علي المدن
الحوار المتمدن-العدد: 5492 - 2017 / 4 / 15 - 20:54
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
هل من الصحيح أن كتب قدماء الشيعة ذهبت ضحية التدخلات المباشرة من قبل الحكام والولاة المخالفين للشيعة؟ أو أن هؤلاء الحكام اتخذوا سياسات جائرة ضد علماء الشيعة فحملتهم على المبالغة في إخفائها وحفظها حتى ضاعت أو تلفت؟!
هذه واحدة من الآراء الشائعة التي لا يوجد إثبات تاريخي يمكن الوثوق به لدعمها!! بل الإثباتات والشواهد على دحضها أكثر وأوسع وأهم.
الصحيح هو القول إن تلك الكتب هُجرت من قبل الشيعة أنفسهم! وهم باختيارهم لم ينسخوها!! .. أما لماذا فعل الشيعة ذلك؟ فأسبابه عديدة! من بين أهم العوامل التي يمكن العثور عليها من خلال تصفح كتب الرجال، وفهارس المؤلفين والتصانيف، والتاريخ والسير:
- كونها كتبا ذات محتوى أو مضمون فكري يناقض أو يخالف الثقافة الشيعية السائدة، وهذا ما يجعل منها كتبا غير مرغوب في نشرها فلا تنسخ.
- كونها غير مرتبة وغير مبوبة فتقل الاستفادة منها فتهجر ولا تنسخ.
- كونها كثيرة الخلط والاشتباه.
- كونها رديئة الخط وعسيرة القراءة.
- كون أصحابها كثيري النقل عن الضعفاء أو المنبوذين خارج المذهب الرسمي كالغلاة أو المقصّرة أو المجبّرة أو المشبّهة ... إلخ.
المفتاح لمعرفة جزء كبير من هذه الظاهرة هو دراسة الأحوال الفكرية للتشيع والتمعن في فهم أهم تحولاته واتجاهاته ومدارسه، وما مر به من فترات رخاء ومصاهرة لكبار رجالاته مع العوائل النافذة في السلطة أو تلك التي هي جزء منها، بل وتحليل طبيعة مؤلفات رجال الشيعة آنذاك ونوعها وأهميتها ومقدار مشاركتها في المشهد الفكري أو قربها من تقاليده العلمية في حمل العلم ونقله، ثم علاقة كل ذلك بما هو موضع عناية السلطة أو يعد ضمن مشاغلها وعنايتها. أما التمسك بالفرضيات الإيديولوجية، فهو مما لا يساعد على فهم تاريخنا، بل يساعد على طمس الحقيقة وتشوهها وتتلاعب بها.
#علي_المدن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