أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضياء الشكرجي - ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 53















المزيد.....


ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 53


ضياء الشكرجي

الحوار المتمدن-العدد: 5102 - 2016 / 3 / 13 - 10:49
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 53
ضياء الشكرجي
[email protected]
www.nasmaa.org
أواصل نشر ما كتبته عام 2004 عما أسميته بالنظرية الديمِسلامُقراطية.
أسس النظرية الديمسلامقراطية:
1. الديمسلامقراطية لا تقبل بالديمقراطية فقط، بل تدعو وتروّج لها، وتجاهد من أجلها. [ردا على من يقول بجواز قبول الإسلاميين بالديمقراطية، دون أن يكونوا من الدعاة لها، كما حاول أن يقنعني به عام 1993 محمد حسين فضل الله في حوار لي معه، قبل أن أنشر مقالتي الأولى عن الديمقراطية من وجهة نظر إسلامية.]
2. الديمسلامقراطية لا تتعامل مع الديمقراطية على ضوء قوة أو ضعف التيار الإسلامي، بل تتبناها كثابت، سواء كانت نتائجها لنا - كإسلاميين - أو علينا، وسواء من موقع واقع القوة، أو من موقع واقع الضعف. [هذا كان أيضا مما طرحه حينئذ معي فضل الله، ولم أقتنع به، إذ كان يرى أن على كل من الحركات الإسلامية أن تقدر طريقة تعاطيها مع الديمقراطية، فالتي تستطيع أن تقيم حكما إسلاميا، فلتفعل، ومن ترى الدخول في (لعبة الديمقراطية) - كما كان يسميها، ولم تكن لتعجبني تلك التسمية - فلتفعل، بينما كنت أدعو إلى موقف موحد للإسلاميين العقلاء والمعتدلين في كل العالم في اعتماد الديمقراطية، وهذا كان ليس إلا حلما بل وهما.]
3. الديمِسلامُقراطية تتبنى الديمقراطية لكل بلد من بلدان العالم الإسلامي، وفي كل بلد تواجد فيه مسلمون وبأية نسبة كانت، لا بل لكل بلدان المجتمع الإنساني، ولا تتعامل مع الديمقراطية بشكل متجزئ، بحيث تحدد ظروف كل بلد إسلامي، وموقع التيار الإسلامي فيه درجة جدية التعاطي مع الديمقراطية والدعوة إليها.
4. الديمِسلامُقراطية ترفض بالتالي التعامل مع الديمقراطية على نحو التكتيك [كما اكتشفته عند جُلّ الإسلاميين، وكما لمسته عند الإسلاميين الشيعة العراقيين بعد 2003، ثم تجربة الإخوان في مصر]، وتربص فرص الانقضاض عليها، بل تؤكد وجوب الصدق والشفافية في الدعوة لها والتعاطي معها وممارستها.
5. الديمِسلامُقراطية تلزم الإسلاميين حتى لو أوتيت لهم فرصة الحكم لوحدهم، كأن يكون ذلك من خلال ثورة جماهيرية يقودونها هم، فيسقطون نظاما استبداديا، ثم يأخذون بزمام أمور البلاد، ومع فرض مواصلة تأييد الجماهير لهم، بأن يلزموا أنفسهم بإجراء التحول الديمقراطي، حتى لو احتملوا أن السلطة ستؤول إلى غيرهم كنتيجة للانتخابات الحرة، أو تحولهم إلى مجرد شريك أكبر أو أصغر في السلطة، دون انفرادهم بها، أو إلى مجرد معارضة برلمانية، بل وحتى لو كانت غالبية الجماهير تؤيد انفرادهم بالسلطة بغير آليات الديمقراطية. [توقع محال، لا يتحقق إلا في عالم المثال، فهو كلام لعاشق حالم، يعيش العشق والوله للديمقراطية، ويحسن الظن بالمتدينين.]
