حسن ابراهيمي
الحوار المتمدن-العدد: 5420 - 2017 / 2 / 2 - 23:45
المحور:
القضية الفلسطينية
ومن اجل التسلح بمواقف مشبعة بإيديولوجية اليسار تقترح الرواية التثقيف بواسطة الأغنية الملتزمة لما لها من دور في فضح طبيعة السياسات التي تنهجها الأنظمة العربية الرجعية ,إذ كما لعبت دورا مهما في نشر الوعي في الشارع العربي السياسي تقترح الرواية إن تسترجع هذه الأغنية مكانتها نظرا لما لعبته من دور تجاه القضية الفلسطينية ,من خلال الأنشطة السياسية ,والثقافية التي كانت تمارسها بعض التنظيمات اليسارية بكل الدول العربية والإطارات الموازية لها ,من خلال مناسبات مختلفة كإحياء ذكرى يوم الأرض وغيرها من المناسبات ,لهذا تؤكد الرواية على أهمية هذه الأغنية ,وتؤكد على ضرورة حضورها في كل المناسبات بهدف تربية التنشئة لتحمل المسؤولية ,وبناء مواقف مشرفة تتمكن بواسطتها من تأسيس طريقة تفكير سليمة ,لمواجهة الذوق الذي تفسده الأغنية المائعة ,والتي تروج لها بعض الفضائيات ,وغيرها في إطار خدمة غطرسة الرأسمال ,وفقا لما يبتغه النظام العالمي الرأسمالي ,والهدف من هذا العمل هو تمرير ايديوجية السيطرتين الطبقية ,والأجنبية , وبناء شخصيات تتعامل مع الواقع كما انه معطى لا يحمل أي تناقض كما تستهدف ذلك القنوات التلفزية ,وكل المؤسسات التي تدور في فلك النظام الرأسمالي ,الأصل في كل المشاكل التي تعاني منها الشعوب العربية ,بتقديم برامج من طرف بعض القنوات التلفزية العربية , والترويج لأغان الهدف منها هو تخدير الشعوب العربية ,ومنع تنشئتها من اكتساب مواقف لضمان التحكم فيها واعتبارها قطيعا يساق حيثما تريد السلطة السياسية في كل بلد عربي بإقامة مهرجانات لدعم العمل اليومي لكل المؤسسات الإيديولوجية في كل دولة عربية لتدجين التنشئة بها ,ومن تم منع تأسيس مواقف تعارض طبيعة السياسات التي تمارسها الأنظمة العربية للحفاظ على السيطرتين المذكورتين .من هنا تكمن أهمية الأغنية الملتزمة إذ كما لعبت دور الريادة في تأسيس مواقف معارضة للأنظمة العربية العميلة وضد العدو الصهيوني فلا بأس من أن تستعيد دورها لتمكين التنشئة من تأسيس وعي يترجم مواقف عداء ضد العدو الصهيوني .
هكذا ينهي بطل الرواية سفره داخل فلسطين المحتلة بالقدس باعتبارها محور الصراع العربي الفلسطيني ,الإسرائيلي ,غير أن سفر بطل الرواية لم ينته بعد ,اذ لابد من الوصول إلى محطات عربية أخرى ,ولعل هذا السفر ,والرسائل التي تضمنتها الرواية .كل ذلك يترجم طرح قضيتا الشعوب العربية وهما قضيتا الاستعمار المباشر ,وغير المباشر بهذه الدول ,وكما أن الرواية تنبه المتلقي إلى كون الفرق بينهما إنما يتجلى في الشكل ,على اعتبار أن جوهر علاقات الإنتاج بكل الدول العربية لا يختلف كثيرا , أي أن التبعية وان اختلفت من حيت الشكل فإنها لا تختلف من حيث الجوهر ,وبهذا تعتبر وجها خفيا للاستعمار ,أو الشكل الغير المباشر له ,على اعتبار إن الهدف الذي يتواجد من اجله العدو الصهيوني بالأراضي العربية الفلسطينية المحتلة ,ويتعلق الأمر بنهب خيرات الشعب الفلسطيني ,وقمعه , هو نفسه الهدف الذي يتحقق للدول التي استعمرت الدول العربية سابقا ,والتابعة حاليا بواسطة أنظمة عربية عميلة من صنع الاستعمار نفسه , لذلك فكما يناضل الشعب الفلسطيني من اجل تحرره ,أيضا تناضل الشعوب العربية من اجل استكمال قضية تحررها وبناء اقتصاد وطني بكل دولة عربية كما تناضل هذه الشعوب من اجل باستقلال الأنظمة السياسية بهذه البلدان عن أملاءات الدوائر الامبريالية وعن أنظمة سياسية منفدة لهذه الإملاءات ,لمنع تأثيرها عليها .
