أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - كامل علي - لعنة الذهب ألأسود-12















المزيد.....

لعنة الذهب ألأسود-12


كامل علي

الحوار المتمدن-العدد: 4979 - 2015 / 11 / 8 - 15:04
المحور: سيرة ذاتية
    


قبل وفاة والدي كان شقيقي يلماز قد تزوج من زميلة له كانت تدرس في جامعة الموصل، اما شقيقتي آيسل فقد تزوجت بعد يلماز بفترة وجيزة وانتقلت مع زوجها للسكن في بغداد، في هذه الاثناء استأجرت شقة في الباب الشرقي بمشاركة صديقي المذيع وصديق آخر كان موظفا في إحدى السفارات الاجنبية.
كنت اقضي اوقاتي في العمل في المكتب وكذلك في اعداد التصاميم المعمارية التي كنا نكلف بها في القسم المعماري اضافة الى ذلك كنا نجتمع مع الاصحاب في النادي كل يوم خميس حول مائدة الشراب.
اكملت السنة الدراسية الرابعة ونجحت في نهايتها نجاحا باهرا وكانت علاماتي ممتازة في جميع الدروس، ان هذا التفوق اعاد الثقة الى نفسي واعطاني زخما اضافيا لإكمال السنة الخامسة والاخيرة من دراستي الجامعية.
حينما بدأت الاجازة الصيفية لم اعد الى كركوك وفضلت الاستمرار في العمل في المكتب على العودة ولكني اغتنمت عدة فرص خلال هذه الاجازات للسفر الى كركوك للقاء بحبيبتي اسماء التي نجحت هي الاخرى وانتقلت الى المرحلة الثانية والاخيرة في دراستها في معهد اعداد المعلمات.
في احدى هذه الزيارات فاتحت اهلي برغبتي في خطبة اسماء وتحققت رغبتي وتمت الخطوبة وبارك اهلي واهلها حبنا الذي بقي طي الكتمان لاكثر من عام واقتصرت الخطوبة على الاهل وسعد بها الجميع.
في خريف عام 1974 بدأت السنة الدراسية للمرحلة الخامسة والاخيرة من دراستي فكنت في خلالها كالعام السابق متفوقا في الدراسة.
في الأشهر الاخيرة من هذه السنة انتقلت بناء على رغبة شقيقتي للسكن معها وانشغلت في هذه الاشهر في إعداد اطروحة التخرج التي كانت تصميم مجمع مدرسة اصلاحية في بغداد.
كانت لقاءاتي بخطيبتي خلال فترة الدراسة قليلة واقتصرت على الاعياد والعطلة الربيعية وسافرت مرة الى اربيل للقائها وقضيت معها عدة ايام كانت من احلى ايام العمر، اما في ايام البعاد فقد كان الشعر سلواي وخطاباتي اليها كانت لا تخلو من قصيدة ابث فيها اشواقي ولوعتي من الفراق وحنيني الى اللقاء.
ان سفينة الحياة كما هي زاخرة بالمسرات فهي مليئة ايضا بالآلام وان الاقدار تلعب دورا اساسيا في رحلتنا العبثية هذه، ففرحة اللقاء والميلاد تعقبها لوعة الفراق والموت.... هذا الحدث المفزع الذي يخطف منا احبائنا واعزائنا في لحظات، وهكذا خطفت يد المنون ابن شقيقتي البكر يشار ولم يتجاوز عمره الربيع الرابع في حادثة اليمة في دار الحضانة الملحقة بالمستشفى التي كانت تعمل فيه والدته. كانت هذه الورقة الرابعة التي سقطت من شجرة العائلة بعد والدتي وشقيقي اورخان ووالدي.
ان هذه الواقعة المفزعة تركت في نفس شقيقتي وزوجها جراحا غائرة وآثارا مدمرة ظلا يعانيان منها لفترات طويلة.
لقد احزنني الاغتيال المرعب لهذا الطفل فالبرعم تم قطفه قبل ان يزهر ويثمر وراودني التساؤل الخالد حول لغز الحياة ولغز الموت والحكمة من تعاقب الوجود والفناء.
عندما كنت مؤمنا بالاديان كانت الاجابة جاهزة فهي إرادة الخالق والاطفال مكانهم في جنة الخلد عند مليك مقتدر، ولكني اتسأل الآن: ماالحكمة من خلق هذا الطفل ثم ارسال عزرائيل لقبض روحه قبل ان يكمل استخلافه في الارض كما تدّعي الاديان؟
حكاية الوجود والفناء هذه عبث في عبث، فالطبيعة عشوائية في تصرفاتها فهي تقطف البرعم قبل ان يزهر وتقطف الزهرة قبل ان يثمر وترسل الرياح والعواصف فتتساقط الثمرات قبل اوان نضجها احيانا.
عندم كنت مؤمنا بالدين الإسلامي كنت اعتقد بان الكون مسيّر من قبل الخالق حسب نظام دقيق، ولكني اكتشفت بعد ذلك ان العشوائية هي التي تحكم الكون... مليارات من الكواكب والنجوم موجودة بدون هدف والارض تتزلزل تحت اقدامنا بين فينة واخرى والبراكين تنفجر فتحرق الاخضر اليابس والعواصف والفيضانات تقتلع كل ما يصادفها، وفي الطرف الآخر صحاري جرداء يعاني من يسكنها من القحط والجوع.
ان من يدعي بان من خلق الكون والارض والانسان عليم حكيم ورؤوف رحيم في جهل مطبق ومخدّر فإذا كان هناك خالق للكون والإنسان فهو خالق فاشل لا يرى ابعد من ارنبة انفه.
في تلك الفترة من عام 1975 وعندما كان حزب البعث العربي الاشتراكي مشددا قبضته على العراق حدثت في مدينة الذهب الاسود اضرابات قام بها الطلبة والمعلمون التركمان بسبب الغاء الدراسة باللغة التركمانية في عدد كبير من المدارس التركمانية، وتمّ اعتقال عدد من الطلاب والمعلمين كما استشهد احد المعلمين نتيجة التعذيب في المعتقل.
نتيجة لهذه الاحداث قام الطلاب التركمان الدارسون في جامعة بغداد بإعتصام سلمي امام مقر الاتحاد الوطني لطلبة العراق الذي كان تابعا لحزب البعث للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين وإرجاع الدراسة باللغة التركمانية الى المارس التي الغيت منها.
خلال الإعتصام قدّمنا مطالبنا الى رئيس الإتحاد وتم بعد ذلك تفريق هذا التجمع بالقوة والغيت بعد فترة الدراسة باللغة التركمانية من جميع المدارس المشمولة بها.
لم اجد مبررا منطقيا لهذه الإجراءات المتعسفة التي اتخذتها قيادة حزب البعث الحاكم ولكن التوجهات والمماراسات التي تعاقبت على مر الايام كشفت توجههم العنصري وتمييزهم بين العرب والقوميات من الاقليات الاخرى كالاكراد والتركمان والاثوريين، فالحكم الذاتي للاكراد تحول الى هيئات شكلية وتجرد من اهدافه والمحافظات والمناطق الكردية والتركمانية ظلت تعاني من التخلف والإهمال والتفرقة.
بعد إلغاء الدراسة باللغة التركمانية بدات حكومة حزب البعث بسياسة تعريب مدينة الذهب الاسود- كركوك - وذلك بتشجيع العرب للهجرة من المحافظات الاخرى الى المدينة وذلك بمنحهم امتيازات مالية وتخصيص الاراضي السكنية لهم. وعلى النقيض من ذلك تم إجبار السكان الاصليون للمدينة على إخلاء بعض المناطق السكنية والزراعية واستولت الدولة على الدور السكنية العائدة للتركمان لقاء تعويض مالي واسكنت فيها العرب المهاجرين من المحافظات الاخرى التي اغلبية سكانها من العرب.
ان هذه الممارسات ولّدت شعورا بالنقمة في المدينة وخاصة بين التركمان والاكراد فبدأوا يتسألون عن مبرراتها.
ان بعض بلدان العالم تعاني من مشكلة الاقليات القومية والدينية والمذهبية، وإن افضل وسيلة للتعايش السلمي بين الاقليات والاغلبية هي الاعتراف بحقوقهم في العيش الكريم وفسح المجال امامهم للمشاركة الديمقراطية في البرلمان والحكومة والقضاء فالعلمانية والالتزام ببنود اعلان حقوق الانسان هي صمام الامان والوسيلة للتعايش بين القوميات والاديان والمذاهب المختلفة.
ان التمييز القومي لم يؤدي الى ذوبان اية قومية في عالمنا او القضاء عليها لان الشعور القومي لدى الانسان شعور جارف حاليا ومترسب في لاشعوره ولا يمكن اقتلاعه بالقوة.
إن عقل الانسان في تطور مستمر فالتطور هي سنة الحياة فالاحياء تتطور والمذاهب والاديان تتطور، فبعد ان كانت النزعة الفردية غالبة على الانسان البدائي تطورت الى نزعة عائلية ثم الى نزعة قبلية ثم الى نزعة عشائرية ثم الى نزعة قومية، والعقل الانساني ووعيه مستمر في التطور ونأمل ان يأتي عصر الانسانية بعد ان يبلغ تطور العقل البشري والحضارة الانسانية مبلغا يمكنه من نبذ التفرقة القومية والدينية والمذهبية.
لقد ساهم المفكرون والفلاسفة وبعض الانبياء على مر العصور والاحقاب في دفع عجلة هذا التطور الى الامام ولكن بعض من هؤلاء وخاصة الانبياء منهم زادوا الطين بلة فالدين اليهودي يدعّي بان اليهود هم شعب الله المختار والدين الإسلامي رغم قوله لافرق بين عربي وعجمي إلا بالتقوى ينبذ المخالف لمعتقده ( كنتم خير امة اخرجت للناس ) كما يأمر بأخذ الجزية من اهل الكتاب وهم صاغرون اما المسيحية فهي امتداد للدين اليهودي من الناحية التشريعية فالكتاب المقدس (العهد الجديد) يضم بين دفتيه الاناجيل الاربعة والعهد القديم اي التوراة وخلاصة القول ان جميع الاديان سبب للتفرقة اكثر مما هي سبب لتوحيد الجنس البشري.
بعد هذه الاحداث المؤسفة قدمت اطروحة التخرج الى رئاسة القسم المعماري وعدت الى مدينة الذهب الاسود وكنت قد استقلت من عملي في مكتب الاستشاري العراقي لاتفرغ للدراسة خلال فترة إعداد اطروحة التخرج.
بعد ان قضيت عدة ايام في مدينتي قفلت راجعا الى بغداد لإستلام نتائج الامتحانات والاطروحة، فكانت سعادتي غامرة بالنجاح الباهر الذي حققته وتكللت جهود السنوات الطويلة الي قضيتها على مقاعد الدراسة بتخرجي من الجامعة وحصولي على شهادة البكلوريوس علوم في الهندسة المعمارية.
في هذه الاثناء تخرجت خطيبتي اسماء من المعهد فاصبحت الفرحة فرحتان.





