أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نبيل عودة - قصص فلسفية - الحلقة الثالثة















المزيد.....

قصص فلسفية - الحلقة الثالثة


نبيل عودة
كاتب وباحث

(Nabeel Oudeh)


الحوار المتمدن-العدد: 5120 - 2016 / 4 / 1 - 17:40
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


قصص فلسفية - الحلقة الثالثة

نبيل عوده

فلسفة القضاء

وقع خلاف بين صاحب مزرعة ومربي المواشي بجوار مزرعته. كانت المزرعة تقع على شاطئ النهر، اصحاب حظائر المواشي لم يكن لهم من طريق للوصول بمواشيهم الى النهر ليشربوا الا عن طريق العبور عبر أراضي المزرعة كما كان الحال في الماضي، لكن نوع الزراعة اليوم اختلف ، هناك دفيئات، مزروعات يمنع وطأها بالأقدام.. لذلك قرر صاحب المزرعة منع عبور المواشي عبر مزرعته لأن عبور المواشي عبر الأراضي المزروعة يترك دمارا كبيرا للمزرعة. حاول منع قطيع المواشي من عبور أراضيه الى النهر ..وقع صدام كبير... ووصلت القضية للقضاء.
جلس القاضي ينظر في الشكوى وفي الرد على الشكوى.. وكان مساعده بقربه يدون تفاصيل الجلسة. اعطي الكلام لصاحب الدعوى ليشرح مشكلته:
- سيدي القاضي .. أملك مزرعة على ضفاف النهر.. ورثتها أبا عن جد .. ولكن قطيع الجيران المجاورين للمزرعة يدمرون زرعي كلما عبرت مواشيهم الى النهر.. وهذا أمر يسبب لي الخسائر الكبيرة ولم يعد محمولا… ومن حقي ان احافظ على زرعي وأمنع قطيعهم من العبور في أرضي.
فكر القاضي وأجاب:
- انت صادق .. هذا حقك .
وتوجه لأصحاب المواشي.
- لماذا تصرون على المرور من أرضه وتسبيب الأضرار الكبيرة له ؟
انتدبوا متحدثا عنهم . وقف وقال:
- سيدي القاضي ، قطيعنا سيموت عطشا اذا لم يصل الى النهر ليشرب الماء . أجدادنا وأباءنا ونحن من بعدهم نستعمل هذا الطريق منذ مئات السنين. وهذا يعني انه يحق لكل راع الوصول مع قطيعه الى مصادر المياه عن طريق المزرعة كما كان متبعا دائما. ومنعنا يعني موت قطيعنا وإفلاسنا .
قال القاضي بعد تفكير:
- حقا .. انتم صادقون .
واجلت الجلسة لموعد آخر لاصدار الحكم .
كان مساعد القاضي يستمع ويسجل ، وسؤال كبير يجول في خاطره . قال بعد ان اختلى بالقاضي:
- يا سعادة القاضي ، لا يمكن ان يكونوا جميعهم صادقين ؟!
نظر اليه القاضي وقال:
- أجل .. أنت صادق أيضا !!
-
الإخـــــلاص الأنانـــــــي

