أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معتز حيسو - بحث في الهويات: العدميات القاتلة














المزيد.....

بحث في الهويات: العدميات القاتلة


معتز حيسو

الحوار المتمدن-العدد: 5098 - 2016 / 3 / 9 - 07:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



يتقاطع مفهوم العدمية بأبعاده المختلفة، وتنوع مستوياته، مع مفهوم الهويات القاتلة. وكلاهما يُعبِّر في سياق حركته الذاتية الداخلية، المتمحورة حول ذاتها وضمنها، عن انتماءات ذات بنية صمَّاء، وتركيبة عقائدية (أيديولوجية، طائفية، عرقية، إثنية، شوفينية، جهوية، مناطقية) مغلقة على ذاتها بفعل إصابتها بمتلازمة العمى العصبوي الذي يحمل الدمار والفناء لذاتها أولاً، ولهويات أخرى مختلفة ثانياً.

ويتجذر مفهوم العدميات/ الهويات القاتلة ويتسع في سياق تحولاته المتناقضة مع قوانين التطور الاجتماعي للتاريخ الإنساني. وجميعها عوامل تساهم بتراجع الوعي الحامل لمشروع اجتماعي يعبِّر عن المجتمع ككل. وأكثر من ذلك فإن المخيال الذي يسيطر على أذهان وعقول وآليات تفكير تلك الجماعات، يتفتق بشكل دائم عن مشاريع تناقض الميول الموضوعية للمجتمع. ولا ينحصر مفهوم الهويات/ العدميات القاتلة على آليات تفكير واشتغال جماعات تحمل وعياً عصبوياً مغلقاً. لكن يتجاوزه إلى أكثرية دينية، عندما تتماهى في أنماط تفكيرها وآليات اشتغالها مع ذات الآليات التي تعتمدها المجموعات والفئات المذكورة. ويعود السبب في ذلك إلى «المظلومية» التي تزعم الأكثرية أنها تعاني منها في لحظة سياسية معيِّنة.
في السياق ذاته، فإن اصطلاح «العدمية القاتلة» يُعبِّر عن تركيبة الأطراف المتصارعة وبنيتها وآليات تفكيرها واشتغالها في سوريا تحديداً، وبلدان أخرى مختلفة. ويندرج في الإطار المذكور مجموعات إرهابية مثل داعش والنصرة، وأخرى جهادية ذات طابع إسلامي أصولي. وتربط تلك المجموعات باستثناء داعش، علاقات تعاون وتنسيق وتحالف مع مجموعات أخرى مقاتلة، تدَّعي أنها لا تعبِّر عن هويات دينية، طائفية، مذهبية. وجميعها من دون استثناء تربطه علاقات تتصف بالتبعية والارتهان، مع قوى دولية وإقليمية، تعمل على تحميلها أهدافاً وأبعاداً تتناقض مع مصالح السوريين السياسية والاجتماعية. في نقاش أوضاع الأطراف المتصارعة التي نزعم أنها تعاني من العدمية، نقف على التناقض البنيوي الذي تعاني منه المجموعات المتصارعة داخل سوريا. وجميعها تدِّعي الالتزام بالإسلام، والدفاع عنه. وبغضِّ النظر عن هويات تلك المجموعات المذهبية والطائفية، العرقية والإثنية، وتموضعاتها السياسية فإن الجرائم التي ترتكبها تدلل على براءة الإسلام منها. أما اعتمادهم في تبرير أعمالهم الإجرامية على بعض النصوص القرآنية فإنه يُخرج تلك النصوص عن سياقها التاريخي، ويشوهها ويسيء إليها... وأيضاً يمرِّغها في مستنقعات السياسة. وذلك يخدم قوى دولية تعمل على تحويل الإسلام والمسلمين إلى مصدر للإرهاب والرعب إضافة إلى مساهمتها في تحويل الصراع إلى مقتلة مذهبية وطائفية، تهدف إلى تعميق التمزق والتفكك الذي ما فتئت المجتمعات العربية تعاني منه. وأيضاً تعميق فشل الدول العربية المحكومة بأنظمة تناصب مجتمعاتها العداء.

