أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميشيل حنا الحاج - صراع بين المعركة الجغرافية والمعركة التفجيرية والجديد معركة الشاحنة الدموية في نيس















المزيد.....

صراع بين المعركة الجغرافية والمعركة التفجيرية والجديد معركة الشاحنة الدموية في نيس


ميشيل حنا الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 5224 - 2016 / 7 / 15 - 09:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بينما كان الصراع خلال معركتي الفلوجة ومنبج الساعيتين لتحرير مواقع جغرافية من سيطرة الدولة الاسلامية، ترد عليه القوات الداعشية بتفجيرات متتالية في بغداد، بدءا بتفجير غير مسبوق بحجمه في حي الكرادة، وبنوع آخر من المتفجرات المستخدمة وصفت بكونها c4 + امونيا، وما تبعه من تفجيرين آخرين في شمال بغداد أحدهما كان في منطقة بلد... دخلت على الخط الآن معركة الشاحنات الكبيرة، والتي وصفت الشاحنة المستخدمة هذه المرة، بكونها شاحنة تبريد كبرى وزنها 18 طنا، لم يكتف قائدها باستخدام الشاحنة لدهس جمهور المشاة الكثيف المتجمهر للاحتفال بالذكرى السنوية لانتصار الثورة الفرنسية المتمثل يومئذ بسقوط سجن الباستيل الباريسي، بل بادر أيضا لاطلاق النار على المشاة، من نافذة شاحنته التي عثر فيها بعد مقتله على يد الشرطة الفرنسية، على أسلحة نارية ثقيلة ومتفجرات، مما يوحي بتوجهه لتنفيذ عملية أكبر، اضافة لبشاعة ما استطاع تنفيذه فعلا من دهس 80 مواطنا وجرح مائة آخرين، منهم 15 جريحا بحالة حرجة.. ولكن مقتله حال دون تنفيذها.

ولكن هل دخل سلاح الشاحنات كعنصر جديد في المعركة الجارية بين الدول المنضوية في تحالفات تحارب الارهاب (ومنها فرنسا)، ودولة الارهاب الداعشية، سواء بعناصرها المنضوية رسميا تحت جناحها، أو أولئك المؤمنين بأفكارها، لكن لم ينضموا الى صفوفها، مكتفين بالتحول الى ما يسمونه بالذئاب المنفردة التي يشكل كل واحد منهم دولة اسلامية ارهابية قائمة بذاتها، وتعتمد مخططاتها الخاصة بها من تمويل وتركيب لمتفجرات يمكن شراء موادها من الصيدليات العادية؟

الواقع أن استخدام السيارات والشاحنات كوسائل لتنفيذ عمليات ارهابية، لم يكن عنصرا طارئا سواء على الدول العربية وخصوصا العراق وسوريا، أو على الساحة الفرنسية ذاتها. ففي الكثير من التفجيرات التي نفذت في العراق وفي سوريا، جرى استخدام السيارات أو الشاحنات فيها. فتملأ تلك السيارات أو الشاحنات بالمتفجرات، ثم تفجر عن بعد عندما يتعذر ايجاد انتحاري يفجر نفسه في وسط جمهرة من الناس. وعلى صعيد فرنسا ذاتها، هناك أكثر من سابقة على استخدام السيارات أو الشاحنات في عمليات ارهابية سعت الى قتل الأبرياء. وأذكر هنا بعضا من هذه العمليات:

1) في 21 كانون أول 2014، في مدينة ديجون الفرنسية، قام رجل يقود شاحنة، بدهس متعمد لآحد عشر شخصا وهو يصيح "الله وأكبر".
2) في 22 كانون أول 2014 ، في مدينة نانت الفرنسية أيضا، قام رجل يقود سيارة كبيرة الحجم، باقتحام سوق مزدحم بالمشترين لاحتياجاتهم بأعياد الميلاد "كريسماس"، ودهس عشرة مواطنين من المتجمهرين حالة بعضهم كانت حرجة. وذكر بعض شهود العيان، أنه كان يردد أثناء هجومه، عبارة "ألله أكبر".

