أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إدريس جنداري - ماذا نريد من الصحافة في المغرب .. سلطة رابعة أم بوقا إخباريا ؟















المزيد.....

ماذا نريد من الصحافة في المغرب .. سلطة رابعة أم بوقا إخباريا ؟


إدريس جنداري
كاتب و باحث أكاديمي

(Driss Jandari)


الحوار المتمدن-العدد: 4222 - 2013 / 9 / 21 - 04:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تعترف المنظومة الديمقراطية الحديثة بالصحافة، باعتبارها سلطة رابعة تحضر في موازاة السلطات الثلاث، تشريعا و تنفيذا و قضاء، و في إطار الفصل بين السلطات، الذي دافع عنه مونتسكيو في كتابه روح القوانين كآلية وحيدة كي تحد السلطة من هيمنة و إطلاقية باقي السلط، فإن الصحافة تعتبر سلطة مستقلة وظيفتها رقابية في علاقة بالسلطات الأخرى، فهي تراقب القرار السياسي، تشريعا و تنفيذا، كما تراقب القرار القضائي، و ذلك باعتبارها الجسر الرابط بين مجموع هذه القرارات و بين الرأي العام، الذي من حقه التوصل بالمعلومة و الاطلاع عليها لإبداء رأيه في القرارات المتخذة، هذه القرارات التي تمسه بشكل مباشر، إيجابا و سلبا، و تؤثر على معيشه اليومي، سياسيا و اقتصاديا و اجتماعيا.
في هذا الإطار يمكن أن نلاحظ الدور الرقابي الفعال الذي تقوم به الصحافة في التجارب الديمقراطية الحديثة، بحيث يتجاوز دورها نقل الأخبار و إشاعتها بين المواطنين، إلى ممارسة أدوار رقابية متعددة تجعل الفاعل الرسمي تحت مجهر الرأي العام الذي يتابع كل خطواته و يحاسبه عليها من خلال توظيف الآلية الانتخابية التي تفرز بين النخب على أساس الكفاءة و المسؤولية الأخلاقية. و من ثم، لا يمكن أن نتصور، في دولة ديمقراطية تحكمها المؤسسات، أن يظل الفاعل الرسمي طليقا يفعل ما يشاء من دون رقابة قبلية و محاسبة بعدية، و هذا ما يساهم، في الأخير، في الرفع من مصداقية الفاعل الرسمي و من خلاله يتم الرفع من مصداقية المؤسسات التي يمثلها.
في المغرب، نقرأ و نسمع باستمرار أن الديمقراطية خيار لا رجعة فيه، و يتم الترويج عادة إلى أن الإرادة الرسمية، على المستوى الأعلى، قد حسمت في الأمر و لا يمكن تصور أي تراجع محتمل، و ذلك لأن المحيط الإقليمي و الدولي يدفع في هذا الاتجاه، بقوة، و لا يسمح بالسقوط في هفوات بسيطة فما بالك بالأخطاء الكبرى القاتلة ! لكن، لا نقرأ و لا نسمع عن الكيفية التي يمكن من خلالها بسط و تنفيذ هذا الخيار الديمقراطي، كما أن الأحداث الجارية على أرض الواقع، منذ انطلاق الشرارة الأولى لحركة عشرين فبراير، تؤكد أن هذه السرديات الكبرى التي يتم الترويج لها لا تتجاوز حدود التنظير، و خصوصا في علاقة بالسلطة الرابعة التي تعرضت لمذبحة تؤكدها الأحكام القضائية المتحكم فيها عن بعد، و هي أحكام توحي بأن السلطة الرابعة التي تمثل الركن الرابع للديمقراطية قد فشلت في معركة الفصل بين السلطات، و هذا الفشل يتجاوز حدود الممارسة الصحفية، التي أصبحت محاصرة بالأحكام القضائية الاستباقية، ليهدد بفشل الحلم الديمقراطي الذي رسمنا خطوطه العريضة مجتمعين، حينما خرجت الجماهير الشعبية إلى الشارع مطالبة بالديمقراطية، و حينما استجابت أعلى سلطة في البلاد لهذه النداءات الجماهيرية المتعالية. خلال هذه اللحظة، بالذات، كنا نخطط مجتمعين للاستثناء المغربي، الذي أردنا أن يكون استثناء بطعم الديمقراطية التي تحترم استقلالية السلطات و فعاليتها الذاتية .
و حينما نتحدث، في المغرب، عن الصحافة، باعتبارها سلطة رابعة، فإننا نتحدث عن الجسم الصحافي، الذي يمثل هذه السلطة و يمارسها، و هو جسم عليل غير قادر على مقاومة الاحتكار الذي تمارسه السلطات الأخرى، و هذا ما يجعل بعض الأقلام الصحفية تمثل الاستثناء، في واقع صحافي استأنس بوظيفة الخدمة التي ينفذها بإتنقان، لكن جرأة هذه الأقلام في الدفاع عن الدور الرقابي للسلطة الرابعة يدفع بممثلي السلطات الأخرى إلى ممارسة العنف المادي و الرمزي، بشكل استباقي، و ذلك بهدف ردع هذه الأقلام و تذكيرها، في كل مرة، بأنها لا تمثل سلطة مستقلة، بل وظيفتها المطلوبة هي نقل الأخبار و ترويجها بين العموم.
إن ما يجب أن يعلمه صناع القرار السياسي و القضائي، في المغرب، هو أن الديمقراطية بناء متكامل يقوم على أربعة أركان، و لذلك لا يمكن لهذا البناء أن يقوم و يستوي إذا تم تهديم ركن أسياسي من أركانه. و التهديم لا يكون، بالضرورة، عبر إغلاق المؤسسات الصحافية و تسريح الصحافيين و منعهم من الكتابة، و لكنه يكون تهديما أعنف إذا تمت محاربة الدور الرقابي للسلطة الرابعة عبر محاصرة الجسم الصحافي و إخضاعه ترغيبا و ترهيبا، و هذا ما يمكنه، على المدى القريب بله المتوسط و البعيد، أن يشكل خطرا داهما على الممارسة الديمقراطية ككل . و لعل المستفيد الأول و الأخير من هذه الوضعية المأزومة، هم أعداء الحلم الديمقراطي في المغرب، هؤلاء الذين يحاربون، بشكل علني، أي دور رقابي يمكن أن تقوم به الصحافة الملتزمة بقضايا الشعب و الوطن، لأن في الأمر تهديدا مباشرا لمصالحهم الفئوية الضيقة، التي تتقوى و تتضخم على حساب عيش و كرامة المواطنين، و هذا لن يتم إلا في إطار ممارسة صحافية إخبارية فاقدة لحس الالتزام الأخلاقي و فاقدة كذلك للوعي السياسي المطلوب من الفاعل الإعلامي، باعتباره يمثل سلطة مستقلة تحضر في موازاة باقي سلطات الدولة الأخرى.
إذن، يجب أن نختار بين الوضعية الديمقراطية للصحافة باعتبارها سلطة رابعة، تقوم بوظيفة الرقابة على السلطات الأخرى، و بين الوضعية اللا-ديمقراطية للصحافة، باعتبارها بوقا للسلطة و مداحا لرجال السلطة و مركزا إخباريا وظيفته نقل الأخبار و توزيعها. لكن، يجب أن نعلم أن لكل خيار ضريبته الخاصة، التي يجب أن ندفعها مجتمعا و دولة، فإذا اخترنا المسار الديمقراطي، يجب أن نشجع الجسم الصحفي على القيام بوظيفته الحقيقية كسلطة مستقلة، و هذا الخيار يفرض على الفاعل السياسي، بمختلف أدواره تنفيذيا و تشريعا، أن يحترم الدور الرقابي للصحافة و يدعمه؛ حتى و لو تعارض هذا الدعم مع مصالحه الفئوية الضيقة، لأن الربح، في الأخير، ذو طابع استراتيجي يتجاوز الأشخاص إلى الوطن. أما إذا انتصرت إرادة القوى الرجعية في الدولة، فإن الضريبة ستكون باهظة الثمن، من تقدمنا الاقتصادي و استقرارنا الاجتماعي و توافقنا السياسي، و هذا ما لا يمكن لغيور على مصلحة وطنه أن يسمح به، لأن طموحنا، كشعب تواق لقيم التحضر و التقدم، يتعارض مطلقا مع طموح بعض الفئات الرجعية التي تقتات من الفتات المتناثر من وطن يريدونه جثة هامدة حتى يغنموا أكثر .