أدركت أن أجلها اقترب، وأن الأمنيات بحدوث تحول في وضعها الصحي قد تلاشى تماما. فاسْتَسلمت، أو خَضَعت بلا إرادة، وبلا شكوى، تنتظر، أو لا تنتظر، أن تغيب عن ذاتها ومحيطها، متسائلة كيف ستكون لحظة إغماض العينين للمرة الأخيرة في هذه الحياة التي لم تمهلها طويلا؟
زوجها كان يبدو لها أشد حزنا ما توقعته، مما أثار تفكيرها من مبالغة مقصودة. كان يجلس قرب سريرها، ممسكا بيدها بطريقة تذكرها بأيام عشقهما الأولى ، يوم كانت تفور بالحيوية والفرح والصبا والصبابة، مطأطئا رأسه بحزن بارز، يرتسم الحزن والألم على محياه بطريقة تجعلها غير مقتنعة، ولكنه للحقيقة لا يغادر مقعده قرب سريرها، ويواصل بإلحاح عليها أن تحاول تناول بعض الطعام الذي تحبه، ولكن نفسها لم تعد تطلب شيئا إلا انقضاء ساعات الألم الشديد حين يضعف مفعول الحقن المخدرة التي تجعلها نصف غائبة عن الوعي.
هذا الترابط بينهما، لفت انتباه الأطباء والممرضات، فرثوا لحاله بسرهم، ولكن ما باليد حيلة.
كان زوجها يلح على الأطباء بأسئلته واستفساراته عن وجود علاجات لم تطبق بعد ، وهل بالإمكان تجريبها على زوجته؟ ويضيف انه جاهز لكل المصاريف، وكان دائما يفعل ذلك حين تكون زوجته قادرة على السمع والانتباه لما يدور حولها. غير أن الأطباء يردون أن الوضع بات متأخرا، والأورام الخبيثة انتشرت وملأت جسدها، ولم يعد ما يمكن إنقاذه، إلا الطلب من الله أن لا يمد بعذابها.
كانت تقول له لا تقلق نفسك بي، أنا لم اعد اشعر برغبة إلا بإغماض عيني مرة أخيرة والانتقال للراحة الأبدية، ولكني قلقة عليك.
- لا اعرف كيف سأتصرف بدونك.. أنت حب حياتي الذي لا ينسى.
- الأيام كفيلة بعلاج الحزن، عشنا حياة سعيدة، وهذا ما سأحمله معي إلى القبر.
- خسارتي ستكون كبيرة ،لا بد أن تحدث عجيبة طبية..
- لا تدخل نفسك بأوهام .. قابل الحقيقة بدون أوهام. برجولة.. وهل للرجولة قيمة بدون جرأة ورباطة جاش وضبط النفس ؟
- وأين هي الرجولة أمام مأساة الفراق؟
- يا زوجي الطيب، كان أفلاطون يقرن الرجولة بفئة المحاربين، الفرسان، ويقرن الفضيلة بفئة الحكماء والفلاسفة، وأنت تعشق أفلاطون وتكثر من قراءة الفلسفة، فأتوقع منك أن تكون رجلا وحكيما في مواجهة ما سيأتي. لأني احبك ولا أريد أن تدمر حياتك بالحزن.
- لا اعرف ما سأفعل بدونك .. ولا يبدو أن الفلسفة تملك الإجابات التي تريحني .
- هل حقا كنت تحبني كل فترة زواجنا بنفس القدر والقوة التي ابتدأنا بها؟
- كما لم أحب امرأة من قبلك.
- ومن بعدي؟
- لا اعرف إذا كنت قادرا على حب امرأة غيرك.
- ولكن الإنسان أناني يا عزيزي بطبيعته، أليس كذلك؟
- هذا في الفلسفة، في الواقع كل شيء مختلف.
- كنت دائما تشرح لي نظريات ديمقريطس وابيقور، بقولهم أن الأنانية هي مذهب فلسفي عن طبيعة الإنسان، وأن الإنسان أناني بطبيعته، وعليه فهو يتوخى مصالحه، ولكنك كنت تقول بما أننا زوجان متحابان ، فنحن نطبق أنانيتنا المشتركة. كيف سميتها؟
- أنانية معقولة..
- هذا ما كان يقوله هيلفيتيوس.. بأن الإنسان يخضع أنانيته لخدمة المجتمع، وأنت تخضع أنانيتك لخدمة بيتنا السعيد؟؟ هل نسيت؟
- ليت الزمن يعود بنا إلى الوراء
- لا تتمنى المستحيل. الألم يشتد
- سأستدعي الممرضة.
- لا تفعل. أريد أن أتحدث معك، كما كنا قبل مرضي.
- أريدك أن تعودي للبيت تملئيه فرحا وسعادة.
- ألا تظن أن حلمك هذا ينبع من الطابع الأناني للإنسان؟