6. الديمِسلامُقراطية تؤكد على القناعة العميقة الراسخة بأن الديمقراطية لا تمثل في عصرنا الحاضر رخصة شرعية على نحو الإباحة فحسب، بل تكليفا شرعيا على نحو الوجوب، لتوقف مصالح عليا لا يستهان بها عليها؛ ومنها مصلحة السلام الاجتماعي الداخلي، ومصلحة السلام الإنساني العالمي، ومصلحة الدعوة الإسلامية نفسها.
7. الديمِسلامُقراطية تؤكد على البعد الأخلاقي والبعد الإنساني والبعد العقلاني للإسلام، مما يفرض على الإسلاميين أن يتعاملوا مع غيرهم على أساس العدل طبقا لقوله تعالى: «وَلا يَجرِمَنَّكُم شَنَآنُ قَومٍ عَلى أَلّا تَعدِلوا؛ اعدِلوا هُوَ أَقرَبُ لِلتَّقوى»، وذلك بمعاملة الآخر بما نحب أن يعاملنا به [الحديث: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"]، والنأي عن أخلاقية «المُطَفِّفينَ الَّذينَ إِذَا اكتالوا عَلَى النّاسِ يَستَوفونَ، وَإِذا كالوهُم أَو وَزَنوهُم يُخسِرونَ»، فيَزِنون بمعيارين، ويكيلون بمكيالين، ويبخسون الناس أشياءهم وحقوقهم؛ بل أن يتعاملوا مع الذين على غير عقيدتهم، إذا لم يقاتلوهم في الدين، ولم يخرجوهم من ديارهم، ولم يظاهروا على إخراجهم، على أساس البر الراجح شرعا، وعلى أساس القسط الواجب شرعا، فـ «إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُقسِطينَ».
8. الديمِسلامُقراطية تؤكد على البعد الأخلاقي والعقلاني للديمقراطية، وتلتقي مع الآخر عليها كجامع معه، وتثقف وتربي على أخلاقية وعقلانية وإنسانية التعامل في المجتمع الإنساني، مما يعتبر من لوازم نجاح المشروع الديمقراطي.
9. الديمِسلامُقراطية لا تجعل الإسلام هو المشترك الوحيد والمعيار الوحيد للتحالفات السياسية التي يقيمها الإسلاميون، أو المقياس الوحيد لقرب أو بعد هذا الطرف أو ذاك؛ بل تعدد المعايير، بحسب قرب أو بعد كل طرف من الديمقراطية، ومن العقلانية، ومن العدل، ومن القيم الإنسانية، ومن تغليب المصلحة الوطنية، وتؤمن أن هذه المعايير ليست معايير إضافية على معيار الإسلام، بل هي من صلبه. إذن فالبحث عن المشتركات، والذي قد يؤول إلى نوع من تحالفات، يشمل من يقع خارج دائرتهم، سواء كان من غير المسلمين، أو من غير الإسلاميين من المسلمين. [لأني كنت أرى المعيار الأول للتحالفات هو مدى القرب والبعد من وعن الديمقراطية، أكثر مما هو القرب والبعد من وعن الإسلام.]
10. الديمِسلامُقراطية ترى أن من لوازم النظرية، لا سيما في بعدها الإنساني والأخلاقي والعقلاني، أن يبذل الفقهاء قصارى جهدهم العلمي الاجتهادي، لإعادة دراسة بعض الأحكام، من قبيل حكم المرتد، وحكم أهل الذمة والجزية، [والأحكام المجحفة المتعلقة بالمرأة] وغيرها مما يعتبر عقبات أمام العقد الاجتماعي المحلي لكل بلد إسلامي يطبق الديمقراطية، وأمام العقد الإنساني، لما تمثله الديمقراطية من قاعدة للمصالحة وتحقيق التعايش السلمي بين كل الشعوب والأمم والحضارات والإيديولوجيات والأديان والدول. [بل نأي الفقهاء عن الشأن السياسي، والفصل الكلي بين الدين والسياسة، وجعل الدين شأنا شخصيا، هو المطلوب، وهو ما يحتاجه مشروع التحول الديمقراطي.]
