أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف 8 آذار / مارس يوم المرأة العالمي 2016 - المرأة والتطرف الديني في العالم العربي - ابراهيم الحيدري - ابن رشد وحقوق المرأة















المزيد.....

ابن رشد وحقوق المرأة


ابراهيم الحيدري

الحوار المتمدن-العدد: 5096 - 2016 / 3 / 7 - 08:47
المحور: ملف 8 آذار / مارس يوم المرأة العالمي 2016 - المرأة والتطرف الديني في العالم العربي
    



في الفكر العربي-الإسلامي آراء ومواقف وأحكام مختلفة من المرأة ومكانتها ودورها في المجتمع وعلاقتها مع الرجل. فالمرأة منذ فجر التاريخ ضحية المجتمع الأبوي /البطريركي/ الذكوري الذي قنن قيما واعرافا وتقاليد جعلت المرأة أدنى من الرجل درجة. وهو ما جعلها مضطهدة ومن يضطهدها هو الرجل، مع ان الحياة لا تكتمل إلا بهما. ويأخذ الاضطهاد اشكالاً ثلاثة هي:
اولا – الاضطهاد النوعي الذي يقوم على تفوق الرجل على المرأة وهيمنته عليها من اجل تحقيق مصالحه الخاصة والعامة التي أدت الى طمس شخصية المرأة والتقليل من أهميتها ودورها الاجتماعي واستلاب شخصيتها في الأخير، مما سبب عدم التكامل والتكافل الاجتماعي بين الجنسين.
ثانيا – الاضطهاد الأبوي-الذكوري، الذي يظهر في هيمنة الذكر على الأنثى في العائلة والمجتمع والسلطة. ويتم التعبير عن هذه الهيمنة بتسلط الذكر على الأنثى والأب على الأم والأولاد، تسلطا لا عقلانيا يوجب خضوعهم وطاعتهم له طاعة عمياء، مثلما يسيطر الولد على البنت حتى لو كانت أكبر منه سنا وأرزن منه عقلا.
ثالثا - الاضطهاد القانوني الذي ينبثق من الاضطهاد الأبوي والذي ينعكس في القوانين الوضعية والعرفية التي تستلب بدورها حقوق المرأة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وهو ما يعيق تقدمها ومساواتها مع الرجل في الانسانية.
والواقع لم يكن اضطهاد المرأة واستلابها بسبب العامل البيولوجي او النفسي، وإنما بسبب العوامل الاجتماعية والاقتصادية والقيم الذكورية التي نتجت عن مصالح الرجل في الهيمنة عليها والاستحواذ بها واخضاعها لمشيئته، وهو أساس عدم المساواة بين الجنسين والصراع الأزلي بينهما.
وقد ارتبطت تلك الآراء والمواقف والاحكام في اطارها الزمني التي عاشت فيه، حيث نظر المفكرون والفلاسفة العرب والمسلمون الى المرأة من منظار متعدد الأبعاد ومختلف الرؤى والمواقف، وجاءت أغلب تفسيراتهم وتأويلاتهم للنص القرآني والحديث النبوي منسجمة مع الثقافة السائدة التي صنعتها النزعة الأبوية الذكورية وتعمدت طمس حقوق المرأة وتهميشها. كما ان الفقهاء واصحاب الحديث اختلفوا أيضا في تفسيراتهم حسب المكان والزمان، ولذلك جاءت تلك التفسيرات مشروطة بحسب التطور الاجتماعي والفكري وتطور الوعي الاجتماعي والسياسي بخصوص نوعية العلاقة بين الرجل والمرأة.
وإذا كانت أغلب الأنظمة الليبرالية والديمقراطية في العالم أنظمة أبوية بطريركية، فان المجتمعات العربية هي أكثر أبوية وقهرا للمرأة من غيرها، بالرغم من ان عدم المساواة بين الرجل والمرأة في الإسلام ليس مطلقا ويعود الى أسباب بيولوجية ودينية وايديولوجية. فالإسلام أقر المساواة على مستوى الخلق والايمان والكرامة الإنسانية، ولكن هذه المساواة لم تطبق في الواقع العملي، حتى ان عددا من الفقهاء والكتاب والفلاسفة وقفوا ضد حرية المرأة وتحررها ومسواتها مع الرجل، ما عدا عدد قليل من الكتاب والفلاسفة التنويريين، وفي مقدمتهم الفيلسوف العقلاني الكبير ابن رشد (1126 -1198) الذي وقف بجانب المرأة وانتصر لها ودعا الى مساواتها بالرجل وهو بذلك سبق عصره ووقف موقفا مخالفا لكثير من الفقهاء والفلاسفة المسلمين. ويدل رأيه عن نضج وعمق معرفي كبيرين. ففي كتابه "جوامع سياسة افلاطون"، وهو من كتبه المفقود أصلها العربي، والذي وصلنا عن طريق تلخيص المفكر الفرنسي ارنست رينان في كتابه “ابن رشد والرشدية" الذي نورد هنا ترجمة لنص من ترجمه رينان من اللاتينية الى الفرنسية:
"تختلف النساء عن الرجال في الدرجة لا في الطبع. وهن أهل لفعل جميع ما يفعل الرجال من حرب وفلسفة ونحوهما، ولكن على درجة دون درجتهم وقد يفقن الرجال في بعض الأحيان من خلال مهارات متعددة، كما في الموسيقى، وذلك مع ان كمال هذه الصناعة هو التلحين من رجل والغناء من امرأة ويدل مثال بعض امصار افريقية على استعدادهن الشديد للحرب وليس الممتنع وصولهن الى الحكم في الجمهورية (أي جمهورية افلاطون). أليس واضحا ذلك من خلال رؤيتنا ان إناث الكلاب تحرس القطيع كما تحرسه الذكور، وان الثقافات والمجتمعات التي تمنع النساء عن الاشتغال بالفلسفة أو عن تولي الملك أو الرئاسة أو الإمامة الصغرى أو الكبرى تستند الى منطق آخر غير منطق العقل والعدل".
وكتاب ابن رشد "جوامع سياسة افلاطون" هو شرح ابن رشد على جمهورية افلاطون وتثبيت أفكاره الخاصة التي يظهر فيها تحرر فكره التنويري من آثار التراث الديني الذي يقوم على النقل وليس العقل ومحاولة التوفيق بين الدين والفلسفة منطلقا من تمسكه بالحكمة والشريعة واعتقاده بوجود حقيقتين: حقيقة الدين وحقيقة الفلسفة وان هناك مسالك متعددة التي تفضي الى الحقيقة وهي أساس حرية الفكر لديه.
لقد خالف ابن رشد كما قلنا رأي الفقهاء المسلمين في ان الرجل والمرأة لا يختلفان من حيث طبيعتهما، ولكن بينهما تفاوت في الدرجة، فاذا امتاز الرجل عن المرأة بنواح، فهي تَفضله بنواح أخرى، كما ساوى بينهما في الكفاءات الذهنية والعملية، وحتى في الحروب. ويرجع سبب تخلف المرأة وما يمنعها من القيام بجلائل الاعمال الى الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي قضت بان ينظر الى المرأة وكأنها خلقت فقط للولادة وارضاع الأطفال. وان سبب تخلف المرأة هو بسبب تخلف المجتمع وبؤس المدن التي لا تساعد المرأة على العمل الى جنب الرجل. وهو بهذا يدعو الى تغيير الأوضاع الاجتماعية وتحرير المرأة لتحقيق التقدم الاجتماعي.
لقد ربط ابن رشد قبل أكثر من سبعة قرون بين تحرر المرأة وأهمية التنشئة الاجتماعية والاقتصادية. كما اعتبر ان عدم صلاحية المرأة للعمل هو بسبب حالة العبودية التي نشأت عليها فأتلفت مواهبها وامكانياتها العقلية.
وكان ابن رشد أول من جوز إمامة المرأة في الصلاة حتى بين الرجال، فليس هناك ما يمنع عنده من تولي المرأة المهام العليا كالراسة مثلا أو ان تكون حاكمة وفقيهة. فهو يقول: اختلفوا في الإمامة بالجمهور على انه لا يجوز ان تؤم الرجال واختلفوا في إمامتها النساء فأجازوا إمامتها على الاطلاق، واجاز بعضهم إمامتها النساء إذ كن متساويات في المرتبة في الصلاة. ويشير الى أبو داود من حديث أم ورقة ان رسول الله كان يزورها في بيتها وجعل مؤذنا يؤذن لها وأمرها بان تؤم أهل دارها. وفي كتابه بداية "المجتهد ونهاية المقتصد"، اجتهد ابن رشد في إعطاء المرأة الحق في ان تعقد الزواج وان تكون حصتها من غنائم الحرب تعادل حصة الرجل قياسا مع مساواة المرأة مع طبقة الحراس في سياسة افلاطون في المهام نفسها.
لقد أعلن ابن رشد ان النساء والرجال نوع واحد في الخلق وانه لا فرق بين الرجل والمرأة في الغاية والطبع الإنساني، والفرق الوحيد الذي يراه هو في احتمال الكدّ الجسمي الذي يقدر عليه الرجل أكثر من المرأة، في حين ان النساء أكثر حذقا في اعمال أخرى كفن الموسيقى مثلاً حيث يقال ان الألحان تبلغ كمالها، إذ أنشأها الرجال وعملتها النساء، وذلك دليل على ان المرأة تفعل هي أيضا نفس ما يفعله الرجل فهن من نفس الطبع الإنساني وان دورها في المجتمع يتخطى الحمل والولادة والرضاعة والتربية الى جميع الأعمال الذهنية والعملية.
ان آراء ابن رشد، الفيلسوف العقلاني الكبير وأفكاره السوسيولوجية التنويرية التي سبقت عصره، جعلت الخليفة الأموي المنصور يغضب عليه ويأمر بحرق جميع كتبه في الساحة العامة وسط إشبيلية بالأندلس عام 1195م وتحريم قراءتها والاشتغال بها حتى من قبل طلاب الفلسفة.



