أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - الأنتصار على الذات














المزيد.....

الأنتصار على الذات


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5457 - 2017 / 3 / 11 - 19:47
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الأنتصار على الذات


قد يبدو العنوان منفصلا عن مجريات البحث في تطرقه لموضوع الإسلام والمسلمون، وأظن أن مسألة البحث عن حل لهذه الإشكالية يجب أن تطرح في نهاية البحث، خاصة وأننا كمسلمون نعاني فعلا من مشكلة النكوص في تقدير الذات، بين متطرف يرى أنه النموذج الأسمى في الوجود وأن خير مطلق لمجرد أنه مسلم، وبين من يرى أنه في أدنى حضيض المهانة لمجرد أنه مسلم تتقاذفه المشكلات والخلافات وتتلاعب بمصيره ثلة من الأولين وثلة من الأخرين تسيدوا الدين وجعلوه مطية مطامع.
الأنتصار بمعناه المثالي ليس تحقيق قوة الذات لقهرها بمعنى أستلاب الذاتية لصالح التذلل وكسر الإرادة بشكلها الفاعل، وإنما أنتصار لأجل السمو الكمالي في طريق النجاح لأداء دور تأريخي يسجل لها ويجعل منها رقما حقيقيا وليس تراكم كمي بلا فائدة، إنه أنتصار نوعي حين ننجح في أن نجعل من الذات واعية واقعية تتعامل مع الخارج بمنطق عقلاني لا يغفل عن ملاحظة كل ما يدور حولها وتسخره بسلبياته وإيجابياته ليكون دافع للتطوير ومقاومة للإنكسار.
هذا المفهوم الأفلاطوني قد يكون جزء من الأنتصار الذي ننشده كمسلمين بحاجة إلى أكثر من النص الديني لنفهم الدين وعلاقته بالذات وخاصة في الجزء الواقعي من الحياة، يركز أفلاطون في نظرته للذات ودورها على المعرفة كشرط لفهم معطيات الواقع القضية (أن المعرفة تتحقق من خلال الانتقال والارتقاء التدريجي من المعطى المحسوس إلى النموذج المعقول، حيث تميل الذات العارفة تدريجيا إلى التجرد من كل ما له علاقة بالعالم المحسوس من أجل الاتصال بالعالم المعقول والارتقاء في مراتب المعرفة إلى أن يصل العقل إلى غايته القصوى وهي المشاركة في انسجام العالم المعقول وتناسقه الرياضي) .
تعامل الذات مع المعطى المحسوس تعامل حسي فردي يمكن أن ينقل لها جزء من الحقيقة أو أقل ما يمكن أن يكون دون المعرفة، هذه المعرفة ضرورية لترقية الذات بإعادة وعيها المتشعب بها أولا وبالواقع ثانيا وبالهدف الوجودي ثالثا وبما بعد المعرفة أخيرا، فلا مكان لذات مغيبة أو لاهية عن وعيها أو مغيبة تحت ظروف القهر والحرمان أن تكون ذات حاضرة بمعنى فاعلة، وطالما أن الغياب هنا فعلي فالواقعية في التعامل مع الوجود سيكون تعاملا ظنيا لا يبنى على حقائق ولا يسترشد الصلاح.
منذ أن نشأت الصراعات الفكرية والسياسية ومنها تكاثرت الصراعات العقدية أستلي هذا الصراع الذات المسلمة من واقعها الذي سعى الإسلام لتجسيده كقيمة في الذات المسلمة، قيمة أرتقاء وتطور، إنهارت العوامل التركيبية والتكيفية في الجسد الأجتماعي وبدأ الأداء الذاتي منحصر في إنشغالات الضروري لديمومة البقاء دون أن تنجح كل الصراعات في تحفيز العقل المسلم والذات المسلمة في أن تصنه لها حضور مميز، فيما أجتهد الكهنوت الديني بمسايرة الصراع وتغذيته فشل أن يحقق لها جزء بسيط من الوعي اللازم لمتابعة المعرفة بشكلها الأصولي لتنعم بنوع من الحرية وأستراد الواقع الطبيعي لها.
لا نريد هنا أن نتبنى مفهوم فلسفي محدد في بناء منظومة الذات عبر قهر الأنا ولا عبر قهر الأخر ولا تحطيم الموروث العقلي لتنطلق الذات في فضاء السمو كما هو عند نيتشه مثلا ، بل جل ما نريد الوصول له أن نعيد أعتبار الذات لنفسها ولكونها محور التغيير التي بدونه لا يمكن أن نتجدد أفقيا ولا عموديا، الدين ساهم في دفع المقدمات اللزومية للواقع، ولكن الواقع عندما تحكمت به الصراعات لم يفسح طريقا لهذه المقدمات أن تعود لتمارس دورها الفكري والمعرفي المطلوب.