وقبل يومين من هاتين الحادثتين، أي في العشرين من كانون أول 2014، وقع هجوم في احدى المدن الفرنسية، الا أنه كان هجوم من نوع آخر، استخدم فيه المهاجم مدية طعن بها ثلاثة من رجال الشرطة قبل التمكن من قتله. وكان الرجل يهتف خلال الهجوم قائلا "الله وأكبر".

فحادثة اليوم في نيس، لم تكن الأولى بين هذا النوع من الهجمات، لكنها كانت أبشعها في عدد الضحايا ونتائجها. ويقول شهود العيان، أن السائق كان يقود الشاحنة بسرعة 160 كيلومترا، وأنه قاد الشاحنة على امتداد ثلاثة آلاف متر (أي3 كلم) قبل أن يتمكن رجال الشرطة الفرنسية من قتله. وتأكيدا لتوجهه لقتل أكبر عدد ممكن من الضحايا، صعد السائق بشاحنته على رصيف الشارع حيث يسير المشاة، مما يفسر النسبة العالية من الضحايا، وخصوصا من الأطفال والنساء المحتفلين بعيد الثورة التي حملت للعالم مبادىء حقوق الانسان التي لا تعترف بها الدولة الاسلامية أي داعش، كما قال الرئيس الفرنسي أولاند في خطابه اثر ذاك الحادث المفجع، معلنا تمديد حالة الطوارىء في فرنسا لثلاثة أشهر أخرى بعد أن كان قد أعلن قبل يومين فقط، عن توجهه الى رفعها منذ السادس والعشرين من الشهر، مرفقا اعلانه ذاك قراره باستدعاء الاحتياطي من الجيش ورجال الأمن، لنشرهم في المواقع الفرنسية الحساسة ومنها الحدود الفرنسية مع الدول الأخرى، خصوصا وأن فرنسا قد ضربت في العام الماضي بهجمة كبرى على مجلة تشارلي أبدو، وبهجمة أشد وأقسى في قلب باريس، في مسرح باتو كلون، قبل بضعة شهور من هذا العام.

والمعروف أن مدينة نيس، القريبة من مدينة (امارة) موناكو الشهيرة، هي مدينة ساحلية ويقطن فيها نسبة عالية من المغاربة والجزائريين، علما أن الأوراق والوثائق التي ضبطت في الشاحنة المهاجمة، تشير بأن صاحبها فرنسي من أصل تونسي، دون التأكيد بعد بأن صاحب هذه الوثائق هو المهاجم، لاحتمال كون الشاحنة مسروقة، ولم يكن مالكها الحقيقي هو الذي يقودها أثناء الهجوم. وهذا أمر ستكشفه التحقيقات التي تولت أمرها دوائر مكافحة الارهاب الفرنسية، مما يرجح بأن التكييف الأولي لما حدث، هو كونه بدون تردد، عملا ارهابيا آخر من سلسلة العمليات الارهابية المتعددة التي ضربت فرنسا مؤخرا. ومن المبكر حتى الآن القول ما اذا كان الهجوم قد نفذته الدولة الاسلامية بتخطيط منها، كأن يكون المهاجم من المقاتلين الفرنسيين المنضوين في صفوفها، أم بمبادرة من أحد الذئاب المنفردة الفرنسيين، علما أنه من المعروف أن مجموعات داعش، تضم في صفوفها الفعلية، أكثر من الفي مقاتل فرنسي، أو ممن يحملون جوازات سفر فرنسي لكن من أصل عربي.

ومدينة نيس المعروفة بكونها مدينة سياحية يرتادها بكثافة السائحون من زوار فرنسا، تعرف أيضا بتوجه الكثير من سكانها الفرنسيين، لمؤازرة اليمين الفرنسي المتطرف الذي تقوده السيدة ماري لوبان التي تنافس أولاند على مقعد الرئاسة في معركة الانتخابات الرئاسية الفرنسية القادمة بعد قرابة العام. ويرجح بعض المراقبين أن هذه الحادثة، من المتوقع أن تزيد في شعبيتها، وتعزز موقعها في الانتخابات القادمة، مما قد ينعكس وبالا على عدة ملايين من الجاليات العربية الكبيرة اذا فازت السيدة لوبان، وخصوصا القادمين منهم من شمال افريقيا كالمغرب وتونس والجزائر، والمقيمين في فرنسا منذ زمن بعيد.

