أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - .. وماذا عن سد الموصل؟















المزيد.....

.. وماذا عن سد الموصل؟


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 5112 - 2016 / 3 / 24 - 17:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



هل فعلاً أن سدّ الموصل معرّض للانهيار أم ثمة مبالغات سياسية بتهويل الأمر؟ وما هي حقيقة الواقع الفنّي للسد وسط تطيّرات مقابل تطمينات، الأولى هي تحذيرات، في حين إن الثانية قد تكون تخديرات، وما بين التخدير والتحذير هناك اختلافات في الدوافع والأهداف، وغالباً ما وقفت الحكومة وراء التطمينات التي تريد التهوين من حجم المشكلة التي نعترف بها، في حين إن الجهات الخارجية والداخلية التي تقف وراء التحذيرات تستهدف وضع هذا التحدّي الجديد بمواجهة الحكومة العراقية، وبين التطيّر والاسترخاء تضيع الحقيقة أحياناً، فما هي قصّة سد الموصل؟
تعود الحكاية إلى مطلع الخمسينات عندما قرر مجلس الإعمار بناء السدّ على نهر دجلة في موقع يبعد عن مدينة الموصل بما يزيد على 40 كم شمالها. وقد تأخر بناء السدّ إلى العام 1984، بسبب بعض التجاذبات السياسية وتعدّد واختلاف المقترحات الفنية.
ويعتبر سدّ الموصل أكبر سدّ في العراق مقارنة بسدّي دوكان والثرثار، وهو من حيث الحجم بعد مشروع سدّ الكاب التركي وسدّ أسوان المصري وسدّ الأسد السوري. واعتبر حينها إنجازاً مهماً حيث تم استكماله خلال فترة الحرب العراقية الإيرانية التي اندلعت في العام 1980.
ومنذ البداية فقد كان هناك اختلاف حول بناء السدّ ومدى صلاحية الأرض التي يقام عليها. وفي حينها رجّحت الدراسات السوفييتة عدم صلاحية المكان لبناء مثل هذا السدّ العملاق الذي يبلغ طوله 3.4 كيلومترات وارتفاعه 113 متراً، لأن الأرض التي يقف عليها كلسية وتتكون من صخور، وهي قابلة للذوبان والتحلّل، خصوصاً وإن كمية المياه المخزونة تبلغ 12 مليار متر مكعب، ما يؤدي إلى ظهور تصدّعات وتشكيل فراغات أسفل جسم السدّ، بحيث تنهار الطبقات التي تعلوها.
أطلق على سدّ الموصل اسم «سدّ صدام»، وبعد احتلال العراق لم يلتفت إليه أحد باستثناء بعض أعمال الصيانة التقليدية التي أخذت تتراجع، في حين إن وضع السدّ بدأ بالتردي ومنذ العام 2007 وبشكل خاص بعد العام 2010 كانت هناك تحذيرات متواترة، لكنها لم تلقَ آذاناً صاغية وقد شكّكت الحكومات العراقية المتعاقبة بتلك الآراء ووجهات النظر واعتبرت القلق مبالغاً فيه، حيث كان الجميع منشغلاً بالانتخابات ونتائجها وتوزيع الحصص والحقائب الوزارية والمناصب العليا في الدولة، بينما كانت أوضاع السدّ تنذر بأخطار جسيمة واحتمالات وخيمة.