ولا فرق في هذا المستوى إن تحولت تلك المجموعات، أو تم تحويلها إلى أدوات وظيفية. أما اشتغال المجموعات الجهادية على فرض مشروع «الدولة الإسلامية» المغلقة على ذاتها عقائدياً، فإنه يتناقض مع التطور العلمي والحضاري، والانفتاح الذي حققته المجتمعات البشرية. بالتالي فإن مشروعهم المزعوم يضع المجتمعات العربية في أحط مرحلة يمكن للمرء أن يتخيلها. إضافة إلى ذلك فإنهم يساهمون ومن يدعمهم من حكومات غربية، في تدمير المجتمعات العربية، وتشويه معالم الإسلام الحضارية والإنسانية. وهذا يدفعنا للتأكيد أن افتقاد تلك المجموعات إلى رؤية سياسية تؤسس لتنمية اجتماعية وبشرية واقتصادية متكاملة وشاملة، إضافة إلى استحالة تطبيق مشروعهم «الإسلامي»، نتيجة مخالفته قوانين التطور الاجتماعي والاقتصادي. يجعل منها أطرافاً عدمية قاتلة. ومن صراعهم صراعاً وظيفياً حاملاً للتخلف والدمار والفوضى. وينطبق ذلك على داعش وفصائل أخرى جهادية. وجميعها نتاج أولاً: بنية عقائدية مغلقة. وثانياً: آليات اشتغال أنظمة حكم سياسية أسست وساهمت على السواء في انتشار أيديولوجيات عقائدية شمولية أحادية استئثارية. وكلاهما يتقاطع مع عوامل تتعلق بأشكال اقتصادية وسياسية وثقافية، يتم الاشتغال على فرضها في سياق عولمة الفقر والهيمنة الغربية.
وفيما يخص الفصائل المقاتلة «المعتدلة» التي يدِّعي زعماؤها الدفاع عن الشعب السوري والثورة السورية فإن الطابع الإسلامي لمعظم تشكيلاتها، وعلاقات التنسيق والتحالف التي تربطها مع تنظيمات إسلامية جهادية بعضها مدرج على لوائح الإرهاب. يضعها من وجهة نظر الكثير من السوريين في إطار الجماعات الجهادية. وإذا ربطنا ذلك، مع عجز قيادات تلك الفصائل السياسية والعسكرية عن التوافق على مشروع سياسي مستقل عن التجاذبات والتناقضات الدولية والإقليمية فإنه يدلل على إمكانية تحويل صراعهم ضد النظام، إلى صراع عدمي يفتقد إلى أي مستقبل سياسي يُعبِّر عن السوريين. ويمكن أن يقودها ذلك إلى عدمية سياسية تنكشف تجلياتها الراهنة في الانفصال عن حركة الواقع والمجتمع. لكن ذلك لا يلغي هشاشة رؤية النظام السياسية. ولا يقلل من إشكالية تعامله مع الأطراف السياسية الوطنية، ومع مقدمات الأزمة وتحولاتها. إن آليات اشتغال النظام وأدواته، إضافة إلى تمسُّكه بنهج سياسي إقصائي، وفشله في الحد من انهيار السوريين إلى دون خط الفقر، نتيجة سياسات اقتصادية ميكروية وماكروية يحكمها النهب والفساد وغياب الرؤية الاستراتيجية، يساهم في تفاقم أزمته البنيوية التي تنعكس تداعياتها على المجتمع السوري ويلات ومآسي.



#معتز_حيسو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوريا: مقاربات ودلالات
- المعارضة السورية وإشكالية التمثيل السياسي
- نهايات مأزومة
- فقراء سوريا: ضحايا معارك صامتة
- في رثاء الشرق الأوسط
- في نقد السلطة الأبوية
- سوريا والمعادلة الصفرية
- في سياق تحويل الشعب إلى جمهور
- سوريا: مفارقات وتحولات
- عتبة الخيارات القسرية
- في سوريا: جحيم من نوع آخر
- أسباب التدخل الروسي في سوريا وتداعياته
- في طبيعة وبنية الدولة الراهنة
- في طبيعة الدولة الراهنة وبنيتها
- هجرة في الموت
- سوريا على صفيح ساخن
- العالم العربي نموذجاً: الدولة حين تأكل المجتمع
- في أوضاع الطبقة العاملة وتغيراتها البنيوية
- في مقدمات ثقافة العنف
- الدور الوظيفي ل «داعش» وأخواته


المزيد.....




- طبيب فلسطيني: وفاة -الطفلة المعجزة- بعد 4 أيام من ولادتها وأ ...
- تعرض لحادث سير.. نقل الوزير الإسرائيلي إيتمار بن غفير إلى ال ...
- رئيسي: علاقاتنا مع إفريقيا هدفها التنمية
- زيلينسكي يقيل قائد قوات الدعم الأوكرانية
- جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة الجعف ...
- طفل شبرا الخيمة.. جريمة قتل وانتزاع أحشاء طفل تهز مصر، هل كا ...
- وفد مصري في إسرائيل لمناقشة -طرح جديد- للهدنة في غزة
- هل ينجح الوفد المصري بالتوصل إلى هدنة لوقف النار في غزة؟
- في مؤشر على اجتياح رفح.. إسرائيل تحشد دباباتها ومدرعاتها على ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معتز حيسو - بحث في الهويات: العدميات القاتلة