرض اسم (يهوه) اله الدماء والبغض الغيور على البشرية(*). هل يغار [إله]؟.. أو: تاكله الغيرة كالنساء؟.. [لا يصلح الله ما بقوم حتى يصلحوا ما بأنفسهم]،
[أنتم من أب هو ابليس، وشهوات ابيكم تعملون؟.. ذاك كان قتالا للناس منذ البدء، ولم يثبت في الحق، لآنه ليس فيه حق. ومتى تكلم بالكذب، فانما يتكلم مما له، لأنه كذاب وابو الكذاب]- (يو 8: 44). فالمتهودون الذين ينسبون اليوم [يسوع الجليلي] لـ[يهوه] يتجاهلون اقواله الواضحة والصريحة، ويلوون اعناق الكلمات والمعاني لتضليل الناس والقراءة ببصيرة مفتوحة: [ابي هو الذي يمجدني. الذين تقولون انتم انه الهكم. ولستم تعرفونه. وأما أنا فأعرفه]، فكيف يؤلهون احدا غير الآب الذي يعرفه يسوع. وهو القائل ايضا: [جميع الذين أتوا قبلي هم سرّاق ولصوص]- (يو 10: 8). ويقول بولس الطرسوسي: [عجبا! كيف تتتحولون بهذه السرعة عن الذي دعاكم بنعمة المسيح، وتنصرفون الى انجيل غريب(!!). لا اعني ان هنالك انجيلا اخر، بل انما هنالك بعض (المعلمين) –ما أشبه اليوم بالبارحة!- الذين يثيرون البلبلة بينكم، راغبين في تحوير/(تهويد) انجيل المسيح. ولكن، حتى لو بشرناكم نحن، أو بشركم ملاك من السماء، بغير الانجيل الذي بشرناكم به، فليكن (أناثيما)!. وأكرر القول ايضا: ان كان احد بشركم بانجيل، غير الذي بشرناكم به، فليكن ملعونا!. فهل أسعى الان، الى كسب رضى الناس، او مرضاة الله!]- (غل 1: 6- 10).

الجغرافيا البشرية والسياسة لبلاد سورية قبل الميلاد..
سوريا، كنعان، فينيقيا، قدموس، الشام، الهلال الخصيب، ارض طبيعية مباركة بتربها ومائها وأهلها، مذ كانت الارضون، وفيها وعلى اطرافها تكونت وتشكلت وتبلورت قسمات البشرية والحضارة والمعرفة والمدنية والابجدية والمعارف الاولى. ويشكل سكان سوريا الكبرى عائلة بشرية واحدة متحدة منسجمة في ذاتها وبيئتها وطبائعها. ولم يرد ان السوريين على مدى الزمن تجاوزوا حدود بلادهم في غزو او عدوان، ولكن المشهور انهم سدنة التجارة العالمية وسيارة قوافلها البرية من جبال ظفار وحضرموت عبر الحجاز الى وادي الاردن وحاضرة دمشق وحلب حيث تتوزع منها شرقا وغربا وشمالا.
يتم تصنيف الجغرافيا البشرية/ (الاجتماع البشري) لسوريا الى ثلاثة اصناف رئيسة بحسب البيئة وسبب المعيشة..
1- سكان ساحل المتوسط، يعملون في التجارة البحرية والملاحة وكانت سفنهم تجوب حوض المتوسط حتى سواحله الشمالية/ (اليونان وايطاليا)، وسواحله االجنوبية/(اسكندرية مصر وقرطاج تونس)، واقصى سواحل ايبريا. وقد لحظ العلماء وجود عناصر وصفات مشتركة كثيرة بين تلك السواحل، مما يدعى بالجنس الفينيقي. وكان حتى زمن قريب، التنقل بين الشام ومصر يتم عبر البحر. وعند الحديث عن التجارة البحرية وخطوط التجارة البعيدة الى الهند واثيوبيا وروما، فلا من اعتبار دور الملاحقة الفينيقيين الذين اشتهر منهم انطاكيا وصور وصيدا وغزة قديما.
2- سكان الحواضر الداخلية والمدن الشهيرة، أو عواصم الممالك والقبائل المعروفة، وهي في الغالب، مراكز ومحطات وأسواق تجارية على الخط الدولي التجاري البري القديم، ولعلها كانت تقع على جوانب خط شبه مستقيم يمر من دمش جنوبا شرق وادي الاردن والساحل الشرقي للبحر الاحمر حتى حضرموت، حيث تحمل معها المر واللبان والعقيق والهب مما تجود به تك الاصقاع.