إذا نحن أمام إشكالية الوعي كأساس حقيقي ننطلق منه للأنتصار للذات وعلى الذات من خلال المعرفة ومن خلال التفكير به كشرط لأسترداد الحرية التي سرقها الكهنوت الديني وجرد الإنسان المسلم من كينونته ليحوله إلى كائن هامشي، كائن يعيش بعقل المجتهد والفقيه والسياسي والسلطان عموما كظل الله في أرضه، قد يكون ديكارت محقا في رؤيته التي تنطبق على جوهر المأساة التي يعيشها المسلم وجوديا، فديكارت الوجودي يركز على الذات الواعية الذات المفكرة كطريق للحرية (ويعتبر الوعي بالذات، في نظر ديكارت، أكثر الأشياء وضوحا، فقد شك في وجود البدن وفي وجود العالم. وأما الشيء الوحيد الذي لا يطاله الشك فهو الوعي بالذات باعتبارها ذاتا مفكرة: فإذا كنت أشك، فإن معنى ذلك أني أفكر، وإذا كنت أفكر فإنني موجود؛ يمثل التفكير، إذن، قوام وجودي. هذه فكرة بديهية، وكذلك تعتبر الأفكار المتضمنة في الذات المفكرة أكثر الأشياء وضوحا على الإطلاق. ويمكن تعميم المبدأ الديكارتي على النحو التالي: إن ما يميز الإنسان هو وعيه بذاته، وهذا الوعي هو الذي يجعل منه كائنا متميزا، ويرقى به إلى مستوى الشخص الحر المستقل) .
إذن الحرية وليدة وعي والوعي ذاته نتاج المعرفة والمعرفة لها خصوصية أنها تجسيد عملي لوجود عقل عامل، عقل يتذكر ويتعقل ويتدبر ويفهم ما هو الواجب وما هو الأوجب، وليس العقل فقط أداة لتلقي النقل من مصدره الفوقي دون فحص ودون تفاعل مع التجربة، الدين ما نكرره دائما تجربة الإنسان في تعامله مع الفضائل كما هي الأخلاق تجربة معرفية أيضا تستهدافان صنع الوعي، لذا فما يفعله الكهنوت الديني في منظومته التبشيرية هو الفصل بين المعرفة وبين الحرية، بين الإنسان العاقل وبين الرب الذي يأمر بالوعي ويطلب منا التفكير والتذكر وممارسة حق العقلنة.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة الخميس مرة أخرى
- مسائل التجديد الديني 2
- مسائل التجديد الديني
- ملك اليمين... أختراع فقهي وأجتهادي لم يرد به نص ولا حكم منير
- حوار هادئ بطعم المطر
- ستمطر عسلا وسيموت الثعبان تحت الشجرة
- الدين وموقف العقلانية منه
- جلسة سياسية عراقية ليلة أعلان فوز ترامب بالرئاسة الأمريكية.
- رسالة إلى حكام بغداد
- نظرية العربة والحصان في المنطق وتأسيس الوعي.
- في سهرة الخميس ... تعالي
- قصيدة الأرض وسؤال المصير
- لو كنت مرجعا دينيا في العراق.
- إلى كل ذي لب ويفهم.
- العراق المدني ومستلزمات التغيير والتحول الديمقراطي. ح1
- ماذا عرفت بعد التوهم؟ ح3
- ماذا عرفت بعد التوهم؟ ح2
- ماذا عرفت بعد التوهم؟
- كلمات طائرة بلا أجنحة 2
- أخر وصايا الرحيل


المزيد.....




- سقط سرواله فجأة.. عمدة مدينة كولومبية يتعرض لموقف محرج أثناء ...
- -الركوب على النيازك-.. فرضية لطريقة تنقّل الكائنات الفضائية ...
- انتقادات واسعة لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بسبب تصريح ...
- عقوبات أمريكية جديدة على إيران ضد منفذي هجمات سيبرانية
- اتحاد الجزائر يطالب الـ-كاف- باعتباره فائزا أمام نهضة بركان ...
- الاتحاد الأوروبي يوافق على إنشاء قوة رد سريع مشتركة
- موقع عبري: إسرائيل لم تحقق الأهداف الأساسية بعد 200 يوم من ا ...
- رئيسي يهدد إسرائيل بأن لن يبقى منها شيء إذا ارتكبت خطأ آخر ض ...
- بريطانيا.. الاستماع لدعوى مؤسستين حقوقيتين بوقف تزويد إسرائي ...
- البنتاغون: الحزمة الجديدة من المساعدات لأوكرانيا ستغطي احتيا ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - الأنتصار على الذات