11. الديمِسلامُقراطية تنظر إلى الديمقراطية على أنها تمثل ميثاق العصر، فهي عقد وطني في كل بلد، وعقد إنساني لكل المجتمع الإنساني، وهو بالتالي ملزم لجميع الأطراف والقوى والدول والشعوب والحضارات، وكإسلاميين نجد أنفسنا ملزَمين به إلزاما شرعيا، وأخلاقيا، ودستوريا، وقانونيا، وعقديا، وإنسانيا. [هؤلاء الإسلاميون الذين كنت أتكلم عنهم، وأشعر بالانتماء إليهم، إما أنهم غير موجودين إلا في تمنياتي أو حسن ظني الساذج آنذاك، وإما - إن وجدوا - فهم لا يمثلون إلا 1% كأقصى نسبة من عموم الإسلاميين، ولذا لا ديمقراطية حقيقية راسخة إلا بالعلمانية.]
12. الديمِسلامُقراطية تلزم العلمانيين باعتبارهم طرف العقد الثاني، بقبولهم بنتائج الديمقراطية، إذا ما أفرزت حكومة إسلامية هنا أو هناك، فلا يجعلوا مدى تحقيق الديمقراطية من مكاسب للعلمانية معيارا لقبول أو رفض نتائجها. [لكن هل سيلتزم الإسلاميون باحترام الحريات العامة، بما فيها حرية الاعتقاد إيجابا أو سلبا، ومبدأ مساواة المرأة بالرجل، ومساواة غير المسلم بالمسلم؟] وتلزم [أي الديمِسلامُقراطية] الإسلاميين بقبولهم بنتائج الديمقراطية، إذا أفرزت حكومة علمانية في بلد إسلامي هنا أو هناك، وتلزم كل الأطراف، إسلامية وعلمانية، بالقبول بالتنازل عن السلطة وفق مبدأ التداول السلمي لها، وبما تقرره نتائج الانتخابات، وبقطع النظر عن مدى قوة أو ضعف الذات لكل منهما، أو قوة أو ضعف الطرف الآخر المنافس.
13. الديمِسلامُقراطية ترفض أي تقييد للمشاركة في العملية الديمقراطية، باستثناء من تثبت معاداته للديمقراطية نفسها، ومخالفته للعقد الوطني، إسلاميا كان أو علمانيا، ولحقوق الإنسان، والسلم الاجتماعي.
14. الديمِسلامُقراطية ترفض رفع الديمقراطية إلى مستوى الإيديولوجية، كما ترفض خفضها إلى مستوى الآلية [كما ينظر معظم الإسلاميين]، بل تقرر أن الديمقراطية لا هي إيديولوجية، ولا هي مجرد آلية، بل هي أمر بين أمرين، أي تقرّ بها نظاما للحكم، يستوعب التنوع والتعددية السياسية والثقافية.
15. تقبل الديمِسلامُقراطية باعتبار الديمقراطية إيديولوجية، إذا قصد بذلك الإيديولوجية السياسية، وكانت مستقلة عن غيرها، محايدة بين الإيديولوجيات الفلسفية، أي لا بمعنى فرض العلمانية كلازم إيديولوجي من لوازم وثوابت الديمقراطية، أو بمعنى فرض الإسلام بنفس المعنى. [لكن العلمانية ركن الديمقراطية الأساسي وشرط تحققها اللامستغنى عنه] فالديمقراطية كمبدأ ونظام ومنطلق وآلية ووعاء غير مؤدلجة أدلجة مسبقة تتقدم العملية الانتخابية دستوريا، وتفرض عليها إيديولوجية من خارجها [العلمانية ليست شيئا من خارج الديمقراطية، بل شرطها وجوهرها]، ولكنها كأداء يمكن أن تؤدلج انتخابيا برلمانيا أدلجة لاحقة للعملية الانتخابية، وناتجة عنها. وكذلك كأداء يمكن أن تؤدلج من قبل صاحب الأداء، حاكما كان أو معارضا، بشرط عدم إخراجها عن طبيعتها الديمقراطية. [بلا شك لا يمكن أن تحسب النظم الديكتاتورية اللادينية نظما علمانية، كما نعنيها، فعلمانيتنا مشروطة بالديمقراطية، كما الديمقراطية مشروطة بالعلمانية، كما إن العلمانية ليست مناوئة للدين، بل مدافعة عن حريته، كما عن حرية مغايرته، لكنها تريد لكلاهما أن ينأيا بعيدا عن السياسة وشؤون الدولة.]
