أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - سلامة كيلة - دعوة لتجاوز - إعلان دمشق -















المزيد.....

دعوة لتجاوز - إعلان دمشق -


سلامة كيلة

الحوار المتمدن-العدد: 1370 - 2005 / 11 / 6 - 10:56
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


ما زال " إعلان دمشق " مثار نقاش، و لقد سارعت العديد من القوى إلى الإنضمام إليه. و لاشكّ في أن الإعلان يحمل إيجابيتين، الأولى: هي أنه حاول تأسيس تحالف واسع، و الثانية: هي أنه لم يرهن التغيير بالسلطة كما كان سائداً في السنوات الخمس الماضية، بل إنطلق من أن القوى الموقّعة هي التي يجب أن تغيّر. و هاتان مسألتان هامتان و تستحقان التقدير، إضافة إلى جملة مسائل يتضمّنها الإعلان تتعلّق بالديمقراطية و حق المواطنة و فصل السلطات.
لكن المشكلة المركزية التي تكتنف الإعلان تتمثّل في أنه تناول الوضع السوري بمعزل عن العالم، لهذا لم يلحظ الأخطار الحقيقية التي باتت تحيق بسوريا البلد أكثر مما تحيق بالسلطة، رغم أنها يمكن أن تطال أطراف فيها. و بالتالي تجاهل منعكسات ذلك على الشعب السوري الذي يوجّه الإعلان إليه، عبر المقارنة مع ما حدث في العراق، و الشعور بأن الوضع يميل إلى الفوضى و التدمير و إنهيار الإقتصاد و البطالة. و هو شعور حقيقي، يجعل التفكير بالخطر الأميركي جدّياً و يدفع إلى الريبة من السعي للتغيير إذا لم يُطرح تصوّر بديل متماسك. و هنا نحن لا نشير إلى عموميات بل نشير إلى أحاسيس الشعب الذي هو المعني بتحقيق التغيير. الأمر الذي يجعل مسألة الموقف من الخطر " الخارجي " مختلفة عما كانت قبل خمس أو حتى سنتين، و تحتاج إلى أكثر من موقف لأن هذا الخطر يفرض أن تكون القوى المدافعة عن الشعب هي الأكثر إهتماماً بمواجهته بعد أن إحتلّ العراق و نهبها و عاث فساداً فيها، و يخطط للسيطرة على كلّ المنطقة العربية، مما يعزِّز من وضع الدولة الصهيونية و يزيد من دورها الإقليمي.
هنا يجب أن نلحظ إختلاف الوضع، و أن لا نبني رؤيتنا على وضع كان قبل عقدين أو ثلاثة عقود، رغم أن الإنطلاق من رؤية عربية كانت تفرض ذلك في كلّ الأحوال، لكن دهاليز الصراع الداخلي التي أشعلته السلطة فرض " التقوقع " و تجاهل كلّ الخارج، العربي و الدولي، إلا ما يخدم دعم الصراع الداخلي، حتى و إن كان مناهضاً لكل التطوّر العربي. و هو الأمر الذي غلّب المنطق البراغماتي الضيّق على الرؤية العلمية، و أطلق العنان للإنفعال و ردود الفعل بل الرؤية العقلانية، و بالتالي أفضى إلى تحويل منظومة الأعداء بإلغاء كلّ التصوّرات السابقة دون تحليل منطقيّ. و لهذا باتت التعبيرات حول " الخارج " ملتبسة.
إن بناء سوريا ديمقراطية مرتبط بالضرورة الآن بسوريا المناهضة للمشروع الإمبريالي الأميركي. و لعلّ أهمية الديمقراطية هنا تكمن في أنها تسمح لكلّ الطبقات الشعبية بأن تنظّم قواها لمواجهة ذاك المشروع. و أحد نقاط رفض منطق السلطة القائمة هو أنها بشموليتها تدمّر كلّ القوى القادرة على المواجهة، لأنها خشية على ذاتها و ضماناً لمصالح الفئات المسيطرة تسعى لتدمير كلّ الحراك السياسي الفعّال، و تدمّر إمكانية القوى على تنظيم ذاتها. و بالتالي فإن مطلب ( أو هدف ) الديمقراطية يتبلور في سياق المواجهة و لا تحلّ محلّه كما يعتقد " العقل الأحادي ". فالمواجهة تتطلّب الديمقراطية لكي تنتظم كل قطاعات المجتمع بتياراتها المختلفة. و هنا تكون الديمقراطية ليست هدفاً بذاتها و لذاتها، بل آلية لتنظيم قوى المواجهة، و تبقى لها الأولوية.
