أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إدريس جنداري - المشروع العرقي في المغرب .. من الرهان الكولونيالي إلى الرهان النيوكولونيالي















المزيد.....

المشروع العرقي في المغرب .. من الرهان الكولونيالي إلى الرهان النيوكولونيالي


إدريس جنداري
كاتب و باحث أكاديمي

(Driss Jandari)


الحوار المتمدن-العدد: 5010 - 2015 / 12 / 11 - 13:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يعيش المشروع العرقي الأمازيغي، في المغرب، مرحلة جديدة على إيقاع التوصيات الأخيرة التي أصدرتها لجنة الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية في الأمم المتحدة، و تعتبر هذه التوصيات تتويجا لسنوات من صٍراع هذا المشروع العرقي ضد المشترك الثقافي و الاجتماعي المغربي، تحت غطاء سياسي خارجي يوجه البوصلة في اتجاه مصالح القوى العظمى في العالم.
و قد حذرنا، طوال مسار انشغالنا بالمسألة الثقافية في المغرب، من هذا التطور الخطير الذي يعتر نتيجة طبيعية لمقدمات سابقة، لعل من أهمها الشراكة العرقية-الفرنكفونية القديمة، و بعدها الشراكة العرقية-الصهيونية الطارئة، و انتهاء بالشراكة العرقية-الصفوية التي هي الآن في طريق التشكل. كل هذه المقدمات كانت تؤشر على تحول محتمل في طبيعة الخطاب و الممارسة العرقيين، في اتجاه التدويل و ذلك في أفق نقل القضية من لجنة الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية في الأمم المتحدة، إلى لجنة تصفية الاستعمار، للمطالبة بحق تقرير المصير.
إن من بين أهم الملفات التي تعتبر استثمارا رابحا من طرف القوى النيو-كولونيالية، ملف التعدد العرقي و الطائفي، في دول العالم الثالث، و لذلك فإن أقرب السبل للتحكم في القرار الوطني، سياسيا و اقتصاديا، من طرف القوى الخارجية هو إثارة الخلاف بين المكونات العرقية و الطائفية، في البداية، ثم نقل الخلاف من طابعه الوطني الداخلي إلى طابع خارجي، و هكذا يتم من خلال توظيف القانون الدولي من منظور يتلاءم مع مصالح القوى المهيمنة، مع محاولة شرعنة هذا التدخل عبر أذرع الأمم المتحدة التي تعتبر امتدادا مباشرا لوزارات الخارجية في أوربا و أمريكا.
هذا السيناريو، بالضبط، هو الذي تجري أحداثه، اليوم، في دول المشرق العربي، حيث تم وضع خرائط جديدة مسبقا انطلاقا من نظرية ( حدود الدم)Blood Borders التي قدمها الجنرال الأمريكي المتقاعد رولف بيترز Ralf Petrs و طورها بعده ثعلب وزارة الخارجية الأمريكية السابق هنري كسنجر henry kissinger و الآن يجري فرض هذه الخرائط من خلال توظيف الصراع الطائفي، و ذلك لأن هذا النوع من الصراع، المتحكم فيه خارجيا، هو وحده القادر على تحقيق التصور الخرائطي الجديد للمنطقة العربية. و هكذا أصبح ممكنا، من منظور أورو-أمريكي، الحديث عن تقسيم العراق إلى ثلاث دويلات (الأكراد-السنة-الشيعة) و نفس الشيء في سوريا (السنة- العلويون –الأكراد) و اليمن ( الشيعة – السنة) و مستقبلا في مصر (المسلمون- الأقباط )، و كل هذا يفضي، في الأخير، إلى فرض خرائط جديدة تضمن المشروعية للتواجد النيو-كولونالي الغربي مجسدا في الكيان الصهيوني الذي سيتم تقديمه ككيان سياسي و اجتماعي أصيل، في مقابل كيانات مصطنعة هجينة قابلة للتفجير و إعادة الصياغة في أي حين.
هذا السيناريو، نفسه، هو الذي يجري تهييئه، على نار هادئة، في دول المغرب العربي عبر توظيف المشروع العرقي الأمازيغي، من منظور أممي يستجيب لمصالح القوى المتحكمة في القرار السياسي الدولي. هذا التوجه واضح في الجزائر و ليبيا، و الآن يتم توظيفه في المغرب، و الأمر ليس مصادفة حينما يتزامن حدثان بنفس الصيغة. ففي الوقت الذي خرجت فيه لجنة الشؤون الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية في الأمم المتحدة بتوصيات حول حقوق الأمازيغ في المغرب، في هذا الوقت بالذات، يعلن قبايليو الجزائر عن توجههم إلى نفس المؤسسة الدولية للمطالبة باستقلال منطقة القبائل بدواعي عرقية، و في ليبيا يتم توظيف الورقة العرقية، منذ سقوط نظام القذافي، من أجل فرض مشروع تقسيم البلاد بشكل يستجيب لمصالح القوى العظمى.