#إدريس_جنداري (هاشتاغ)       Driss_Jandari#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكتابة الشمولية و تقديس الدكتاتورية العسكرية
- في الحاجة إلى تحالف مدني لمواجهة الانقلابات العسكرية
- بين المثقف الانقلابي و المثقف الملتزم
- انقلاب مصر.. هل هي عودة التحالف العسكرتاري–العلمانوي ؟
- تزفتان تودروف و فضيلة النقد الذاتي .. قراءة في كتاب - الأدب ...
- بين الأمازيغية الوطنية و الإيديولوجية العرقية
- في تأصيل مفهوم العلمانية .. قراءة مقارنة في التجربتين النهضو ...
- في نقد التصور القومي/العرقي لمفهوم العلمانية
- التقاعد المعرفي.. أو حينما تشمخ فارغات السنابل
- مثقفو التزييف.. من صناعة الفكر إلى ترويج الوهم الإيديولوجي
- بين الفن و الدين .. قراءة في موقف الحركات الإسلامية
- ظاهرة مثقفي العلاقات العامة
- اللوبي الفرانكفوني في المغرب و العمى الاستراتيجي - قراءة في ...
- من الثورة إلى تغيير الثقافة السياسية
- الحكومة الملتحية و العلوم الإنسان-فوبيا
- المغرب يعود إلى حضنه العربي .. عودة الوعي
- جدلية النضال الثوري و النضال الديمقراطي .. من ثقافة الهدم إل ...
- جدلية الفعل الحزبي و النضال الديمقراطي في المغرب
- حزب الاستقلال.. حينما تنتصر الشرعية الديمقراطية
- مخاضات حزب الاستقلال .. بين الشرعية التاريخية و الشرعية الدي ...


المزيد.....




- إيران تستهدف مستشفى سوروكا في تل أبيب.. وإسرائيل ترد بتصعيد ...
- قبل إعلان ترامب عن مهلة لإيران.. مصادر تكشف لـCNN عن تحركات ...
- تحليل لـCNN: هل يستطيع الكونغرس منع ترامب من ضرب إيران؟
- -كتائب حزب الله- العراقية تتوعد ترامب إذا ضرب إيران: ستخسر ك ...
- صفارات الإنذار تدوي في إسرائيل للتحذير من هجوم صاروخي إيراني ...
- غروسي: إيران لم تكن تصنع قنبلة نووية عند بدء الهجوم.. لا تنس ...
- 34 شهيدا في غزة منذ فجر اليوم أغلبهم من المجوعين
- الرئيس الأوكراني يعيّن قائدا جديدا للقوات البرية
- شي وبوتين يتفقان على أولوية وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائ ...
- وول ستريت جورنال: تكلفة خيالية تتكبدها إسرائيل لاعتراض صاروخ ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إدريس جنداري - ماذا نريد من الصحافة في المغرب .. سلطة رابعة أم بوقا إخباريا ؟