عن العربان والحضارة

جواد كاظم الدايني

الحوار المتمدن-العدد: 5420 - 2017 / 2 / 2 - 22:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

كل مرة تذكر فيها الرياض والدوحة ودبي ،افكر في كل تلك العمارة والمشاريع التنموية والسياحية الكبيرة ،واتأمل الدوافع الحقيقية من وراء ارساء اسس " مفتعلة " للحداثة واللهاث لبناء مراكز استقطاب عالمية للاقتصاد والمال.
لم اتخيل امكانية الحديث عن " حضارة " بمعناها العام مع كل ذلك، لكن عندما اتحدث عن بغداد ودمشق وفارس وارض الكنانة ،تصبح الحضارة متلازمة ذهنية ،ولا يسعني سوا ابداء احتراما مستحقا لتاريخ حضاري مبجل ما زال يلهم الفكر البشري الى يومنا الحاضر ،رغم انها مدن بدون مبان شاهقة ولا ناطحات مزججة ولا نافورات راقصة.
الحضارة هي نتاج فكري وعقلي وثقافي انساني ،وليس اصطفاف جميل للمباني ،لذا ظلت تلك العمارة بحاجة لمتحضرين لانشائها وادارة مرافقها العامة ،وبسبب فقرهم البشري وعوزهم الفكري ،ظلت منابع الحضارات تمدهم بالعقول والطاقات البشرية ،فمن ارض الكنانة الفكر ومن ارض الرافدين العلمية ومن دمشق الثقافة اخذ عمرانهم قيمته الحقيقية.
العربان يشعرون بهذا الخلل ،وتجده واضحا في سلوكهم وسياساتهم تجاه دول الحضارات. السعودية مثلا لم تمل من محاولات شراء ارض الكنانة رغم ان الحضارة لا تشترى بل تخلق، فاذا فشلوا بتتطيب عبائتهم بتراب الكنانة ،فانهم يسعون لتلويثها ببداوتهم، ومحاولاتهم مستمرة لقضم فكرة الحضارة بما انهم لا يستوعبونها منذ فتوحاتهم الاسلامية.
اما قطر فلم تبخل بوسيلة لنشر الخراب والفكر الارهابي ،بدعمها جماعات ارهابية ليس من الغريب انها تستهدف ارض الرافدين والشام. وجود قطر القزم بين عمالقة الحضارة يؤرق وجودها وهي مرمية على اطراف الصحراء ولم يفت على وزير خارجية روسيا بتذكيرها انه يمكن ان " يدوس " عليها برجله دون ان يعلم.
عندما تمر حضاراتنا بأزمة عابرة لا يسع العربان الا الوقوف شامتين ومتخيلين ان رمالهم وبعرانهم يمكن ان تنال من قوة وجود لالاف السنين من التاريخ والجغرافية، لم تفضح تغريدة " ضاحي العربان تميم" سوى عقدتهم مع التحضر واشكاليتهم مع الحداثة، حين رمى جاليات عراقية وسورية بالتخلف وظل بصلافة البدوي يحدد حدود هجرتهم. شيئ اقوله للعربان… لا يمكن العتب على من هم على شاكلت اخلاقك بل العتب على من اوصلنا لهذا الحال،العتب على التافهين والحثالة. من الذين يملؤون مؤسسات دول بحضارات عظيمة لم يقيموا وزنا ولا احتراما لتاريخ دولهم. بلاد بهذا الحجم الحضاري لا يمكن ان تكون السياسة فيه مسؤولة عن فترة وجودها ، بل تكون مسؤولة عن التاريخ باجمعه، لكن ماذا نفعل اذا كانت اقزام السياسة لا تنظر الى سومر وبابل بل ترمق بانحطاطها دين الفقيه واموال الخليج .
وسلام على كرامتك يا وطني …

#جواد_كاظم_الدايني (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات