|
بين الهيئة العربية العليا والقائمة المشتركة
تميم منصور
الحوار المتمدن-العدد: 5330 - 2016 / 11 / 1 - 22:24
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بين الهيئة العربية العليا والقائمة المشتركة تميم منصور
كل يوم يمضي من عمر حكومة النكبات برئاسة بنيامين نتنياهو ، المدعومة من ائتلاف يميني فاشي لم تعرف إسرائيل مثله من قبل ، يؤكد بأن الطريق التي اختارتها القيادات العربية ، الوطنية في انتخابات الكنيست الأخيرة ، كانت طريق الصدق والصواب ، وتؤكد بأن إقامة القائمة المشتركة يعتبر انجازاً تاريخياً ، حققته الجماهير العربية ، رضي من رضى ورفض من رفض ، أدركت القيادات العربية الوطنية بعد مضي وقت طويل ، بأن إسرائيل تهدف في سياستها وتعاملها مع المواطنين العرب ، العمل على ضرب وحدتهم ، والاستمرار في تقسيمهم الى شيع وطوائف وقبائل وأطر لا قيمة لها ، كما أنها تعمل على تفريق وبعثرة قواهم السياسية ، حتى لا تتوقف المهاترات والصراعات بين أحزابهم الوطنية ، وابتعادها عن الغاية التي أقيمت من أجلها. هذا ما فعلته بريطانيا المدعومة من الحركة الصهيونية ، أثناء انتدابها على فلسطين ، في الفترة الواقعة بين عام 1918 – 1947 ، ان الخلافات والصراعات داخل صفوف الحركة الوطنية في فلسطين أثناء فترة الانتداب كانت السبب في افشال المشروع القومي الفلسطيني بإقامة دولة مستقلة ،كانت مظاهر هذه الخلافات خطيرة للغاية ، تجسدت بعمليات الاغتيال والعنف ، ومحاولات الوقوف في وجه الثورة ، كما فعل حزب عائلة النشاشيبي وأعوانه ، فقد وقف هذا الحزب الى جانب السياسة البريطانية في معاداة قوى الثورة ، كما وقفت الى جانب الأمير عبد الله ، الذي لم يكن متحمساً لإقامة دولة فلسطينية مستقلة . لكن القيادات تمكنت في النهاية من تجاوز الكثير من الصعوبات ، وأفلحت في إقامة قيادة فلسطينية سياسية واحدة ، عكس ما كان في المجال العسكري ، حيث لم تكن قيادة عسكرية مشتركة للجميع ، عرفت هذه القيادة السياسية باسم الهيئة العربية العليا ، قادها المفتي أمين الحسيني ، لم تعارض بريطانيا ومن ورائها الحركة الصهيونية إقامة مثل هذه الهيئة ، لادعاءات كثيرة ، لكن الحقيقة ان بريطانيا اعتقدت انها قادرة على وضع هذه القيادة في سلة واحدة ، كما فعلت في الجامعة العربية فيما بعد ، آمنت أنه اذا وضعت في سلة واحدة يسهل التحكم بقراراتها . هذا ما حدث في كثير من المحطات النضالية التي وقفت وراءها هذه القيادة . المحطة الأولى ، موافقة هذه القيادة على وقف الأضراب عام 1936 ، بعد تدخل ملوك وامراء الأنظمة العربية في ذلك الحين ، خاصة أمير شرق الأردن . أما المحطة الثانية : حيث أثبتت عدم جدارة هذه القيادة وتبعيتها لإجندات خارجية ، سقوطها مرة ثانية داخل حلقة خداع بريطانيا ، وعملائها من الأمراء والملوك العرب ، عام 1939 ، بأن اعتبروا الكتاب الأبيض الثالث نصراً لثورتهم ، فأطفأوا نيران الثورة ، عشية اندلاع الحرب العالمية الثانية ، بدلاً من استغلال هذه الحرب لصالحهم. لا نبالغ اذا قلنا بأن وجه الشبه ليس بعيداً بين إقامة الهيئة العربية العليا من الأحزاب الفلسطينية عام 1935 ، وبين إقامة القائمة المشتركة من الأحزاب الفلسطينية الحالية ، مع أن الأولى لم تقم تحت سقف برلمان ، كما هو الأمر بالنسبة للقائمة المشتركة ، ورغم أن مهمة كل منهما تختلف عن الأخرى إلا أنهما تلتقيان أمام القيمة والأهمية السياسية ، وهي وحدة الصف ، ووحدة الكلمة لتحقيق الغاية التي أقيمت من أجلها . ان ممارسات ووجود أعضاء القائمة المشتركة تؤكد بأن الاتفاق على اقامتها يعتبر مشروعاً وطنياً هاماً ، رغم رفض البعض اقامتها ، كذلك فأن ردود الفعل من قبل أعضاء اليمين في الكنيست على مواقف أعضاء القائمة المشتركة من ممارسات حكومة نتنياهو ، يؤكد بأن وجود الأعضاء العرب داخل هذا البرلمان العنصري ضروري للغاية ، للتصدي للهجمة اليمنية ضد الجماهير العربية ، ولتعرية سياسة حكومات الأبرتهايد المتعاقبة . وجودهم أثبت أنهم علة داخل