16. والديمقراطية كمجرد آلية مرفوضة، لأن آليات الديمقراطية يمكن أن تستخدم في إطار التعددية المحدودة، أي ضمن إطار إيديولوجي محدد، يسمح فقط بتعدد الاجتهادات والتنوع داخل دائرته الإيديولوجية، دون استيعابه التعددية لمن يقع خارج تلك الدائرة، أو في حدود تعدد الأفراد في إطار الحزب الواحد، أو النظرية الواحدة للحكم. [مثال ذلك آليات الديمقراطية المستخدمة في جمهورية إيران الإسلامية القائمة على أساس ولاية الفقيه أو ديكتاتورية الفقيه.]
17. بغير المعنى أعلاه لا ترفض الديمِسلامُقراطية استخدام مصطلح "آلية" أو "آليات الديمقراطية".
18. الديمِسلامُقراطية لا ترضى بالديمقراطية فقط محددة بحدود الديمقراطية السياسية [كما طلب مني نوري المالكي مراعاته في بيان المنتدى الإسلامي الديمقراطي العراقي عام 2002، وذلك بالتأكيد على الديمقراطية في جانبها السياسي، كي لا نتورط في البعد الاجتماعي منها]، بل تقبل بكل لوازمها وتوابعها الثقافية والاجتماعية. ويبقى الإسلاميون [إذا خشوا من سلبياتها إسلاميا، إذا ما شملت البعد الاجتماعي والثقافي] يسعَون بالسبل الديمقراطية وبآلياتها، وليس بشيء خارج عنها، من أجل وضع ضوابط تحول دون استعارة النموذج الغربي، الذي كان من إفرازاته الإباحة الجنسية، وشرعنة زواج المثليين، وإطلاق الحرية الشخصية بلا وازع من دين وخلق وقيم. [وكل ذلك شأن شخصي، ليس من مهام الدولة، ومن يرى ضرر شيء من ذلك اجتماعيا، يمكن أن يثقف على رؤيته، ويحذر من أضرار ما يرى ضرره، برؤية علمية حداثوية سوسيوسايكولوجية بعيدا عن دعاوى التحريم الإلهي. ولكن لأتباع الأديان حريتهم في نصح المؤمنين بالدين المعني، بما يُحلّه وما يُحرّمه وما يُلزم به، دون فرض تلك الرؤى على المجتمع والدولة، كما هو الحق للادينيين أن يروجوا لرؤاهم.]
19. لكن هذا لا يعني أن الديمِسلامُقراطية تريد فرض القيود على الديمقراطية في جانبها الاجتماعي أو الثقافي دستوريا، حتى لو توفرت مستلزمات ذلك من قبيل وجود أغلبية جماهيرية تؤيد تلك التقييدات الدستورية، بل تعمل ديمقراطيا وبرلمانيا - لا دستوريا -، أي من خلال العنصر المتحرك للنظام الديمقراطي (البرلمان - الحكومة - القانون)، لا العنصر الثابت (الدولة - الدستور)، على وضع تلك الضوابط، إذا توفرت الأغلبية البرلمانية لها، وإلا فهي تمارس الوعظ والنصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة، وأساليب الرفق، وآليات العصر، وفي إطار الدستور المقَرّ من قبل غالبية الشعب، باعتباره عقدا اجتماعيا ملزما، حتى لو اشتمل على ما لا يرتضيه الإسلاميون. ولا ترضى الديمِسلامُقراطية بإكراه أحد على الاستجابة، إلا من يستجيب طوعا لنداء الإيمان والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بسبل المعروف والسبل الحضارية والرفيقة والحكيمة. [بينما ذهب دستور 2005 بفرض عدم جواز سن قانون يتعارض مع ثوابت أحكام الإسلام، سواء كان التعارض رأيا فقهيا مجمعا عليه، أو رأيا فقهيا شاذا.]
