أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - عبدالله المدني - مرور عام على تسونامي: المشهد و الدروس















المزيد.....

مرور عام على تسونامي: المشهد و الدروس


عبدالله المدني

الحوار المتمدن-العدد: 1426 - 2006 / 1 / 10 - 11:00
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


في الذكرى الأولى لكارثة المد البحري التي ضربت 12 دولة آسيوية في المحيط الهندي في ديسمبر من عام 2004 وخلفت وراءها نحو 290 ألف قتيل، إضافة إلى مليوني مشرد وخسائر اقتصادية بمليارات الدولارات، لا بد من وقفة لاستطلاع ما حدث خلال الأشهر الاثنى عشر الماضية على صعيد جهود الإغاثة الإنسانية، و أيضا لقراءة الدروس المستفادة من هذه الكارثة غير المسبوقة في الحجم و الامتداد الجغرافي و عدد الضحايا.

نعم ، لقد تجاوب العالم مع المأساة سريعا، و بادر إلى التعهد بمساعدات عاجلة بلغت قيمتها الإجمالية نحو عشرة مليارات و نصف المليار دولار، منها سبعة مليارات وصلت بالفعل إلى الدول المتضررة، و ذلك طبقا لمصادر الأمم المتحدة. وهذا بطبيعة الحال كان موقفا غير مسبوق و عكس نهجا إنسانيا جديدا في كيفية التعامل مع تلك الحالات. غير انه على الرغم من هذا الكرم، لا تزال مسارح الكارثة تشكو من بطء عمليات إعادة التعمير التي يقال أنها لم تنجز حتى اليوم سوى ما نسبته 30 بالمئة مما دمر، فيما الناجون يرون قصصا و حكايات مختلفة عن أوجه القصور التي لازمت أعمال الإغاثة و التعويض و التأهيل.

ولا ينفي المشرفون على جهود الإغاثة تهم التقصير، إلا أنهم يعزونها إلى عوامل خارجة عن إرادتهم. أحد أهم هذه العوامل عدم وجود خبرة دولية سابقة في كيفية التعاطي مع كارثة ضخمة ضربت في آن واحد عدة دول على امتداد جغرافي واسع. ولعل مما زاد من أثر هذا العامل على جهود الإغاثة أن الأقطار المنكوبة هي من بين الدول الأكثر ازدحاما بالسكان في العالم، ناهيك عن طبيعة تضاريسها المعقدة وما يكتنف بنيتها التحتية و إمكانياتها اللوجستية من ضعف يعيق توزيع المساعدات بالسرعة و الكفاءة المطلوبتين. كل هذا، إضافة إلى غياب المعلومات الدقيقة، و انتشار مظاهر الفساد الإداري في بعض هذه الدول، ووجود حساسية أمنية ذات صلة بحركات تمرد داخلية في بعض المناطق مثل إقليم آتشيه الاندونيسي وشبه جزيرة جفنا السريلانكي، تسبب في سؤ إدارة و توزيع المساعدات الخارجية و تباطيء جهود إعادة التعمير.

و كانت النتيجة أن آلافا من الأسر التي لم تتأثر كثيرا بالكارثة حصلت على أضعاف ما حصلت عليه الأسر الأكثر تضررا من مساعدات (كما حدث في سريلانكا)، و أن الآلاف ممن اضطروا إلى ملازمة ذويهم من الجرحى و المصابين لم يصلوا إلى نقاط توزيع المساعدات البعيدة إلا بعد فوات الأوان (كما حدث في سومطرة الاندونيسية). وفي حالات أخرى تبين أن نقص المعلومات الدقيقة معطوفا على فقدان الضحايا لأدلة تثبت حجم خسائرهم كي يتم تعويضهم تعويضا عادلا، تسبب في حصولهم على مساعدات لا توازي ما فقدوه و بالتالي لا تساعد على عودتهم إلى أعمالهم السابقة سريعا.