- تتفلسفين وأنت في قمة ألمك؟
- هل ما زلت تحبني بنفس القدر.
- ولن يتغير حبي.
- كفى.. اكتفي بحبك حتى ساعة رحيلي.
- فقدانك سيجعلني أحبك أكثر، وهذا لا يتناقض مع فلسفة أفلاطون وأصحابه.
- ستحبني أكثر لأني سأغادر عالمك وأمنحك الراحة من الارتباط مع امرأة مريضة تغيب عن الوعي أكثر مما تصحو.
- كيف تفكرين بهذا الشكل؟ إني أتألم لألمك ، وامسك دموعي بالقوة؟
- آسفة لم اقصد إيذاءك.
مسحت بيدها على جبينه محاولة الابتسام رغم الألم الشديد الذي يأكل جسدها.وسألته:
- صارحني.. ربما أموت اليوم أو بعد أسبوع على أكثر احتمال.. هل أحببت امرأة غيري..؟
- إطلاقا، كيف افعل ذلك وأنت تملئين علي حياتي؟
- وبعد وفاتي ، هل ستحب امرأة أخرى؟
- لا أظن.. ليس من السهل الإجابة على سؤال لم يراود تفكيري إطلاقا.
- ما زلت شابا، مثقفا، متنور العقل، ترغب بك كل امرأة بالغة العقل..هل ستعلن رهبنتك؟
- لا أعرف.. لا استطيع التفكير بامرأة غيرك.
- ما زلت تنفي أفلاطون وفلسفته.
- لو واجه أفلاطون ما أواجهه كان غير من فلسفته.
- لا ليس صحيحا. كل الرجال الصغار في السن يتزوجون بعد وفاة زوجاتهم مرة أخرى .. هل ستكون الشواذ على القاعدة؟
- أنا لا أفكر بهذا الشكل، أنت تتعبين نفسك، سأظل على حبك لوقت طويل.
- وبعد الوقت الطويل .. صارحني؟
- حسنا.. ربما ، ولكن ليس من السهل إيجاد امرأة مثلك. لا أعرف، ربما سأظل ابحث حتى يصيبني اليأس؟
- دعك من مراضاتي.اتفقنا ان الأنانية هي صفة انسانية، والفلسفة منذ افلاطون تنبهت لهذا الظاهرة، أريد أن أطمئن عليك بعد وفاتي والموضوع لا يحزنني. أنانيتي سأدفنها معي.. هل تهرب من الجواب؟
- حسنا، ربما يحدث أن أجد امرأة مثلك وأحبها ونتزوج، على أن تعرف انك سيدة البيت حتى بعد وفاتك.
- وهل ستسكنان في نفس منزلنا؟
- لا أعرف، حاليا لا منزل لي غيره. إذا كان يضايقك الأمر لن افعل..
- لا يضايقني. أنت حر بعد وفاتي، ولكني أحب أن أعلم ما يطمئنني عليك.
- هذا إذا تزوجت..
- حسنا ، هذا اتفقنا عليه.. ستتزوج. ولكن قل لي هل ستستعملان غرفة نومنا، وتنام معها بنفس سريرنا؟
- يبدو ذلك إذا لم أغير المنزل، ولا تنسي انه منزلك وأنت سيدته دائما، ما دمت أنا حيا.
- أريد لك طول العمر، ولكن قل لي هل ستمارس مع زوجتك الجديدة الحب على سريرنا؟
- إذا تزوجت و..
- اتفقنا على انك ستتزوج. صارحني . ستمارسان الحب في غرفة نومنا وبسريرنا؟
- لنقل أن ذلك متوقع.
- الم تفكر بامرأة غيري خلال فترة ارتباطنا؟
- لا.
- ولم تغريك أي امرأة جميلة بأن تمارس معها الحب ؟
- حبك أغلق علي التفكير بنساء غيرك.
- تصر على مناقضة أفلاطون وأصحابه.. الم تقمع أي رغبة بمغامرة عابره مثلا؟
- أنا ؟ إطلاقا. حبك كان يكفيني.
- إذن ستكون لك بعدي امرأة أخرى تسكنها منزلي، وتضاجعها على سريري، أنا لست غاضبة. أنت تستحق ذلك.
- لماذا تشغلي فكرك بما لا يشغلني إطلاقا؟
- إنها ساعاتي الأخيرة، أريد أن أموت وأنا على يقين أن الرجل الذي أحببته سيعيش سعيدا من بعدي.
- سأكون حزينا لفراقك .. وربما لن أجد امرأة أحبها كما تتخيلين لأني لن أقبل امرأة أقل شأنا منك.
- حسنا ..ستتزوج، تسكن وإياها منزلنا، تستعملان غرفة نومنا، تمارسان الحب على سريرنا، ولكن قل لي، هل ستعطيها ملابسي أيضا؟
- إطلاقا لا.. إنها أنحف منك وأطول قامة وألوان ملابسك لا تناسبها ، و ..
- أطلب الممرضات على عجل، الألم لم يعد محمولا...

