أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شاهين - أديب في الجنة (14) الله يمثل في قلوب الناس !















المزيد.....

أديب في الجنة (14) الله يمثل في قلوب الناس !


محمود شاهين
روائي

(Mahmoud Shahin)


الحوار المتمدن-العدد: 5022 - 2015 / 12 / 23 - 09:02
المحور: الادب والفن
    


حين حط الملك لقمان على أرض القصر الملكي الأكبر بين القصور وطلب إلى معاونيه أن يجلبوا كل المقيمين في القصور ، لم يعثروا إلا على الأطفال والنساء والفتيات فقد هرب الرجال جميعهم . جمعوهم في ساحات القصر مئات الفتيات والنساء والأطفال .. كانت الملكة من بينهم . استدعاها الملك لقمان إلى بهو القصر حيث يجلس . مثلت أمامه . بدا أنها جميلة إلى حد ما . لم يبد عليها أنها خائفة . طلب الملك إليها الجلوس . جلست في مواجهته . أوحى لها وجه الملك لقمان الطافح بالهدوء والإشراق بالنبل والود.
- أين زوجك أيتها الملكة ؟
- لا أعرف يا سيدي .
- وباقي الحاشية الملكية ؟
- أيضا لا أعرف يا سيدي ، ما أعرفه أن جميع الضباط والجنود ورجالات القصر والعاملين فيه قد هربوا.
نظر الملك لقمان نحو الملك شمنهور :
- أرسل من يبحث عن الملك وكبار الضباط وكبار العاملين ويحضرهم .
قام الملك شمنهور على الفور وراح يصدر أوامره إلى جنود الجن .
ألقى الملك لقمان نظرة نحو الملكة .
- ماذا تظنين أني فاعل بكم أيتها الملكة ؟
- أظن أن من هم في وضعنا لن ينتظروا ما يسرهم !
- اذهبوا فأنتم أحرار ! لكن لا تقيموا في القصور . أقيموا في بيوت العاملين . القصور قد تحول إلى متاحف أو منشآت مختلفة للدولة القادمة .
فوجئت الملكة بعدالة الملك لقمان . نهضت وانحنت احتراما له:
- عاجزة عن الشكر أمام كرمك وتسامحك يا سيدي .
ابتسم الملك لقمان وأومأ برأسه وبسط يده أن " تفضلي " دون أن يتكلم .
تراجعت الملكة خطوتين وانحنت ثانية ثم استدارت لتخرج نحو الساحة حيت تجمع المئات .
أخبرتهم الملكة أنهم احرار وفي مقدورهم الإنصراف فيما رافقت هي إحدى زوجات الوزراء لتذهب معها إلى بيتها .
اندفعت مجموعة من الفتيات محظيات الجنرال اللواتي أرغمن على معاشرته ، اندفعن نحو البهو ليشكرن هذا القائد العظيم الذي جاءت حريتهن على يديه . وما أن مثلن نحو الملك لقمان حتى شرعن في الإنحناء والشكر بكل ما جادت به مخيلاتهن من كلمات الشكر والإمتنان .
أشار إليهن الملك لقمان بالإعتدال في وقوفهن وعدم الإنحناء أو الركوع والخضوع لأحد بعد اليوم .
تراجعن بضع خطوات ثم استدرن وانصرفن ومعظمهن في غاية السعادة .
******
كان الجنرال الصغير قد لفظ أنفاسه من جراء النزيف الحاد لدمه ، فانقضت عليه الضبعة لتشحط جسده إلى الوكر وتنقض عليه هي وأولادها.. لم يبق منه غير العظام والملابس الممزقة والأوسمة والسيوف والتيجان والنجوم . وكان ملك الملوك وجنرال الجنرالات يموت رعبا كل ثانية إلى أن فوجئ بمن يشحطه من قدميه ويخرجه من الجحر .
هتف الملك شمنهور بعد أن خاطبه الجندي الذي شحط الملك من الجحر تخاطرا :
- مولاي . تم العثور على الجنرال في جحرللضباع وثمة جنرال آخر كان يرافقه افترسته الضباع . رائحة الجنرال لا تطاق يا مولاي ، وملابسه ملوثه بالبراز والبول وفضلات جحر الضباع .
