أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كاظم حبيب - جلادو النظم المستبدة كحكامها لا يتعظون بدروس التاريخ!!















المزيد.....

جلادو النظم المستبدة كحكامها لا يتعظون بدروس التاريخ!!


كاظم حبيب
(Kadhim Habib)


الحوار المتمدن-العدد: 5012 - 2015 / 12 / 13 - 12:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


خلال العقود الخمسة المنصرمة قرأت مئات الكتب العربية وغيرها عن النظم الاستبدادية وعن جلاوزة هذه النظم من الجلاوزة الجلادين الذين يمعنون في تعذيب الضحايا و"يبدعون" في اختيار الأساليب التي يمارسونها لتنزل أكبر الضرر الجسدي والعقلي بالضحايا، وكثيراً ما تموت الضحايا بين أيدي الجلادين. كتبت ونشرت عن بعض ما قرأته من كتب في هذا الصدد، كما أنجزت ونشرت كتاباً بعنوان "الاستبداد والقسوة في العراق" في العام 2005 بالسليمانية وعن مؤسسة حمدي للطباعة والنشر، كما نشرت عشرات المقالات التي تبحث في موضوع التعذيب والقسوة بالعراق وسادية الجلادين المرضية المرتبطة عضوياً بسادية ونرجسية مرضيتين لدى الحكام المستبدين الذين يوعزون لجلاوزتهم باستخدام جميع أدوات وأساليب التعذيب الجسدية والنفسية لإسقاط الضحية وتدميره جسدياً ونفسياً، بما في ذلك إصابته بالجنون، أو إلى أن يلفظ الضحية أنفاسه، في حين يقهقه الجلادون الأوباش فرحين بما أنجزوا. وليس هناك من قانون يحاسب هذه الانتهاكات بحقوق وحرية وكرامة الإنسان، فالحاكم هو القانون، وقانون الحاكم هو الحاكم!
كنت قد أشرت في أحد مقالاتي عن رأيٍ مفاده: إن من تعرض للتعذيب يوما، يستحيل عليه ممارسة التعذيب ضد آخرين، مهما كان الاختلاف كبيراً والعداء شديداً، إذ يفترض أنه أدرك عمق الإهانة التي تتعرض لها كرامة الإنسان عند ممارسة التعذيب، وهي التي ينبغي لها أن تصان في الدساتير المتحضرة. ولكن يبدو أني كنت مخطئاً بهذا التقدير، إذ إن الأوباش وحدهم حتى عندما يتعرضون إلى التعذيب، وهم في المعارضة، يسعون للانتقام الوحشي وبلا ضمير حين يتسلموا السلطة. وهذا هو الحاصل بالعراق ولم ينقطع. قرأت قبل سقوط الدكتاتورية ببغداد كتاب الدكتور حسين الشهرستاني الموسوم "الهروب إلى الحرية" الصادر في العام 2000م عن مؤسسة البلاغ، بعد أن هرب من معتقلات نظام البعث الدكتاتوري, وقد حزنت كثيراً للعذابات التي تحملها عالم نووي عراقي الذي كان معتقلاً وسجيناً لدى نظام البعث الدموي. وكتبت عن معاناته. ولكني أصبت بصدمة شديدة حين أصبح الدكتور حسين الشهرستاني وزيراً في وزارة المستبد بأمره نوري المالكي لدورتين، وما يزال حسين الشهرستاني حتى الآن وزيراً، وسكت كأبي الهول الصامت، عن كل الجرائم والموبقات التي ارتكبت في سجون العراق وعلى أيدي أجهزة الأمن والمخابرات العراقية التي تقاد من قبل مجلس وزراء هو وزير فيه، وبأوامر من رئيس وزراء مسؤول "كبير!" في التحالف الوطني الذي هو عضو فيه أيضاً. والحكمة تقول "الساكت عن الحق شيطان أخرس"! وهنا لا اقصد الشهرستاني وحده، بل أقصد كل أعضاء مجلس الوزراء في وزارتي نوري المالكي وكل الأحزاب الإسلامية السياسية والقوى المتحالفة معها والوزراء الكُرد وأحزابهم الذين سكتوا عن تلك الجرائم التي يندى لها جبين البشرية والتي نشر عنها الكثير إلا أولئك الوزراء ومجلسهم غير الموقر. وإذ أذكر حسين الشهرستاني بالاسم لأنه تعرض للتعذيب وأصدر كتاباً من أجل أن يمنع في المستقبل حصول التعذيب أصلاً. ولكن ف واقع الحال إن حزبه وكل الأحزاب الإسلامية السياسية تأخذ بقاعدة السن بالسن والعين بالعين، أي ممارسة روح الانتقام، رغم إن الضحايا الجديدة ليسوا بالضرورة من كان قد أذاقهم مر العذاب حين كانوا في السجون.
وأخر ما قرأت، وأن جاءت قراءتي لهذا الكتاب متأخرة، فأن ما فيه يمكن أن يقرأ بعد مئة عام، لأنه يسجل بعناية أبشع مرحلة مرَّ بها الإنسان العراقي في تاريخ الدولة العراقية المعاصرة التي تأسست في العام 1921. فالكاتب هو المهندس السيد طارق صالح الربيعي ونشر الكتاب تحت عنوان "في ضيافة الوحش" [سيرة ذاتية]، صدر في العام 2005 عن دار أزمنة للنشر والتوزيع، عمان. كما صدر له كتاب آخر في العام 2009 بعنوان " من باب البيت إلى بوابة الجحيم"، وهو استكمال سردي للكتاب الأول وأحداثه في ضيافة المخابرات وأجهزة الأمن البعثية لم يتسن لي قراءته حتى الآن. وقبل ذاك وبعده صدر الكثير من الكتب المهمة في هذا المجال، منها مثلاً كتاب بلقيس شرارة ورفعة الجادرجي الموسوم "بين ظلمتين"، أو كتاب "الوحشية المرعبة للنظام في زنازين النساء بالعراق" للكاتبة البريطانية جين ساسون عن ميادة العسكري, وكتاب "ذكريات الحياة في عراق صدام حسين" للدكتورة جمانة كبة، وكتاب الناقد العراقي الموسوم "أدب السجون خلال سنوات الحكم الديكتاتوري في العراق (2003 - 1963)، دراسة نقدية تطبيقية" دار الحكمة، لندن 2014، وكذلك مقالي الموسوم "أسبوعان في ضيافة التحقيقات الجنائية في العام 1955" المنشور في الحوار المتمدن. وكذلك أسبوعان في ضيافة مديرية الأمن العامة في نظام البعث المقبور ومنشور في مجلة المرآة في الإمارات العربية.
يحتوي هذا الكتاب على عشرة أجزاء ويقع في 175 صفحة. والأجزاء العشرة تعرض بانسيابية ممتازة ولغة متينة حزينة وروح إنسانية وأخلاقية عالية مأساة مهندس عراقي يُعتقل بفرية ووشاية باطلة من "صديق" لأنه "شتم الرئيس" في جلسة خاصة، لمدة ثلاث سنوات واجه فيها شتى صنوف التعذيب النفسي والجسدي والإهانة الشرسة لكرامة الإنسان وهدرا لحقوقه. وأشك إن أحداً من أقطاب النظام السياسي الطائفي قد قرأ هذا الكتاب أو أحد الجلادين السابقين والجدد. وإذا كان واحداً منهم قد قرأه فلم يستوعب دروسه، وإذا كان قد استوعبها قال بسره إن بإمكاني أن أفعل أكثر من ذلك وانتقم للآخرين!!! وهذا ما يقومون به الآن!
في دمشق كان هناك رجل عراقي بعثي اسمه عبد الجبار الكبيسي، رئيس التحالف الوطني العراقي، وكان يطلق على نفسه "جبار حسين" تيمناً باسم الدكتاتور "صدام حسين". وحين كان يتحدث البعض بحضوره عن تعذيب نظام البعث للشيوعيين مثلاً كان يقول، هذا قليل بحقهم، إن وصلت إلى السلطة سأفعل بهم أكثر من ذلك بكثير. هذا البعثي زار العراق قبل سقوط الدكتاتورية مع وفد بعثي من التحالف الذي يترأسه، ومعه عوني قلمجي، وبدأ التعاون بينهما ولكن فرحته لم تتم، فقد أُسقط النظام البعثي من الخارج. توفي جبار "حسين" الكبيسي في العام 2011 ولم يتسن له الحكم ليمارس التعذيب بيديه، رغم إن الحكام الجدد لم يقصَّروا في تأمين جلادين جدد وقدامى وهم يمارسون التعذيب في السجون والمعتقلات العراقية حتى الآن، بل حتى ضد متظاهري الحراك الشعبي. والغريب بالأمر، ولا أدري إن كان الأمر غريباً بعد كل الذي نعيشه من توزيع في "المهام!"، إن رئيس الوزراء العبادي يدَّعي يومياً بتأييده للمظاهرات ومطالبها، ولكنه لا "ينفذها!" لأنها ضد الطائفية والفساد وضد قيادة حزبه وقيادات التحالف الوطني. وبسبب عدم التنفيذ تقوم أجهزة الأمن باعتقال وتعذيب بعض المتظاهرين وتهين الجميع. ثم يدَّعي رئيس الوزراء أنه قد شكل لجنة تحقيقية!، ولكن لم تظهر النتائج حتى الآن ولن تظهر كما هو حال بقية اللجان التي شُكلت للتحقيق في الاغتيالات السابقة مثلاً. ألا يحق لنا أن نقول إنهم يضحكون على ذقون أبناء وبنات الشعب العراقي!!! ولكن إلى متى؟
كم سيكون رائعاً لو أن السيد طارق صالح الربيعي ومن كان معه في السجن وما يزال على قيد الحياة وغيرهم يقومون بتشكيل منظمة مجتمع مدني ترفع شعار ضد التعذيب بكل أشكاله ضد المعتقلين أثناء التحقيق أو بعد صدور الأحكام بالحبس، ومهما كانت الجريمة المرتكبة ومستوى العقوبة. إن مثل هذه المنظمة المدنية يمكن أن تلعب دوراً مهماً في تثقيف الناس بالمخاطر الجسيمة على الفرد والمجتمع من جراء ممارسة أساليب التعذيب النفسية والجسدية ضد أبناء وبنات الوطن المعتقلين وما يلحق بهم وبكرامتهم من عواقب نفسية وصحية وخيمة من جهة، كما إنها يمكن أن تكون أداة رقابية ضد أجهزة الدولة الأمنية والمخابرات العسكرية التي تمارس التعذيب كأداة أساسية في التحقيق وفي انتزاع المعلومات، حتى لوكانت غلط، من أفواه الضحايا!. وسأكون أول من يشترك مع الأستاذ طارق صالح الربيعي في مثل هذه المنظمة.