3- مناطق السهول الخصبة والاراضي الزراعية في الوديان القريبة من شواطئ البحر او ضفاف الانهار والبحيرات المتعددة في وسط البلاد وجنوبها. مما يوفر انتاجا زراعيا وحرفيا متراكما، يدعم حركة التجارة المحلية والدولية، كما يعكس بالمقابل، المستوى المرف لمعيشة سكانها بين تيسر منتجاتهم المحلية من جهة، والتبادلات السلعية اتجارية عبر اراضيهم ومدنهم.
هاته الصورة الطبيعية الاقتصادية والاجتماعية المستقرة المترفة، تبسط للقارئ سبب وقوع اختيار العبرانيين لاتخاذ موطنهم ومستقرهم فيها. فهي قلب العالم وداينمو الاقتصاد والتجارة الدولية في العالم القديم/(قبل سقوط بابل)، والعالم الوسيط/ (عهد الرومان)، والعالم الحديث. وقد زاد حفر قناة السويس اهمية المنطقة الستراتيجية.
فلا غرو ان تلتقي احلام التاناك والامبراطورية البريطانية، في زرع قاعدة استعمارية في قلب العالم والشام، تشرف من خلالها على (ترانزيت) المواصلات الدولية، وتفرغ احتمالات الوحدة السورية/ العربية والتعاون الاقليمي والامبراطورية الاسلامية من امكانياتها ومضامينها. واخيرا.. جاء اكتشاف [النفط: شيطانا رجيما] زاد من سيلان لعاب المستعمرين وراء (سحت الأمم) – [كناية عن (ثروة الامم) للاقتصادي الامبريالي ادم سمث].
وقوع بلاد الشام وسطا بين وادي النهرين ووادي النيل، جعلها مختلفة عنهما ايضا في طبيعة نظامها السياسي. فلم تكن الشام مملكة موحدة ذات سلطة مركزية مثل مصر الفرعونية. ولم تظهر فيها عوائل/ سلالات امبراطورية امثال: اكد وبابل واشور. ولكنها استمرت على تلك الحالة التي كانت عليها سومر القديمة وبلاد الاغريق، حالة حكومات المدن وممالك المدن المستقلة. ولا يبعد ان يكون بعضها ممالك قبلية، قد تتسع لتضم ما حواليها لمدة ما، ثم تعود تنفرط عند غيال الحاكم القوي.
هذا هو العامل الثاني ايضا امام استسهال العبراني استيطانه في سوريا، واستصعابه الامر في مصر او النهرين. وربما كان تبدي الطبيعة مع اتجاه الشام جنوبا، وصولا لاطراف سيناء، ما يشجع في هشاشة النسيج الاجتماعي والكيان السياسي، الذي يسهل اختراقه او التحايل عليه، كما يجري مع ملك جرار (ايلي مالك)، من تغرير ديني، بالصلاة والبركة واللعنة.
ولا غرو ان تكون تلك المنطقة الهشة ايضا -سيناء- مصدر فكرة الالوهة السيناوية. فما بين ملك جرار الفلسطيني، وكاهن مديان الفلسطيني، يتحقق حلم الوطن وتولد صورة الاله العبراني القومي، المنسوخ عن اله كاهن يثرون: البعل/ ودّ/ أدد: اله الرعد. وهي العبادة والطقوس التي استمر العبرانيون وملوكهم في ممارستها، وهي عبادة كنعانية، واله كنعاني، ساد في شرق المتوسط وشمالي العرابيا [الشام والعراق والحجاز، والبعض يضيف لها اليمن]، جرى تغيير اسمه الى (يهوه). اما (عشتاروث) زوجة البعل، فتحولت الى (عشيرة) زوجة (يهوه)!. لكن يهوه هذا لا يعرفه العبرانيون، ولم يولد او يخرج من كتب الكهان الا على يد عزرا الكاتب في وقت متأخر/[سفري عزرا ونحميا].
الى جانب [جرار، مديان، غزة، اشقلون، جت، شكيم، شاليم]، ثمة ايضا: [صور، صيدا، دمشق، حلب، حاران]، و[جبعون، عاي، حبرون، يرموث، لخيش، عجلون، عوص، جلعاد، جازر، عمون، موآب]، من ممالك مدن مستقلة ومكتفية بذاتها، ولا متعاونة في مبادلاتها التجارية. والتوفر على قوة اقتصادية يقتضي التوفر على قوة حامية عسكرية للدفاع عن نفسها وقوافل تجارتها، التي كانت تتعرض للسطو والقرصنة من قبل جماعات البدو وقطاع الطرق، التي كان من بينها رعاة العبرانيين المتنقلين، سعيا لاستحصال الغنائم.

