أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نضال القادري - وليم نصار: لموسيقاك، أول الغيث















المزيد.....

وليم نصار: لموسيقاك، أول الغيث


نضال القادري

الحوار المتمدن-العدد: 3222 - 2010 / 12 / 21 - 10:24
المحور: الادب والفن
    


يقول المفكر المشرقي جبران خليل جبران: "الموسيقى كالشعر والتصوير تمثل حالات الانسان المختلفة وترسم أشباح أطوار القلب وتوضح أخيلة ميول النفس وتصوغ ما يجول في الخاطر.". نعم، ففي كل إشارة وعند كل نوتة، ولكل عنوان حالة تمثيلية تعبر عن شعور سام وعواطف متأثرة وتأملات روحية ترفع النفس إلى عالم الأثير الدقيق حيث تصفو مما بها من الشوائب.

التجلى شعور راق بل هو وحي روحي هابط من الأعلى، ولكنه ليس حكرا على طائفة من أنبياء السماء. نحن المشرقيون نخترق ستار التجلي في إبداعنا. لا يسعني إلا أن أعبر عن امتناني للفنان الموسيقار د. وليم نصار، الذي أصدر ألبومه (أطفال قانا /الجليل) ووقعة خلال المعرض الخامس عشر للكتاب الذي أقامه النادي السوري الكندي في مدينة أوتاوا الكندية، فهو برأيي من الذين اخترقوا مكنونا. في عناوين موسيقاه كما في المضمون، يشعرك بموسيقاه أنه يحاكي هذا التجلي، يتجلى على هيئة شهوات متأتية من حالة طبيعية لمخزونه الثقافي، أوجدها لنفسه المناضلة المتأتية من سبيل إزاحة الظلم والإحتلال والإستعمار اليهودي عن أرض بلاده. وفضلا عما تقدم، إن ألبومه الموسقي (أطفال قانا/الجليل) المملوء شعورا راقيا، يريدك المؤلف أن تعرف به في الحياة حبا يتعدى حد الشهوات إلى التأثير على مجرى الحياة نفسها، كأنك تخاله يحاكي غناء روحيا وغنى يخرج بالأنفس من دائرة الملذات إلى منفسح المنعشات الروحية.

في إحدى مقارناتي الموسيقية المتواضعة، لاحظت التماسا فادحا بين جيلين يتقاطعان، همهما لم يتغير ولم ينزاح، ارتبطا بفلسطين ولم ينفك كل منها عن مجاراتها بالحياة الحرة الجميلة، ذلك زادني إيمانا بقدرة الموسيقى الناعمة والثائرة التي لا تشعل حروبا عبثية، بل ترتقي بالأنفس نحو سموها الأعلى وتكون قادرة على صنع النصر، فكان أن حدث وارتفعت الأسماء برتقالا في سماء حيفا، والقدس، وبيت لحم، وبلا شك، في لبنان والشام، فكان وليم نصار سفيرا متكاملا لمدن الملح الواحدة، ليكتب اسمه مع أخرين كالثلاثي جبران، سيمون شاهين، سميح شقير، مارسيل خليفة. البلاد واسعة، تطول اللائحة أكثر بكثير، ولكن لا تصمد الموسيقى كثيرا، فليست كل الموسيقى موسيقى، بعضها يوقفك قليلا عن التنفس لتقول شكرا، أيها الإبداع.

لوليم نصار أول الغيث، سمعته ولم أتمالك ما بقي من سحر، (أطفال قانا / قانا الجليل)، إنتاج موسيقي لا يعرف المهادنة، ثائر في نبضه، توزعت مقطوعاته الموسيقية الجميلة على 13 فاصلا: الزعتر الأخضر، وداعا يا أبي، نبيذ قانا، نشيد الحب، الولد والجمل الأحمر، حضن ستي، نهر البارد، المسيح الكنعاني، أطفال قانا، إيل، مقاومة، إم سعد، إلى مريم.