وقد يرى البعض أن هذه الضربة التي وجهت لمدينة نيس، رغم تلقي سكانها وزوارها بشاعة مصائبها وخسائرها، فان مصيبة قاسية مشابهة، قد أصابت أيضا بشكل خاص، تطلعات الرئيس أولاند في حظوظه للفوز بدورة رئاسية ثانية. وهذا يفسر، اضافة الى أسباب أخرى ومنها ازدياد العمليات الارهابية الموجهة ضد الفرنسيين، مبادرته لا لتمديد حالة الطوارىء فحسب، بل لتوجهه أيضا لاستدعاء الاحتياط في القوات المسلحة والأجهزة الأمنية. فبعد الهجمة الباريسية في بداية العام، وقبلها غزوة تشارلي أبدو، كما يسميعها الداعشيون، قام الرئيس الفرنسي بجولة على عدة عواصم غربية ودولية بما فيها واشنطن وموسكو، حاثا على التشدد في مقاومة الارهاب ومحاربته. ويرجح أن يلجأ الآن الى الدعوة للشروع بحرب حقيقية وجدية جدا ضد الدولة الاسلامية. فالحرب معها ليست حربا سهلة، وتحرير بعض المواقع الجغرافية من سطوتها، لا يعني أبدا اقتراب نهايتها. فالدولة الاسلامية لديها مخططيها الذين يلجأون لأسلوب الكر والفر، وتفعيل الهجمات المضادة القادمة من خلف المهاجم نتيجة استخدام الانفاق التي عرفت للمرة الأولى في حرب فيتنام، كما تستخدم نهج التفجيرات في مواقع الاكتظاظ البشري. ولكن الأهم من ذلك، أنه اذا كان التحالفات القائمة، سواء الأميركية أو الروسية، تستخدم مساحة جغرافية محدودة ضمن الحدود العراقية والسورية والليبية، فان الدولة الاسلامية تخوض حربا في مساحة جغرافية أوسع كثيرا، لأنها تضرب أيضا في فرنسا وبلجيكا ودول أخرى عديدة....أنها مستعدة لأن تضرب في كل أنحاء العالم كلما أتيحت لها الفرصة ذلك.

ومن هنا بات من الضروري التعامل مع الدولة الاسلامية، أي داعش، بجدية أكبر. بل لا بد، ليس مجرد الاكتفاء بالتطلع الى مزيد من التنسيق بين موسكو وواشنطن، بل المطلوب الآن، باسم الضحايا الذين سقطوا في الكرادة، وفي نيس، وفي حلب، وفي غيرها من المواقع التي ضربها الارهاب، وجوب توحيد التحالفات المتعددة، الروسية، الأميركية، الاسلامية، ذلك أن العالم يواجه عدوا خطرا، بل خطرا جدا. فلا يجوز بعد الآن الاستخفاف بقدرات الدولة الاسلامية، خصوصا وأنها تملك سلاحا أشد بطشا من سلاح الطائرات والصواريخ الأرضية والجوية التي تستخدمونها... أنه سلاح المناداة بأفكار دينية متشددة، تلقى للأسف صداها في عقول البعض، بسرعة أقوى وأكثر تأثيرا من سلاح كل الصواريخ والقذائف التي تستخدمونها.

رجاء، كفاكم مزاحا مع الداعشيين، وأبدأوا جميعا مجتمعين، حربا جدية ضدهم، حربا لا ترحم ولا تتهاون، والا توجب عليكم اعداد مزيد من التوابيت والأكفان لدفن مزيد من الضحايا الذين سقطوا بالأمس في العراق وفي سوريا، وسقطوا اليوم في فرنسا، لكنهم قد يسقطون غدا في لندن وواشنطن، بل وفي موسكو أيضا.

