أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - انور سلطان - الشيخ علي عبدالرازق وأصنام الأزهر














المزيد.....

الشيخ علي عبدالرازق وأصنام الأزهر


انور سلطان

الحوار المتمدن-العدد: 5228 - 2016 / 7 / 19 - 15:00
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الشيخ علي عبدالرازق وأصنام الأزهر

لقد كان الشيخ علي عبدالرازق على حق عندما صدع قائلا: إن الاسلام رسالة لا حكم، ودين لا دنيا. وجعل كلمته هذه عنوانا لأحد فصول كتابة: الإسلام وأصول الحكم. وهي كلمة أقضت مضاجع المستبدين، والأصنام الناطقة الوصية على الدين. فأجمعوا أمرهم، ونفروا خفافا وثقالا، رجالا وركبانا، لصد الصابئ الخارج على دين الآباء والأجداد، الذي قال مقالة سوء تمس وثنيتهم، وتسفه أحلامهم، ما سمعوا بها في آبائهم الأولين. فكانوا أشد حمية وجاهلية من حمية قريش وجاهيلتها، وأبعد منها عن العقل والمنطق، ولم تكن حجتهم سوى ترديد أباطيل آبائهم الأولين. وكيف لا يكونون
كذلك وقد نصبوا أنفسهم أوثانا ناطقة. فإن دافعت قريش عن أوثانها الصامتة، فقدت تولت هذه الأوثان الناطقة الدفاع عن نفسها بنفسها.

ولأن العقل خطر على الوثنية، فكان لزاما على الأوثان البشرية أن تلغ العقل الذي جعله القران أصلا لإثبات الدين، وأصلا للدنيا كلها، وهدف هذه الأوثان هو جعل الناس أداة طيعة في يدها. وما أشد غيضها وهي تقرأ قول الشيخ علي عبدالرازق: (والدنيا من أولها لآخرها، وجميع ما فيها من أغراض وغايات، أهون على الله تعالى من أن يقيم على تدبيرها غير ما ركب فينا من عقول، وحبانا من عواطف وشهوات، وعلمنا من اسماء ومسميات. هي أهون عند الله من أن يبعث لها رسولا، وأهون عند رُسل الله تعالى من أن يشغلوا بها وينصبوا لتدبيرها).

إن الشيخ علي عبدالرازق خطى الخطوة الجدية الأولى، بكل جرأة، في حركة الإصلاح الديني التي هدفت إلى تحرير الإسلام من مقولات البشر الدخيلة المغرضة، التي أدلجت الإسلام، وحولته إلى أداة طيعة بيد حفنة تدعي أنها خلفت الرسول في مكانته الدينية باسم الخلافة والاجتهاد. إن هذه الخطوة الإصلاحية زعزعت أحد أركان تلك الأيدلوجية، ومست ركنا آخر لها وهي مقولة الاجتهاد، عندما أشار الشيخ عبدالرازق إلى الفصل بين ما هو ديني وما هو دنيوي وميز بينهما، وأكد على مكانة العقل. فأمر الدنيا جعله الله للبشر بما فطر الله الانسان عليه من عقل، كان به إنسانا، وجعل الموضوع الأساسي للعقل تفاصيل أمر الدنيا، وكل ما تعلق بها؛ سياسة وإدارة، واقتصادا وتجارة، وتنظيما وتشريعا وقضاء، وحربا وسلما، وكل أنواع المعرفة الانسانية والمادية.

وإذا خطى الشيخ علي عبدالرازق هذه الخطوة، علينا أن نخطو الخطوة الثانية في طريق تحرير الإسلام من طواغيت الدين، الذي أباحوا لأنفسهم، ليس فقط خلافة الرسول في مكانته، بل التوقيع عن رب العالمين نفسه، وادعوا أن الله خولهم حق الافتاء والتشريع، باسمه تعالى، في كل ما هب ودب، وصغر وكبر.
إن تحرير الإسلام من وصاية الأوثان الناطقة التي استعبدت حتى روح الانسان واستعمرت عقله، بعد الغاء سلطة العقل وعمله الذي خلق له، وتحريره من فتاويهم الضالة المضلة التي حرفت الإسلام وشوهت صورته وأحالت طبيعته إلى طبيعة أخرى، ليس واجبا دينيا فقط بل ضرورة إنسانية، ليس لصالح المسلمين فحسب بل لصالح البشرية جميعا.

