|
اضحكوا على الأقل ما دام الضحك مجانا
نقوس المهدي
الحوار المتمدن-العدد: 1361 - 2005 / 10 / 28 - 12:31
المحور:
الادب والفن
في البدء كان الحلم.. مشروع على قدر غير قليل من البراءة و التفاؤل والفرح والاحتفالية وصلابة العزم.. وغالبا ما تغلب الفكرة الفعل.. أن نضحك بأزمنة البكاء، يعني أن نفتح وسط هذا الكم الهائل من الكآبة و السوداوية والقهر والغبن والتسلط والفقر كوة للفرجة و المسرات والسخرية .. هكذا فاجأتنا الفكرة و نحن عزل.. إلا من آمالنا وآلامنا وإيماننا الصادق بمشيئة الإنسان في خلق أفراحه بجمالية الإبداع و شعرية النكتة وانزياح المعنى، معتكزين إرادتنا ومدججين بأحلامنا وإصرارنا الأكيد حتى لا تنقرض هذه الفصيلة المتبسمة من الوجود. ( ض. ح. ك )، هكذا نروم الاستنجاد ببلاغة النكتة . الطرفة . الفكاهة . الحكاية . الناذرة . الملحة . والحدوثة كجنس أدبي لخلق فرصة للضحك ، و نصوغ قاربا للإبحار في خفايا الروح ، نمارس به غواية تخفيف وطأة المعيشي وخالات الاكتئاب و السوداوية ، نخلخل الجاهز والمألوف و نعمل على زرع دم جديد في النفس البشرية لنبلغ بها ذروة الانتشاء وذروة السمو وذروة المنتهى مخافة التأكسد و الصدأ، ونكبح بعناد الأطفال و سلطة الفرجة وصفاء السريرة جماح سطوة الزمن المحدق بنا من كل جانب ، معيدين خلق لحظة عشق وبراءة نعود بها أو تعود بنا - الأمر سيان - إلى حالة الطفل الذي يعشش في دواخلنا و بين حنايانا.. لن نزعم لأنفسنا امتطاء قاطرة التنمية البشرية التي يجرب فيها الانتهازيون و المتخاذلون نزواتهم وشطارتهم لابتزاز أموال الشعب و الإثراء على حساب الفقراء.. لن نمشي على درب الذين يرون التنمية المستدامة من خلال سرادقات العيطة والحصبة وهز البطن ورجرجة الأرداف والولائم .. لن نوهم أحدا ، و نبيع الناس الفرجة ، ولن نفرض إتاوات ولن نستجدي لنقتلع البسمة قسرا من أفواه البسطاء .. لن نمارس التسييح والتمييع في زمن الرداءة والضحالة و الخيبات والاستلاب والإسفاف و التذمر والهزائم العربية المتكررة.. لنمارس الضحك لا بوصفه معادلا للاستهزاء و العبث والازدراء و الضحك على الذقون، لكن بديلا عن الإحباط و والقهر وإهدار الكرامة والظلم والاحتقار و العطالة والغلاء والإقصاء والمحسوبية والرشوة وسرقة المال العام و استغلال الإنسان لأخيه الإنسان .. لندع الناس يصوغون لحظات فرحهم الطفولي بتلقائية نادرة .. لنسخر من واقع الحال الذي يأبون إلا أن يكون صراعا مريرا من اجل اللقمة، و تنميطا لحالات انتهازية وقامعة و سائدة و متسلطة وقاهرة، ونابي نحن إلا أن يكون كينونات صادقة ووديعة وإنسانية و متسامحة ومسالمة و متفتحة وراقية.. لندخل الحابل في النابل و السياسي في الاجتماعي و الاقتصادي، ونحتج ونناور ونقول كفى رداءة وكفى استغلالا وننزع أقنعة الحزن عن الوجوه ، ونغرس الأمل في النفوس ، ونرسم الغبطة الفرحة والبسمة على الأفواه .. لنسخر من أنفسنا على أنفسنا .. لنسخر ما دام الضحك نتاجا للسخرية في شقيها الوقح والمهذب ، و ما دامت ثلاث أرباع الضحك سخرية.. لنضحك خير من أن ينضحك علينا .. ما دمنا امة ضحكت من جهلها الأمم. لنضحك .. ما دام ألضحك إكسيرا لترميم شروخ الروح ، وترياقا لسموم الجسد .. لنضحك على الأقل ما دام الضحك مجانا . ما الفرق بين مجابهة الحياة بتجهم، ومغالطتها ومراوغتها ومهادنتها ومداهنتها ومباغتتها للإيقاع بها.. ما الفرق بين السقوط بين براثن الكآبة ، وإرجاء الانكسارات والخسائر إلى حين .. هنا يكمن الدور الوظيفي للنكتة قي التصدي لشراسة الزمن، ولا شيء يعادل عبثية هذا الزمن الغاشم قاهر الملذات سوى قول طرفة ، الفتى الأكثر الوجوديين وجودية.. أرى الدهر كنزا ناقصا كل ليلة و ما تنقص الأيام والدهر ينفد لعمرك إن الموت ما أخطا الفتى لكالطول المرخي، وثنياه باليد من هنا تأتى سلطة ألضحك قي تقويض سطوة السنين ، وخلق متسع تنتفي من خلاله همومنا وضغائننا ومتاعبنا و مشاكلنا و أحقادنا الدفينة لنعبر إلى الضحك على اختلاف حالات انزياحاته وشاعريته وجماليته وتنوع مفاهيمه الاجتماعية كما هو الحال عليه عند جحا ، و الفلسفية عند برناردشو، و السياسية لدى احمد السنوسي .. ومستنيرين بتعريف هنري برجسون ( 1859-1941 ) للضحك بوصفه ثورات نفسية على الجانب الخارجي من الحياة الاجتماعية ، ودوافعه ومسوغاته التي تتغير بتغير نفسية الكائن من الفرحة والسرور والسخرية والاستهزاء و المقلب والدعابة السوداء والغش والاحتقار و السذاجة والطيبة والنفاق والتملق والاستخفاف و الضحك على الذقون ..
#نقوس_المهدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من اجل مدينة تتسع لجميع أهلها
-
من اجل مدينة تتسع لجميع أهلها...
-
مدينة اليوسفية.. بين نهب المال العام وغطرسة المخزن
-
الانتخابات الرئاسية في مصر.. طبعة مزيدة ومنقحة
-
يوسف يلقي بإخوته في غيابة الجب
-
صنائع من نوبة عراق العجم
-
إعدام العاشق
-
من مكابدات أجمد الزعتر
-
هواجس عباس الخامس
-
الانتخابات في مصر الآن..الفوز لآل مبارك والنصر للمعارضة
-
رحلة عباس السابع
-
الوضع الكارثي لقطاع الصحة باليوسفية
-
مراكش الموت والميلاد
-
تطريز السراب والتيه
المزيد.....
-
مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز
...
-
الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
-
اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
-
نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم
...
-
هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية
...
-
بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن
...
-
العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
-
-من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
-
فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
-
باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|