أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منذر خدام - محاولة أخيرة لتوليف مالا يأتلف















المزيد.....

محاولة أخيرة لتوليف مالا يأتلف


منذر خدام

الحوار المتمدن-العدد: 5006 - 2015 / 12 / 7 - 09:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



من الواضح أن الأزمة السورية قد دخلت منعطفا جديدا نوعيا من جراء التدخل العسكري الروسي المباشر في سورية. كان من نتائجه المباشرة أن تنشط التفكير لدى جميع الدول المتدخلة في سورية، خصوصا تلك التي تزعم أنها تساند الشعب السوري، فتحركت خشية أن تخرج "من المولد بلا حمص"، كما يقول المثل الشعبي، وهي تدرك جيدا أن التدخل الروسي جدي واستراتيجي، ولن يتوقف حتى يتم تمكين الجيش السوري من القضاء على القوى الإرهابية. في هذا السياق جاء لقائي فيينا الأول والثاني لمجموعة الدول ذات التأثير في الداخل السوري وما صدر عنهما من علامات طريق نحو التسوية السياسية للأزمة. في الوثيقة الأولى جرى التركيز على جملة من المبادئ العامة للتسوية يفترض أنها ليست موضع خلاف بين السوريين معارضة وموالاة، ربما باستثناء مبدأ علمانية الدولة الذي لا توافق عليه جماعة الإخوان المسلمين وغيرها من قوى وتيارات سياسية وعسكرية إسلامية، كما عارضته بعض الدول المشاركة في اللقاء.
في الوثيقة الثانية تم تحديد إجراءات التسوية موزعة على مواعيد محددة، وتم تكليف بعض الدول بالعمل على تأمين بعض مستلزماتها مثل تحديد القوى الإرهابية وكلف بهذه المهمة الأردن، ومهمة توحيد المعارضة وتشكيل وفدها للمفاوضات وقد كلفت بها المملكة العربية السعودية.
وفق بيان جنيف الثاني ينبغي العمل على توحيد رؤية المعارضة السياسية، وتشكيل وفدها للمفاوضات، وقد أعطي لانجاز هذه المهمة مهلة حتى نهاية العام، لأن النظام قد شكل وفده، وأودع لدى ديمستورا قائمة من أربعين شخصاً. في مطلع العام القادم 2016 ينبغي أن تبدأ المفاوضات مع وفد النظام، وأعطيت لهذه المفاوضات مهلة ستة أشهر، ينبغي في نهايتها الاتفاق على دستور جديد لسورية، وتشكيل حكومة تقود مرحلة انتقالية مدتها سنة ونصف يتم في نهايتها إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية. لقد لحظت الوثيقة الثانية إجراءات أخرى مثل إعلان وقف إطلاق نار، وإرسال مراقبين من الأمم المتحدة، وطالبت جميع الدول التي لها دالة على السوريين معارضة وموالاة، استخدام نفوذها لتسهيل الوصول إلى اتفاق نهائي لحل الأزمة.
فيما يخص مهمة توحيد المعارضة وتشكيل وفدها للمفاوضات، تم تكليف السعودية إذاً بالعمل على إنجاز هذه المهمة ، وهي بطبيعة الحال مهمة صعبة، بل تكاد تكون مستحيلة، قياساً إلى تجربة السنوات الخمس الماضية من عمر الأزمة السورية. الصعوبة تأتي من كون كثير من فصائل المعارضة السورية ليست أكثر من أدوات لتنفيذ أجندات خاصة بالدول المشكلة لها والراعية. إضافة إلى ذلك فهناك مواقف عدائية لبعض الدول من بعض فصائل المعارضة السورية، وسوف تضغط لاستثنائها من المشاركة في لقاء الرياض. مثلا في الوقت الذي تضغط السعودية ومصر باتجاه عدم دعوة الإخوان المسلمين السوريين للمشاركة في لقاء الرياض، تصر تركيا وقطر ليس فقط على مشاركتهم، بل أن يكون لهم ثقل في وفد المعارضة. هناك خلاف بينها أيضا بشان المجموعات المسلحة التي ينبغي أن تشارك في اللقاء، فالسعودية تطالب بمشاركة جيش الإسلام، في حين قطر تصر على مشاركة أحرار الشام، وتركيا تصر على مشاركة القوات التركمانية.
هناك خلافات عميقة أيضاً بين الرؤى السياسية لفصائل المعارضة وأولوياتها التفاوضية، بعضها بركز على مسألة تنحي الأسد في استجابة واضحة لمواقف الدول الداعمة لها، في حين بعضها الآخر يرى ضرورة التركيز على ضمان مستقبل سورية الديمقراطي، وتأمين ذلك بدستور علماني. اللافت في هذا المجال هو أن هيئة التنسيق الوطنية هي الفصيل المعارض الوحيد الذي لديه رؤية سياسية للأزمة السورية مكتوبة، ولديها خارطة طريق لتنفيذها، وهذا ليس ادعاء بل قالت به أطراف دولية رئيسة مثل أمريكا وروسيا، وقال به الموفد الدولي ديمستورا، وكانت قد حازت على موافقات قوى معارضة كثيرة عليها في أثناء التحضير لمؤتمر القاهرة،بما فيها الائتلاف الذي قال باعتمادها إلى جانب وثيقته الخاصة بمبادئ التسوية. سوف تنشأ الخلافات ليس فقط على برنامج التفاوض والتسوية، بل على طريقة الدعوة إلى لقاء الرياض، وعلى تشكيل الوفد ذاته. لقد علم من مصادر موثوقة أن الهيئة والائتلاف سوف يدعوان بصفتهما الاعتبارية، في حين سوف تتم دعوة أشخاص من بقية الفصائل، وهذا بلا شك سوف يخلق بعض المشاكل. ربما كان مناسباً أكثر أن يحدد لكل فصيل رئيس عدد من يمثله وأن يترك للفصيل المعني اختيارهم.
