|
التعصب القومي - الاقتصادي - الشعبوي
محيي الدين محروس
الحوار المتمدن-العدد: 5349 - 2016 / 11 / 22 - 22:29
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في أواسط القرن العشرين و حتى قرب نهايته، كنا نشهد تصاعد ظاهرة العولمة الاقتصادية – السياسية بين الولايات المتحدة الأمريكية و الاتحاد السوفياتي سابقاً، أي تقاسم المصالح العالمية على كوكبنا، من حيث الاقتصاد و مناطق النفوذ السياسي ( الحرب الباردة). و بنفس الوقت الابتعاد عن مظاهر التعصب القومي، التي أدت تحت شعارات الفاشية و النازية إلى الحرب العالمية الثانية . من جهةٍ أخرى، كنا نراقب شكلاً آخراً للعولمة كعمليات الاندماج الاقتصادي و السياسي و الثقافي على المستوى الأوروبي. و توسع ذلك بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، و دخول العديد من الدول إلى الاتحاد الأوروبي. إلى جانب تطور الليبرالية الجديدة، و الانفتاح على الدول الأخرى في جميع المجالات. وساعد على ذلك تطور التكنولوجيا والنقل و المواصلات و الثورة المعلوماتية، مما أدى إلى سرعة تبادل السلع و الخدمات و إلغاء الحواجز التجارية و بين الدول!
بدءاً من العام الماضي، بدأت تتشكل ظاهرة جديدة كلياً في أوروبا و انتقلت إلى الولايات المتحدة! حيث بدأت تطفو على السطح مظاهر التعصب القومي، و ربطه بالتعصب المناطقي على مستوى الدولة! أي التعصب على مستوى المجتمع في الدولة الواحدة من مختلف القوميات( التعصب الفرنسي ، الألماني ، البريطاني ، الأمريكي... ! )، و شحن الكراهية للمهاجرين و اللاجئين من إفريقيا و آسيا و أمريكا اللاتينية..و للعرب و للمسلمين! على أساس عنصري و قومي و ديني ! و هذا ما أسميه: التعصب القومي الشعبوي! و بنفس الوقت، ربط هذه الشعارات المتعصبة، بالتعصب لما يسمونه: مصلحة البلد الاقتصادية! الذي في جوهره، ضد العولمة في مفهومها الجديد من حيث الانفتاح و الاندماج مع اقتصاديات البلدان الأخرى. و من مظاهر ذلك: انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، و إعلان دونالد ترامب عن انسحابه في أول يوم لتوليه الرئاسة من TPP من الشراكة العابرة للمحيط الهادىء، و هي اتفاقية ما بين 12 دولة من آسيا و المحيط الهادىء، و التي تمت الحوارات و المفاوضات عليها لأكثر من عشر سنوات، و تمثل 40%من التبادل التجاري الدولي! و حالياً يجري الصراع في فرنسا و ألمانيا على الرئاسة بين العولمة بمفهومها الجديد من الانفتاح و الاندماج و الليبرالية الجديدة و بين هذه الظاهرة اليمينية الجديدة من التعصب الاقتصادي و الانغلاق على الذات، و معاداة الآخرين! و هذا ما أسميه : التعصب الاقتصادي الشعبوي! هذه الظاهرة الجديدة من التعصب القومي – الاقتصادي الشعبوي، تستغل مشاعر المجتمع من الاستياء البالغ للأعمال الإرهابية التي تجري في مختلف البلدان، و ربطها بشكل ديماغوجي بالمهاجرين و اللاجئين! و في تضخيم ما يُسمونه: " أزمة الهجرة" ! و تحميل المسؤولية لما يسمونه:" النخبة الحاكمة" و ضرورة الإطاحة بها! و مثلت ذلك بشكل واضح: حملة ترامب الانتخابية الشعبوية!و كذلك انسحاب بريطانيا، و انتخاب رئيس وزرائها.. بالخطاب الشعبوي نفسه! إلى ماذا يؤدي مثل هذا التعصب القومي – الاقتصادي – الشعبوي في حال توسعه و انتشاره في فرنسا و ألمانيا ، و غيرها من الدول ( بما فيها بعض الدول الإسكندينافية) ؟ بدايةً إلى تفكك الاتحاد الأوروبي. و زيادة شحن الكره للآخرين على أساس القومية و الانتماء إلى دولٍ أخرى، و على أساس لون البشرة، و على أساس الدين ! إلى تدهور الوضع الاقتصادي داخل كل دولة تسير سلطتها في هذا النهج، بعد وضع الحواجز التجارية! إعادة الحدود .. و بناء الجدران الحديدة...مثل: جدار ترامب مع المكسيك! و الذي سيضر بالفئة الاجتماعية المعدمة و الوسط ! و إلى زيادة أعمال العنف و الإجرام داخل المجتمع، تجاه الآخر بناءً على انتمائه القومي أو الديني أو لون بشرته، حتى و إن كان يحمل مواطنة هذه الدولة! قد يصف بعض الناس بأن رؤيتي فيها الكثير من التشاؤم! لكني أعتقد بأنها توصيف و تحليل اقتصادي – اجتماعي – سياسي للواقع الذي نعيشه في أوروبا، و للقادم في أوروبا و الولايات المتحدة ! و من المفيد التذكير: حيث يوجد التعصب، يوجد خطر العنف و الحروب!
#محيي_الدين_محروس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من أهم عوامل النجاح: التعلم من الأخطاء
-
الحوار الفكري و تحرير العقل
-
ثورات الربيع العربي و بداية عصر النهضة الثاني
-
سر النجاح في المفاوضات السياسية
-
أهمية تحديد العدو الرئيسي!
-
الخلط بين الإسلام و السلفية و داعش
-
حرية الإنسان
-
عوامل انتصار الثورة السورية
-
الثورة السورية و أسبابها و أهدافها
-
الحرية و الديمقراطية و صناديق الاقتراع
-
الذكرى الثانية للثورة السورية
المزيد.....
-
رئيسة جامعة كولومبيا توجه -رسالة- إلى الطلاب المعتصمين
-
أردوغان يشعل جدلا بتدوينة عن بغداد وما وصفها به خلال زيارته
...
-
البرازيل تعلن مقتل أو فقدان 4 من مواطنيها المرتزقة في أوكران
...
-
مباشر: 200 يوم على حرب بلا هوادة بين إسرائيل وحماس في غزة
-
مجلس الشيوخ الأمريكي يقر بأغلبية ساحقة مشروع قانون مساعدات ل
...
-
محكمة بريطانية تنظر في طعن يتعلق بتصدير الأسلحة لإسرائيل
-
بعد 200 يوم.. تساؤلات حول قدرة إسرائيل على إخراج حماس من غزة
...
-
-الشيوخ- الأمريكي يوافق على حزمة مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل
...
-
مصرية الأصل وأصغر نائبة لرئيس البنك الدولي.. من هي نعمت شفيق
...
-
الأسد لا يفقد الأمل في التقارب مع الغرب
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|