أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - هاني جرجس عياد - الرعاية اللاحقة للمفرج عنهم إحسانا أم التزاما تتحمله الدولة؟!














المزيد.....

الرعاية اللاحقة للمفرج عنهم إحسانا أم التزاما تتحمله الدولة؟!


هاني جرجس عياد

الحوار المتمدن-العدد: 5466 - 2017 / 3 / 20 - 17:03
المحور: حقوق الانسان
    


تعد مرحلة الرعاية اللاحقة للإفراج مكملة للعملية الإصلاحية بكاملها، بحيث يتوقع أن تهدر نتائج برامج المعاملة وإعادة التنشئة ما لم تعقبها برامج رشيدة تمكن السجين المفرج عنه من مواجهة الحياة في المجتمع بدون انتكاس يدفع به إلى عالم الجريمة من جديد فيعود إلى السجن مرة أخرى .
وفى الوقت نفسه فان مرحلة الرعاية اللاحقة تعد مرحلة حصاد لكل نتائج برامج المعاملة السجونية، ولا شك أن نجاح وكفاءة برامج المعاملة أو فشلها وعدم كفاءتها إنما تكشفها المرحلة التالية للإفراج. إن هناك جهودا أنتجت آثارا بالقدر الذي اتاحة الوقت الذي بذلت خلاله والوسائل التي استعين بها أثناء تنفيذ المحكوم عليه العقوبة السالبة للحرية، ويغلب أن تكون هذه الآثار في حاجة إلى ما يكملها حتى تبلغ النطاق الذي يقتضيه التأهيل الاجتماعي، وهذا الإكمال هو ( الدور الأول للرعاية اللاحقة ). كذلك فان آثار الجهود في حاجة إلى صيانة كي لا تفسدها العوامل التي قد يتعرض لها المفرج عنه عقب الإفراج عنه مباشرة ، وهذه الصيانة هي ( الدور الثاني الذي تؤديه الرعاية اللاحقة ).
ويبرز أهمية الدور العقابي للرعاية اللاحقة أن المفرج عنه يغلب أن يتعرض عقب الإفراج لظروف سيئة اصطلح على التعبير عنها ( بأزمة الإفراج )، وتفرض ظروف هذه الأزمة على السلطات العامة أن تخف إلى معونة المفرج عنه، لأنها إن لم تفعل ذلك عرضت المجتمع لخطر عودته إلى الجريمة تحت وطأة هذه الظروف القاسية، وهددت تبعا لذلك بالإفساد وخلخلت الجهود التي سبق أن بذلت، وقد عبر البعض عن ذلك بالقول ”إن الإيلام الحقيقي للمحكوم عليه يبدأ لحظة الإفراج عنه”.
ولا شك أن الفلسفة الحديثة للنظام العقابي في أي دولة متقدمة تستهدف إصلاح المذنب وتقويمه والنهوض بمستوى قيمه ومفاهيمه مما يستدعى تعديلا وتحويرا في شخصيته وتغييرا في نظرته العامة للحياة حتى يستطيع أن يعود إلى زمرة المجتمع من جديد مواطنا صالحا شريفا وعاملا نافعا منتجا.
والواقع انه مهما بلغت قيمة برامج الإصلاح والتقويم المتبعة في السجون والمؤسسات العقابية فهي ليست كافية بذاتها لتحقيق هذا الهدف إذا لم يوجد إلى جوارها نظام انسانى متكامل لرعاية المسجون بعد الإفراج عنه حتى يمكن المحافظة على المستوى الذي وصل إليه من الفهم والتربية والتأهيل المهني والسلوك السوي استجابة لتلك البرامج الإصلاحية، والعمل على تنمية تلك القدرات والاستفادة منها.
وهذا النظام يقدم للمسجون بعد الإفراج عنه العون الذي يقوده ويوجهه ويرشده، وعليه أن يتابعه ويرعاه ويشرف على سلوكه ويساعده على التغلب على المشكلات المختلفة التي تواجهه خارج السجن كالحرمان المادي وفقدانه لبعض الحقوق والمزايا ومتاعبه الخاصة بالأسرة وبعدم إمكانية الحصول على عمل إلى غير ذلك من الصعاب.
ولقد أصبح من المسلم به أن مسئولية الهيئة المشرفة على برنامج الرعاية الاجتماعية للمسجونين لا تنتهي بمجرد إطلاق سراح المسجونين، بل يجب عليها أن تواصل معاملته بطريقة إنسانية فعالة تساعده على الاندماج في الجماعة.
إن المفرج عنه يواجه بالاختلاف الكبير بين ظروف الحياة التي اعتاد عليها في المؤسسة العقابية وظروف الحياة في المجتمع، كما أن له مطالب متنوعة والتي قد فشل في تدبيرها، فقد لا يجد المأوى ولا المال الذي تقتضيه متطلبات العيش الأولى، كما انه قد يعانى من الشعور بالتخلف إزاء مواطني المجتمع وان هناك ثمة تغيرات لا يعلمها وقد لا يفهمها أو لا يتكيف معها فيتولد لديه ذلك الشعور الذي يضعف من ثقته في نفسه ويغرس لديه الاعتقاد بصعوبة اندماجه في المجتمع.
وقد يواجه المفرج عنه بالنفور وعدم الاكتراث من جانب المجتمع حيث ينظر إليه أفراده باعتباره مجرما سابقا فيتجنبوه ويرفضون تقبله بينهم فتغلق سبل العمل أمامه فتخل بذلك علاقاته العائلية ويتولد لديه العداء الاجتماعي الذي قد يدفعه إلى ارتكاب الجريمة مرة أخرى.
والرعاية اللاحقة عون على تخطى أزمة الإفراج، كما أنها وقاية للمفرج عنه من سوء ظن الناس به وفقدانه ثقته بنفسه وعوزه المادي وما يتفرع عن ذلك كله من إغراءات شديدة بالعودة إلى الجريمة، وهى ليست إحسانا وإنما هي التزام تتحمله الدولة وتفرضه عليها وظيفتها في مكافحة العود إلى الجريمة، كما أنها معاملة عقابية من نوع خاص تكمل المراحل المتعاقبة من التنفيذ العقابي.