من الواضح أن ثمة عقبات كثيرة تحول دون توحيد جهود المعارضة، ورؤيتها للحل السياسي، وتشكيل وفدها للمفاوضات، مع ذلك لنأمل أن يصير المستحيل واقعاً. وفي مجمل الأحوال ينبغي على المجتمعين وعلى الوفد المحتمل تشكيله أن يأخذ بالحسبان جملة من المسائل أذكر منها ما ياتي:
أ-إن الموضوع الذي سوف يجري التفاوض عليه هو مستقبل سورية وشعبها، الأمر الذي يلقي بمسؤولية كبيرة على كاهل المشاركين فيها، ينبغي عليهم أن يشعروا بها.
ب- ومع أن الشعب السوري يتوق إلى السلم والعودة السريعة إلى الحياة الطبيعية، فإنه لا يجوز أبدا وفي أي ظرف ، وتحت أي عنوان، التفاوض من أجل استبدال استبداد باستبداد آخر، او الاكتفاء بتجميل الاستبداد القائم، بل من اجل ضمان نظام ديمقراطي تعددي على أساس مبدأ المواطنة المتساوية، وحكم القانون.
ت-بمجرد الجلوس على طاولة المفاوضات مع وفد يمثل النظام، هذا يعني الاعتراف المتبادل بأن كل طرف هو جزء من الحل، وليس كل المشكلة. وإن ما ورد في جميع مبادرات التسوية السياسية للأزمة السورية، ومنها بيان جنيف1 وبياني فيينا الأول والثاني يؤكد على ذلك.
ث- لا حل عسكري للأزمة السورية، بل حل سياسي، هذا يعني أن التسوية السياسية سوف تتم على قاعدة "لا غالب ولا مغلوب" بل الجميع منتصرون، كما نصت على ذلك خطة ديمستورا الموفد الدولي إلى سورية، والذي سوف يتابع المفاوضات ويشرف عليها.
ج- إن فكرة التسوية السياسية تعني من جملة ما تعنيه الوصول إلى تنازلات من قبل الطرفين، لكن التنازلات المطلوبة من قبل النظام ينبغي أن تكون جوهرية تطال بقاء النظام ذاته، في حين التنازلات التي يمكن أن تقدم عليها المعارضة لا تتعلق بالهدف النهائي وهو ضمان مستقبل ديمقراطي لسورية وشعبها، بل بالإجراءات المؤدية إلى ذلك. في هذا المجال قد تكون مفيدة تجربة بولونيا.
ح- قد يعمل وفد النظام على إفشال المفاوضات، أو وضعها في حلقة مفرغة..لكن على المعارضة، بل من واجبها أن تعمل على إنجاحها، وذلك من خلال التركيز في بداية المفاوضات على المسائل الأسهل، لكنها المحرجة للنظام بل وقاتلة له. مثلا ينبغي أن تبدأ المفاوضات بالتركيز على مسألة وقف إطلاق النار، ومن ثم على المسائل الإنسانية، من قبيل الإفراج عن المعتقلين، وتبادل الأسرى، وفك الحصار عن المناطق المحاصرة. هذه المسائل تشكل إحراجا كبيرا للنظام أمام أنصاره وحلفائه. بعد ذلك يمكن الانتقال للبحث في الدستور الجديد لسورية المستقبل. في هذا المجال من الأهمية القصوى التركيز على النظام الجمهوري البرلماني، وعلى نظام الانتخابات النسبي ونظام القوائم، وسورية دائرة انتخابية واحدة، ليس فقط من أجل إيجاد مخرج لمسألة الرئيس بل لضمان عدم ظهور ديكتاتور جديد في سورية. بعد ذلك يمكن الانتقال إلى البحث في تشكيل الحكومة الانتقالية والصلاحيات التي ينبغي أن تتمتع بها. من الأهمية بمكان أثناء البحث في المسائل الإجرائية للمفاوضات التمسك بتشكيل لجان للبحث المتوازي في جميع هذه المسائل دفعة واحدة.
خ- ينبغي على المعارضة أن تدرك أن النظام لا يمكن إسقاطه بالقوة، فهو يمتلك عناصر قوة كثيرة، إضافة إلى دعم حلفائه له، وله أنصار ومؤيدون. من هذا المنطلق لا يجوز سياسيا التمسك بمسألة تنحي الأسد كشرط مسبق لأية مفاوضات، لأن ذلك سوف يعني فشل المفاوضات وهذا ما يريده النظام ،بل العمل على تحدي النظام أمام صندوق الانتخاب، شريطة ضمان نزاهة الانتخابات وذلك بان تتولى الأمم المتحدة تنظيمها والإشراف عليها، في نهاية المرحلة الانتقالية، وبعد أن تكون الأوضاع في البلد قد تم تطبيعها بصورة مقبولة، خصوصا لجهة عودة الحياة السياسية إليه.
د-في سياق الصراع المسلح بين المعارضة والنظام ارتكبت جرائم بحق الشعب السوري من كلا الطرفين بدرجات متفاوتة، ومع أنه لا يجوز التنازل عن محاسبة المجرمين، لكن ذلك ينبغي أن ينظر إليه من منظار المصلحة العليا لسورية، والإسراع في الخروج من وضعية الصراع إلى وضحية الحياة السلمية الطبيعية. في هذا المجال قد تكون تجربة جنوب أفريقيا مفيدة جداً.
ذ- ينبغي الحرص على أن يواكب المفاوضات خطاب إعلامي رصين، غير استفزازي،يعرض الوقائع والحقائق كما هي ليطلع عليها الشعب أولاً. الخطاب الإعلامي المناسب مهم جداً ليس فقط في المعارك الحربية، بل في المعارك السياسية أيضا، وعلى وجه الخصوص.29 /11/2015