وإذا كانت المساعدات الدولية و جهود المتطوعين من منظمات المجتمع المدني الاجنبية قد ساهمت نسبيا في إعادة بناء الكثير من المنازل و المدارس المدمرة، فان عشرات الآلاف من الناجين ممن حلموا بالعودة إلى منازلهم مبكرا لا يزالون يسكنون الخيام المؤقتة، وأطفالهم لا يزالون دون مدارس أو يتلقون العلم في العراء. و في الحالات التي تمكن فيها المتطوعون الأجانب من إتمام إنشاء عدد من المدارس، حالت مشكلة نقص المعلمين دون تشغيلها فورا. و تبدو هذه المشكلة ماثلة للعيان في باندا عاصمة آتشيه التي فقدت 90 بالمئة من مدارسها و نحو 5000 معلم ومعلمة، رغم نجاح المتطوعين من سنغافورة في تشييد عدة رياض للأطفال و تأثيثها بسرعة قياسية.

وبالتزامن مع هذه التعقيدات، تبدو عودة السياحية، التي تعتبر مصدر دخل مباشر أو غير مباشر للآلاف من الأسر في اندونيسيا و تايلاند و جزر المالديف و غيرها، إلى سابق عهدها أملا بعيد المنال،. إذ لا يزال الرعب الذي خلفته الكارثة و المآسي التي اطلع عليها العالم عبر شاشات التلفزة يقف حائلا دون عودة الازدهار إلى الصناعة السياحية ، رغم جهود حكومات الدول المعنية في دعم هذه الصناعة و الترويج لها في الخارج وحملاتها المكثفة من اجل بعث الطمأنينة في نفوس السواح الأجانب. ولعل أفضل دليل هو أن منتجع بوكيت السياحي الذي يعتبر الأشهر في تايلاند والأكثر جذبا للسواح، لم يتمكن حتى الآن إلا من استعادة نصف عدد مرتاديه.

و مهما يكن الأمر، فان تسونامي 2004 بطبيعته غير المسبوقه أفرز عدة دروس، و كان بمثابة تدريب ميداني نادرا للمجتمع الدولي على كيفية التعاطي مع تبعات الكوارث الطبيعية الضخمة في عدة أماكن بالتزامن. ولعل أول الدروس المستفادة هو ضرورة المسارعة إلى تأسيس خط دفاع إقليمي أول في مواجهة مثل هذه الكوارث عبر تبني إنشاء مراصد متطورة وعالية الكفاءة للإنذار المبكر في آسيا. و الدرس الآخر هو ضرورة وضع أسس و مناهج واضحة للتعاون و التنسيق المحكمين بين وكالات الأمم المتحدة و المنظمات الإقليمية و الدولية و المؤسسات المدنية والعسكرية المعنية على المستوى القطري، وذلك من اجل تفادي التخبط و البطء و التعقيدات السيادية في عملية إيصال المساعدات إلى المنكوبين.

و في هذا السياق برز اقتراح حول الحاجة إلى استثمار 10 بالمئة على الأقل من أموال المساعدات الإنسانية في إقامة وسائل و استحداث ترتيبات للتقليل من آثار الزلازل البحرية و ما يتبعها من موجات المد البحري. من هذه الترتيبات إطلاق برامج تستهدف توعية السكان و تثقيفهم وتدريبهم على كيفية التصرف في مثل تلك الحالات، و دفع مناطق الاستيطان و المشروعات التجارية والتنموية بعيدا عن السواحل بغية إنشاء مناطق عازلة، و إقامة استحكامات عالية على الشواطيء الأكثر عرضة للكوارث كي تتكسر عليها أمواج المد.

و مما لاشك فيه أن هذه الترتيبات مبررة بل باتت ملحة في ظل الحديث عن احتمال تعرض آسيا في المستقبل إلى تسونامي آخر مماثل أو أكثر قوة. أحد ابرز الذين تحدثوا عن الموضوع هو الخبير التايلاندي "سميث دارماساروجا" الذي شدد على أن سجل تسونامي التاريخي خلال القرنين الماضيين، و أبحاثه الكثيرة على مدى السنوات الثلاثين الماضية، تؤكد تعرض منطقة المحيط الهندي إلى زلزال مدمر فموجة مد عاتية كل 50 سنة أو نحو ذلك. و مما قاله الرجل أيضا أن ماليزيا و سنغافورة سوف تكونان الأكثر عرضة للدمار هذه المرة بفعل تحرك مركز الزلزال نحو مضيق ملقا، مما يوجب عليهما سرعة التحرك.