ميشيل حنا الحاج
مستشار في المركز الأوروبي العربي لمكافحة الارهاب - برلين.
عضو في مركز الحوار العربي الأميركي - واشنطن.
عضو في رابطة الكتاب والمفكرين الأردنيين.
كاتب في صفحات الحوار المتمدن - ص. مواضيع وأبحاث سياسية.
عضو في رابطة الكتاب الأردنيين - الصفحة الرسمية.
عضو في مجموعة صوت اللاجئين الفلسطينيين، ومجموعات أخرى.





#ميشيل_حنا_الحاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متى يقدم بوش، بلير، تشيني لمحكمة دولية تحاسبهم على جريمة غزو ...
- من يقف وراء التفجير المرعب في الكرادة، وهل سيجري تحقيق دولي ...
- داعش تفجر في السعودية،العراق،بنغلاديش،تركيا،لبنان،ودول أخرى: ...
- هل تراجعت تركيا عن مخططها، فاستبدلت روسيا التنسيق مع أميركا ...
- تركيا وقنبلتها شبه النووية التي فجرها أردوغان بلمسة قد تكون ...
- احتمالات تعثر الحل السياسي للمسألة السورية اذا وصل ترامب أو ...
- تركيا أردوغان المستفيد الأوحد من بركان سوريا ودول الخليج الخ ...
- المطلوب فتوى عاجلة من الأزهر االشريف تفسر المفهوم الصحيح للا ...
- المعارك لاستئصال داعش تتجاهل أنها فكر ديني مسيس لا يغتاله ال ...
- الوجه الآخر للشرق الأوسط الجديد المفتت للدول: سيناريو مضمونه ...
- زيارة اوباما لفيتنام وهيروشيما، وهديته الوداعية لمحبي السلام ...
- تهديد أبو محمد العدناني للمدنيين في الغرب، واحتمالات وفيرة ل ...
- القاعدة تنقل قياداتها الى سوريا لتأسيس امارة اسلامية تجابه ا ...
- التخبط الأردوغاني يضيف -أوغلو- الى قائمة الأعداء الرافضين لل ...
- (كلس) سيناريو جديد لتحقيق منطقة تركية عازلة من أعزاز الى جرا ...
- نزوع الاستراتيجيات الجديدة في القرن 21 لنهج الابتزاز عوضا عن ...
- مظاهرات مصر لاستعادة الجزيرتين أم لاحلال الفوضى ورئيس آخر هو ...
- هل وضع أردوغان قدميه على الدرجات الأولى من سلم جنان العظمة م ...
- قراصنة مخابرتيون في اسطنبول سرقوا حسابي الفيسبوك، بعد مقالات ...
- المرحلة الانتقالية والانتخابات الرئاسية، وأسباب غموض ومخاوف ...


المزيد.....




- حفلات زفاف على شاطئ للعراة في جزيرة بإيطاليا لمحبي تبادل الن ...
- مباحثات مهمة حول القضايا الدولية تجمع زعماء الصين وفرنسا وال ...
- الخارجية الروسية تستدعي سفير بريطانيا في موسكو
- الحمض النووي يكشف حقيقة جريمة ارتكبت قبل 58 عاما
- مراسلون بلا حدود تحتج على زيارة الرئيس الصيني إلى باريس
- ارتفاع عدد قتلى الفيضانات في البرازيل إلى 60 شخصًا
- زابرينا فيتمان.. أول مدربة لفريق كرة قدم رجالي محترف في ألما ...
- إياب الكلاسيكو الأوروبي ـ كبرياء بايرن يتحدى هالة الريال
- ورشة فنية روسية تونسية
- لوبان توضح خلفية تصريحات ماكرون حول إرسال قوات إلى أوكرانيا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميشيل حنا الحاج - صراع بين المعركة الجغرافية والمعركة التفجيرية والجديد معركة الشاحنة الدموية في نيس