عندما ظهرت الجماعة العبرانية، وهي جماعة رعوية متنقلة تجوب الارض وتلتقط معيشتها على اطراف الحواضر والمناطق الخصبة، وجدت نفسها تحت اغراء متفاقم للخضرة الدائمة والزراعة غير الموسمية، كما تبدو رموزيتها في تردد ابراهيم ولوط/(الانبياء 71) عليها، وتوزعهم بين شرق نهر الاردن وغربه. وانما استقرت الرغبة فيهم، ان تكون تلك الارض الطيبة واهلها المسالمون المترفون، موطنا دائما لذريتهم من بعدهم. ومن هنا بدأت الفكرة في أدلجة (الاطماع) وتقعيدها باسم [المقدس].
من هذا المنظور الاساسي، يمكن مراجعة الخطوات الاولية لتوفير تبريرات المنحة المجانية المقدسة التي لم يسبق لها مثيل من قبل او من بعد، باسم الدين او غيره حتى اليوم. والواقع انه ليس ثمة ايما مبرر لكي يبارك [ملكي صادوق] ملك شاليم/(تك 4: 19) ابرام بن تارح. فالبركة مثل التكريم الرئاسي لابد له من اسباب موضوعية ومبررات مقنعة، تغيب في هذا النص.
وفي الاصحاح التالي (تك 15: 5، 7) يسارع اله ملكي صادوق في تكريم ابراهيم بوعدين اضافيين هما بيت القصيد: [أولا ذرية بعدد النجوم، وثانيا: منحه الارض ميراثا]. وقبل نهاية الاصحاح يتم تقرير الامر ثانية، بتوسيع حدودها الامبراطورية: [من الفرات للنيل] من جهة، وطرد شعوب الارض من جهة ثانية. وهكذا يكشف هذا الاله المزور حقيقته. فالاله الحقيقي لا يعجز عن الخلق والعطاء بغير ظلم او اغتصاب، والاساس ان الالوهة الحقة لا تمايز ولا تعاير ولا تجامل ولا تخاتل.. وكلها صفات معروفة لذاك.
فاشراك الجغرافيا المصرية وفذلكتها في القصة العبرانية لا يخرج عن التوقيع الادبي، لتصديق قانون: [كل ما تدوسه قدمك يكون لك!].. فوطء ارض الكنانة، يبرر مط حدود امبراطورية العبرانيين [..الى النيل]. ولا أدري اذا كان رب العالمين –افتراضا- يريد ان يعطي ارضا لي، لماذا لا يوقع فيضانا مثل ايام نوح ويمسح الارض وما عليها، ثم يلفها بورق الهدايا واعياد الميلاد.. ويقول: هيا تقدم.. لقد اخليت الارض من اجل عينيك، ادخلها بسلام ورفاه!..
واذا رغب احد الاغنياء او الشيوخ او حتى (الملكة!)، ان يمنحونى قصرا بالمواصفات الفلانية، ويسجل ذلك في الصحف والمواقع الالكترونية ويتم اعلان الخبر يوميا في وسائل الاعلام والانترنت، هل يعقل ان اذهب وارى شخصا اخر يشغل القصر، فيقول لي المانح الكريم: لقد منحتك هذا القصر، ولكن عليك ان تقاتل وتقتل المستوطن وتطرده منه. ففي هاته الحالة لا تكون عطية!.. وانما جهد فردي واغتصاب، حتى لو كان في حماية القانون.
اما الملاحظة الاخرى التي تخطر هنا، فهي ان جماعة العبرانيين ليسوا من سكان المنطقة، لا أور ولا كنعان، مهما ادلجوا من اشجار نسب، ووضعوا قوائم وتقويمات، هي مستنسخة ومحرفة من سجلات سومر وبابل وغيرهم.
ولو كانوا من سكان الرافدين او كنعان لكانت لهم ارض مثل غيرهم، ممن لم يؤلفوا ديانات ولا اخترعوا لانفسهم الهة طوطمية، ولا تظلموا واشتكوا وانزلوا لعنات التاريخ على سواهم بسبب قطعة ارض تفيض لبنا وعسلا وحليبا وتثمر كروما وقثاء وفاكهة وتينا من وحدها، وليس على العبراني غير فتح فمه ليجري العسل في فيه.
انا اشعر بحرج وألم –لمجرد كوني خارج بلدي الام-، منذ وطأت ارض اوربا، خارجا من هزيمة وطنية قومية بحسب منظوري، وما زلت للحظة اشعر بالغربة والتغرب والاغتراب. ترى ماذا يقول العبراني لنفسه وهو يقرأ سطور اسفاره الكتابية، كيف يشعر تجاه نفسه، وتجاه الكنعانيين والفلسطينيين كتابيا، وكيف يشعر بهم راهنيا على ارض الواقع، بل كيف يشعر ازاء ما لحق شرق المتوسط من دمار، بسبب القطة!..
الصديق العبراني الذي لازمته طويلا كان دبلوماسيا كالعادة. وكان يؤكد انه علماني واكاديمي، ويكاد يقول انه لا يعترف بامور الدين. ولكنه في الوقت عينه، كان يشارك جاليته في مناسباتهم ووو، ثم يقول: مناسبات اجتماعية: تعرف ان اليهودية عندنا هي ثقافة اجتماعية ومناسبات، وليست دين فقط.
انا لا اتحدث عن دين او بلد او ايديوولوجيا، انا اتحدث عن الانسان الفرد!. عندما يكون الانسان الفرد واعيا مستقلا ومسؤولا عن نفسه وافكاره ومواقفه، يمكن التعامل معه. اما الفرد في قطيع، فهاته هي الدوغما التي تجر البشرية الى وراء، وتستخدمها الامبريالية الراسمالية بكل حذق باسم الدمقراطية لتدمير بلدانها وخيانة ذاتها، والتحول الى روبوتات تستلم اوامر الكترونية تسير افكارها واقوالها ومواقفها السياسية. والدوغما الدينية هي سبب الشر والفساد والخطيئة بالمنظور الديني، وسبب الانحطاط والتراجع الحضاري وهزيمة التاريخ، وهي وراء فشل المنظور الاغريقي ومشروع الانسنة والحداثة والتنوير. وهي الطابور الخامس الذي وظفته الامبريالية الراسمالية لخدمة مصالحها باسم الدمقراطية والأغلبية الدهماء.
ولكن الدوغما والدين السياسي امران ولدا مع سقوط بابل باكورة العصر الوسيط، مع نسج [التوراة] وقصصها الاسطورية التجميعية من تراث الشرق القديم وتقنيات فن الدراما الاغريقية وقصص الميثولوجيا، تحت رعاية أرحششتا ايران.
الملاحظة الاخرى الجديرة بالذكر في هذا السياق، هو غياب الاسيطان العبراني في كنعان من الرواية القرآنية، وهو أمر على قدر من الاهمية، لقدرة زمن القرآن تمحيص قصص العبرانيين واعادة صياغتها وتقديمها. والمعروف ان ذكر العبرانيين في القرآن، يقتصر على شخصية موسى، وجغرافيا برية سيناء وشكوى العبرانيين وتمردهم ومطالبتهم العودة الى ارض مصر.
ان غياب الجزء الرافديني والكنعاني من القصص العبرانية في القرآن على قدر من الاهمية، يؤكد عدم معرفة او شيوع تلك القصص في الثقافة الشفاهية والأدب الشعبي في الحجاز ونجد. كما ان الصورة المصرية لا تتعدى عبارة قولية: [البقرة 61]. اما الاشارات العابرة في هذا السياق، فهي عن: (سليمان وبلقيس) ، (جالوت وطالوت)/(البقرة 249- 251)، (العزير ابن الله)، التي تبدو من مسمياتها نقلا عن الأدب الشفاهي السائد في اوساط المجتمع الجزيري.

