أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - المفاجأة والتشويق في ذِئبة الحُب والكُتُب















المزيد.....

المفاجأة والتشويق في ذِئبة الحُب والكُتُب


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 4977 - 2015 / 11 / 6 - 14:27
المحور: الادب والفن
    


يعتمد محسن الرملي في روايته الرابعة "ذِئبة الحُب والكُتُب" على سيرته الذاتية وينهل منها الكثير من الوقائع والأحداث التي تؤثث متن نصه الروائي القائم على عنصري المفاجأة والتشويق. تتمثل المفاجأة الأولى في الجملة الاستهلالية التي أقرّ فيها الراوي بأنه مؤلف كل الكتب التي تحمل اسمه باستثناء "ذِئبة الحُب والكُتُب" الذي وجدهُ مُصادفةً حين كان في الأردن فقلَبَ حياته رأسًا على عقب وجاء إلى أسبانيا بحثًا عن المرأة التي كتبته. لعل ما يميّز هذه المرأة عن سواها أنها تبحث عن الحُب الخالص الذي يلبّي حاجة الروح ولا يستجيب لرغبات الجسد. يقوم الهيكل المعماري للرواية على شخصيتين أساسيتين وهما هُيام كاتبة النص الروائي المطبوع وحسن، الاسم الذي اختارتهُ هُيام للراوي الذي هو محسن الرملي الكائن السيري الذي طوّع سيرته الذاتية التي تمتد من قرية "سْديرة" إلى عمّان مرورًا بأسبانيا وأنتهاءًا بطريق عمّان - بغداد حين امتدت يده إلى حقيبته وسحبت المغلّف الذي سلّمه إياه صديقه الصعيدي رفاعي وإذا به يُفاجأ برواية "ذئبة الحُب والكُتب".
لابد من الإشارة إلى أن هُيامًا قد أحبت لغة حسن مطلك وأسلوبه، ورؤاه الفنية، ومواقفه الفكرية من خلال قراءتها لقصائده ورواياته. ولو لم يشنقوه إثر اشتراكة في محاولة لقلب نظام الحُكم في العراق لما أحبّت غيره لأنه يريدها ألا تكفّ عن الحُب فهو القائل: "إن الشرّ فكرة، وأن الحُب طبيعة"(ص84).
لم تعُد الإيميلات أو الرسائل النصية تقنية جديدة لكن محسن الرملي وظّفها كذريعة لكي يروي بها العاشقان، حسن وهُيام، بضمير المتكلم على الرغم من اختباء الأخيرة وراء ضمير الغائب "هي" التي تشكّل عتبه نصيّة تميزها عن الراوي الأول أو الكائن السيري محسن الرملي الذي ارتأت أن تسميّه الراوية الثانية الموازية له على مدار النص بـ "حسن"، أي حسن مطلك، شقيق محسن الرملي الذي يكرس نصف حياته للشقيق الغائب الحاضر.
لقد دخل حسن إيميلها مصادفة فانفتح أمامه عالمٌ جديد لم يألفه من قبل. تُرى، هل أن ما حدث هو حقيقة دامغة أم أن القصة برمتها هي من نسج خياله المتوهج؟ هل أن هُيامًا موجودة فعلاً على أرض الواقع أم أنه تقمّص دورها وجعلنا كقرّاء نتحرّق شوقًا إلى لحظة اللقاء المرتقبة التي تجمع بين الحبيبين المتباعدين اللذين تفصلهما آلاف الأميال؟
لا تكتفِ هُيام بسرد قصة زواجها من الدكتور عبّود المنتمي إلى حزب السلطة والمُدافع عنه حتى الرمق الأخير وإنما تروي قصة والديها اللذين لم يُوفقا في زواجهما أيضًا، فأمها تنتمي إلى أسرة ثرية، والأب منحدر من عائلة فقيرة انتقلت من سامراء إلى بغداد. كلا الأبوين ينتميان إلى حزب السلطة لكن الأم تعتزل العمل السياسي، بينما ينتقد الأب لاحقًا "الحزب القائد" فينتهي به الأمر مشنوقًا ومُغيبًا في مقبرة جماعية مجهولة. وعلى الرغم من أهمية الأبوين في حياة هُيام المادية إلاّ أن دور الجد المعنوي كان الأكثر سطوة لجهة علاقته بعنوان الرواية ومتنها السردي. فالجد اسمه "ذَهَب" لكن الناس يلقبونه بـ "الذئب". تزوج من ابنة مهراجا في أطراف دلهي فأنجبت له أربعة أطفال، وخلّفت له ثروة كبيرة، كما تزوج من عراقية أنجبت له طفلين وكانت حاملاً بوالد الراوية حينما لقي حتفه إثر سقوطه من ظهر جواد مجنون على تمثال حجري.