#هاني_جرجس_عياد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جرائم الاتجار بالبشر : المفهوم – الأسباب – سبل المواجهة
- الزواج السياحي في مصر
- المال السياسي ونزاهة الانتخابات البرلمانية في مصر
- في عالم خارج نطاق الحياة : سكان القبور أحياء بدرجة أموات
- التحرش الجنسي بالمرأة العاملة : مأساة تتكرر فصولها كل يوم
- حوار الثقافات في زمن العولمة : هل هو ممكن ؟
- ماهية الحوار الثقافي
- المسؤوليات الأمنية بين الشرطة والمجتمع (الشرطة المجتمعية )
- المطلقة وتجربة الزواج الثاني
- تعالوا إلى كلمة سواء: الدور الوطنى للمشير لا يؤهله للرئاسة
- ما بعد الستين
- عن «المؤسسة العسكرية»... وتوظيف ثورة بلا قائد
- رسالة مفتوحة إلى الفريق أول عبد الفتاح السيسى
- نحو إعادة بناء الدولة المصرية 1 - عن السيسى والمؤسسة العسكري ...
- تخاريف صيام
- بيان «استرداد الثورة»... من الشعب
- خطاب مفتوح إلى وزير الدفاع
- المرتزقة وتجار الدين من بغداد إلى دمشق مرورا بالقاهرة
- موقعة وزارة الثقافة... دروس لمن يستوعب
- «تمرد» داخل جبهة الإنقاذ... هل من سبيل؟


المزيد.....




- إسرائيل: 276 شاحنة محملة بإمدادات الإغاثة وصلت إلى قطاع غزة ...
- مفوضية اللاجئين تطالب قبرص بالالتزام بالقانون في تعاملها مع ...
- لإغاثة السكان.. الإمارات أول دولة تنجح في الوصول لخان يونس
- سفارة روسيا لدى برلين تكشف سبب عدم دعوتها لحضور ذكرى تحرير م ...
- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...
- ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ...
- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...
- اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط ...
- الأمم المتحدة تستنكر -تعمد- تحطيم الأجهزة الطبية المعقدة بمس ...
- يديعوت أحرونوت: حكومة إسرائيل رفضت صفقة لتبادل الأسرى مرتين ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - هاني جرجس عياد - الرعاية اللاحقة للمفرج عنهم إحسانا أم التزاما تتحمله الدولة؟!