أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - مشروع جديد لإصلاح الأخلاق














المزيد.....

مشروع جديد لإصلاح الأخلاق


نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)


الحوار المتمدن-العدد: 5090 - 2016 / 3 / 1 - 23:49
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    



لا أحد يتكلم عن الأخلاق وينتهكها مثلنا، لا أحد يغنى للحب ويقتل المحبين مثلنا، لا أحد يغنى للأم وينتهك حقوقها مثلنا، لا أحد يتشدق بالحرية ويسجن الفكر الحر مثلنا، نتكلم ليل نهار عن العدالة والدولة المدنية والديمقراطية وننتهكها ليل نهار.
التناقض وازدواجية المقاييس، الخوف من كشف الحقيقة، المرض المزمن كالدمل الكامن فى بطن المجتمع، ينفجر من وقت لآخر، وتخرج إلى السطح أورام سرطانية، دموية، يتم التغطية عليها بسرعة كالعورة، لتنفجر من جديد. نقرأ الكثير من المقالات والاحتجاجات بسبب القبض على مواطنين
(منهم أطفال)، يمارسون حقهم الدستورى فى التفكير الحر والتعبير، فإذا بهم يحاكمون ويسجنون. القمع الفكرى كان سائدا فى العهود السابقة، ولم يكن أحد ينطق، حتى توفيق الحكيم (رئيس اتحاد الكتاب حينئذ) لم ينطق بكلمة واحدة، حين كسروا باب بيتى وساقونى بالقوة المسلحة للسجن (مع المئات الآخرين) بسبب مقال أدبى كتبته نقدا لازدواجية المقاييس، وكنت من المؤسسين لاتحاد الكتاب، وزميلة لتوفيق الحكيم فى لجنة القصة، ولم ينطق أيضا نقيب الأطباء الذى كان زميلا لى فى الطب، وكنت زميلة له فى مجلس النقابة.
اليوم يكتب الكثيرون ضد حبس أصحاب الرأى والفكر، ظاهرة ايجابية بالطبع، نرجو أن تمتد وتتجاوز جماعة المثقفين إلى فئات الشعب الأخرى، ليكون لها الأثر الفعال المطلوب، ويتم اطلاق سراح السجناء جميعا بمن فيهم شباب وشابات ثورة يناير وغيرهم. ومنذ تصاعد التيارات السلفية (ومنها جماعة الإخوان المسلمين وجمعيات المسيحيين) بتشجيع من النظام الحاكم، بعد الهزيمة الكبرى منذ خمسين عاما، وما أعقبها من ردة سياسية اقتصادية اجتماعية ثقافية تعليمية، اعادت مجتمعنا لعهود الاحتلال الأجنبى والتبعية والعبودية، عدنا لسيطرة رءوس الأموال السرطانية الجامحة للأرباح على 89% لا يملكون شيئا و2% يملكون كل شيء، وحساب الجماهير المقهورة، عدنا لمجتمع، انسحقت الأغلبية الساحقة تحت تزايد الفقر والبطالة والجهل والمرض والفتن الطائفية، وانسحق نصف المجتمع (من النساء) تحت هذه الويلات جميعا، بالإضافة إلى ويلات الحب والزواج وجرائم الشرف والطلاق والنسب والإرث وتعدد الزوجات، وتزويج القاصرات والتحرش وملك اليمين.
فى شبابى المبكر أحببت زميلا بكلية الطب، شاب مستقيم صادق، كان أبى معجبا بشخصيته الإنسانية المبدعة، لكن القانون وقف ضد زواجنا، بسبب كلمة قبطي فى بطاقته، وكلمة مسلمة فى بطاقتي، رغم أن الكلمة متوارثة عبر القرون ولم تكن من اختيارنا بإرادتنا الحرة. وكان أبى يردد عبارة الإيمان بالوراثة باطل ويشجعنى (هو وأمي) على التمسك، بجوهر الدين والأخلاق، أى الصدق والعدل والحرية والكرامة.
انتشر التدين الزائف بين أساتذة الجامعات وعميدات الكليات والوزراء والمحافظين وليس بين جماهير الشعب فقط، أحد المحافظين أعلن (منذ أيام) أن بيضة دجاجة أصبحت مقدسة لظهور اسم الله عليها، وبعض الأستاذات الجامعيات يخفين وجوههن، بالنقاب كدليل على الأخلاق والتدين. قصة حب بين فتاة قبطية وشاب مسلم تفجر المظاهرات والإشاعات عن خطف الفتاة لإجبارها على اعتناق الإسلام بالزواج من رجل مسلم، وعن جمعيات سلفية تدفع أموالا لمن يدخل فتاة فى الإسلام، ولمن ترتدى الحجاب أو النقاب، ولمن يطلق لحيته وتظهر فوق جبهته الزبيبة السوداء.
بعض زميلاتى القبطيات تزوجن برجال مسلمين من نصف قرن وأكثر، دون مشاكل، فالنظام المصرى يبيح زواج المسلم بالقبطية، لأن نسلهما يحمل اسم الأب ودينه وبالتالى يزيد من أمة الإسلام، لكن لا يحق للمسلمة الزواج بقبطى لأن نسلهما يحمل دين الأب القبطي، تفرقة صارخة على أساس الدين والجنس، تتعارض مع الدستور المصري، الذى يساوى بين جميع أفراد الشعب بصرف النظر عن الدين أو الجنس.
أصبحت الفتاة الصغيرة، خاصة الفقيرة، ضحية سهلة فى الصراع السياسى المتصاعد بين الأديان والطوائف السلفية، تدعمه (سرا وعلنا) جميع القوى السياسية المسيطرة داخليا وخارجيا، بهدف تقسيم الشعب طائفيا لإضعافه وبالتالى اخضاعه ونهبه.
الحب الصادق المخلص المتبادل هو أساس الشرف والأخلاق والزواج السليم، وليس ما يورث عن الاسلاف من تقاليد وأحكام تفرض السلطة الأبوية، وتظلم الأطفال والنساء
(لضعفهم وعدم امتلاكهم الوعى والقوة الشعبية المنظمة) التغلب على الفساد الأخلاقى فى حياتنا العامة والخاصة، تحقيق الدولة المدنية الديمقراطية، يقتضى فكرا جديدا شجاعا، وإصدار قوانين مدنية موحدة للدولة والعائلة، أساسها العدالة، والمساواة بين أفراد الشعب، فلماذا لا تتعاون الدولة اليوم مع البرلمان لإصدار مشروع جديد لقانون مدنى واحد للأسرة المصرية المسلمة والقبطية معا، يقوم على العدالة وجوهر المواطنة ولا يفرق بين الأفراد على أساس الدين أو الجنس أو الطائفة أو المذهب أو غيرها تطبيق الدستور المصرى الحالى يفرض على البرلمان اصدار هذا القانون الجديد اليوم. فالأسرة هى النواة والحجر الأساسى للدولة والمجتمع، وإذا قامت الأسرة على العدالة والحب الصادق والإخلاص المتبادل بين أفرادها، فسوف تنصلح الأخلاق والقيم، وتتحقق العدالة فى الدولة والمجتمع، ولن نكون، (حينئذ) فى حاجة لكثرة الكلام والأغانى عن الحرية والعدالة والأخلاق.



