أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نضال القادري - الأسرلات الساقطة في المحرقة السورية














المزيد.....

الأسرلات الساقطة في المحرقة السورية


نضال القادري

الحوار المتمدن-العدد: 5408 - 2017 / 1 / 21 - 16:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عادت حلب إلى قلبها. ولا زال قلبي يُحبّها أكثر من أي وقت سيمضي. أمضي إلى ساحات الصراع وجبهات المقاومة معصوماً بها، ولا خطيئة أحملها إلا اشتهائي لكل زاوية تزرع في القلب شجرة، أو تُشعل طاقة للدفء الضائع على أضرحة الشهداء، وتُلهب شفاء الجرحى في بحيرة الإدمان. حلب تحاكي تاريخها أكثر من أي موت سيأتي. شوقها تناثر به للنصر، وأغلق به أبوابها عند أسئلة الرخام. ولا مفرّ من الانتصار. أتذكّر حلب العائدة إلى وطنها، متلبّساً بإيماني بها، وبالشهداء يرتفعون فوق حاراتها زوابعَ تتهامس مع كلّ رئة تغري شهيتنا بالصراخ نحو الحياة، لتسقط الكثير عن وجعنا الذي لا تحمله شجرة أو صديق، وتتحامل عليه كلّ ريح.

التاريخ أزاح عن حلب أهوال المشاريع المستعارة. ودفن العمالة الدولية وأذنابها. قال هتلر ذات يوم: «إنّ أحقر الأشخاص الذين قابلتهم في حياتي هم الذين ساعدوني في احتلال أوطانهم». لقد كان شديد الكره لرؤية ومصافحة الجواسيس الذين خانوا أوطانهم، وأمدّوه بالقوة لاحتلالها. ونحن السوريين، شهدنا أحقر النماذج الفاقعة من العمالات والخيانات، وتنسيقيات «الأسرلات» الشرسة المدمّرة. لكن الأوطان تنتصر بالأقوياء في نفوسهم. إنّ أحد نماذج «الأسرلة» هي الراديكاليات الإسلاموية الهدامة التي استباحت ثقافات الجماعات المتنوعة الحضارية. هذا النموذج الفاسد له مُفتوه وحركته وسيرورته التاريخية داخل «الإسلام» وعلى هامشه وخلال انتشاره. إنّ التخاذل الرسمي والديني عن التصدّي له هو محاولة لمجاراته وتأمين بيئة حاضنة ومولدة لشذوذه. لهم إسلامهم العفن، ولنا الساحات الحضارية المترقية، ولا عقل لهذا «الإسلام» المتطرّف سوى الحوار بالبراميل المباركة. إنّ إسلامهم الفاشي أحرق كتب ابن رشد والأصفهاني والفارابي والرازي والكندي. وكان ابن سينا في عيونهم إمام الملحدين. إسلامهم الفاشي جعل الرّازي يستقرّ كافراً بكلّ المذاهب. وأرغم «التّوحيدي» على أن يحرق كتبه بنفسه بسبب القهر واليأس من رجالات الدّين. إسلامهم الفاشي جعل المعرّي يفرض السّجن على نفسه. إسلامهم الفاشي قتل الحلاج وابن حيان والسهروردي. وجعل «إخوان الصّفاء» لا يذكرون أسماءهم بسبب الخوف من إهدار رجالات الفاشية الدّينية دماءهم!

حالياً في المحرقة السورية تبرز نماذج «الأسرلات» من الفصائل المسلحة الموقعة على اتفاق وقف إطلاق النار، هي: «فيلق الشام» تضم 19 فصيلاً، والعدد الإجمالي لمقاتليه هو 4 آلاف إرهابي. و»أحرار الشام» تضم 80 فصيلاً، والعدد الإجمالي لمقاتليها هو 16 ألف إرهابي. و»جيش الإسلام» يضم 64 فصيلاً، والعدد الإجمالي لمقاتليه هو 12 ألف إرهابي. و»جيش المجاهدين» يضم 13 فصيلاً، والعدد الإجمالي لمقاتليه هو 8 آلاف إرهابي. و»جيش إدلب» يضمّ 3 فصائل، والعدد الإجمالي لمقاتليه هو 6 آلاف إرهابي. و»الجبهة الشامية» تضمّ 5 فصائل، والعدد الإجمالي لمقاتليها هو 3 آلاف إرهابي. هناك أكثر من 50 ألفاً من المقاتلين الإسلامويين الموقعين على الاتفاق مع السلطات السورية في أكبر خدعة لالتقاط أنفاسهم والهروب من الموت مع قدوم فصل الشتاء، وسط عجز الدول الراعية لإرهابهم على تغطيتهم لوجستياً.