إذن، لا يجوز تجاهل الخطر الأميركي على المنطقة العربية و على سوريا، لكن مواجهته تفترض تحقيق الديمقراطية. و ليس من ديمقراطية خارج هذا الإطار، لأن المشروع الأميركي يحمل " عناوين حول الديمقراطية " لكنه يحمل ممارسة طائفية و فوضى شاملة، إضافة إلى النهب و الفقر و البطالة و القتل. لهذا فإن القطيعة مع السلطة البادية في الإعلان يجب أن ترتبط بقطيعة مع المشروع الأميركي، و أن يُنظر ليس إلى هذه اللحظة الآن فقط بل إلى التحوّلات القريبة الممكنة و الأخطار التي تأتي بها. بمعنى أن الديمقراطية يجب أن توضع في إطار رؤية مناهضة للمشروع الإمبريالي الأميركي. و هذه مسألة لا يجوز اللعب فيها، ليس نتيجة موقف " أيديولوجي " فقط ، بل خدمة لتوسيع القاعدة الشعبية لقوى التغيير، هذه القاعدة التي باتت تتابع كلّ تفصيلات المشروع الأميركي، و ينتابها هواجس كبيرة من الأخطار القادمة.
و الإعلان ينطلق من مشكلة الإستبداد فقط، حيث درج الخطاب المعارض في الغالب على النظر إلى المستوى السياسي، أي إلى الدولة/ السلطة. و تلمّس طابعها الإستبدادي الشمولي الدكتاتوري. و أسَّس بنيانه على بديلها الذي هو حتماً الديمقراطية. من هذا المنطلق أصبح ذا قضية واحدة و لون واحد و رؤية واحدة، مبتسراً الواقع عبر حشره فيها. و لهذا لم يشغل ذاته في البحث عن السبب لتأسيس الإستبداد و الهدف منه، و كذلك إنعكاسه على الطبقات الشعبية و على الإقتصاد و " قطاع الدولة " و دور الدولة ذاتها. منطلقات من أن الديمقراطية هي " الحلقة المركزية "، لكن دون أن ينتبه إلى أن القول بالحلقة المركزية يفترض مسبقاً وجود حلقات أخرى، يستدعي الوضع في لحظة أن تكون هذه المسألة هي الحلقة المركزية من جملة تلك الحلقات، دون التخلّي عنها أو تجاهلها.
و لما كانت مسألة الديمقراطية ذات أهمية للفاعلين الثقافيين و السياسيين، دون أن تكون بالمستوى ذاته من الأهمية لدى الطبقات الشعبية، رغم أن الديمقراطية مهمة لهم إنطلاقاً من التحليل الواقعي و ليس من منظورهم هم. فإن حصر النشاط فيها، ليس في إطار التحالفات التي يمكن أن تتمركز حولها بل في خطاب الأحزاب كلّها تقريباً، يقود إلى إنعزال حتميّ و تقوقع في إطار مجموعات من " المهمّشين ". و واقع الحال يشير إلى أن الأحزاب باتت مهمّشة ليس بفعل الإستبداد السلطوي فقط ( الذي لعب دوراً كبيراً و لاشكّ )، بل بفعل الرؤية التي تحكمها، و التي تنحصر في الغالب في قضية واحدة إنطلاقاً من أن " السياسة " تفرض ذلك.