ما كان ليشدني إلى الكتابة عن هذا الإنتاج الموسيقي المبدع، ولو لم يكن كذلك حقا هو وليم نصار، ولا كان أخذني إلى سماعه ذلك التأني والهدوء. إذا، هو الغرق والدوار الذي تسحبك إليه المخيلة، فالألبوم هو إنجاز أكثر من رائع لوليم نصار، لا أدري إن كان عن قصد وتصميم قد وقع/أوقع الإختيار على هذا النوع من الموسيقى الساحرة والثائرة أو أنه وليد صدفة. شخصيا، أرجح أمر القصد، فالموسيقي نصار هو من رعيل النضال في صفوف جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية، وينتمي إلى جيل سوري لا يقدس الصدفة بل يعمل لها باستدامة، بجد ونشاط. فعلا هي نهضة الحياة.

لم أستغرب عندما رافقناه يرفع الصوت عاليا في الذكرى ألـ 60 لإغتصاب فلسطين وإقامة الكيان الإستيطاني، فالموسيقار د. وليم نصار رفض استلام جائزة مهرجان الموسيقى الإتنية في مقاطعة كيبيك/كندا وقيمتها ستون ألف دولار أميركي، إذ كان من المتوجب عليه مصافحة موسيقية صهيونية معروفة بعدائها الشديد لحقوق الشعب الفلسطيني تدعى (هيلاينا آنجل)، وقال الموسيقار مخاطبا لجنة المهرجان:" فلتقطع يدي ألف مرة قبل أن أصافح ممثلة دولة تحتل بلادنا وتقتل أطفالنا". وأضاف: "لا يشرفني أخذ جائزة على حساب محو ذاكرتنا ودمائنا". وأعتقد أنك أصبت ألف مرة.

لا لن أعجب بعد الأن لسماعه، فلوليم نصار أول الغيث، تتساقط موسيقاه الحالمة في ثورتها، تتعمشق على سرب حمام، تجوب بك في مدارات الأمة المعذبة، العطشى إلى الحرية المطلقة. حقا، مداراته سائبة وعند حافة كل سطر منها، أو شطر يختار الإبداع لنفسه وترا، لا يعزف فقط، لا بل يكتب نهاية ما تدع حدا فاصلا للفاصلة، هي كالحياة تتدفق في ألقها المتأني، تبحث عن وطن لم يتعذب، وفي عذابه لم يترمد، ولا تدري أي فينيق ستنفض عن جناحيها هذي الفصول اللامتناهية.

هو المجتمع معرفة والمعرفة قوة، كما قال المفكر أنطون سعادة، والموسيقار د. وليم نصار يجيد معرفة مذاق كراته الأرضية، السماوية في التجلي كالمسيح السوري/الكنعاني، إذ هي تسبح في التنوع الثائر نحو الحياة، حتى لا يخفى عليك أن الحياة وقفة عز عند أول قافية. لقد كان ألبومه الموسيقي يعكس صورة عن حياة مجتمع مشرقي كامل، وبقليل من التواضع، أعرف أنه كان محطة، ولن تكون الاخيرة للموسيقي نصار . ولكن، القمة لا تنتهي!! موسيقاه كالشعر في وحيها تنسال من عذابات عشاقها أو ترسمك في وجه الإله الذي أخذوه منك عنوة في بداية الحلم، فلذا سميت بالثائر، وأنت لست القادر على فك ألغازها، وقت لا تنفع البندقية، أو حينما لا تنفع أن تكون وحدها أداه صيد لأحلام الوطن الثمينة. أعتقد أن الموسيقى التي تجلت في ألبومه (أطفال قانا/الجليل) عندما تبدأ بالعزف نحو عريك، لا يعرف الله مداها أكثر منك، ويتساوى الوحي بين المتلقي وصاحب الدعوة، والنبوءة تأخذك إلى حيث يريد اللحن، ويبدأ الإبداع من هناك، وتبدأ أنت، من دفاترك المتشوقة للنصر، عدا ونقدا لتسجيل أول انتصاراتك الفاصلة.