إن المشروع النيوكولونيالي، حينما يوظف الورقة العرقية في دول المغرب العربي، بهدف إعادة صياغة خرائطها، لا ينطلق من فراغ بل إنه يمتلك رصيدا كولونياليا في شكل خطط سياسية و عسكرية، و كذلك في شكل تنظيرات سوسيولوجية. و لعل هذا الرصيد هو الذي يوجه معركة إعادة التقسيم، من منظور جيو-بوليتيكي يخدم المصالح الاقتصادية للاستعمار الجديد، الذي انتقل من الاستراتيجية العسكرية التقليدية إلى تصور استراتيجي جديد يقوم على أساس الاستثمار في التعدد العرقي و المذهبي كوسيلة فعالة من أجل ابتزاز الدول العالم-ثالثية اقتصاديا و سياسيا.
قد يستهين البعض بما يجري من تحولات بخصوص الورقة العرقية في المغرب، لكن نذكرهم بأن الورقة الانفصالية في الصحراء لم تكن، في البداية، تثير أي ريبة لأن الصراع كان ضد الاستعمار الإسباني، و الصحراويون كانوا جزءا من التيار الوطني المقاوم للمشروع الاستعماري، لكن دخول قوى دولية و إقليمية على خط توظيف الملف لصالحها، هذا الدخول المفاجئ حول الملف من قضية تصفية الاستعمار، إلى أطروحة انفصالية مدعومة خارجيا تحت مسمى تقرير المصير.
إن دخول الأمم المتحدة على الخط، فيما يخص الورقة العرقية في المغرب، يوحي بوجود طبخة سياسية يتم تهيئها على نار هادئة، و ذلك لأن المؤسسات الأممية ليست محايدة و موضوعية، في مقاربتها للعديد من القضايا، بل تمثل مشاريع و رؤى الدول الأعضاء، و لذلك فإن ما يصدر عنها من قرارات هو، في الأخير، تجسيد لموازين القوى الدولية.
و من هذا المنظور فإن إصدار توصيات أممية بخصوص الورقة العرقية في المغرب، هو تعبير عن تدخل دولي مرتقب في القضية استجابة لمصالح تربط بعض القوى الدولية بالمغرب، و هي كثيرة و مختلفة، منها تذكير المغرب –عبر سياسة الابتزاز- بدوره كشرطي حدود في منطقة البحر لابيض المتوسط، و كذلك تذكير المغرب بدوره الاستخباراتي الدولي في محاربة الإرهاب، و كذلك الورقة الاقتصادية عبر فتح الأسواق و تسهيل مساطر الاستثمار ...
و في علاقة بالموضوع، فإن هناك تجارب دولية سابقة، يجب استحضارها و الاستفادة منها، و خصوصا التجربة الجزائرية بخصوص نفس الورقة العرقية الأمازيغية، فقد تم الترويج للأطروحة الانفصالية العرقية داخل فرنسا كرد على المطالب الجزائرية لفرنسا بالاعتذار الرسمي عن المرحلة الاستعمارية، و لذلك فقد تم استدعاء بعض النشطاء العرقيين، و عملت مصالح وزارة الخارجية الفرنسية، في تنسيق مع المخابرات، على تأطيرهم و توجيههم، و بشكل مفاجئ و دون سابق إنذار تم الإعلان عن حكومة مؤقتة تمثل منطقة القائل. و بعض أن توالت الزيارات الرسمية المتبادلة بين الجزائريين و الفرنسيين، تراجعت الورقة العرقية إلى الخلف، و تراجعت معها المطالب الانفصالية، و عاد النشطاء إلى معاقلهم ينتظرون الضوء الأخطر لمعاودة الظهور و رفع الشعارات الانفصالية، و تنظيم المؤتمرات الصحفية للإعلان عن التشكيلة الحكومية المرتقبة. داخل الأمم المتحدة !!!
لابد، إذن، أن نستوعب اللعبة الدولية فيما يخص الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية التي تقودها لجنة كاملة من داخل الأمم المتحدة. إن الأمر لا يتعلق بمطالب حقوقية تستنفر الأمم المتحدة أجهزتها للدفاع عنها، و لكن الأمر يتجاوز ذلك، بكثير، لأن هذه الحقوق تتحول إلى أوراق ابتزاز جاهزة و قابلة للتوظيف في أي حين، و بعد أن تقوم بوظيفتها الخارجية، عادة، تتوارى إلى الخلف في انتظار دورها القادم.
لكن أخطر ما في الأمر، يتعلق ببعض النشطاء الذين يستثمرون في هذه الملفات الملغومة للحصول على مكاسب مادية و رمزية، حتى و لو كان ذلك على حساب المصالح العليا لأوطانهم ! و لعل دور هؤلاء، في علاقة بالورقة العرقية، ليشبه الدور الذي قام به (المحميون) في تاريخ المغرب الحديث، حينما طلبوا الحماية في أوطانهم من قوى خارجية، فكان ذلك مدخلا رئيسيا لدخول كل البلاد، بعد ذلك، تحت الحماية الاستعمارية.



