أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إكرام يوسف - المواطن بالغ الأهمية














المزيد.....

المواطن بالغ الأهمية


إكرام يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 5129 - 2016 / 4 / 10 - 00:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


خرج علينا العارفون، بميول البعض الاستهلاكية، وحرصهم على التعبيرات الأجنبية دلالة على الارتقاء طبقيا، ببدعة اسمها القطار VIP، ترجمتها، كما يعلم الملمون باللغة الانجليزية، "شخص بالغ الأهمية"!! نصحتني صديقة باستخدامه في رحلة قصيرة لمدينة الاسكندرية، قائلة ان القطار يقدم خدمة الإنترنت للركاب طوال الرحلة، مما يبرر ارتفاع سعر تذكرته 25 جنيها تقريبا عن سعر القطار المكيف! حدثتني نفسي الأمارة بالسوء، ألا أستخسر في نفسي متعة شغل وقت السفر بمتابعة الشبكة العنكبوتية، فتوكلت على الله وابتعت تذكرتين ذهابا وأيابا. وصدمت في المرتين بغياب الخدمة، وأبدى بعض الركاب ـ في المرتين ـ تذمرا مما اعتبروه نصبا صريحا، فاقترحت عليهم أن نتصرف بإيجابية، ونرفع ـ بمجرد وصولنا ـ شكوى من غياب خدمة، دفعنا مقابلا لها!! وفي المرتين، وجدت معظم من كانوا يبدون احتجاجا وتذمرا، يبتلعون ألسنتهم، ويقول بعضهم انه على موعد مهم، ويقول أخر ان لديه اجتماعا، فيما يبدي ثالث عدم ثقته في وجود من سيهتم بالشكوى!.. فذهبت وحدي لتقديم شكوى في مكتب ناظر محطة سيدي جابر، وعند الإياب ذهب معي زوجان قررا أن يكونا إيجابيين، بعدما قلت إن من يحترم نفسه لا يقبل ان يستسلم ببساطة، وهو "ياخد على قفاه"!! وأن الإنسان الحر لا يقبل على نفسه هذه المهانة!! في حين أحجم بقية الركاب!!
لم تكن المرة الأولى التي اقدم فيها شكوى من الخدمة في السكك الحديدية، فقبل أقل من عام، فوجئت في قطار الإسكندرية المكيف بتعطل جهاز التكييف في يوم بالغ الحرارة، وكاد الركاب يختنقون مع نوافذ محكمة الغلق، يستحيل فتحها لتدخل نسمة هواء! وعند الوصول الى محطة القاهرة صممت على تقديم شكوى، واقتنع خمسة اشخاص بالذهاب معي، وافق ثلاثة منهم على الحصول على مبلغ جنيهين قيمة خدمة التكييف، عوضا عن مواصلة إجراءات الشكوى!
تذكرت كيف كنا فرحين عند دخول خدمة الحافلات المكيفة إلى القاهرة، قبل سنوات، رغم رفع سعر تذكرة إلى جنيهين، بينما كانت تتراوح بين خمسين قرشا وجنيها! وبعد فترة قصيرة، بدأت خدمة التكييف تتعطل، ثم تتوقف تماما وسط ركاب لم يجهدوا أنفسهم في الاعتراض، إما جبنا أو يأسا.. واستمر سعر التذكرة المرتفع ليمتد الى بقية المواصلات العامة، من دون خدمة التكييف!!