إنّ إسلامنا الحضاري هو النوعي المتنوّر المتعدّد العلماني العقلاني. أما إسلامكم الساقط الطاعن في الجهل والتردّي والتخلّف لن يُكتب له إلا الزوال والرجم والإبادة. إنّ الإسلام الذي تأكلون من معلفه يتخطّى بأشواط خطيرة إسلام «الغزالي» الذي كفّر الفلاسفة كافة، وإسلام «ابن القيّم» وإسلام «ابن الجوزي» وإسلام «ابن تيمية» وإسلام «الشافعي»، وكلّهم أفتى بتكفير وهدر دم الذي يمتهن علوم العقل، وعلوم الطبيعة والكيمياء والفلسفة. إسلامكم الفاشي تخطّى تقطيع أوصال «ابن المقفع» وتعليق رأس «أحمد بن نصر»، والدوران به في الأزقة كما تفعل داعش وتنظيم القاعدة وجبهة النصرة. إسلامكم الفاشي تخطى خنق لسان «الدين بن الخطيب» وإحراق جثته. إسلامكم الفاشي تخطّى قتل «الطبري» صاحب أشهر كتاب تفسير للقرآن الذي اتهموه بالكفر والإلحاد لأنه اختلف مع «ابن حنبل».

بكل بساطة، فشلت «البرندات» الفاشية الفاشلة في تقديم نماذج ديمقراطية حتى في قرية سورية واحدة. وستُدعس تحت أقدام المؤسسات الرسمية كلُّ الأفكار التي استثمرت في معاناة السوريين. وسترتدّ جزمات الاستعمار التي تغار في كلّ ميادين الحياة من السوريين وتاريخهم الضارب في الأصالة المتحضرة وفي جغرافية التمدّن. إنّ شهية الاحتلال وأدواته الرخيصة على قتل أساليب الحياة قاربت نهايتها. سورية تنتصر، وقد أحرقت مشاريع الفاشيين وردّت ضلالهم. خفتت اليوم صيحات الشجب والحسرة على سقوط حلب. وحلب ما سقطت، هي نجحت في العودة إلى قلب الوطن، كاسرة كلّ الأحلام الآتية من عواصم الزجاج المتحجّر، وبانت مكشوفة فصول المؤامرة على الشعب.

لقد تسجل عبر التاريخ أنّ روسيا قد أغرقت نابليون بونابرت باتساع جغرافيتها وغموضها. كانت فخاً ناجحاً في أسباب اندحاره. هي الأخرى، كانت سبباً في نهاية هتلر العسكرية. لقد أثبت الشعب الروسي المدمن على تحمّل جرعات المعاناة الهائلة أنه أكثر قدرة من جيش نابليون، وأقوى من جيش هتلر في تحمّل أكثر صنوف الحرمان. الجيش الروسي أوقف زحف نابليون نحو موسكو، وتمّ إحراق أكثر من نصف مساحتها، وعندها تمّ تكبيده خسارات فادحة في التسليح والإمداد والتموين جعله يطلق صرخته المهزومة لتتأكد عزيمة الشعب الروسي على الانتصار. كذلك كانت حلب.

كثيراً كرهت حلب في عدل «الله» الموت. هي ابنة سورية التي تحبّ الحياة. لم تبلع إرادة السوريين مقولة إن أوحى «الله» إلى بعض العرب أنهم «خير أمة أخرجت للناس»! فهل يكون في العدل أن تحبّذ جزيرة العرب الجهاد في سبيل «الله» بحزّ رقاب السوريين، وألا تقوى على أرض فلسطين سوى في مجاراة «شعب الله المختار»؟

ألا أيتها الوحوش العربية، نحن نحب الحياة، والشعب السوري لن ينتسب إلى هذا العار.




#نضال_القادري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رفيق سبيعي.. العروبة ورطة وخطأ تاريخي في سورية
- الروس يصنعون الفيتو والعربان يضرسون
- حراس الحشيش العربي
- وليم نصار: لموسيقاك، أول الغيث
- البقية تأتي من إله
- لا تهزي بجذع النخلة / حتى لا يفنى المسيح
- عشتار خزانة سري
- أحبك قبل أن يكون التفاح
- كان الله عاريا
- تحية: إلى المناضل جورج عبدالله
- حين يأتيك المسيح
- تنفس البحر من رئتي - إلى عروس الجنوب الشهيدة سناء يوسف محيدل ...
- شطرنج
- سقط الإعلام.. تصبحون على مذهب عمر
- لبنانيات فوق جدار الخيانة - تموز 2006
- المرأة بين الواقع والمرتجى في النظام الأبوي البطركي
- سأخرج من شرنقتي حرة / ثلاثية البكاء -
- هوامش فوق سياسات الجنون 18 -
- هوامش فوق سياسات الجنون 17
- هوامش فوق سياسات الجنون - 16- نضال القادري


المزيد.....




- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...
- حادث مروع يودي بحياة 3 ممرضات في سلطنة عمان (فيديوهات)
- تركيا.. تأجيل انطلاق -أسطول الحرية 2- إلى قطاع غزة بسبب تأخر ...
- مصر.. النيابة العامة تكشف تفاصيل جديدة ومفاجآت مدوية عن جريم ...
- البنتاغون: أوكرانيا ستتمكن من مهاجمة شبه جزيرة القرم بصواريخ ...
- مصادر: مصر تستأنف جهود الوساطة للتوصل إلى هدنة في غزة
- عالم الآثار الشهير زاهي حواس: لا توجد أي برديات تتحدث عن بني ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نضال القادري - الأسرلات الساقطة في المحرقة السورية