لهذا لم يلمس الإعلان مشكلات الطبقات الشعبية، رغم أن وضعها لم يعد كما كان خلال العقود الثلاث السابقة، على العكس من ذلك فقد بات التمايز الطبقي واضحاً، بين أقلية نهبت " قطاع الدولة " و أفقرته و ها هي تسعى لشرائه بأسعار زهيدة، أو لفظه و تدميره لأنه بات خاسراً. متحالفة مع طبقة برجوازية قديمة إستفادت هي الأخرى من السلطة، و إنْ في إطار غير متكافئ. و بين الطبقات الشعبية التي أُفقِرت، و باتت تعيش أزمة حقيقية، و هي تسعى لأنْ تحصل على قوت يومها. و هو الوضع الذي يسمح بتجاوز الوضع الذي نشأ بعد سلطة البعث، و الذي أسّس لركود في الحراك الإجتماعي، نحو فاعلية إجتماعية جديدة تفرض على الحراك السياسي أن يلتقي معها من أجل تشكيل " كتلة تاريخية " قادرة علة الفِعْل، في مواجهة الإستبداد كما في مواجهة الخطر الإمبريالي الأميركي.
و هنا ستكون الديمقراطية مفصلية، حيث أن هذا التفعيل للحراك الإجتماعي من أجل تحقيق وضع أفضل لهذه الطبقات، و إعادة تشغيل عملية التطوّر الإقتصادي التي تعتمد على الدولة بالأساس دون تجاهل الرأسمال الخاص، و الذي هو ضرورة لتحقيق الديمقراطية، يفترض أيضاً تحقيقها من أجل تسريع عملية التفعيل تلك. بمعنى أن الربط بين مطالب الطبقات الشعبية و الديمقراطية يصبح ممكناً عبر الممارسة، و يجرف تلك الطبقات للنشاط من أجل الديمقراطية كذلك. و هنا تتمازج مطالب الديمقراطية و المطالب المعيشية، و هو الأساس لتشكيل " كتلة تاريخية " ليس من الممكن تحقيق شيء بدونها.
و بالتالي فالديمقراطية أساسية هنا، سواء لكي تتحقّق أو لكي تسهم في تحقيق مطالب " الكتلة التاريخية ". و هي الكتلة التي تستشعر الخطر القادم مع المشروع الأميركي، و المعنية بمواجهته.
إذن، نحن إزاء خطر يتهدّد سوريا، و إستبداد مديد يدمّر الفاعلية السياسية و المجتمعية من أجل ضمان إستمرار السلطة التي هي أداة نهب و إفقار و تدمير للإقتصاد، و طبقات شعبية باتت تعاني من الفقر و تتخوّف الخطر " الخارجي ". و هذه مسائل يمكن أن تكون أساس بناء تيار عريض يضمّ طبقات متعدّدة و أحزاب مختلفة الإتجاهات الفكرية، هذا التيار هو ما تحتاج إليه سوريا الآن، نتيجة تفاعل كلّ هذه التناقضات و تأثيرها الراهن، و عدم إمكانية فصل واحدها عن الآخر في سياق السعي لنهوض الحراك المجتمعي الذي هو ضرورة من أجل تحقيق المهمات التي تفرضها تلك المشكلات.
و لاشكّ في أنه يمكن أن يتحقّق تحالف بين قوى مختلفة على هدف وحيد، مثل مسألة الديمقراطية، لكن ذلك يفترض أن يكون هذا التيار قوّة فاعلة لضمان فاعلية مجتمعية، و بالتالي لكي يُبقي التمايز بين التيارات المختلفة و المتناقضة، و كذلك في إطار هدف يسمّى عادة: مرحليّ، أي يستوعب مرحلة قصيرة و إلا سيصبح مثل القوانين الإستثنائية طويل الأمد. و كما أشرنا مراراً أن يهدف إلى تحقيق تغيير قريب، لا أن يكون برنامج مرحلة طويلة، يمكن أن تمتدّ سنوات لأن القوى المتحالفة لا تمتلك المقدرة على تحقيق الهدف، و تحالفها لا يسهم في تراكم قوّتها من أجل ذلك.