#ابراهيم_الحيدري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النقد والحرية
- الفن والثقافة الشعبية
- المحاصصة الطائفية والهوية الوطنية
- الدولة الريعية الشمولية تجعل السلطة أكثر قوة وتماسكاً
- هل العراقيون أهل شقاق ونفاق؟
- الأزمة المجتمعية وافرازاتها في العراق
- -الربيع العربي- ودولة المواطنة؟!
- تجليات جمال الغيطاني تراجيديا كربلاء
- الدولة المدنية والدولة الدينية
- علي الوردي وتحدي الحداثة
- إشكالية الركود الاجتماعي والاستبداد عند عبد الرحمن الكواكبي
- مجلس الاعمار ودوره الريادي في عملية التنمية في العراق
- هل هي دولة عشائر أم دولة مؤسسات ؟!
- الأزمة الاقتصادية العالمية من وجهة نظر مدرسة فرانكفورت
- مدرسة فرانكفورت ونظريتها النقدية
- «الطبل الصفيح» لغونتر غراس ...والاعتراف بالخطايا والذنوب
- حملات التحريض الديني والانخراط في الحركات الجهادية المتطرفة
- سوسيولوجيا العنف والإرهاب
- الحداثة دخلت من أبوابنا الخلفية
- سيكولوجية الإرهاب: التكفير بدل التفكير


المزيد.....




- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...
- الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC ...
- بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى ...
- كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول ...
- واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ ...
- البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك


المزيد.....

- الانثى في الرواية التونسية / رويدة سالم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف 8 آذار / مارس يوم المرأة العالمي 2016 - المرأة والتطرف الديني في العالم العربي - ابراهيم الحيدري - ابن رشد وحقوق المرأة