صدور كل العناصر اليمنية ، خارج الكنيست وداخلها ، احدى مظاهر هذه العلة قرار أعضاء أئتلاف حكومة نتنياهو ، مقاطعة أعضاء القائمة المشتركة بالامتناع عن سماع أي خطاب يلقيه أي عضو من القائمة المشتركة لمدة أسبوع كامل ، احتجاجا على امتناع أعضاء المشتركة من المشاركة في جنازة شمعون بيرس، في رأيي أن هروب هؤلاء العنصريين من برلمانهم العنصري وحده انجازاً كبيراً ، مردوده وطني ، يؤكد أهمية وجود الأعضاء العرب ، فعند خروج نتنياهو من داخل عرينه العنصري ، لأنه يهرب من سماع عضو عربي من القائمة المذكورة ،هذا بحد ذاته هزيمة له ولعنصريته وديمقراطية لإصراره على ان تكون إسرائيل دولة للشعب اليهودي فقط . أن ما حدث في بحر هذا الأسبوع عند افتتاح الدورة الشتوية البرلمانية ، فقد هرب أعضاء الائتلاف بعد أن بدأ العضو طلب أبو عرار بالقاء كلمته ، بهذا تحول وجود الأعضاء العرب من علة الى سعال شديد ، خاصة بعد أن طلب المتحدث باسم القائمة المشتركة من الأعضاء المتواجدين في قاعة الكنيست بالوقوف دقيقة حداد احياءاً لذكرى مجزرة كفر قاسم ال 60 ، هذا انتصار آخر تحققه هذه القائمة ، لأن هذا الطلب الصادق أثار حفيظة وزير السياحة العنصري يريف ليفين ، الذي أخذ يرغي ويزبد ، وقال أن هذا المكان ليس مسجدا أو ملكاً لكم ، بدلاً من أن يشارك الأعضاء العرب بالتعبير عن موقفهم الوطني اتجاه المجزرة المذكورة ، ان الوقوف دقيقة أو أكثر حداداً على ضحايا من المواطنين العرب ، داخل برلمان إسرائيل المسؤولة الأولى عن هذه المجزرة ، وغيرها من المجازر ، هو انتصار للمجزرة ولذكراها ، وانتصاراً هاماً ومميزاً للحركة الوطنية الفلسطينية في الداخل الفلسطيني ، وفيه رؤيا لكل المتطاولين على القائمة المشتركة ، ولكل المترددين على ممارسة حق المواطنين العرب في المشاركة في الانتخابات البرلمانية . سوف تثبت الأيام بأن إقامة القائمة البرلمانية المشتركة له أهمية ، او تفوق أهميته اللجنة القطرية للسلطات المحلية العربية ، لأنه يوجد في هذه اللجنة ثغرات ونواقص ظهرت من قبل ضعاف النفوس خلال تاريخهم والتي توجوها بالمشاركة في جنازة بيرس .
#تميم_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
موعد مع الغدر في ليلة المجزرة
-
عروبة الحرم القدسي الشريف ليس رهينة لقرارات اليونسكو وغيرها
...
-
حقائق التاريخ تدين الوزير - بينيت -
-
حمامة بيرس للسلام في قفص التساؤلات
-
عباس في خطابه أمام الأمم المتحدة أسقط البندقية وكسر غصن الزي
...
-
نتنياهو من فزعة يوم الانتخابات الى اللعب بورقة التطهير العرق
...
-
من اسحاق رابين الى الكابتن نضال
-
لسنا جسراً للسلام الذي يحلم به الاحتلال والسلطة في رام الله
-
هل نحن أمام مشروع مارشال جديد في غزة ؟؟؟ ..
-
الطائفة المسيحية ستفشل مشروع ساعر بيكو
-
عندما ينزلق الأزهر ويقع في شباك النفاق
-
الجبناء وحدهم لا يغضبون
-
العدوان على غزة كان بمثابة الغربال الذي اسقط زوان العنصرية
-
ديمقراطية الانياب الدموية في وسائل الاعلام الصهيونية
-
ثورات مصنوعة من خيوط واهية سريعة التمزق
-
كذبة اسمها العروبة
-
بين تموز لبنان وتموز غزة السفاح واحد
-
صراع المصالح فوق الجسد الفلسطيني
-
ماركات احتلالية خاصة بالصهيونية
-
النقد البناء كسكين الجراح الذي يجرح ليشفي
المزيد.....
-
أول تعليق من قناة الجزيرة على قرار حكومة نتنياهو بإغلاق مكات
...
-
عرض باليه بحيرة البجع في الرياض
-
سكان غزة يترقبون مصير المفاوضات
-
زعموا أنه صور في جامعة مصرية.. فيديو عزف وغناء ورقص يثير -جد
...
-
نتنياهو يغلق مكتب الجزيرة في إسرائيل بزعم أنها شبكة -تحريضية
...
-
ميزات عملية جديدة تظهر في Snapchat
-
رومانيا.. احتراق كنيسة بسبب شمعة
-
الخارجية الروسية: الولايات المتحدة تستغل الدين في أجندتها ال
...
-
مقتل 4 لبنانيين بغارة إسرائيلية و-حزب الله- يرد بالكاتيوشا
-
وصفتها بالخطوة الممعنة في التضليل والافتراء.. الجزيرة تستنكر
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|