واسقاط هذه الاوثان كما سقط هبل واللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى ليس فقط تحريرا وفتحا مبينا، بل تطهيرا للإنسان والإنسانية من أوساخها وأدرانها وأمراضها وأهوائها التي الصقتها بالإسلام.

إن الثغرة التي اتكأ عليها من رد على الشيخ علي عبدالرازق هي غموض مفهوم السياسة (وقد اعتمدوا أساسا على هذا الغموض), وتسليمه الصريح جدلا بالاجماع وضمنا بالاجتهاد في الدين. بينما الاجتهاد مقولة دخيلة عن طريقها استحدثت مقولة الإجماع، ومقولة الإجماع جاءت أساسا لدعم مقولة الخلافة وجعلها ركنا من أركان الاسلام، وهو ما خدم الدولة المستبدة التي قامت على أنهار من الدماء، وجعلت الدين مجرد ورقة سياسية.

وتسليم الشيخ علي عبدالرازق، جدلا، بأصول الأيدلوجية، التي وضعت قصدا لخدمة فكرة مسبقة، ثم محاولة نقض هذه الفكرة، ستكون محاولة غير مكتملة تعتمد فقط على ثغرات الأيدلوجية مثل عدم انعقاد الإجماع. ولأنهم لم يقولوا بها عن دليل بل عن هوى فما سيفعلونه هو محاولة سد هذه الثغرات بنفس منهج التدليس والمغالطة الذي قامت عليه الأيدلوجية أساسا. وقد فعلوا. وإذا سقط ما يتكئون عليه من مقولات فاسدة فقط سقطت ردودهم على هذا الكتاب الذي جاء في وقت يدل على شجاعة وجرأة كاتبه.

ــــــــــــــــــــ
هذا جزء من مقدمة لكتاب عن الإسلام والسياسية, فضلت نشره كمقال مستقل بهذا العنوان.
وكان تفنيد مقولات الإجتهاد في الدين والإجماع جزء من هذا الكتاب, ثم آثرت أن يكون تفنيدها عبارة عن نقد لأهم كتاب حاول التأصيل لها وهو كتاب الرسالة للشافعي.



#انور_سلطان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نقد الشافعي, الحلقة (28 / 29): الحديث ومدى حجيته الجزء 5
- نقد الشافعي, الحلقة (29 / 29): الحديث ومدى حجيته الجزء 6
- نقد الشافعي, الحلقة (27 / 29): الحديث ومدى حجيته الجزء 4
- نقد الشافعي, الحلقة (26 / 29): الحديث ومدى حجيته الجزء 3
- نقد الشافعي, الحلقة (25 / 29): الحديث ومدى حجيته الجزء 2
- نقد الشافعي, الحلقة (24 / 29): الحديث ومدى حجيته الجزء 1
- نقد الشافعي, الحلقة (23 / 29): دعوى الاجماع الجزء 4
- نقد الشافعي, الحلقة (22 / 29): دعوى الاجماع الجزء 3
- نقد الشافعي, الحلقة (21 / 29): دعوى الاجماع الجزء 2
- نقد الشافعي, الحلقة (20 / 29): دعوى الإجماع الجزء 1
- نقد الشافعي (الحلقة 19 / 29): دعوى القياس الجزء 5
- نقد الشافعي, الحلقة (18 / 29): دعوى القياس الجزء 4
- نقد الشافعي, الحلقة (17 / 29): دعوى القياس الجزء 3
- نقد الشافعي, الحلقة (16 / 29): دعوى القياس الجزء 2
- نقد الشافعي, الحلقة (15 / 29): دعوى القياس الجزء 1
- نقد الشافعي, الحلقة (14 / 29): دعوى الإجتهاد الجزء 5
- نقد الشافعي, الحلقة (13 / 29): دعوى الإجتهاد الجزء 4
- نقد الشافعي, الحلقة (12 / 29): دعوى الإجتهاد الجزء 3
- نقد الشافعي, الحلقة (11 / 29): دعوى الاجتهاد الجزء 2
- نقد الشافعي, الحلقة (10 / 29): دعوى الاجتهاد الجزء 1


المزيد.....




- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - انور سلطان - الشيخ علي عبدالرازق وأصنام الأزهر