20. الديمِسلامُقراطية تعتبر من لوازمها الأصالة في الهوية الإسلامية [هنا يظهر عدم تخلصي من لوثات سابقتي الإسلامية، أو ربما مزاولة مني للتقية، ولو إنه ليست من مشكلة مع الإسلام الذي كنت أراه وأدعو له، لكنه كان إسلام ضياء الشكرجي، وليس إسلام الكتاب والسنة واجتهاد الفقهاء]، والثبات على أسس وقيم الإسلام من جهة، والصدق والشفافية في التعاطي مع الديمقراطية، والقناعة المعمقة بها وبجدواها وضرورتها ومشروعيتها وشرعيتها من جهة أخرى.
21. الديمِسلامُقراطية تتجاوز الحدود المذهبية، رغم وجود قناعة لمؤسسيها بأن الطائفية من إفرازات مذاهب إسلام السلطة، ولكنها مع هذا تعتقد بوجود مذهبية تتجاوز المذهبية التاريخية، ألا هي مذهبية الاعتدال والعقلانية والانفتاح والحوار، والمنحى الإنساني في الإسلام، دون تبني إلغاء المذهبية المعروفة، بل تؤمن بتداخل المذهبيات الفقهية والسياسية والعقائدية والفكرية. [هذه الرؤية مثلت آنذاك بداية التجرد المذهبي عندي، ولو إن فكرة بلورة فهم جديد للمذهبية وتداخل المذهبيات، وتجاوز التمذهب التاريخي، تعود جذورها عندي إلى التسعينيات.]
22. الديمِسلامُقراطية تمتلك تصورا شرعيا واضحا، وتبني أفكارها وأسسها على قاعدة شرعية واضحة بأدلة شرعية متينة. [طبعا حسب وجه من أوجه فهم الإسلام الحمّال للأوجه العديدة، كما عبّر عليّ عن القرآن. وهذا الفهم الذي اعتمدته، أو استنبطته ثبت كونه لا يمثل إلا رؤية شاذّة لا يُعوَّل عليها، ويكاد يستحيل تحويلها إلى ثقافة عامة.]
رب معترض قد يعترض على أن ما أسميته بـ "النظرية الديمِسلامُقراطية" مما يوحي بوجود نظرية جديدة، لم يأت بجديد، إذ أن هذه الأسس إنما هي متبناة من قبل الكثيرين من الإسلاميين. [بل معظم ما فيها جديد، بل لو كان 20% من الإسلاميين يؤمنون بها ويعتمدونها، لكنا في حال أفضل من حالنا بكثير، وذلك ليس في العراق حصرا، بل في عموم المنطقة ذات الأكثرية المسلمة.]
وجواب ذلك، هو صحيح أن الإسلام واحد، ولكن كلا من فهم الإسلام وتطبيقه متعدد ومتفاوت. ومن هنا فالكلام عن موقف الإسلام أو الإسلامية أو الإسلاموية أو الإسلامستية أو الإسلام السياسي أو الإسلام الحركي، باختلاف المُسمَّيات، تجاه الديمقراطية متعدد ومتفاوت. ومن هنا كان لا بد من تقديم رؤية محددة تمثل مذهبا سياسيا إسلاميا محددا، له ملامحه الخاصة وخصوصياته، ومن هنا كان بالتالي لا بد من استحداث اسم لهذا المذهب؛ والذي سميناه [أعني سميتُه] بالمذهب الديمِسلامُقراطي، أو النظرية الديمِسلامُقراطية.