و حديث الرجل من الصعب الاستهانة به، كونه العالم الوحيد الذي ظل يتنبأ منذ عام 1988 باحتمال تعرض بوكيت و ما جاورها إضافة إلى جزر أندامان و نيكوبار الهندية (600 جزيرة صغيرة على بعد 12 ألف كيلومتر من سواحل مدراس) إلى كارثة طبيعية مدمرة. وقتها اتهم الرجل بالتخريف وترويج إشاعات مضرة بصناعة السياحة التايلاندية، ليتحقق ما قاله بعد عقد و نصف و ليصبح بعيد ذلك مستشارا لرئيس الحكومة بدرجة نائب وزير.

ويتفق العديد من الجيولوجيين في جنوب شرق آسيا مع ما ذهب إليه دارماساروجا، وان كانت لهم بعض الملاحظات غير المخلة بجوهر تنبؤاته. لكن هناك من ينفي فرضية تعرض ماليزيا وسنغافورة مستقبلا إلى دمار أكبر من ذلك الذي تسبب فيه تسونامي 2004 إلا إذا حدث زلزال بحري بقوة تزيد عل تسع درجات ، وهو أمر نادر الحدوث. ويضيف هؤلاء أن قوة المد البحري الناجم عن أي زلزال كبير في عرض المحيط الهندي لا بد و أن يتضاءل تدريجيا أثناء اتجاهه نحو مضيق ملقا، إضافة إلى أن طبيعة هذا الممر المائي الضيق كفيل بامتصاص المزيد من قوته قبل وصوله إلى سواحل الدولتين.

د. عبدالله المدني
*باحث و محاضر أكاديمي في الشئون الآسيوية
تاريخ المادة: 8 يناير 2006
البريد الالكتروني: [email protected]



#عبدالله_المدني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا يزال هناك من يحلم بالدولة الشيوعية
- أصبح الآن عندهم برلمان
- ما بين الرياضيات السنغافورية و العربية
- ملكية فريدة و ملك فريد
- نحو إقامة نظام نفطي آسيوي بقيادة الهند و الصين
- أفغانستان تؤكد هويتها الجنوب آسيوية
- الوزير المثير للجدل
- امرأة الصين الحديدية
- النفط الروسي كمحور للتنافس الصيني- الياباني
- النسخ الآسيوية من الزرقاوي
- الهند تنحاز إلى إناثها
- مطاردة -الأحمديين- تمتد إلى اندونيسيا
- -فرقة مريم-.. نمط جديد للأمر بالمعروف
- جنرال مسلم لقيادة جيش تايلاند -البوذية-
- ديمقراطية تمثيلية و بيئة حضرية و أديان لا تتدخل في السياسة
- توقعوه من اندونيسيا ففعلته باكستان
- انظروا إلى من تذهب الجوائز في آسيا!
- مشروع طلبنة بنغلاديش
- اغتيال رجل شجاع بيد جبانة
- البريد يطيح بالبرلمان


المزيد.....




- -حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار .. ...
- اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
- مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
- 4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
- سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا ...
- ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟
- السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية تسوق للحج التجاري با ...
- اسبانيا تعلن إرسال صواريخ باتريوت إلى كييف ومركبات مدرعة ودب ...
- السعودية.. إغلاق مطعم شهير في الرياض بعد تسمم 15 شخصا (فيديو ...
- حادث جديد يضرب طائرة من طراز -بوينغ- أثناء تحليقها في السماء ...


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - عبدالله المدني - مرور عام على تسونامي: المشهد و الدروس