اقترنت هُيام بالدكتور عبّود من دون أن تحبه فهو أكبر منها سنًا وإذا أرادت أن تقبّله تشعر بأنها تمارس عملاً مُحرمًا مع عمها أو خالها. كما أحبت هُيام خمسة شُبان وهم ابن عمتها عدنان، وبحر الدين الشيشاني، ويوسف الحلاوي، والمهندس زكريا، وخلف موريس، الدعي الذي سنكتشف ارتباطه بمخابرات النظام السابق واللاحق أيضا. كما تعرفت على راشد وطفل كردي في السليمانية. وعلى الرغم من اختلاف درجات الحب بينهما إلا أنها لم تندم قدر ندمها على علاقتها بخلف موريس ولكنها تجاوزته حينما كرست حياتها لحسن وظلت تبوح له على مدار النص الروائي وتتمنى لقاءه واحتضانه على أرض الواقع.
ما يميز حركة الشخصيات في هذه الرواية أنّ هُيامًا قد تنقلت بين بغداد وعمّان وأربد صنعاء وحضرموت وأم درمان وطرابلس وتونس والمغرب قبل أن تصل إلى مدريد لتتواصل مع حسن عبر الإيميل والهاتف النقال لتعبّر له عن حُبها الخالص الذي يبتعد عن النزوات الجسدية. أما حسن فقد وظف سيرته الذاتية خير توظيف حينما انتقل بنا من قرية سْديرة إلى عمّان وأربد ومنها إلى مدريد متتبعًا سيرتة الحياتية والأدبية التي أنجز فيها كل مجموعاته القصصية والروائية متوقفًا بين أوانٍ وآخر عن بعض الأحداث المهمة مثل تمثيل مسرحية "البحث عن قلب حيّ" وطبع أولى مجموعاته القصصية وطريقة بيعها على الأصدقاء من الأدباء والمثقفين العراقيين والأردنيين. وبما أن مادة الرواية مستلهمة من سيرته الذاتية فلاغرابة أن تحتشد بأسماء حقيقية وأخرى مستعارة. ومن بين الأسماء الحقيقية عبد الوهاب البياتي، علي طالب، عوني كرّومي، أحمد خريس، مؤنس الرزاز، محمد القيسي، عبد الهادي سعدون، ملَك مصطفى وآخرين.
يواصل حسن رحلة بحثه المحموم عنها في الأماكن التي وردت في رسائلها لكنه لم يفلح في الوصول إليها مما دفع بأصدقائه المحتفلين بعيد ميلاد زميلهم أحمد كاظم لأن يقدموا اقتراحات عدة من بينها الاشتغال على رسائلها وإصدارها في عمل روائي لافت للانتباه. اقترحت لوثيا الأندلسية أن يكتشف زوجها هذه الرسائل ويضع حدًا لارتباطه بها. اقترحت ملَك أن تعرف هُيام خبر نجاة حسن مطلك من والدها الذي لم يمت هو الآخر وإنما كان شريكا لحسن في الزنزانة. تصلح كل هذه المقترحات لأن تكون نهاية منطقية للرواية لكن الرملي يتوفر حقًا على موهبة أدبية كبيرة حينما ترك العاشقَين يبحثان عن بعضهما بعضًا ولا يلتقيان إلا عبر الرسائل الإليكترونية على الرغم من وصوله إلى مدريد.
تتعالق ثيمة الرواية بأفكار ومقولات عديدة نذكر منها مقولة زوربا لصديقه: "بأن الربّ يغفر كل الذنوب إلاّ ذنبًا واحدًا وهو أن تدعوكَ امرأة مُحبة ولا تلبّي دعوتها". أو مقولة رابعة العدوية التي تصور محبة الله جلّ في علاه بأنها "عِشق خالص لكَ، لا خوفًا من ناركَ، ولا طمعًا في جنتك".
تبدو هُيام شهرزاد جديدة فهي تروي لنا كل يوم تقريباً قصة جديدة تسرد من خلالها جانبًا من حياتها الشخصية والأسرية والعامة وتضعنا في صورة ما يحدث لامرأة ذكية، جميلة وجذابة لا تحب أن يُطرى جمالها الخارجي وإنما تتمنى على الآخرين أن يتغزلوا بشخصيتها القوية، وعقلها الراجح، وأفكارها النيّرة التي اقتبستها من الحياة والقراءة والتجارب الشخصية المريرة.
لا شك في أن البطلين مثقفان، فحسن، أي "محسن الرملي" نفسه هو قاص وروائي وكاتب مسرحي ومترجم قدِم من قرية سْديرة ولكنه كان يحلم بمدريد، يقيم من الصعايدة الأحد عشر الذين لا يقرأون ولا يكتبون ولكنه يذهب بملابس متسخة بالتراب لكي يقدّم ملاحظاته لمسرحية "أنتيجونا" التي أخرجها عوني كرومي وكتب عنها محسن نقدًا جارحًا لما يزل يؤنب نفسه عليه. أما هُيام، سليلة جدها الذئب فهي "ذئبة الحب والكتب" بامتياز والتي تتلهف لحبيب مثقف يحاورها في الأدب والفن والكتب الصادرة حديثا. باختصار أنها رواية مثقفة تتفحص الذات والموضوع في آنٍ معا.