[email protected]



#نبيل_عودة (هاشتاغ)       Nabeel_Oudeh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من يخدم قرار إضراب يوم الأرض?
- قصص فلسفية – الحلقة الثانية
- إذاعة الشمس والإعلام العربي في كتاب للمعهد الإسرائيلي للديمق ...
- صفحات من تراثنا الفلسطيني
- وداعا للفنان، الرسام والمسرحي سهيل ابو نوارة
- بمناسبة عيد الأم: ستبقين أمي...
- فلسفة مبسطة: أمباتيا، اباتيا واتاراكسيا ..
- قصص فلسفية - الحلقة الأولى
- فلسفة مبسطة: علم المنطق
- 8 ﺁﺫﺍﺭ 2016 في ظل القمع للمرأة ف ...
- فلسفة مبسطة: طالبوا الإله ..
- فلسفة مبسطة: الصراع الطبقي .. من ستالين حتى زينب!!
- تجربتي والتباس الوعي القصصي عند البعض
- الثورة العلمية التكنولوجية أنتجت واقعا اقتصاديا- اجتماعيا جد ...
- وداعا للأديب الفلسطيني سلمان ناطور
- نصوص وقصص ساخرة - القسم الرابع عشر
- نصوص وقصص ساخرة - القسم الثالث عشر
- نصوص وقصص ساخرة - القسم الثاتي عشر
- عائق فكري واجتماعي: تأصل النظرة الدونية للمرأة
- نصوص وقصص ساخرة - القسم الحادي عشر


المزيد.....




- السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية تسوق للحج التجاري با ...
- اسبانيا تعلن إرسال صواريخ باتريوت إلى كييف ومركبات مدرعة ودب ...
- السعودية.. إغلاق مطعم شهير في الرياض بعد تسمم 15 شخصا (فيديو ...
- حادث جديد يضرب طائرة من طراز -بوينغ- أثناء تحليقها في السماء ...
- كندا تخصص أكثر من مليوني دولار لصناعة المسيرات الأوكرانية
- مجلس جامعة كولومبيا الأمريكية يدعو للتحقيق مع الإدارة بعد اس ...
- عاجل | خليل الحية: تسلمنا في حركة حماس رد الاحتلال على موقف ...
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيّرة أمي ...
- بعد الإعلان التركي عن تأجيلها.. البيت الأبيض يعلق على -زيارة ...
- ما الذي يحمله الوفد المصري إلى إسرائيل؟


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نبيل عودة - قصص فلسفية - الحلقة الثالثة