أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - إكرام يوسف - دواعش على الضفة الأخرى















المزيد.....

دواعش على الضفة الأخرى


إكرام يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 5316 - 2016 / 10 / 17 - 03:41
المحور: القضية الفلسطينية
    



تحكي فصول التاريخ البشري عن اقتران فترات اضمحلال الأمم، بتفشي حالات التطرف الديني، والصراعات الطائفية، ورغم اختلاف الزمان والمكان، يظل جوهر المشكلة واحدا: فئة فاسدة تتاجر بالدين لصالح أطماع تخصها، مستغلة ضعف وعي البسطاء، بما لديهم من نزوع لتصديق من يوهمهم أنه يتحدث باسم الله، مستغلا نصوص دينية، يقوم بتأويلها وفقما يحقق أغراضه!
وتشهد منطقتنا العربية منذ نحو نصف قرن، حالة من حالات الاضمحلال، تربى فيها التطرف الديني في أحضان سلطات مستبدة فاسدة، حتى شب عن الطوق، لينشب أنيابه ـ أحيانا ـ في أعناق من ترعرع على أيديهم وتحت رعايتهم! وبطبيعة الحال، كانت أنظمة الحكم الفاسدة تتحالف مع قوى التطرف الديني، من أجل تغييب وعي البسطاء، ورفع سلاح التكفير في وجه المعارضين، وافتعال الصراعات الطائفية مع الأقليات الدينية، كلما جد حادث يتطلب إلهاء الجماهير، وتوجيه سخطهم في الاتجاه الخطأ؛ نحو أبناء الوطن، بدلا من المتسببين في سوء أحوالهم!
ولما كانت الأغلبية تدين بالإسلام، صار المنطقي ان ترعى هذه الأنظمة جماعات التطرف المتسترة برداء الإسلام! وأفسحت المجال لظهور من يسمون بالدعاة في وسائل الإعلام، يكفرون ـ دون خجل ـ معارضي الحكم، أو أبناء الوطن معتنقي ديانة مغايرة لدين الأغلبية! وراح هؤلاء يصولون ويجولون على منابر المساجد، أو وسائل الإعلام، أو ساحات الثقافة، أو المدرس والجامعات، يتهمون المخالفين بالكفر، ويدعون عليهم في كل صلاة، من دون ان تحرك الدولة ساكنا، أو تنتبه لوجود تهمة تسمى "ازدراء الأديان" ضمن قوانينها!
وربما لقي الهجوم على المسيحيين في مصر، بعض آذان صاغية في أوساط المغيبين، الذين يصور لهم المغرضون أن كراهية المختلفين في الدين وإيذاءهم، يضمن لهم رضا من الله، يدخلهم الجنة؛ بعدما يئسوا من أن يتمتعوا بحياة كريمة على هذه الأرض! لكن غالبية المصريين لا يلقون بالا حقيقيا لهذه الدعاوي، ويواصلون علاقات الجيرة والزمالة والصداقة والتجارة والمشاركة في الأعمال من دون التفات لذلك السم الذي يسعى المتطرفون لدسه في عروق أبناء الوطن الواحد!
غير أن دعاة التطرف ربما يجدون الأرض خصبة لبث دعاوي الكراهية للمختلفين دينيا، عندما يتعلق الأمر باليهود بالتحديد! عبر الإصرار على ربطهم بالصهيونية والكيان الصهيوني المحتل لأرض فلسطين، ومازال علمه يرمز إلى حلم التوسع الصهيوني لتحقيق "إسرائيل الكبرى". وعلى الرغم من أن التاريخ المصري يزخر بأسماء يهودية كان لها أياد وبصمات في خدمة الوطن، والدفاع عنه، بل ومناهضة الصهيونية ومعاداتها! يصر المتطرفون على الخلط بين اليهودية والصهيونية لترويج العداء لأصحاب ديانة، يعتنقها مواطنون مصريون، لا يقلون وطنية وانتماء عن أي مصري أخر. حتى أن المناضل اليهودي المصري ألبير آريه (أطال الله عمره) الذي رفض ترك مصر، رغم كل الضغوط التي تعرض لها اليهود المصريين، يقول: "حبي ونضالي للبلد منعني من تركه، وعندما أعود بالزمن لا أندم"!! ويؤكد " لا أحب السادات لأنه عمل صلح مع إسرائيل ووقع معاهدة كامب ديفيد 1979، وشاف مصلحة إسرائيل أكثر من مصلحة مصر في المعاهدة التي كسرت الوحدة العربية". وكذلك رفيقه المناضل المصري العظيم "شحاتة هارون" الذي شكل مع رفاقه تنظيما لمناهضة الصهيونية، رغم ما تعرض له ـ مثل آريه وغيرهما ـ من اعتقال وتنكيل بسبب انتمائه للفكر الاشتراكي الماركسي.