وبعد كل هذا كان لا بد من تثبيت الأسس الخاصة بهذا المذهب، أو هذه المدرسة السياسية الإسلامية الديمقراطية، والمسماة باسمها المختار لها؛ بحيث عندما يذكر مصطلح "الديمِسلامُقراطية"، أو "النظرية الديمِسلامُقراطية"، أو "المدرسة الديمِسلامُقراطية"، أو "المذهب الديمِسلامُقراطي"، أو "التيار الديمِسلامُقراطي"، أو "الديمِسلامُقراطيون"، أو "الديمِسلامُقراطية العالمية"، يفهم من ذلك على الفور هذه المتبنيات والأسس.
فليس كل الإسلاميين الذين يدخلون العملية الديمقراطية، ويقبلون بنتائج وإفرازات الديمقراطية في ظل ظرف ما، هم ديمِسلامُقراطيون بالضرورة، ولا حتى كل الإسلاميين المعتدلين، والإسلاميين المنفتحين، والإسلاميين المتنورين أو التنويريين، أو حتى الإسلاميين الليبراليين هم بالضرورة ديمِسلامُقراطيون، ويحملون كل ملامح الديمِسلامُقراطية، وإن كان كل منهم يلتقي مع الديمِسلامُقراطية على مساحة واسعة [حسن ظن ليس في محله، أو لعلها مجاملة أو تمنٍّ] من المشتركات ما بين متبنياته وأسس الديمِسلامُقراطية، ألا هي وبإيجاز الإسلام في خط الانفتاح والمرونة والعقلانية والواقعية.
نعم كان لا بد من بلورة هذه النظرية وهذا المذهب، والاصطلاح على ذلك بمصطلح محدد؛ فتحت كل مصطلح يُفهَم شيء محدد، كمصطلح "المسلمون"، "الإسلاميون"، "الإسلامويون"، "الإسلامستيون"، "الإسلاميون المعتدلون"، أو "المتنورون"، أو "الحداثويون"، وكذلك "الإسلاميون السلفيون"، "المتطرفون"، "الراديكاليون"، أو "الإسلاميون الأصْلِيّون"، أو "الأصيلون"، أو "الأصالويون"، أو "المحمديون"، أو كذلك "الإسلاميون الأصوليون"، أو "الإسلاميون المحافظون" أو "... الإصلاحيون"، والى غير ذلك.
ولكن في نفس الوقت يمكن القول أن تحت كل من هذه المصطلحات وغيرها، يفهم تارة شيء محدد واحد، وتارة يفهم منه أشياء ومعان متعددة ومتفاوتة. وحتى "الديمِسلامُقراطية" ستخضع لهذا القانون، فتبدأ مفهوما واحدا محددا، ثم قد تتعدد الاجتهادات مستقبلا داخل هذه المدرسة، فلعله تكون هناك ديمِسلامُقراطية يسارية، وديمِسلامُقراطية يمينية، أو يسار ديمِسلامُقراطي، ويمين ديمِسلامُقراطي، وبينهما الوسط الديمِسلامُقراطي، أو الديمِسلامُقراطية الوسط، وهكذا ربما ديمِسلامُقراطية ليبرالية، وديمِسلامُقراطية ثورية، وديمِسلامُقراطية محافظة وديمِسلامُقراطية إصلاحية أو تجديدية. هذا كله ممكن، ومع كل ذلك لا ينفي ذلك ضرورة بلورة هذه النظرية وهذه المدرسة وتثبيت ملامحها وأسسها.
[...]