نابوت اليزرعيلي..
نابوت: من (نبايوت) بكر اسماعيل/(تك 25: 13)، وفي لغة الحجاز: [نابت، نبت]، وتصريفه: [ناباط، نبط] والجمع منه على وزن [أنباط] المملكة القديمة في جنوب شرقي الاردن وشمالي الحجاز، وقد استمرت تلك المملكة منذ القدم حتى العصور الميلادية، وظهر منها ملوك في فلسطين بالاصالة او المصاهرة.
وفي قصة اخآب وزوجته الصورية ايزابل يتم تضمين/ اقحام قصة نابوت اليزرعيلي التالية..
[وحدث بعد هذه الأمور أنه كان لنابوت اليزرعيلي كرم في يزرعيل بجانب قصر أخآب ملك السامرة. فكلم أخآب نابوت قائلا: أعطني كرمك فيكون لي بستان بقول، لأنه قريب بجانب بيتي، فأعطيك عوضه كرما أحسن منه. أو إذا حسن في عينيك أعطيتك ثمنه فضة. فقال نابوت لأخآب: حاشا لي من قبل الرب أن أعطيك ميراث آبائي. فدخل أخآب بيته مكتئبا مغموما من أجل الكلام الذي كلمه به نابوت اليزرعيلي قائلا: لا أعطيك ميراث آبائي. واضطجع على سريره وحول وجهه ولم يأكل خبزا. فدخلت إليه إيزابل امرأته وقالت له: لماذا روحك مكتئبة ولا تأكل خبزا. فقال لها: لأني كلمت نابوت اليزرعيلي وقلت له: أعطني كرمك بفضة، وإذا شئت أعطيتك كرما عوضه، فقال: لا أعطيك كرمي. فقالت له إيزابل: أأنت الآن تحكم على إسرائيل ؟ قم كل خبزا وليطب قلبك. أنا أعطيك كرم نابوت اليزرعيلي. ثم كتبت رسائل باسم أخآب، وختمتها بخاتمه، وأرسلت الرسائل إلى الشيوخ والأشراف الذين في مدينته الساكنين مع نابوت. وكتبت في الرسائل تقول: نادوا بصوم ؟ وأجلسوا نابوت في رأس الشعب. وأجلسوا رجلين من بني بليعال تجاهه ليشهدا قائلين: قد جدفت على الله وعلى الملك. ثم أخرجوه وارجموه فيموت. ففعل رجال مدينته، الشيوخ والأشراف الساكنون في مدينته، كما أرسلت إليهم إيزابل، كما هو مكتوب في الرسائل التي أرسلتها إليهم. فنادوا بصوم وأجلسوا نابوت في رأس الشعب. وأتى رجلان من بني بليعال وجلسا تجاهه، وشهد رجلا بليعال على نابوت أمام الشعب قائلين: قد جدف نابوت على الله وعلى الملك. فأخرجوه خارج المدينة ورجموه بحجارة فمات. وأرسلوا إلى إيزابل يقولون: قد رجم نابوت ومات. ولما سمعت إيزابل أن نابوت قد رجم ومات، قالت إيزابل لأخآب: قم رث كرم نابوت اليزرعيلي الذي أبى أن يعطيك إياه بفضة، لأن نابوت ليس حيا بل هو ميت. ولما سمع أخآب أن نابوت قد مات، قام أخآب لينزل إلى كرم نابوت اليزرعيلي ليرثه. فكان كلام الرب إلى إيليا التشبي قائلا: قم انزل للقاء أخآب ملك إسرائيل الذي في السامرة. هوذا هو في كرم نابوت الذي نزل إليه ليرثه. وكلمه قائلا: هكذا قال الرب: هل قتلت وورثت أيضا ؟ ثم كلمه قائلا: هكذا قال الرب: في المكان الذي لحست فيه الكلاب دم نابوت تلحس الكلاب دمك أنت أيضا. فقال أخآب لإيليا: هل وجدتني يا عدوي ؟. فقال: قد وجدتك لأنك قد بعت نفسك لعمل الشر في عيني الرب. هأنذا أجلب عليك شرا ، وأبيد نسلك، وأقطع لأخآب كل بائل بحائط ومحجوز ومطلق في إسرائيل. وأجعل بيتك كبيت يربعام بن نباط، وكبيت بعشا بن أخيا، لأجل الإغاظة التي أغظتني، ولجعلك إسرائيل يخطئ. وتكلم الرب عن إيزابل أيضا قائلا: إن الكلاب تأكل إيزابل عند مترسة يزرعيل. من مات لأخآب في المدينة تأكله الكلاب، ومن مات في الحقل تأكله طيور السماء. ولم يكن كأخآب الذي باع نفسه لعمل الشر في عيني الرب، الذي أغوته إيزابل امرأته. ورجس جدا بذهابه وراء الأصنام، حسب كل ما فعل الأموريون الذين طردهم الرب من أمام بني إسرائيل. ولما سمع أخآب هذا الكلام، شق ثيابه وجعل مسحا على جسده، وصام واضطجع بالمسح ومشى بسكوت. فكان كلام الرب إلى إيليا التشبي قائلا: هل رأيت كيف اتضع أخآب أمامي ؟ فمن أجل أنه قد اتضع أمامي لا أجلب الشر في أيامه، بل في أيام ابنه أجلب الشر على بيته!]- (1مل 21).
اريد للقصة تكرار تأكيد رداءة ايزابل اللبنانية الكنعانية، كما هو معروف في الخطاب التوراتي ربط الشر بالمرأة، وتحميلها جريرة كل شرور وخطايا ملوك العبرانيين وابطالها، لمجرد كونها (أجنبية). اما المرأة العبرانية فلا يذكر كتابهم لها سوءة، باستثناء انها (انثى)!. لكن القصة في مغزاها الحقيقي تتعلق بالارض (!!)، والطمع (!!). تعريف [الطمع= اشتهاء ما للغير/ اشهاء مال الغير!]. وبجانب وصايا: [لا تقتل. لا تزن. لا تسرق.] ثمة: [لا تشهد زورا على جارك. لا تشتهِ بيت جارك. لا تشتهِ زوجة جارك. لا تشتهِ عبد جارك. لا تشتهِ أمة جارك. لا تشتهِ ثور جارك. لا تشتهِ حمار جارك. لا شتهِ شيا ما عنده!]- (خر 20: 1- 17). هذا ما يامرم يوصي به (يهوه) أتباعه، ولكنه لا يمنعهم عن [اشتهاء/ أرض] الاخر. واذا قيل ان ذلك مضمن في غيره، او مفهوم ضمنا، فهو نفسه لم يمتنع عن اشتهاء ارض ومال ودم والهة الاخرين.
ان مصادرة ارض او ملك ما بقرار اعتباطي، ليس منطقيا، وفي الفكر اللاهوتي، يلتزم (الله) ضمنا بما يلزم به عبده، ولا يخالف وصاياه التي يريد الناس ان يتبعوها. ولكون: [اجرة الخطية موت!- ولا كفارة بغير سفك دم!]، فقد جعل ابنه البكر: [يسوع/ عيسى] يصلب ويموت كفارة عن خطايا العالم: [هكذا حب الله العالم حتى بذل ابنه، لكي لا يهلك كل من يؤمن به]- (يو 3: 16)، فكيف والحال هاته، ان يتجاوز هو على الوصايا العشر، ومن كسر احداها كسرها كلها، بحسب التعليم. كيف يمنح يطرد شعوبا ويقتل ويشرد ويصادر حياتهم واموالهم وكرامتهم وارضهم، ثم يمنع اتباعه من التنزه عن القتل والسرقة والتعفف عن الشهوة والطمع. لذلك لم يلتزم العبرانيون بالوصايا العشر. وكان جزاؤهم القصاص والتشرد والذلة – لا تغنيهم اموالهم واولادهم شيا-. ثم يأتي الانجليز ويقرر اللورد بلفور تجاوز القرار الالهي، والاستحلال محل روحه [لورد في البايبل الانجليزي معناها: الربّ!]، ويأتي داربي وجيرمايا وبيري ستون ليعتبروا قيام (اسرائيل بلفور)= [اسرائيل البايبل]!.
كل ما قام على خطأ..... فهو خطأ، ويبقى خطأ..
وكل اصلاح خطأ بخطأ.... يبقى خطأ... بالعقل والمنطق والدين والاخلاق والضمير!.