و هذا ما يحدث مع " إعلان دمشق "، حيث توّج ميل القوى التي صاغته ( في الغالب ) نحو اللبرلة و الإكتفاء بالخطاب الديمقراطي العمومي ( و سوف أشير لماذا هو عمومي تالياً )، و بالتالي كرّس غياب " الهوية " لدى تلك القوى أو أنه صبغها بهوية ديمقراطية عامة ( و ليبرالية ). و لهذا كان الإعلان هو تحالف بين قوى ذات ميول ليبرالية ديمقراطية ( حتى جماعة الإخوان المسلمين تتصف بذلك )، الأمر الذي جعله تحالف اللون الواحد. و بهذا فهو لم يعد تحالفاً مؤقتاً بل أصبح يعبّر عن تيار في الطيف السوري. و لهذا فقد أقصى التيارات الأخرى، أو فرض عليها الإلتحاق من موقعه و على برنامجه. رغم أنه يحوى قوى ربما كانت تناقض هذا التبلور، أو هذه الصيغة من التبلور.
من هنا يمكن أن نشير إلى السمات التي بات يتّخذها هذا التيار، كما بدت في الإعلان، رغم أن برامج و تصوّرات معظم تكوينه تتضمّن تلك السمات. سنلمس أوّلاً: الميل الخفي ( أي غير المكتوب في النصّ رغم أنه يتكرّر في كتابات أفراد و أدبيات أحزاب ) نحو الليبرالية، فقد باتت الديمقراطية مندمجة في الليبرالية، و ليس من الممكن أن تتأسّس ديمقراطية خارج إقتصاد السوق. و بهذا فإن الديمقراطية تقتضي الخصخصة و الإندماج في العولمة، و بالتالي إلغاء الدور الحمائي الإستثماري الرعائي للدولة. و هذا تلازم مطلق، لا يمكن أن ينفكّ في أيّ حال من الأحوال. و ثانياً: تقديم الديمقراطية في قالب أصولي إسلامي، أي تقزيم الديمقراطية، حيث كما تبدو في الإعلان حاضنة للأحزاب الدينية و الطائفية، و فاتحة المجال لتأسيس العمل السياسي ليس على مبدأ المواطنة رغم ا، الإعلان يكرّر التأكيد على هذا المبدأ. و هنا تختفي العلمانية، و لا تعود في تلازم و لو نسبي مع الديمقراطية و الليبرالية، و لا تعود جزءاً من التراث الليبرالي و الديمقراطي. الأمر الذي يبتسر الديمقراطية إلى حقّ الإنتخاب و حرّية العمل السياسي و الصحافة. و ثالثاً: التراجع العروبي و التركيز على ما هو سوري فقط ، و بالتالي البدء بإدخال تعابير باتت تعمّم مع العولمة، مثل المنظومة العربية و المتّحد الوطني و مكوّنات الشعب الدينية و المذهبية و الإثنية. و أيضاً تجاهل الموقف من المشكلات القومية سواء في فلسطين أو في العراق. و هو ما يمكن أن يسمّى " الإنزواء السوري "، الذي هو ردّ إنفعاليّ على " قومية " السلطة، و بلورة " ملموسة " لـ " عمومية " الخطاب القومي.
بمعنى أن الإعلان يتضمّن ثلاثة ميول، الأوّل نحو الليبرالية بمعناها السوقي الذي بات يعمّم مع العولمة. و الثاني نحو التكيّف مع ميزان القوى العالمي، و بالتالي مع بنيته و مفاهيمه. و الثالث نحو الأسلمة، حيث أن التدقيق في النصّ المتعلّق بالإسلام في الإعلان يوصل إلى إستنتاج أن الديمقراطية باتت هي هامش الخطاب الأصولي. حيث أنها لا تقرّ فقط بأن الإسلام هو دين الأغلبية ( رغم عدم الحاجة لذلك )، بل تصرّ أنه عقيدة الأغلبية كذلك، أي أنه لم يعد ديناً فقط بل أصبح أيديولوجيا كذلك، أصبح رؤية سياسية. و لهذا فالفقرة تؤكد على تسامحه . و من هذا الموقع تتعامل بإحترام مع العقائد الأخرى للأديان و المذاهب و الإتجاهات الفكرية. الأمر الذي يجعل الإعلان كله ينطبع بهذا الطابع، خصوصاً و أنه ينطلق من حرّية العمل السياسي للأديان و المذاهب ( أي لمكوّنات الشعب السوري ).