.....يتبع
من مسوّدة كتاب (لعنة ألذهب ألأسود)



#كامل_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لعنة الذهب ألأسود-11
- لعنة الذهب ألأسود-10
- لعنة الذهب ألأسود-9
- ألنبوة وألولاية
- شطحات صوفية
- ألماسونية -3 - بين ألمحافظة والتجديد
- ألماسونية -2- ألماسونية وألدين
- ألماسونية -1- كيف بدأت الماسونية
- ألأسينيون في قمران
- يهودي غامض- يسوع ألناصري- ألخاتمة
- يهودي غامض- يسوع ألناصري- 3
- يهودي غامض- يسوع ألناصري- 2
- يهودي غامض- يسوع ألناصري
- نهاية ألعالم في ألرؤى أليهودية
- ألأرض ألأم
- تجليات كونية... شمس، قمر وأحجار
- ألتجربة ألدينية للحياة
- ألإله ألبعيد
- تانجري (ألإله - ألسماء)
- جلاألدين ألرومي-موسيقى-شعر ورقصات


المزيد.....




- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...
- الجيش الأمريكي يعلن تدمير سفينة مسيرة وطائرة دون طيار للحوثي ...
- السعودية.. فتاة تدعي تعرضها للتهديد والضرب من شقيقها والأمن ...
- التضخم في تركيا: -نحن عالقون بين سداد بطاقة الائتمان والاستد ...
- -السلام بين غزة وإسرائيل لن يتحقق إلا بتقديم مصلحة الشعوب عل ...
- البرتغاليون يحتفلون بالذكرى الـ50 لثورة القرنفل
- بالفيديو.. مروحية إسرائيلية تزيل حطام صاروخ إيراني في النقب ...
- هل توجه رئيس المخابرات المصرية إلى إسرائيل؟
- تقرير يكشف عن إجراء أنقذ مصر من أزمة كبرى
- إسبانيا.. ضبط أكبر شحنة مخدرات منذ 2015 قادمة من المغرب (فيد ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - كامل علي - لعنة الذهب ألأسود-12