#نوال_السعداوي (هاشتاغ)       Nawal_El_Saadawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار لا أنساه بين أمى وأبى
- المنسيون فى التاريخ الرسمى للثورات
- القلاع الأبوية. الرأسمالية تتهاوى
- أتكون هى أنبل النساء؟
- الجبلاوى ونجيب محفوظ والنساء
- حوار بعد منتصف الليل
- منذ بداية اللامساواة والخطيئة الأولى
- ساندرا الحبيسة وقدسية الجسد؟
- معارك تحرير النساء اللا نهائية
- النقاب ورجم الشيطان
- وتسعد المرأة بعقلها المبدع؟
- مؤتمر النساء فى إسبانيا
- الاستغناء والانعتاق من العبودية
- مفاهيم متطورة للأبوة والرجولة
- العبء الذى قتل أمى وأبى
- بذور الإبداع والثورة لا تموت
- وكان للأطفال كرامة العظماء
- يملك الشرف الرجال وتدفع ثمنه النساء
- أسئلة الأطفال المحرمة وتجديد الفكر الدينى
- تقتل الموت وتنتصر الكتابة


المزيد.....




- “احلى اغاني الاطفال” تردد قناة كراميش 2024 على النايل سات ka ...
- إدانة امرأة سورية بالضلوع في تفجير وسط إسطنبول
- الأمم المتحدة تندد بتشديد القيود على غير المحجبات في إيران
- الاعتداء على المحامية سوزي بو حمدان أمام مبنى المحكمة الجعفر ...
- عداد الجرائم.. مقتل 3 نساء بين 19 و26 نيسان/أبريل
- هل تشارك السعودية للمرة الأولى في مسابقة ملكة جمال الكون؟
- “أغاني الأطفال الجميلة طول اليوم“ اسعدي أولادك بتنزيل تردد ق ...
- استشهاد الصحافية والشاعرة الغزيّة آمنة حميد
- موضة: هل ستشارك السعودية في مسابقة ملكة جمال الكون للمرة الأ ...
- “مش حيقوموا من قدامها” جميع ترددات قنوات الاطفال على النايل ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - مشروع جديد لإصلاح الأخلاق