و إذا كانت السلطة أقرّت الميل نحو الخصخصة و تعميم الليبرالية الإقتصادية، الأمر الذي بات يهدِّد قطاعات إجتماعية بأكملها، و يدفع نحو الإفقار المتزايد ( الذي هو الآن يساوي ثلث السكان حسب الإحصائيات الرسمية )، فإن ميل الإعلان يتناقض مع الطبقات الشعبية بالتالي لأنه يدعم الخصخصة و يميل إلى تسريعها و ليس العكس. كما أن التكيّف مع ميزان القوى العالمي يفرض سياسات إقتصادية تهدف إلى الخلاص من " قطاع الدولة " و من دورها، بغضّ النظر عن الآثار الإجتماعية المحتملة. كما أنه يفرض سياسات خاضعة للسياسة الأميركية، و بالتالي تمسّ قضايا قومية أساسية ( الإعتراف بالدولة الصهيونية، التساوق مع السياسات الأميركية في العراق و العالم ). ثم أن الأسلمة تفتح أفق التناحرات الطائفية، و عودة المجتمع إلى مكوّناته الأولى، التي بدل أن تكون مصدر إغناء و تنوّع تصبح مصدر إحتراب و تفتيت.
لهذا يبدو أن للعلمانية أهمية تفوق النظر إليها كونها جزء مكوّن للديمقراطية. بل ستبدو أنها، بترابطها مع الديمقراطية، المفصل الذي يسهم في تشكيل تيار ديمقراطي وازن، يحدّ من إمكانات التفجّر الطائفي، و يقدّم لـ " مكوّنات الشعب السوري " خياراً آخر يقوم على أساس مبدأ المواطنة. و في هذا الوضع يصبح من الضروري على جماعة الإخوان المسلمين أن تتكيّف مع العلمانية لا أن تكيّفها. و ربما كان المثال التركي واضحاً هنا، حيث أن الحركة الإسلامية هي التي تكيّفت مع علمانية الدولة، و أقرّت بها، و بالتالي عملت على أساسها.
السياسة هي التي تحقّق الخطوة الأولى إلى الأمام من أجل نقل المجتمع من تكوين لازالت الإنقسامات الدينية و الطائفية و الإثنية تلعب دوراً فيه، إلى مجتمع مدنيّ يمتلك الحداثة. و الخطوة الأولى هي إقرار مبدأ المواطنة و فصل الحيّز الديني عن الحيّز السياسي، مع إقرار حرّية ممارسة التديّن .
على ضوء كلّ ذلك، أدعو إلى تجاوز " إعلان دمشق "، و إلى التأكيد على بلورة التيار الديمقراطي العلماني، الذي ينطلق من المفاصل الثلاث التي وردت سابقاً، التي هي:
1) التأكيد على مواجهة مشاريع السيطرة الإمبريالية في الوطن العربي، و في سوريا. و رفض التفرّد الأميركي و الميل الأميركي للسيطرة على العالم بالقوّة أو بالإخضاع. و بالتالي رفض العولمة الإمبريالية التي تفرضها الرأسماليات الإمبريالية.
2) الدفاع عن مصالح الطبقات الشعبية، و التأكيد على حقّها في تحسين شروط حياتها. و ضمان حقّ العمل، و تأكيد على الضمان الإجتماعي و مجانية التعليم و الضمان الصحّي.
3) التأكيد على تأسيس نظام ديمقراطي علماني تعددي، يقوم على أساس فصل السلطات و إستقلال القضاء، و ينطلق من إقرار مبدأ المواطنة و تساوي الجميع أمام القانون، و ضمان الحريات العامة، حرّية الرأي و العمل الحزبي و حرّية الصحافة و المعتقد و مساواة المرأة، و حقّ الأقليات في التعبير عن لغتها و ثقافتها. و إقرار مبدأ الإنتخاب وفق التمثيل النسبي.