الحكم العبراني في فلسطين..
ينقسم الحكم العبراني بحسب [التاناك] الى ستة أقسام رئيسة هي..
1- حكم القضاة:
2- الملوك الكبار.
3- الملوك الصغار: وهم ذرية داود وسليمان وعددهم عشرون ملكا عاصمتهم اوروشالوم.
4- مملكة السامرة: وتدعى المملكة الشمالية ايضا، عدد ملوكها تسعة عشر ملكا، وتشغل القسم الشمالي من فلسطين، عاصمتهم السامرة.
5- حكم الكهنة:
6- حكم المكابيين.

حكم القضاة [1350- 1025 ق. م.]..
حكم القضاة اعقب عهد قيادة يوشع بن نون الذي خلف موسى بن عمرام [1526- 1406 ق. م.] وبلغ عددهم اربعة عشر قاضيا من ضمنهم امرأة واحدة. وهم..
1- عنيثيل بن قناز اخو كالب الاصغر- حكم اربعين عاما.
2- ايهود بن جيرا البنياميني: دام حكمه ثمانين عاما.
3- شمجر بن عناة: حكم عشرين عاما.
4- حابر القيني من ذرية حوباب حمي موسى زوج ياعيل التي قتلت سيسر الكنعاني.
5- دبوره زوجة لفيدوت: حكمت اربعين عاما.
6- يربعل/(جدعون) بن يواش الابيعزري: حكم اربعين عاما.
7- ابيمالك بن يربعل: حكم ثلاثة اعوام.
8- تولع بن فواة بن دودو من سبط يساكر: حكم ثلاثة وعشرين عاما.
9- يائير بن جلعادك حكم عشرين عاما.
10- يفتاح بن جلعاد: حكم ستة اعوام.
11- ابصان من بيت لحم: حكم سبعة اعوام.
12- ايلون الزبولوني: حكم عشرة اعوام.
13- عبدون بن هلول الفرعتوني: حكم ثمانية اعوام.
14- شمشون بن منوح من سبط دان: حكم عشرين عاما.
15- ميخا من جبل افرايم.
16- فينحاس بن العازر بن هارون.
17- عالي.
18- صموئيل بن القانة ابن يرحام ابن اليهو بن توحو بن صوف م سبط افرايم بن يوسف. وفي وقته اختار العبرانيون لانفسهم ملوكا اسوة بالامم المجاورة. وقام صموئيل بمسح اول ملكين لهم.

الملوك الكبار [1080- 930 ق. م.]..
1- شاول بن قيس بن ابيئيل بن صرور بن بكورة بين افيح من سبط بنيامين [1050- 1010 ق. م.].
2- ايشبوشت بن شاول بن قيس [1010- 1008 ق. م.].
3- داود بن يسي بن عوبيد بن بوعز (من راعوث) بن سلمون بن نحشون بن عميناداب بن رام بن حصرون بن فارص بن يهوذا (من ثامار) [1025- 970 ق. م.].
4- أدونيا بن داود (من حجيث).
5- سليمان بن داود (من بتشبع زوجة الضابط اوريا الحثي) [970- 930 ق. م.].