#كاظم_حبيب (هاشتاغ)       Kadhim_Habib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأهداف التوسعية لتركيا وإيران بالعراق؟
- الدولة العراقية الهشة تتقاذفها سياسات ونفوذ ومصالح الجيران؟
- العالم الحر والموقف من السعودية دولة التطرف والإرهاب والظلم ...
- مواقف تركيا إزاء الحملة المناهضة لقوى الإرهاب بسوريا والعراق ...
- الاقتصاد السياسي للفئات الرثة الحاكمة في العراق
- كتاب -الرثاثة في العراق -أطلال دولة ... رماد مجتمع-
- هل في مقدور التعبئة العسكرية الدولية وحدها تصفية داعش؟
- هل يعي المجتمع الدولي طبيعة الإرهاب الإسلامي السياسي؟
- لمن ولاء أجهزة الأمن العراقية للشعب أم لغيره؟
- هل يمكن تحقيق التغيير بولاءين؟
- شعوب العالم والإسلام السياسي
- الموقف من عمليات التغيير الديموغرافي لأراضي المسيحيين بإقليم ...
- أحمد الجلبي في ذمة المجتمع والتاريخ!
- نتائج أو عواقب عوامل الأزمة المتفاقمة بالعراق!
- المسيحيون جزء أصيل من أهل وتاريخ العراق [مشروع كتاب]
- هل يمكن العيش في بلد يحكمه الأوباش؟
- رأي بشأن القانون المسخ، قانون البطاقة الوطنية بالعراق
- العواقب الوخيمة لسياسات الولايات المتحدة
- التناقضات الاجتماعية بالعراق إلى أين؟
- المشكلات المتراكمة التي تواجه إقليم كُردستان العراق!


المزيد.....




- ماذا قال الحوثيون عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجام ...
- شاهد: شبلان من نمور سومطرة في حديقة حيوان برلين يخضعان لأول ...
- الجيش الأميركي بدأ المهمة.. حقائق عن الرصيف البحري بنظام -جل ...
- فترة غريبة في السياسة الأميركية
- مسؤول أميركي: واشنطن ستعلن عن شراء أسلحة بقيمة 6 مليارات دول ...
- حرب غزة.. احتجاجات في عدد من الجامعات الأميركية
- واشنطن تنتقد تراجع الحريات في العراق
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- جامعة جنوب كاليفورنيا تلغي حفل التخرج بعد احتجاجات مناهضة لح ...
- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كاظم حبيب - جلادو النظم المستبدة كحكامها لا يتعظون بدروس التاريخ!!