وكان الأمريكان وهم يلملمون ذيولهم وينسحبون من العراق قد أعلنوا أن سدّ الموصل هو «أخطر سدّ في العالم» دون أن يتحملوا مسؤوليتهم كقوة احتلال بموجب اتفاقيات جنيف لعام 1949 وملحقيها لعام 1977 تلك التي كانت تفرض عليهم حماية السدّ الذي بُني على تربة هشّة تحتاج إلى دعم مستمر منعاً للانهيار، وتفجّر المياه التي يبلغ ارتفاعها 20 متراً، خصوصاً إذا ما تسرّبت باتجاه سكان المدن المجاورة وهو كاف لتدميرها وإغراقها بما فيها مدينة الموصل التي يبلغ عدد سكانها مليوناً و700 ألف نسمة، وذلك خلال ثلاث ساعات فقط، كما يمكن تدمير مدينة تكريت وسامراء في محافظة صلاح الدين، جنوب الموصل وصولاً إلى مشارف بغداد التي يمكن للسدّ أن يدمّر قسماً كبيراً منها.
وإذا كان رأي الخبراء السوفييت، إن بناء السد في هذا المكان غير صالح، فلماذا تم الشروع ببنائه؟ وعلى الرغم من أننا نتحدث اليوم بعد مرور ما يزيد على ثلاثة عقود من الزمان، فالأمر لا يخلو من حاجة ماسة أولاً لعلاج مؤقت وليس طويل الأمد، مثلما هناك حاجة سياسية أيضاً لتحقيق إنجاز في النمو الاقتصادي على حساب التنمية المستدامة، وهي طريقة اتبعتها الأنظمة التي تؤخذ بشرعية الإنجاز على حساب الشرعية المجتمعية.

بوجه الآراء السوفييتية، كان هناك رأي سويسري وآخر فرنسي، وكلاهما كان يؤكد أن بناء السدّ ممكن، وكل ما يحتاج إليه فقط إجراء تعديلات بسيطة على الأرضية وعلاجها بمواد خاصة. ولهذا السبب تم البدء بتنفيذ المشروع ولم يتوقف حتى بعد أن تأكدت صحة تقديرات الخبراء السوفييت، حيث حدثت تشقّقات وانجرافات في التربة، مما اضطرّ الشركات المتعهّدة للقيام بحقن التربة أسمنتياً بشكل مستمر.

وحين سيطر «داعش» على الموصل في 10 يونيو (حزيران) العام 2014، ارتفعت موجة القلق والخوف على السدّ، يضاف إلى ذلك إهمال صيانته، فضلاً عن احتمال تفجيره، وأدلى عدد من الخبراء المحليين والدوليين بآرائهم من احتمال انهيار السدّ، وتهديد ملايين العراقيين، بما يخلّف خسائر على طول أكثر من 300 كم باتجاه مجرى النهر، عدا الأضرار المستدامة على مستقبل التربة والبيئة والزراعة والصناعة للمنطقة.