الملوك الصغار [930- 586 ق. م.]
اقتصر حكمهم على سبط يهوذا فقط وعاصمتهم اورشالوم..
1- رحبعام بن سليمان (من نعمة العمونية)- حكم سبعة عشر عاما.
2- أبيام بن رحبعام (من معكة بنت ابشالوم) – حكم ثلاث سنوات.
3- اسا بن ابيام: حكم احدى وأرابعين عاما.
4- يهوشافاط بن اسا (من عزوبة بنت شلحي): حكم اربعة وعشرين عاما.
5- يهورام بن شافاط: حكم ثمانية اعوام.
6- أخزيا بن يهورام (من عثليا بنت عمري ملك السامرة): حكم عاما واحدا.
7- عثليا ام أخزيا: حكمت ستة اعوام
8- يواش بن اخزيا (من ظبية من بئر سبع): حكم اربعين عاما.
9- أمصيا بن يواش (من يهوعدّان من اورشالوم): حكم تسعة وعشرين عاما.
10- عزريا بن أمصيا (من يكليا من اورشالوم): حكم اثنتين وخمسين عاما.
11- يوثام بن عزريا (من يروشا بنت صادوق): حكم بالوكالة لاصابة والده بالبرص، ثم بالاصالة بعد وفاته: حكم ستة عشر عاما.
12- احاز بن يوثام: حكم ستة عشر عاما.
13- حزقيا بن احاز (من أبي بنت زكريا): حكم تسعة وعشرين عاما.
14- منسى بن حزقيا (من حفصيبة): حكم خمسة وخمسين عاما.
15- امون بن منسى (من مشلمة بنت حاروص من يطبة): دام حكمه عامين.
16- يوشيا بن امون (من يديدة بنت عداية من بصقة): جكم احدى ثلاثين عاما.
17- يهواحاز بن يوشيا (من حموطل بنت ارميا من لبنة): حكم ثلاثة اشهر فقط – اسره (نخو) فرعون مصر واعتقله في مصر.
18- يهوياقيم بن يهواحاز (من زبيدة بنت فداية من رومة): حكم احدى وعشرين عاما- نصبه (نخو) فرعون مصر تحت وصايته-. وفي وقته غزا نبوخذ نصر اوروشالوم واخضعها لبابل لثلاثة اعوام.
19- يهوياكين بن يهوياقيم (من نحوشتا بنت الناثان من اورشالوم): حكم ثلاثة اشهر. للمرة الثانية غزا نبوخذ نصر اورشالوم واقتاد اللك وطاقمه وكل ممتلكات قصره معه الى بابل، ومعه خيرة شباب المملكة وسبعة الاف من جيشها. وربما كان دانيال من ضمنهم.
20- متنيا: عم يهوياكين (غير اسمه الى صدقيا) – من حميطل بنت ارميا من لبنة-: حكم احدى عشر عاما. وفي السنة التاسعة لحكمه تمرد على بابل، وكان نبوخذ نصر عين ملكا بابليا على فلسطين يقيم في (ربلة)، فأرسل جيشا لمحاصرة اورشالوم واقتيد صدقيا اسيرا الى ربلة ثم الى بابل.

مملكة السامرة [928- 722 ق. م.]..
كان يربعام بن ناباط الافرايمي قائد جيش سليمان بن داود، وعندما اراد سليمان قتله لجأ يربعام الى ملك مصر (شيشق) ومكث هناك حتى وفاة سليمان/(1مل 11: 40). وبعد موت سليمان جاء سكان السامرة الى رحبعام بن سليمان وسألوه تخفيف الضرائب والاعباء التي وضعها ابوه على كاهلهم/(1مل 11: 4)، فكان رد الابن: [أبي اثقل عليكم النير وانا اضاعفه. أبي ادبكم بالسياط، وأنا اؤدبكم بالعقارب!]- (1مل 12: 11) [وعندما علموا ان يربعام بن ناباط عاد من مصر، استدعوه ونصبوه ملكا عليهم]- (1مل 12: 20)، وكان موطنهم القسم الشمالي من فلسطين بين اورشالوم وجنوبي لبنان، وعاصمتهم (فنوئيل)/[(1مل 12: 25)، (تك 32ك 30)]، ومركزهم الديني في (بيت ايل)/ [(1مل 12: 33)، (تك 28: 19)]..
1- يربعام بن ناباط الافرايمي: حكم اثنين وعشرين عاما.
2- اداب بن يربعام: دام حكمه عامين.
3- بعشا بن أخيا: حكم اربعا وعشرين عاما.
4- ايلة بن بعشا: دام حكمه عامين.
5- زمري (في ترصة): حكم سبعة ايام.
6- عمري: حكم اثنين وعشرين عاما.
7- اخآب بن عمري: حكم اثنين وعشرين عاما. – تزوج من ايزابل بنت أثبعل ملك صيدا-.
8- اخزيا بن اخاب: حكم سنتين.
9- يهورام بن اخاب: حكم اثني عشر عاما.
10- ياهو بن يهوشافاط بن نمشيك حكم ثمانية وعشرين عاما.
11- يهواحاز بن ياهو: حكم سعة عشر عاما.
12- يواش بن يهواحاز: جكم ستة عشر عاما.
13- يربعام بن يواش: جكم واحدا واربعين عاما.
14- زكريا بن يربعام: حكم ستة اشهر.
15- شلوم بن يابيش: حكم شهرا واحدا.
16- منحيم بن جادي: جم عشرة اعوام.
17- فقحيا بن منحيم: جكم سنتين.
18- فقح بن رمليا الدلعادي: حكم عشرين عاما. – في ايامه هاجم تغلث فلاسر الاشوري اطراف السامرة-.
19- هوشع بن ايلة: حكم تسعة اعوام. – هاجمه شلمناصر وفرض عليه الجزية، وعندما حاول التملص واستغاث بمصر، قبض عليه وزجه في السجن. وانتهى حكم السامرة.