#منذر_خدام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مأساة العقل السياسي المعارض
- سياسات صنع الكارثة
- الاستثمار في صناعة الكوارث
- أثر الاستبداد في تكوين الشخصية السورية
- التدخل العسكري الروسي ونتائجه المحتملة
- قطار التسوية السياسية في سورية يتحضر للانطلاق
- ما بين إيران وتركيا
- من اسقاط النظام إلى التحالف معه
- المسألة الكردية في سورية بين الحلم والواقع
- هل الساحل خط أحمر حقاً
- تسريبات سوتشي وقراءة بين السطور
- أسئلة ديمستورا ومفاجأة موسكو
- قراءة سياسية في المشهد العسكري في سورية
- احياء مسار جنيف من جديد
- بين الفشل والنجاح ثمة - أسس موسكو-
- تحولات استراتيجية خطيرة
- دائرة النفوذ الإيرانية
- الحل خطوة خطوة على الطريقة الروسية
- اغتيال الحلم
- تحولات سياسية استعدادا لمواجهة بين قطبين مذهبيين


المزيد.....




- وزير دفاع أمريكا يوجه - تحذيرا- لإيران بعد الهجوم على إسرائي ...
- الجيش الإسرائيلي ينشر لقطات لعملية إزالة حطام صاروخ إيراني - ...
- -لا أستطيع التنفس-.. كاميرا شرطية تظهر وفاة أمريكي خلال اعتق ...
- أنقرة تؤكد تأجيل زيارة أردوغان إلى الولايات المتحدة
- شرطة برلين تزيل بالقوة مخيم اعتصام مؤيد للفلسطينيين قرب البر ...
- قيادي حوثي ردا على واشنطن: فلتوجه أمريكا سفنها وسفن إسرائيل ...
- وكالة أمن بحري: تضرر سفينة بعد تعرضها لهجومين قبالة سواحل ال ...
- أوروبا.. مشهدًا للتصعيد النووي؟
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة بريطانية في البحر الأحمر وإسقا ...
- آلهة الحرب


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منذر خدام - محاولة أخيرة لتوليف مالا يأتلف