وحرص المصريون المستنيرون، طوال عقود مضت، على التمييز بين اليهودية كديانة لها احترامها، يعتنقها عظماء في مصر والعالم، يناصرون الحق الفلسطيني والعربي، وبين الصهيونية كفكرة عنصرية، تستحل اغتصاب أرض وتشريد شعبها، بدعوى حق تاريخي ديني. على الرغم من أن الآباء المؤسسين للصهيونية كانوا أساسا ملحدين؛ مثل موشى هس "أبو الصهيونية" ، وتيودور هرتزل، الذي ذكر لي الدكتور إيهاب الخراط، الطبيب النفسي والواعظ الديني المسيحي، أنه قال "الله غير موجود، ولكن نحن شعب على أية حال"!! وربما لا يعرف كثيرون أن هرتزل كان يخطط في أول الأمر إلى توطين اليهود في الأرجنتين طمعا فيما تزخر به أرضها من ثروات طبيعية غنية! وذلك قبل أن يقتنع بفكرة استغلال الأساطير الدينية التحريفية لتكريس فكرة أن أرض فلسطين هي أرض المعاد التي وعد بها الله شعبه المختار! في مخالفة واضحة لقول بولس الرسول إن اورشليم الحاضرة ليست هي شعب الله بل هي سدوم!
ولا يقتصر الخلط بين الصهيونية واليهودي على المتشددين الإسلاميين، فهناك فكر "الصهيونية المسيحية" الذي ظهر في أوروبا منذ القرن التاسع عشر، وبدأ يتسلل مؤخرا إلى عقول بعض شبابنا في مصر، الذي يشارك المتطرفين المتأسلمين الإصرار على هذا الخلط! ولا يختلف أنصار الصهيونية المسيحية ( التي رفضتها معظم كنائس الشرق، وأكدت على تحريفيتها) عن المتطرفين المتأسلمين (الذين يرفضهم المسلمون المستنيرون، ويؤكدون على شذوذ تفسيرهم للإسلام ) حيث يستحل كل منهما اغتصاب أراضي الغير، بدعوى حق طائفي يرتبونه على تفسير مغرض لنص ديني!
فعلى الرغم من أن يهودا متدينين في شتى أنحاء العالم يرفضون ـ لأسباب دينية ـ قيام دولة لليهود على أرض الشعب الفلسطيني؛ بل أن منهم من استشهد دفاعا عن الحق الفلسطيني مثل راشيل كوري، ومنهم مثقفون وكتاب، يرفضون الصهيونية ويفضحون أكاذيبها في كل حين، مثل نعوم تشومسكي ومايكل مور وألان جرينتش وجدعون ليفي وغيرهم!!
والحقيقة أن هناك أوجه تشابه عديدة بين تنظيمات داعش والقاعدة وطالبان وبوكو حرام ومن لف لفها، وبين الصهيونية المسيحية وشهود يهوا، والطائفة البيوريتانية، والحركة المونتانية، ومؤتمر القيادة المسيحية الوطنية من أجل إسرائيل، وفرقة المجيئيين، والسبتيون، والخمسينية، ومؤسسة جبل المعبد، و فرسان الهيكل، ومن لف لفها!! فالطرفان يتشابهان في أن كلا منهما يبرر استحلال ارض وممتلكات الأخرين، انطلاقا من تأويل كل منهما لنصوص كتاب مقدس! ويتميز الطرفان بالكراهية الشديدة والقسوة تجاه الأخر المختلف؛ فوفقا لتأويل كل منهما لمصطلح "شعب الله المختار" و"خير أمة أخرجت للناس"!! يرى كل منهما أفضلية له على بقية الخلق، تتيح له أن يسلب الأخرين حقوقهم!
وأخشى أن تكون أفكار "الصهيونية المسيحية" تسربت مؤخرا إلى أذهان بعض الشباب المصري المسيحي، فصار يتبنى خطابا لا يقل إرهابا عن خطاب الدواعش، ويعتبر مناهضة الصهيونية عداء لليهودية! وربما يتطور الأمر في مصر، لتصبح تهمة "معاداة السامية"، سلاحا لإرهاب من يرفض الاحتلال الصهيوني، ويدافع عن حق الفلسطينيين! وقد تناقشت مؤخرا مع عدد من هؤلاء، فوجدت أن بعضهم تعرض لغسيل مخ ـ مثلما يحدث مع بعض الشباب المسلم على أيدي داعش وطالبان والقاعدة وغيرها ـ بفعل تأويلات لنصوص دينية، تحقق أهداف التوسع الصهيوني! وصاروا يتبنون فكرة الحق الديني لليهود في فلسطين، حتى أنني قلت لأحدهم، كيف تطالب بدولة مدنية ردا على المنادين بالخلافة الإسلامية، بينما لا تخجل من المطالبة بدولة "يهودية" بدلا من دولة مدنية فلسطينية يتعايش فيها أصحاب جميع الديانات! فكان الرد الوحيد "ديني يقول بذلك"! وهو نفس ما يقوله أي داعشي أو طالباني يرى أن دينه يدعو لقيام خلافة إسلامية، ولو بالاستيلاء على أوطان الآخرين!
وعى الرغم من رفضي الانجرار إلى مناقشات دينية لتأويلات أي من الطرفين لنصوصهما المقدسة ـ فهناك من هم أقدر مني على ذلك ـ إلا أنني أرى أن ضرورة تطوير الخطاب الديني، لا تقتصر على الخطاب الإسلامي فحسب، فقد صار على المسيحيين أيضا، واجب حماية أبنائهم، من انتشار أفكار داعشية ترتدي مسوحا مسيحية، وتتستر بتأويلات للكتاب المقدس، للدفاع عن الاحتلال الصهيوني!