حكم الكهنة [450 ق. م.- 70م]..
الكهنة العائدون حسب مرسوم كورش، جمعهم عزرا الكاتب ووضع لهم نظاما حول كيفية استحياء الطقوس والمراسيم الدينية في اورشالوم وخارجها، كما تم اختيار سبعين شخصا من كبار الكهنة، هم اعضاء مجلس ديني اعلى لادارة شؤون جاليتهم ورعاية الحياة الدينية. وكان هذا المجلس يمثل سلطة مستقلة امام السطات الرسمية الفارسية، يحمي افرادهم من تدخل السلطات الحاكمة. وفي قصة يسوع الجليلي نلمس دور هذا المجلس في تحريض السلطات السياسية ضد ما يهدد حياتهم الدينية اوو يشكل تدخلا في عقيدتهم.
وفي وقت متدرج سةف تتشكل مدارس دينية واتجاهات متعددة في التفسير والتأويل التي يكون من جرائها ظهور كتب [التلمود]، ومن تلك الاتجاهات: الفريسيون والصدوقيون والاسينيون والغيورون والهيروديّون. وقد تمتع المجلس اليهودي الاعلى بدعم السلطات الرسمية، مما احكم قبضة الكهنة على افراد الجماعة في نفس الوقت. وقد استمر [المعبد] وكهنته، مصدر السلطة والمرجعية الرسمية العامة للعبرانيين في أي بلد، وبتطبيق احكام شريعتهم التي تؤكد على اعتزالهم – الامم- وعدم الاندماج في الحركة الاجتماعية ونسيج المجتمع، مما رسم لهم صورة غير مألوفة.
حصر السلطة العامة بيد الكهنة، كان من جرائه، امتناع ظهور اشخاص علمانيين في الجماعة العبرانية، ومنع ظهور رأي مخالف لسلطة المعبد. ومن تجرأ على الاختلاف او المخالفة كان مصيره الحرم الديني كما حصل مع باروخ سبينوزا الذي اعتزلته طائفته، ودعا نفسه [مواطنا عالميا]، قبل ان يجد البعض منهم طريقه للتخلي عن تلك العقيدة او اختيار غيرها في الفضاء الاوربي لعصر النهضة والحداثة.

مملكة المكابيين [170- 67 ق. م.]..
بعد محاولات تمرد متعددة، نجح الحشمونيون من اعلان مملكتهم المستقلة عن الحكم الروماني، وجعلوا أنفسهم ملوكا وكهنة، احيوا المراسيم الدينية في اورشالوم، وعزلوا الغرباء، حسب وصايا عزرا [سفري عزرا ونحميا]. وفي العام (67 ق. م.) قام هيرودوس الادومي الحاكم الروماني العام لفلسطين، بالقضاء على الامارة الحشمونية، ونقض معابدهم. وهو ما عاد وتكرر في ظروف مشابهة في (67م)، وهي المرة الثالثة لهدمه، ولم يجرؤ احد على تكرار بنائه حتى اليوم.

نقض المعبد والشتات..
تم بناء المعبد الاول على يد سليمان، وانتهى بتدميره على يد نبوخذ ناصر الكلداني.وأعيد بناؤه في رعاية ملوك الفرس واشراف [زربابل، نحميا]، وانتقض على يد هيرودس. والمعبد الثالث بناه هيرودس وانتقض على يد نيرو امبراطور روما.
ويقر التعليم الديني لليهود والمسيحيين، ان ذلك يتم بارادة الهية، ويخشى المعنيون اليوم التفكير في معاودة المحاولة، لما يمكن ان يترتب على ذلك من دمار بلا طائل. الدولة الاسرائيلية وحكومة الليكود الدينية اليمينية المتشددة لم تجرؤ على التقدم في هذا الاتجاه، رغم امساكها بالحكم منذ التسعينيات. ولكنها تنتظر الخطوة من الخارج، وتنتظر ضمانات من الخارج، وذلك ما يرد في صورة مطالبة الدول العظمى نقل سفاراتها الى القدس، بما يدعم خطوة الحكومة باعلان (القدس) عاصمة رسمية لها. في مذكرات مؤسسي الدولة الاسرائيلية تجد هذا الحلم كان مطروحا قبل كل شيء. وحتى الان بعد قرن من قرار بلفور، ما يزال الحلم حلما، وسيبقى كذلك حتى يضمحل ويرفضه اهله مثل قصة النفط بالنسبة للعراق.
اما الشتات فكان سابقا لموسى والتوراة، لان العبرانيين هم جماعة رعوية تجارية متنقلة، وما يزالون كذلك، يمارسون التنقل والتجارة واكتناز المال. المال هو الوطن عند العبراني. ولا يصح هنا قول: [المال في الغربة وطن]، لان العبراني ليس غريبا ولا مغتربا، وانما مهاجر بارادته ومتنقل بطبيعته وطرازه الموروث. والذي ترك موطنه الاول، ترك أي موطن حل فيه، لانه لا يريد/ يستطيع ان يستقر في جغرافيا المكان.
فلا غرو ان تصل الراسمالية الى الغاء عنصر المكان/ التوطن في الاقتصاد، وتولي قفاها للمعمل والشغيلة والانتاج، لصالح طراز الموبايل مان/ موبايل جوب/ فاست موني. وهذا ما يتطابق مع مقتضيات تجارة المال والبداوة الاقتصادية، والشركات العابرة للقارات والحدود. لم يقل ماركس ان [المعمل] في الاقتصاد، يضاهي [المعبد] في الدين، و[الشغيلة] الاقتصادية المحكومة بالاستغلال والاسترقاق، تقابل [الجماعة الدينية/ لايتي] في المجتمع الديني المحكومة باكام الخضوع والطاعة وعدم المخالفة وتهميش العقل والرأي والارادة خارج [المعبد] لاسترضاء سلطة الكاهن.
والغريب ان تعنى الراسمالية الغربية بقلب المنظومة الاقتصادية، الى ما صار يعرف في الغرب بالما- بعد/(بوست). ما بعد الحداثة، ما بعد الاقتصاد، ما بعد الاشتراطية، ما بعد ماركس، ما بعد الانسان، ما بعد الوطن. ولكن اثنين بقيا على حالهما هما اجدر بالتدخل: ما بعد الدين، ما بعد الموت!.