من اجل هذا الهدف , ومن منطلق كون الاستعمار المباشر لا يختلف عن الاستعمار غير المباشر إلا في الشكل تمهد الرواية الطريق في سفر بطل الرواية من اجل الوصول إلى محطة أخرى بعد القدس ,وهي بغداد عاصمة العراق ,وبعدها إلى بعض العواصم الأخرى ,وقد يعود السبب في كون العراق أتت بعد القدس إلى المشترك بين الشعبين ,أي الاستعمار المباشر ,و تأثيره على الشعب العراقي ,وما خلفه هذا الهجوم من ضرب للقوة العسكرية
العراقية ,لتمكين الامبريالية الأمريكية ,والأنظمة العربية العميلة المتحالفة معها من نهب خيراته وتدمير قدراته الصناعية في مختلف المجالات ,وكذا نهب ثرواته النفطية وغيرها ,واغتيال العلماء ,أطفال ,نساء ,وشيوخ ,وإتلاف الأرشيف المتعلق بالبحت العلمي ,في افق تنفيذ إستراتيجية الامبريالية الأمريكية بالشرق الأوسط , بدء بضرب القوة العسكرية للعراق ,وتقسيمه إلى دويلات لإضعاف المقاومة الشعبية به , من اجل استعماره ,لذلك جاءت العراق في المحطة الثانية بخصوص سفر بطل الرواية من اجل ان تنبهنا إلى الموقف الذي ينبغي ان تتبناه الشعوب العربية ضد هذه الإستراتيجية التي تستهدفها ,كما تستهدف خيراتها ,وأوطانها ,إن اتخاذ بغداد محطة ثانية في سفر بطل الرواية ليس الهدف منه هو ممارسة السياحة ,أو الترفيه ,إنما الهدف منه هو التنبيه لإستراتيجية تقسيم الدول العربية ككل من اجل استعمارها ,وتجدر الإشارة إلى كون هذا الهدف لن يتحقق إلا باللجوء إلى استغلال التناقضات الثانوية بهذه المجتمعات ,بما فيها ما هو طائفي ,ديني , عرقي , وخلق نزاعات كما خلقت بالعراق لضرب وحدة هذه الشعوب من اجل الإستراتيجية التي تحالفت الامبريالية الأمريكية ,الأنظمة العربية الرجعية ,والكيان الصهيوني ,من اجلها ,وهي استغلال النفط العراقي ,وكل خيراته ,وكذا من اجل الحفاظ على الكيان الصهيوني , وليد الامبريالية الأمريكية .
ان اتخاذ بغداد محطة ثانية في سفر بطل الرواية ,إنما أرادت الرواية من ذلك التنبيه لخطورة الاستعمار المباشر بفلسطين ,والتهييئ له بعودته ليشمل كل الدول العربية بدء بالعراق ,الشيء الذي يفسر اختيار بغداد محطة ثانية بعد القدس ,والهدف هو التنبيه لخطورة نتائجه على الشعوب العربية ككل ,ومن تم التنبيه لتبني موقف عربي ثوري موحد ,والنضال ضد الأنظمة العربية من اجل حسم السلطة السياسية بها لصالح الشعوب العربية ,بهدف استرجاع حقها في الثروة ,السلطة ,وإقامة مؤسسات لا تسمح بنهب المال العام ,وممارسة الفساد بمختلف أنواعه الاقتصادي ,المالي ,والإداري بإقامة أنظمة ديمقراطية تحقق الكرامة للشعوب بكل هذه المجتمعات .