و لاشكّ في أن للنضال من أجل الديمقراطية أولوية راهنة، من أجل تحسين الشروط العامة للعمل السياسي و لنشاط الطبقات و تشكيل النقابات و الإتحادات و كلّ أشكال النشاط المجتمعي. لكنها لن تتحقّق إلا عبر تفعيل النشاط المجتمعي، و إندماج الحراك السياسي فيه، الأمر الذي يفرض التركيز على المطالب المجتمعية ( التي تتعلّق بمعيشة الطبقات و بشروط حياتها )، التي هي مطالب ديمقراطية كذلك. دون أن يجري تجاهل الأخطار القادمة، التي تفرض الإعداد لمواجهتها أيضاً. و هو الأمر الذي يفرض إعادة طرح التصوّر العربي و ليس شطبه، لأن كلّ المنطقة العربية باتت تخضع للسيطرة الأميركية، و بالتالي بات من الضروري توحيد المقاومة.
لقد ضعف وضع الأحزاب بعد القمع المديد، و نتيجة تكوين الأحزاب ذاتها، و باتت تشكّل هامشاً صغيراً، في وضع يتّسم بكبر حجم القوى غير الحزبية، و السياسيين المهمّشين، و مع بدء تصاعد الحراك الإجتماعي، الأمر الذي يفرض التأسيس لتوحيد كلّ الديمقراطيين العلمانيين من هؤلاء في تيار ديمقراطي علماني ينطلق من المحدِّدات الثلاث سابقة الذكر، و يسعى للتواصل مع الحراك المجتمعي، من أجل تأسيس قوّة فاعلة قادرة على تحقيق تلك الأهداف/ المحدّدات. إن قوّة الحراك المجتمعي هي الشيء العملي الذي يسهم في تغيير ميزان القوى من أجل تحقيق التغيير الوطني الديمقراطي، و هي الهدف الآني الممكن في إطار الوضع الراهن.



#سلامة_كيلة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التاريخ و صيرورة الديمقراطية و العلمانية
- ملاحظات حول - إعلان دمشق -
- الروشيتة الأميركية من أجل الحرّية و الديمقراطية و الإصلاح
- بوش كمخلِّص: جذور النظر الى أميركا
- المقاومة و الإرهاب في العراق
- غزة ... أخيراً
- أوهام اللببرالية و خطاياها
- العلمانية و الديمقراطية و أولوية السياسة
- حول العلاقة بين الليبرالية و الديمقراطية دخول في النقاش السا ...
- العلمانية كمطلب واقعي
- حين تتجرّد الديمقراطية من علمانيتها
- اليسار السوري في ميله الليبرالي
- مناقشة - مشروع بيان غير شيوعي
- منطق الإستبداد لحظة القرار الأميركي بالتغيير في سوريا
- الماركسية و أفق البديل الإشتراكي: الماركسية في أزمة؟
- مأزق اليسار الديمقراطي و إشكالية الإشتراكية الديمقراطية
- دافوس البحر الميّت
- سياسة أميركا
- ورقة عن الحرب الإمبريالية الصهيونية في المنطقة العربية
- الحركة القومية العربية: تجربة نصف قرن


المزيد.....




- طبيب فلسطيني: وفاة -الطفلة المعجزة- بعد 4 أيام من ولادتها وأ ...
- تعرض لحادث سير.. نقل الوزير الإسرائيلي إيتمار بن غفير إلى ال ...
- رئيسي: علاقاتنا مع إفريقيا هدفها التنمية
- زيلينسكي يقيل قائد قوات الدعم الأوكرانية
- جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة الجعف ...
- طفل شبرا الخيمة.. جريمة قتل وانتزاع أحشاء طفل تهز مصر، هل كا ...
- وفد مصري في إسرائيل لمناقشة -طرح جديد- للهدنة في غزة
- هل ينجح الوفد المصري بالتوصل إلى هدنة لوقف النار في غزة؟
- في مؤشر على اجتياح رفح.. إسرائيل تحشد دباباتها ومدرعاتها على ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - سلامة كيلة - دعوة لتجاوز - إعلان دمشق -