- دعهم يغسلونه ويلبسونه ملابس نظيفه ، وليجمعوا عظام وملابس ورتب الجنرال الثاني ويسلموها إلى أهله .
ولم يمر سوى دقائق حتى راح الجنرالات والضباط والوزراء يتوافدون وقد حملهم جن مخفيون . كانوا أكثر من مائة . وقف الملك الجنرال أمام الملك لقمان . طلب إليهم الملك شمنهور أن يقدموا أنفسهم للملك لقمان واحدا واحدا .
قدم الملك الجنرال نفسه وهو ينحني ، تبعه رئيس وزرائه ثم وزير الدفاع وقائد الجيش فوزير الداخلية وغيره إلى أن قدم أهمهم أنفسهم ، فطلب الملك لقمان التوقف عن التقديم وهتف :
- ما العقاب الذي تقترحونه لأنفسكم بعد كل الجرائم الفظيعة التي أوقعتموها بحق شعبكم ؟
لم يجب أي منهم . أقل ما يمكن فعله هو السجن المؤبد إن لم يكن الإعدام ،ومشكلة الملك لقمان أنه يكرههما ، كرسول محبة وسلام ويفضل النفي في الجزر النائية . أطرق للحظات وهو يشير بيده إليهم أن يجلسوا .. وضع يده على رأسه وأغمض عينيه وراح يفكر . وسوس الملك شمنهور للناس بأن يحتشدوا ويطالبوا الملك لقمان بإعدام السفاحين ، فهو يحب الإنتقام الفظيع بعد أن أمضى ثلاثة آلاف عام في قمقم سليمان الرهيب !
بدا الملك لقمان وقد شرع في الدخول في حالة وجدانية يسائل فيها الله عما يمكن أن يفعله ليرضي سكان الكوكب ويرضي ضميره . تعالت أصوات الملايين من الخارج " الإعدام الإعدام " وراح رجع االأصوات يتردد من أرجاء القصر" الإعدام للقتلة بالإلقاء من السماء كما كانوا يلقون بنا "
راح رأس الملك لقمان يدوريمينا وشمالا ثم يستقرمحنيا على صدره وقد اختلج وجهه بتعابير
مؤسية . اقتربت الملكة نور السماء منه لتضم رأسه إلى حضنها وقد أدركت أن النوبة التي كانت تأتيه حين كان يواجه المحن قد أتته .. لا شك أنه ينشد وحيا إلهيا يشير إليه بالحكم الذي يمكن أن ينفذه في المئات وربما الآلاف من هؤلاء السفاحين .راح صوت هادئ يهتف في دخيلته " لن ترقى بسلوكك إلى المحبة المطلقة يا لقمان . المحبة المطلقة لا يحملها إلا الله ،والرحمة المطلقة لا يحملها إلا الله . أنت لست الله يا لقمان وإن كانت طاقة الألوهية تسري في جسدك كما تسري في جسد الذين ستعاقبهم .. أنت إن قتلتهم قتلت شيئا مني . وإن عفوت عنهم خنت العدالة الإنسانية . فاعمل بضميرك وإنسانيتك أيها الحبيب ، إلى أن يأتي يوم يدرك فيه كل إنسان أن ألوهيتي تسري في جسده ،وأنه يتوجب عليه أن يرقى بسلوكه إلى قدر ألوهيتي فيه ،ويحمل للبشرية والوجود المحبة التي تحملها أنت ،والرحمة التي تحملها أنت "
وشرع الملك لقمان في البكاء والملكة تضمه إلى صدرها بكل ما تحمله من حنان ومحبة ، وتربت على رأسه ، وهو يهتف في دخيلته " ساعدني يا إلهي ، ساعدني يا إلهي "
تعالت الأصوات حادة حول القصر " الإعدام الإعدام الإعدام"
راحت الملكة نور تمسح دموع الملك لقمان بمنديل من الحرير . شرع يهدأ شيئا فشيئا ،وما لبث أن استعاد هدوءه .
مسد براحة يده على شعر الملكة وطبع قبلة على خدها ، ثم نهض . أشار إلى الملك شمنهور أن يخرج القتلة إلى الخارج .
خرج الملك والملكة ومرافقوهم ووقفوا على شرفة في القصر .. ولوح بيديه لملايين البشر الذين ملأوا كل مكان حول القصور كلها . شرعوا في التصفيق الحاد إلى أن أشار إليهم الملك بالتوقف . أقبلت طيور الرخ بالآلاف وراح بعضها ينقض على القتلة ويحملهم بمخالبة فيما راحت أخرى تتفرق وتحط في أماكن مختلفة وما تلبث أن تصعد حاملة بمخالبها أحدا ما وكأنها تعرف أماكن تواجدهم . علا تصفيق الناس فرحا ..
