أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - توفيق أبو شومر - جهنم هي عيونُ الآخرين!














المزيد.....

جهنم هي عيونُ الآخرين!


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 5314 - 2016 / 10 / 14 - 20:24
المحور: كتابات ساخرة
    


بَحْلَقَ، يُبحلق: فتح عينيه على آخرهما دهشا، واستغرابا، وإعجابا، واشمئزازا، وتحدّيا، واستفزازا.
إننا نستحق بجدارة أن نُسمي شعبَنا شعبَ البحلقة، لأنه يُجيد كلَّ فنونها ، كما أنَّ له المرتبةَ الأولى في نسبة البحلقة بين دول العالم.
حوَّل ممارسو المهنة، مهنة البحلقة، إلى رياضة، يمارسها الكبارُ والصغار، ويعلمها الكبارُ للصغار.
ليس مستغربا أن يُفاجئك طفلٌ صغيرٌ، لم يدخل المدرسة بعد، بأن يلُفَّ حولك مرة، أو مرتين مستطلعا كل أنحاء جسدك!
هناك أيضا مَن يشجعون الأطفال على أن يتعلموا فن البحلقة، منذ نشأتهم، ومن أبرز المشجعين كثيرٌ من الأمهاتِ، اللاتي يتسلين على وصف أبنائهن الصغار للأشياء، وقد يكافئنهم على ذلك، بالابتسام أو الضحك، حين يصف طفلٌ شخصا ما قائلا:
أذناه طويلتان، مشيته كما الحصان، وأنفه مفلطح.
يزدهر فنُّ البحلقةِ قبلَ المساء في بلدنا، بسبب انقطاع التيار الكهربي، فتيارُ الكهرباء مِن أبرز مؤسسي هذا الفن، حين تصبح الشوارعُ كلُّها مقاهٍيَ، حيثُ يجلس الناسُ على الأبواب طلبا للهواء، والحقيقة أنهم يستمتعون بالبحلقة، أكثر من رغبتهم في الاستمتاع بالهواء!
وكل من يُجازف بالسير في هذا الوقت، فإنه يكون عُرضة لعيون المبحلقين والمبحلقات!
وقد لامني أحد الأصدقاء وقال:
لماذا تُركِّز نقدك على هذه الظاهرة، غُضَّ الطرف أثناء مشيك، ولا تلتفت.
قلتُ إنني أرغب في دراسة هذه الظاهرة ومن يرغب في دراستها،يتعلم البحلقة هو الآخر.
ومن غرائب البحلقة أنني رأيتُ زبائن الظلال، الذين يتنقلون مع الظلال، أينما ذهبتْ، ينادون طفلا من الأطفال، كي يُتابع فريسة من فرائس البحلقة، ليعرفوا من هو؟ وإلى أين ذهب؟ وأين استقرَّ به المقام؟
زرتُ منذ فترةٍ صديقا، يعيش في مكان مزدحمٍ، هو مِن أكثر الأماكن شهرةً في فن البحلقة، عندما أدخلني بيته، سمعتُ الطفل وهو يقول لزبون الظل الذي أمره باقتفاء أثري:
لقد دخل بيت أبي سليمان!
البحلقةُ، مرضٌ من أمراضِ الحصار الطويل، والسجن، ومنع التجول، وقد أسهمتْ كلُّ تلك الأشكال من السجن في تكثيف ظاهرة البحلقة في وطني، كما أن هذه الظاهرةَ رفيقٌ مُلازمٌ للفراغ، فعندما يختصر الرجالُ من كبار السنِّ حياتَهم، ويكتفون بعمل أبنائهم، فيتقاعدون، وهم أشداءُ أقوياءُ، فإنهم يصبحون ضالعين في فنون البحلقة، ويتحولون من آباءٍ رحماء، إلى آباءٍ أعباء، لا يلذّ لهم المقام، إلا على وقع مشكلة من المشكلات، فإن عدموها، فيجب أن يصنعوها، لأنهم يقضون نصف يومهم، وهم يُبَحلقون، يحسبون الحركاتِ والسكناتِ فيمن حولَهم!
من المعروف بأن البحلقة في بلدان العالم الأخرى، تُعتبر (تحديا) واعتداءً على الحرية الشخصية، ومن العار أن يُضبط المُبحلقُ بجنحة البحلقة!
لم يُخطئ فيلسوفُ المذهب الوجودي، جان بول سارتر، حين قال:
"جهنم هي عيونُ الآخرين!!"



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مَن أيقظَ الوحشَ؟
- لا يحدث إلا في أوطان اليأس!
- هل التجارة خساسة؟
- الكلام المهموس مسموع
- أطباء آخر زمن!
- هل الزواج العربي زواج؟
- بيت الطاعة العولمي
- الأنبوش والأنابيش
- ورم الزعامة عند الفلسطينيين
- زعماء المكارثية الثقافية في إسرائيل
- الحل الاستيطاني النهائي
- مجازر نيس، والكراده، وباريس!
- القواقع القبلية في فلسطين
- جعفر الإفريقي، ابن قاهر الامبراطورية
- كيف كنتُ آكلُ البطيخ؟!!
- انتهاء صلاحية الإنسان العربي
- مقال مرفوض بمناسبة الأعياد اليهودية
- في فقه العلاقات الإسرائيلية الروسية
- لماذا تسعى إسرائيل لإفشال مؤتمر باريس؟
- تسونامي ليبرمان الجديد


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - توفيق أبو شومر - جهنم هي عيونُ الآخرين!