خلاصة..
مشروع موسى تحول الى مشروع سياسي عسكري، لاحتلال بلد وممارسة القتل والتهجير والاغتصاب، الأمر الذي تم على يد يوشع بن نون، فكان مصدر نكاية وخطايا تاريخية متراكمة، تولت الارادة الهية الرد عليها وابادتها مرة بعد مرة، وحماية حق السكان الاصليين في ارضهم ووطنهم، حتى اليوم والابد. دون ادراك المغزى من ذلك، ومواصلة علج نفس العلكة، بانتظار تغيير خطة الله، وهو ما دفعهم لاستعارة المشيحا واليسوع الذي سبق رفضوه واهانون وقتلوه، سلما لتحقيق مآربهم.
وعجبا لمن يتحجج بقدرات [يهوه الجبار رب الجنود] ان يتوسل الايرانيين مرة لتدمير بابل، والانجليز مرة لاحتلال المشرق العربي، ومرة الامريكان لتدمير الانظمة العسكرية غير المهادنة؛ دون افادة من دروس الماضي، ودون ادراك روحي او انساني، يدفعهم للمراجعة والتواضع، واقتراف الخطوة الاول لمعنى [المحبة].
قلنا، ان فرضية الخروج/(قصة موسى) خضعت لمبدأ التناظر الفيزياوي، والتقابلية الرياضية والمنطقية لفرضية الدخول/(قصة يوسف). وبنفس القياس، نجد ان فرضية ابتداء التاريخ العبراني/(قصة ابرام)، اقتضت العودة الى نقطة الصفر والانطلاقة الاولى/(قصة السبي البابلي) في نهاية المطاف.
موسى بكل القابه ومواصفاته وبطولاته ومعجزاته وعصاه السحرية وحيته النحاسية وخوارق يهوه الهوائية، يبقى مجرد كلام. هذا الكلام هو شرائع وأحكام، أو عقيدة وفروض، او كتب وتصانيف، لا احد يعرف لماذا كانت خمسة، وهي مجرد تكرار واستنساخ كلام لا يتصل بالعقيدة او يقدم فائدة. اكثر منه، ان كلام موسى وشرائعه، الموضوعة في فاتحة الكتاب، لا أثر لها في حياة العبرانيين، ولا تنعكس في تطبيقاتهم الدينية او ممارساتهم الحياتية، كما يرى مايكل كوغان.
والنتيجة المباشرة التي يخرج بها قارئ ما يدعى بالكتب التاريخية/ [chutubiim] من (التاناك) وهي التالية لمن يعنيه الأمر: [يشوع- قضاة- راعوث- صموئيل الاول والثاني- ملوك الاول والثاني- ايام الاول والثاني- استير- عزرا- نحميا].
ان هاته الشرائع والاحكام والوصايا غير معروفة عند الجماعة المعروفة بالعبرانيين: بني اسرائيل، تلاميذ موسى!. وقد عاش هؤلاء بين الكنعانيين وكانوا جزءا منهم في العادات والزواج والمعيشة والتجارة/ [أقام بنو اسرائيل بين الكنعانيين والاموريين والفرزيين والحويين واليبوسيين، وتزوجوا من بناتهم، وزوجوا بناتهم لابنائهم، وعبدوا الهتهم]-(قض 3: 5-6). وليس من المعقول ان كل هؤلاء جاهلون بالشريعة واحكامها، ومنهم كهنة وقادة وشيوخ، لو ثمة وجود حقيقي للشريعة في ايامهم، مما يعني ان تلك الشريعة ومتعلقاتها القصصية والكتابية وضعت واضيفت في وقت لاحق، وبشكل رجعي/ مفعول رجعي، مما جعل النص والكاتب والعبرانيين جميعا، في مأزق لا مبرر له، ولا مخرج منه، الا لفضح اصل الافتراء في شغل الكهان الذي شخصه النص القرآني بقوله: [يفترون على الله الكلم/ يكتبون الكتاب بايديهم ويقولون هذا من عند الله، فويل لهم مماكتبت ايديهم، وويل لهم مما يكسبون].
وفي ضوء الافتراض الاخير، حول عدم وجود [تعاليم موسى] في الواقع او الذاكرة العبرانية، قبل زمن عزرا، يمكن فهم مغزى قول يسوع الجليلي لهم: [لو كنتم تصدقون موسى لصدقتموني، لانه كتب عني. فان لم تصدقوا كتب ذاك، فكيف تدقون كلامي]- (يو 5: 46- 47). والمعنى كيف يصدقون كتب موسى، وهي غير موجودة اصلا. وبذلك كان يسوع يوجه اتهامه لطبقة الكهان/ الفريسيين والصديقين.

ـــــــــــــــــ
* مع انطلاق شبكة الانترنت حملت احدى شركات التواصل الاجتماعي الالكتروني اسم [yahu]، التي اتسعت وسادت سواها، لتنتهي بفضيحة تجارة المعلومات والبيانات الالية، وتضطر لبيع اسهمها لشركة [gmail].



#وديع_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دامداماران [18] يوسفية موسوية..
- دامداماران [17] كنعانية يسرايلية..
- دامداماران [16] عبرانية براهمية
- دامداران [15] مجوسية زرادشتية..
- دامداماران [14] الصابئة المندائية
- دامداماران [13] الحنيفية
- دامداماران [12] في علم اجتماع الدين- 2
- دامداماران [11] اوثان واصنام..
- دامداماران [10] طمطمية عربية..
- دامداماران [9] ملائكة وشياطين
- دامداماران [8] عبادة النجوم
- دامداماران [7]
- دامداماران [6]
- دامداماران [5]
- دامداماران [4] امة.. امتان.. أم أمم..
- دامداماران [3]
- دامداماران [2]
- دامداماران [1]
- اربعة عشر عاما على احتلال العراق
- هل تناولت فطورك اليوم؟..


المزيد.....




- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر
- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وديع العبيدي - دامداماران [19] يسرييل.. يزرعيل: حقل الدم..