لم تمر سوى دقائق حتى ازدحمت السماء بآلاف الطيور حاملة آلاف القتلة بمخالبها ، وراحت تحلق بانتظام في أسراب متعددة فوق الناس وفي فضاء المدينة ، وكلما دار ت دورة ارتفعت أكثر فأكثر إلى أن غدت على علو شاهق . رفع الملك لقمان يده فألقت الطيور حمولتها على دفعات حسب الأسراب . راح القتلة يهوون من أعالي السماء ، فيما راح صوت الملك يهتف مترددا من كافة الأرجاء وكأنه يهتف بعشرات مكبرات الصوت :
" أيها الناس : باسم الله وباسم الألوهة السارية في أجسادكم ،وفي أجساد أعدائكم ، وفي الكون كله ،والكائنات كلها ، أن ترحموا أعداءكم ، لتنالوا بذلك محبة الله وترتقوا إليها "
وراح الملك لقمان يكرر نداءه . سمع الناس كلاما لم يسمعوه في حياتهم ، راح يؤثر في نفوسهم ، فيما كانت جميع أسراب الطيور تلقي بكل القتلة من أعالي السماء لتتهاوى جثثهم نحو الأرض .
تعالت آلاف الأصوات من بين الناس صارخة : الرحمة الرحمة ! وما لبثت الأصوات أن ازدادت وصوت الملك لقمان يتردد من كافة أرجاء المدينة .. وحين أصبحت أجسام القتلة على مسافة مئات الأمتار من الأرض ، راحت جميع الأصوات تردد "الرحمة الرحمة " وإذا بجميع الأجساد الملقاة تتوقف في السماء وتشرع طيور الرخ في الإنقضاض عليها وتحملها ثانية ، لتذهب بها إلى الجزيرة النائية ، لتعيش مع باقي المبعدين إليها .. تابع الناس الطيور وهي توغل مبتعدة بأجسام القتلة .
هتف الملك لقمان بأعلى صوته :
" أيها الأحبة . لقد ارتقيتم هذا اليوم برحمتكم ومحبتكم إلى رحمة ومحبة الألوهة السارية فيكم . فأنتم منذ اليوم أبناء الله . وأنتم منذ اليوم أحبة الله . وأنتم منذ اليوم أنبياء الله . وأنتم منذ اليوم رسل الله ، فاعملوا على نشر المحبة بينكم وجعلها شعاركم تحبكم الألوهة السارية في أجسادكم ، واعملوا منذ اليوم على تحقيق قيم الخير والعدل والحق والجمال بين شعوبكم ، ترتقون بذلك إلى الألوهة السارية فيكم ، وتكونون دوما مع الله وفي رحاب الله . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته"
وشرع الناس في تصفيق حاد جدا لم يسبق له مثيل بين بشر .
******



#محمود_شاهين (هاشتاغ)       Mahmoud_Shahin#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أديب في الجنة (13) حين يرتعب الجنرالات !
- تأملات وخواطر ومقولات ومقالات في الخالق . الخلق . المعرفة . ...
- أديب في الجنة . (12)
- أديب في الجنة . (11)
- أديب في الجنة (10)
- أديب في الجنة (9)
- أديب في الجنة.(8)
- أديب في الجنة ! (7)
- أديب في الجنة ! (6)
- أديب في الجنة ! (5)
- أديب في الجنة (4)
- أديب في الجنة (3)
- أديب في الجنة ! (2)
- أديب في الجنة ! (1)
- أديب في الجنة !!
- رحيل إلى المطلق الأزلي على طيف ابتسامة !
- نظرية الأوتار وتفسير الكون (3)
- نظرية الأوتار وتفسير الكون (2)
- نظرية الأوتار وتفسير الكون ! (1)
- هل تدرك الطاقة وجودها وهل تعرف أنها خالقة ؟ (2)


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شاهين - أديب في الجنة (14) الله يمثل في قلوب الناس !