#إكرام_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجدعان..أهالي الجدعان
- بأي ذنب قتلوا؟
- الفتى محمود، والذين معه
- صناع الغد
- -الصهينة-.. صنعة!
- اختيارات!
- لا تصالح!
- درس المعارضة التركية
- الصورة الكاملة
- آسفين يا رمضان
- لا إفراط ولا تفريط
- المواطن بالغ الأهمية
- أصل الحكاية
- العمل حياة.. بجد!
- مجتمع -يلمع أُكر-
- أكان لا بد يا -لي لي- أن تزوري الفيل؟
- لمصر..لا من أجل ليليان
- آآآآآه.. يا رفاقة
- بنتك يا مصر!
- رفقا بجيشنا!


المزيد.....




- فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص ...
- حرب غزة: أكثر من 34 ألف قتيل فلسطيني و77 ألف جريح ومسؤول في ...
- سموتريتش يرد على المقترح المصري: استسلام كامل لإسرائيل
- مُحاكمة -مليئة بالتساؤلات-، وخيارات متاحة بشأن حصانة ترامب ف ...
- والدا رهينة إسرائيلي-أمريكي يناشدان للتوصل لصفقة إطلاق سراح ...
- بكين تستدعي السفيرة الألمانية لديها بسبب اتهامات للصين بالتج ...
- صور: -غريندايزر- يلتقي بعشاقه في باريس
- خوفا من -السلوك الإدماني-.. تيك توك تعلق ميزة المكافآت في تط ...
- لبيد: إسرائيل ليس لديها ما يكفي من الجنود وعلى نتنياهو الاست ...
- اختبار صعب للإعلام.. محاكمات ستنطلق ضد إسرائيل في كل مكان با ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - إكرام يوسف - دواعش على الضفة الأخرى