#إدريس_جنداري (هاشتاغ)       Driss_Jandari#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشروع فرنسة التعليم في المغرب .. من التنظير إلى الأجرأة
- بين الفرنسية و الفرنكفونية .. النقد المعرفي لكشف الأوهام الإ ...
- الهوية المغربية و تحدي التحالف الصفوي-العرقي
- التناوب اللغوي في أفق تكريس الدكتاتورية الفرنكفونية
- الدعارة في فيلم عيوش بين المرجعية الكولونيالية و التوظيف الس ...
- بين الفن و العفن .. الحرب على نظام القيم في المغرب
- الهوية الوطنية و تحدي التحالف الفرنكفوني-العرقي
- الدعوة إلى فرنسة مناهح التعليم في المغرب .. قراءة في الخلفيا ...
- إصدار فكري جديد للباحث إدريس جنداري
- الدعوة إلى العامية في التعليم بين البيداغوجي و الإيديولوجي
- المثقفون النزهاء
- ماذا نريد من الصحافة في المغرب .. سلطة رابعة أم بوقا إخباريا ...
- الكتابة الشمولية و تقديس الدكتاتورية العسكرية
- في الحاجة إلى تحالف مدني لمواجهة الانقلابات العسكرية
- بين المثقف الانقلابي و المثقف الملتزم
- انقلاب مصر.. هل هي عودة التحالف العسكرتاري–العلمانوي ؟
- تزفتان تودروف و فضيلة النقد الذاتي .. قراءة في كتاب - الأدب ...
- بين الأمازيغية الوطنية و الإيديولوجية العرقية
- في تأصيل مفهوم العلمانية .. قراءة مقارنة في التجربتين النهضو ...
- في نقد التصور القومي/العرقي لمفهوم العلمانية


المزيد.....




- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...
- جهاز كشف الكذب وإجابة -ولي عهد السعودية-.. رد أحد أشهر لاعبي ...
- السعودية.. فيديو ادعاء فتاة تعرضها لتهديد وضرب في الرياض يثي ...
- قيادي في حماس يوضح لـCNN موقف الحركة بشأن -نزع السلاح مقابل ...
- -يسرقون بيوت الله-.. غضب في السعودية بعد اكتشاف اختلاسات في ...
- -تايمز أوف إسرائيل-: تل أبيب مستعدة لتغيير مطلبها للإفراج عن ...
- الحرب الإسرائيلية على غزة في يومها الـ203.. تحذيرات عربية ود ...
- -بلومبيرغ-: السعودية تستعد لاستضافة اجتماع لمناقشة مستقبل غز ...
- هل تشيخ المجتمعات وتصبح عرضة للانهيار بمرور الوقت؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إدريس جنداري - المشروع العرقي في المغرب .. من الرهان الكولونيالي إلى الرهان النيوكولونيالي