وإذا كان سعر تذكرة الدرجة الأولى 102 جنيهاو الثانية 73 جنيها إلى الاسكندرية في قطار VIP ، فالمشكلة تبدو أصعب لمواطني الصعيد حيث تم تحويل معظم قطاراته إلى VIP وبلغ سعر تذكرة الدرجة الأولى الى اسيوط مثلا 125 جنيها للدرجة الأولى و85 جنيها للدرجة الثانية، فيما تعدت التذكرة الى اسوان المائتي جنيه (وبحساب تكلفة زيارة المواطن لأهله في الصعيد، إذا اصطحب معه زوجته واولاده ذهابا وإيابا في غياب بدائل معقولة وآمنة، لن أستغرب كثيرا، إذا لقيت دعوة لانفصال جنوب البلاد عن شمالها تأييدا!!)
ولا شك ان اشاعة الخنوع وفقدان الثقة في التغيير، والاستسلام لليأس، أهم ما نجحت في تكريسه حكومات الاستبداد والفساد على مدار عقود طويلة، ساهمت في استشراء الاستبداد والفساد، مع ضمان عدم الاعتراض، بحجة حماية الاستقرار! باعتبار الاعتراض او المطالبة بالتغيير، خيانة وتهديدا للاستقرار، والمعارضون خونة وعملاء؛ بينما الخنوع والاستسلام من سمات من يوصفون إعلاميا بالمواطنين الشرفاء، القانعين بالذلة والمسكنة، بدعوى حماية الاستقرار، والحفاظ على الدولة!
ولا شك ان مواصلة تقبل غياب خدمة ارتفع سعر التذكرة بسببها، سوف يغري من يهمهم بقاء الوضع على ماهو عليه، ليستمر سعر التذكرة مرتفعا ويمتد إلى بقية القطارات (هل تذكرون رغيف الخبر البلدي، ثم الرغيف المحسن، ثم الطباقي؟) فإذا تأملنا مثل الأتوبيس المكيف، الذي تقبل المواطنون ارتفاع سعر تذكرته مقابل خدمة التكيف، وبمرور الوقت توقف التكييف وبقي سعر التذكرة مرتفعا، وإذا رجعنا الى الوراء قليلا، وتذكرنا كيف تراجع السادات عن رفع أسعار مجموعة السلع الاستهلاكية بعد انتفاضة يناير الشعبية، وبمجرد إجهاض الانتفاضة، عاد لرفع الأسعار تدريجيا؛ اما بتقليل عبوة السلعة، أو رفع سعر سلعة إثر أخرى في ظل كمون حركة الاحتجاج، بعد ان نجحت وسائل اعلامه في وصم المعارضين بالعملاء! وساهم حلفاؤه من الإخوان المسلمين في تحذير البسطاء منهم باعتبارهم ملحدين! نجد أننا امام سيناريو متكرر (رفع الأسعار مع إغراءات بتحسين الخدمات، ثم تعود الخدمة لسابق ترديها ويستمر ارتفاع الأسعار) أو كما كانوا يقولون في مادة الهندسة "تمرين مشهور"!! يصدقه كل مرة، من يهمهم تبرير جبنهم وتخاذلهم عن التصدي للفساد والاستبداد؛ بل أنهم قد يلجأون لفقء أعينهم بأصابعهم، حتى لا يرون الحقيقة الواضحة!!. وإذا كنا نلتمس الأعذار لفقراء مسحوقين حرموا من التعليم والوعي، ونتفهم انكسار بعضهم وجبنه عن المطالبة بحقوقه؛ كيف نتفهم جبن وتخاذل من يستطيعون دفع تذكرة تتعدى المائتي جنيه ذهابا وايابا؟ لقد قيل في الأثر: "المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين"، وهناك من يدعون الإيمان وهم يلدغون عشرات المرات من نفس الجحر، ويستمرئون الوهم، بل انهم يهاجمون من يرفضون فقء أعينهم، ويشيرون الى الحقيقة الساطعة كضوء الشمس!
فمن أين واتت الذلة والمسكنة، مصريا تعيسا، ذات يوم لم تشرق له شمس، وجعلته يردد"يابخت من بات مظلوم ولا باتش ظالم"!! هكذا! كما لو أنه ليس هناك خيارا ثالثا أكثر احتراما: أن يبيت الإنسان سويا، لاظالما ولا مظلوما!! أزعم أن كثيرا من مآسينا الآن مرجعها الإيمان بثنائية قميئة، تدفعك إما إلى أن تظلم غيرك وتسحقه، أو أن تقبل بالظلم والخنوع، وتنسحق لدرجة تهاجم من يشجعك على نبذ المهانة والمطالبة بحقك!!



#إكرام_يوسف (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أصل الحكاية
- العمل حياة.. بجد!
- مجتمع -يلمع أُكر-
- أكان لا بد يا -لي لي- أن تزوري الفيل؟
- لمصر..لا من أجل ليليان
- آآآآآه.. يا رفاقة
- بنتك يا مصر!
- رفقا بجيشنا!
- دفاعا عن شرطتنا
- مطلوب ثورة!
- حصنوا أبناءنا
- اختيار رباني!
- السحر والساحر
- العصفورة.. والدروع البشرية
- بين الهيبة والخيبة
- المخلوع شامتًا!
- مؤامرة على الإسلام
- هذا الرجل نحبه
- أمهات السادة الضباط!
- القصاص القادم ممن؟


المزيد.....




- الأفارقة يخسرون نحو 70 مليون دولار بسبب رفض طلبات تأشيرات شن ...
- بولتون يعلق لـCNN على الضربات الأمريكية: الهجوم قد يُمهّد لت ...
- عرائس بلا تيجان.. صيحة زفاف النجمات في صيف 2025
- تفجير انتحاري في كنيسة بدمشق يودي بحياة 22 شخصا على الأقل
- باريس ترسل طائرة عسكرية لإجلاء مواطنيها من إسرائيل
- اليوم الـ11 من المواجهة: واشنطن مستعدّة لمحادثات مع طهران وإ ...
- ضربة واشنطن النوعية: هل نجحت -مطرقة منتصف الليل- في شل البرن ...
- -تخطى دوره الرقابي وساهم بإشعال الحرب-.. غروسي في دائرة الات ...
- هند جودة: ماذا يعني أن تكون شاعرا في زمن الحرب؟
- واشنطن أطلقت 75 قذيفة دقيقة التوجيه وأكثر من 24 صاروخ توماهو ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إكرام يوسف - المواطن بالغ الأهمية