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية متشظيّة بتسع وحدات قصصية رشيقة
- الباندا. . . الحيوان الأكثر فتنة وجمالاً على الأرض
- ضعف السيناريو في فيلم قلوب متحدة لحسن كيراج
- السخرية السوداء في مياه حازم كمال الدين المتصحِّرة
- حكايتنا. . . فيلم عن السجون التركية في عهد الجنرالات
- أدب السجون في تجربة الكاتب ياسين الحاج صالح
- الدورة التاسعة والخمسون لمهرجان لندن السينمائي 2
- الدورة 59 لمهرجان لندن السينمائي 1
- نازك الملائكة وهاجس التجديد
- كيف روّضت باريس الوحش النازي؟
- استرجاع ذاكرة الطفولة والمكان في فيلم ما تبقى منكِ لي
- الجيكولو في مخالب المتعة
- الروائية العراقية سميرة المانع تترجم صباح الخير يا منتصف الل ...
- قنبلة المخرج الأميركي رَشمور دينُويَر
- بانتظار مامو. . . البطلة التي أخرجت 100 طفل من السجون النيبا ...
- المخرج جوناثان هالبرين وموت عقد الستينات
- محاكمة الفكرة المستحيلة في ليلة الهدهد
- ومضات من السيرة الحياتية والشعرية لديلِن توماس في شريط سينما ...
- رسائل حُبٍّ للرجال العظماء
- الليالي العربية في الخطاب البصري الغربي


المزيد.....




- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - المفاجأة والتشويق في ذِئبة الحُب والكُتُب