وبهذا تم بحول الله وتوفيقه وتسديده بيان ملامح وأسس النظرية الديمِسلامُقراطية، راجيا أن يصار إلى مزيد من تنضيج وإثراء النظرية وتحولها إلى النظرية السياسية الأوسع اعتمادا من قبل إسلاميي القرن الحادي والعشرين، وحتى قيام الدولة الإنسانية العالمية التي ستشرق بها الأرض بنور ربها، مبتهجة بامتلائها قسطا وعدلا، على يد من سيرضى عنه أهل الأرض وأهل السماء [أعني به الإمام المهدي، غير الثابتة ولادته، الذي كنت أؤمن به على وفق النظرية الشيعية، والذي كنت أقول إنه سيحكم ديمقراطيا، بدليل الحديث الذي أشرت إليه بأنه سيرضى عنه أهل الأرض وأهل السماء، بمعنى أنه لن يحكم الأرض رغم إرادة الشعوب، بل برضاها واختيارها الحر الديمقراطي]، يوم يشرئب في السماء فرع الشجرة الطيبة الثابت والمستقر والماكث أصلها في أرض الناس، لتتعانق وتتمازج وتتزاوج واقعية الأرض مع مثالية السماء، عندما يكون الإنسان تعافى من مرض الازدواجية، فلم يعد يقول ما لا يفعل، ويأمر الناس بالبر وينسى نفسه؛ ولا يحب لنظرائه في الإنسانية ما يحبه لنفسه، ولا يكره لهم ما يكره لها، مستغرقا في جهولية غبية حمقاء، أو في ظلومية حقودة عمياء، عندما تتعلم نفسه كيف تطرب على سيمفونية الوجود المحلقة في تسبيح ربها بكل آيات كماله وجماله وجلاله، فتتزكى مترفعة عن ظلوميتها، وتتعلم مترفعة عن جهوليتها، وتعي مسؤولية رسالة الخلافة وحمل الأمانة، التي عُرضت على السماوات والأرض والجبال، فأبين أن يحملنها وأشفقن منها، وتجسد خُلُق أسماء الله الحسنى، عفوا ورحمة ورفقا وسلاما وحبا وعلما وحكمة، بدلا عن روح الانتقام والقسوة والعنف والاحتراب والبغضاء والجهل والعبثية، فيكتشف الإنسان إنسانيته في الانفتاح على إنسانية الآخر البعيد، ناهيك عن الآخر القريب، وتؤتي الشجرة الطيبة أكلها كل حين بإذن ربها، وتتواصل أحايين عطائها، وتتلاشى المسافات بين حين وحين، حتى يغدو العطاء مستديما، فتبتسم السماء بإشراقات الأرض بإنسانية أهلها، وتتحول الحياة ترانيم وتسبيحات بحمد الله السلام القدوس المؤمن المهيمن، وتتم كلمة الإنسان صدقا وعدلا، كما تمت كلمة ربه صدقا وعدلا، فتغني على ألحان سيمفونية الحمد كل ذرات الوجود وكل أركان وزوايا عالم الإنسان، عندما تكتمل إنسانيته علما من بعد جهل، وعدلا من بعد ظلم، أن
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْن♫-;-
ضياء الشكرجي
1 أيلول 2005



#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 52
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 51
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 50
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 49
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 48
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 47
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 46
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 45
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 44
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 43
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 42
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 41
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 40
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 39
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 38
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 37
- هل تتجه مرجعية السيستاني نحو العلمانية؟
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 36
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 35
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 34


المزيد.....




- إبراهيم عيسى يُعلق على سؤال -معقول هيخش الجنة؟- وهذا ما قاله ...
- -حرب غزة- تلقي بظلالها داخل كندا.. الضحايا يهود ومسلمين
- عالم أزهري: الجنة ليست حكرا على ديانة أو طائفة..انشغلوا بأنف ...
- عالم أزهري: الجنة ليست حكرا على ديانة أو طائفة..انشغلوا بأنف ...
- يهود متطرفون من الحريديم يرفضون إنهاء إعفائهم من الخدمة العس ...
- الحشاشين والإخوان.. كيف أصبح القتل عقيدة؟
- -أعلام نازية وخطاب معاد لليهود-.. بايدن يوجه اتهامات خطيرة ل ...
- ما هي أبرز الأحداث التي أدت للتوتر في باحات المسجد الأقصى؟
- توماس فريدمان: نتنياهو أسوأ زعيم في التاريخ اليهودي
- مسلسل الست وهيبة.. ضجة في العراق ومطالب بوقفه بسبب-الإساءة ل ...


المزيد.....

- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد
- التجليات الأخلاقية في الفلسفة الكانطية: الواجب بوصفه قانونا ... / علي أسعد وطفة


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضياء الشكرجي - ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 53