وعلى الرغم من أن قوات البيشمركة بمساعدة قوات التحالف والغطاء الجوّي الأمريكي تمكّنت من استعادة السدّ، لكن كابوس الانهيار ظلّ قائماً ومهيمناً، بل ازدادت عوامل الهلع والرعب لدى العراقيين، خصوصاً بعد النقاش الذي شهده الإعلام العراقي وداخل مجلس النواب وفي أوساط الحكومة العراقية، فضلاً عن آراء خبراء وملاحظات بعض مؤسسات المجتمع المدني.
إن التدهور السريع الذي أصاب السدّ خلال السنتين الماضيتين، جاء بسبب انخفاض أسعار النفط العام 2015 وتفاقم الوضع الأمني والانقسام السياسي والمعارك العسكرية مع «داعش»، فضلاً عن الاختلالات التاريخية.
وكانت صحيفة «الواشنطن بوست» قد ذكرت أن مشاكل السد بدأت منذ العام 1986 حين تم ملؤه بالماء، في حين نفت ثم قلّلت الحكومة العراقية من حجم المشاكل والتحديات والمخاطر. وكان رئيس الوزراء حيدر العبادي قد صرّح أن احتمال انهيار السد ضئيل.
ومع تفاقم الوضع اعترفت بغداد بأن السدّ يتعرّض إلى مخاطر، الأمر الذي دفعها لتوقيع اتفاقية مع شركة تريفي الإيطالية بقيمة 296 مليون دولار لتدعيم السدّ وإجراء أعمال الصيانة خلال 18 شهراً. ويشمل العقد إرسال 450 جندياً لحمايته بسبب قربه من أراضي تخضع لتنظيم «داعش»، إضافة إلى أهمية توفير الماء والكهرباء لنحو مليون إنسان. وتقول الحكومة لتطمين الناس، إنها استخدمت أجهزة إنذار مبكّر ومتابعة دقيقة بتسجيل مؤشرات السدّ بشكل يومي يقدّم لمجلس الخبراء ولكنها طلبت من السكان القريبين إخلاء منازلهم على سبيل الاحتياط.
وبخصوص الاتفاقية الإيطالية يقول نصرت آدامو وهو أحد الخبراء الذين عملوا على مشروع السد عند بنائه «إن الخطة الإيطالية هي عملية تجميلية لا تفي بالغرض» كما أن تجهيزها للعمل يحتاج إلى ثلاثة شهور، الأمر الذي يعني استمرار المخاطر والتهديدات.
وإذا كان رأي الخبراء إن بقاء الحال على ما هي عليها غير ممكن وإن الترقيعات غير مفيدة، فما هو المطلوب؟ أيضاً الأمر يحتاج إلى: 1- إصلاح بوابات السدّ بعد ارتفاع مياه البحيرة أمامه و2- استكمال عملية التحشية أو الحقن، وهي وإنْ كانت عملية إنعاش مؤقتة، لكنها ضرورية في الوقت الحاضر لمنع الانهيار. وقد يحتاج الأمر إلى بناء سد مواز أو محاذ لاحتواء الأزمة، وهو رأي كان قد طُرح قبل سنوات، لكن الحكومات العراقية اعتذرت بحجة أن تكاليفه قد تصل إلى ملياري دولار.
للأسف فإن العقل السياسي لا يستمع إلى العقل الفني للخبراء على الرغم من كثرة الحديث هذه الأيام عن حكومة التكنوقراط ودورهم، والسياسيون غالباً ما يؤخذون بالإنجاز السريع، وليس بالإنجاز الطويل الأمد.
وعلى أهمية نبل الفكرة أحياناً، فإن النتائج المستقبلية تكون كارثية، فمثلاً تم بناء مدينة الثورة (مدينة صدام ثم مدينة الصدر حالياً) لإسكان الفقراء الذين يعيشون في أكواخ وعشوائيات، وكان النظام الجديد يريد كسب قلوبهم مثلما يسعى لكسب عقولهم، وهكذا على عجالة تم بناء 60 ألف مسكن دون بنية تحتية أساسية كافية ومن دون مجاري ومياه صرف، وهو الأمر الذي أخذ يتفاقم مع مرور الأيام، بازدياد السكان وشحّ الخدمات في مدينة تطفو على بحيرة من النفط كما قيل، وأصبح من الصعب إصلاح الوضع حيث يعيش فيها أكثر من مليوني إنسان.
الخراب يتفاقم منذ الاحتلال، لأسباب تتعلق بنظام المحاصصة والفساد المالي والإداري، وهذا شمل التعليم والخدمات الصحية والبلدية وغيرها، واليوم فإن سد الموصل هو أقرب إلى تسونامي تهدد بكارثة اقتصادية وبيئية وإنسانية.
24/3/2016



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجامعة ومستقبل العمل العربي المشترك
- الحق في الأمل
- العراق.. الأزمة تعيد إنتاج نفسها
- كيف نقرأ لوحة الانتخابات الإيرانية؟
- اللاجئون واتفاقية شينغن
- العقد العربي للمجتمع المدني
- كيف ستدور عجلة التغيير في العراق؟
- عن الهوية والعولمة
- كيسنجر والتاريخ والفلسفة
- سوّر مدينتك بالعدل
- أحقاً وزارة للتسامح وأخرى للسعادة!؟
- - مستقبل التغيير في الوطن العربي- - تأملات فكرية في الربيع ا ...
- من الدولة العميقة إلى الدولة الغنائمية
- كردستان العراق.. جدل البنادق وحدود الخنادق
- عام الدستور في تركيا
- المجتمع المدني بين التوقير والتحقير
- العراق.. تراجيديا الموت أم أرقام إحصائية؟
- عن السبي «الإيزيدي»
- الجواهري والشباب وجامعة الدول العربية
- في فكرة التضامن الدولي


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - .. وماذا عن سد الموصل؟