في شتاء لا يعرفه إلا الأنقياء، هو الوطن أول الغيث، والموسيقى ترتيلة يندس كل منا في نوتاتها. يتسارق الساسة نبض حروفها، والشعراء بعض الأبجدية، وقد أهملوا لوليم نصار، سهوا، صفحة من البياض تتقافز الموسيقى لتكتب عليها مدائحا لعناوين شكلت انتصارا في التاريخ وتتساوى فيها مع مفاهيم الحق والخير والجمال، ومع حياة أحلى من كل شيء أخر!! وبخفة العارف العاقل يدعوك وليم نصار، بتفاؤل ألا تقرأ ما كتبوا من شقوق الهزيمة.

دائما إلى الأمام، وشكرا لك د. وليم نصار، على إصدارك الموسيقي الذي يليق بمكتبة الوطن، وبذاكرة الأنقياء، واثقون نحن من إبداعك، ومن نجاحك، في وقت صارت رايات الشر والطغيان أكثر ارتفاعا، والقبح أعمى، ورائحة الخيانة العظمى تفوح من "شرم الشيخ" إلى "سعسع"، وفوق هوامش الخيانة العظمى، رأيت في إصدارك صورة حية متكاملة بالحياة لكل فلسطين من البحر إلى النهر، متلمعة فينا، تحضر نفسها للعيد، أليست هي بداية البدايات ووجع النهايات، الذي لا ينتهي حتى ينتصر فينا فن الحياة؟!! وليم، ألف شكرا، هلا دلني فيك على وطني كي أعرف أنه بالحبر، بالموسيقى، وبالبندقية التي لا تكفى وحدها، ينكسر الموت ويحلو الإنتصار.

نضال القادري
باحث وشاعر، مقيم في أوتاوا، كندا
21-12-2010



#نضال_القادري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البقية تأتي من إله
- لا تهزي بجذع النخلة / حتى لا يفنى المسيح
- عشتار خزانة سري
- أحبك قبل أن يكون التفاح
- كان الله عاريا
- تحية: إلى المناضل جورج عبدالله
- حين يأتيك المسيح
- تنفس البحر من رئتي - إلى عروس الجنوب الشهيدة سناء يوسف محيدل ...
- شطرنج
- سقط الإعلام.. تصبحون على مذهب عمر
- لبنانيات فوق جدار الخيانة - تموز 2006
- المرأة بين الواقع والمرتجى في النظام الأبوي البطركي
- سأخرج من شرنقتي حرة / ثلاثية البكاء -
- هوامش فوق سياسات الجنون 18 -
- هوامش فوق سياسات الجنون 17
- هوامش فوق سياسات الجنون - 16- نضال القادري
- هوامش فوق سياسات الجنون - 15
- هوامش فوق سياسات الجنون - 14
- هوامش فوق سياسات الجنون - 13-
- أحمد.. وعيون إسرائيلية


المزيد.....




- مصر.. الفنان محمد عادل إمام يعلق على قرار إعادة عرض فيلم - ...
- أولاد رزق 3.. قائمة أفلام عيد الأضحى المبارك 2024 و نجاح فيل ...
- مصر.. ما حقيقة إصابة الفنان القدير لطفي لبيب بشلل نصفي؟
- دور السينما بمصر والخليج تُعيد عرض فيلم -زهايمر- احتفالا بمي ...
- بعد فوزه بالأوسكار عن -الكتاب الأخضر-.. فاريلي يعود للكوميدي ...
- رواية -أمي وأعرفها- لأحمد طملية.. صور بليغة من سرديات المخيم ...
- إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا ...
- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نضال القادري - وليم نصار: لموسيقاك، أول الغيث