من اجل هذا الهدف تأتي تونس محطة ثالثة في سفر بطل الرواية ,إذ بعد انسداد الأفق بكل الدول العربية سوف تنبثق رقعة ضوء بتونس بما ألت إليه السيرورة الثورية بهذا البلد الذي انتفض شعبه ضد النظام التونسي الفاسد ,والمستبد من اجل تحرره ,وبالتالي من اجل توزيع عادل للثروة ,وتحقيق للمساواة ,بين كل أفراد المجتمع ,كما انتقض الشعب من اجل تحقيق الكرامة ,ان الهدف من اتخاذ تونس المحطة الثالثة في سفر بطل الرواية هو ان يقود الشعب التونسي قاطرة تحرير كل الشعوب العربية ,وانعتا قها من براثين الظلم ,الجهل ,الأمية,وكل إفراز السياسات التي كانت تنهجها الأنظمة العربية الفاسدة سبب انتفاضات الشعب التونسي وبعده الانتفاضات العارمة المتوقع حدوثها بكل الدول العربية .
تأتي تونس ادن محطة ثالثة في سفر بطل الرواية للدلالة السياسية التي مفادها ان الشعب التونسي اول شعب تمكن من طرد رئيس الدولة ,على ان تعمم هذه الانتفاضات بكل الدول العربية لنفس الهدف , اي ان يقود الشعب التونسي قاطرة التغيير بكل الشعوب العربية بما فيها الشعب الفلسطيني ,بمعنى ان تنطلق الانتفاضة من تونس لتعم كل الدول العربية لتغيير أنظمتها سبب معاناة الشعوب العربية ,ان السفر بهذا المعنى يعني النضال من اجل أنظمة سياسية تحقق الكرامة لهذه الشعوب .
ومن اجل ذلك لابد من التنويه بما قامت به المجموعات ,والدور الذي لعبه المثقف العضوي من خلال فتح نقاشات ذات صلة بالديمقراطية ,والتعبئة من اجل حشد الجماهير بميدان التحرير,
ولعل هذا النقاش ساهم في فضح التعارض القائم بين قيادات بعض التنظيمات السياسية ,وقواعدها التي تجاوزتها وعبأت الجماهير من اجل الانتفاضة أملا في غد مشرق .
ومن اجل نفس الهدف تأتي القاهرة محطة رابعة ,وبسبب كون نفس الظروف تتشابه بكل الدول العربية ,من حيث ضرب حق هذه الشعوب في الكرامة ,بحرمانها من المأكل ,الملبس ,ومن متطلبات الحياة الكريمة ,لهذه الأسباب انتفض الشعب المصري في انتظار انتفاضات الشعوب العربية الأخرى تحقيقا للهدف المذكور سابقا .
لكن بشكل مفاجئ خيب أفق انتظار البطل إذ سرعان ما اكتشف ان الحراك الذي عرفته بعض الشعوب العربية سوف تتلقفه الامبريالية الأمريكية لمنعها من تحررها من السيطرتين الطبقية والأجنبية ,لذلك سوف يكشف من خلال حدث عن تلقف هذا الحراك من طرف الامبريالية الأمريكية من اجل تقسيم الدول العربية إلى دويلات لإضعاف هذه الشعوب
بعدما تأكد فشل هذه الانتفاضات بسبب عدم وجود قيادات لها ,وعدم وجود برنامج سياسي بديل لطبيعة السياسات التي ينهجها كل نظام عربي .
لذلك فلا مفر من الرجوع إلى فلسطين بعد عمان لاستكمال المسيرة النضالية للشعب الفلسطيني أملا في تحريره وإقامة دولة عربية عاصمتها القدس ,وتحرير كل الشعوب العربية بالاستمرار والتراكم في مسيرتها النضالية , وعدم ارتكاب الأخطاء التكتيكية القاتلة. وإقامة وحدة عربية ,وذلك لن يتأتي إلا بتأسيس
جبهة عربية ببرنامج نضالي موحد لمجابهة التحالف الثلاثي : الأنظمة العربية الرجعية العميلة ,
العدو الصهيوني ,والامبريالية الأمريكية المتوحشة .
#حسن_ابراهيمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
اليوتيوب
لينكدإن
تيلكرام
تمبلر
بلوكر
الموبايل
