أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نقوس المهدي - هواجس عباس الخامس















المزيد.....

هواجس عباس الخامس


نقوس المهدي

الحوار المتمدن-العدد: 1294 - 2005 / 8 / 22 - 06:36
المحور: الادب والفن
    


إلى السي عبد الكريم ألعامري في بصرة الله

كنت أجري ولا ألتفت....
ولا أذكر تماما كيف خرجت من البناية بعد أن اشتد النباح .. هل قفزت الأدراج أم انشق الاسمنت المسلح المهم أنني خرجت وأني كنت اجري ولا التفت بعد أن قلت لخيلي ما قاله امرؤ القيس بن حجر الكندي كري كرة بعد إجفال .. والمارة بأعدادهم الغفيرة يلتفتون ويضحكون ويتفننون في نسج شماتتهم على حساب خسارتي .. وأنا اجري ولا التفت.. و السيارات بكل أنواعها تزعق ولا تتوقف ليس في أحشائها ذرة من شفقة ..وأنا أجري ولا ألتفت.. و المدينة مدائن فوق مدائن فوق مدائن وفي كل مدينة سكانها وحدائقها المعلقة ..وعلى شرفاتها ملابس داخلية تنز منها روائح الجنس لا تزال..وأنا أجري ولا ألتفت ... وصلت إلى مشارف العمران .. كانت الحيطان مزخرفة بدماء موتى حقيقيين..والعسس شرعوا في إغلاق البوابات.. ودوريات الشرطة وفرق خفر السواحل تجوب المنطقة..كل ذلك شاهدته بأم عيني .. وأنا اجري ولا ألتفت.. وأبتعد عن سرة المدينة واحتمي بالكلاب التي تتحرش بي .. ورجلاي تعجزان عن حملي..والليل يتثاءب ثقيلا كالرماد يلعق بلسانه ووجهي ووجه المدى..
وأنا اجري ولا التفت...
لا أرض تحتي.. ولا سماء فوقي..
لا برودة .. ولا دفء ..
لا حرارة .. ولا هواء ..
لا شدو يمام فنقول صيف ..
ولا طنين نحل فنقول ربيع ..
ولا أوراق يابسة فنقول خريف..
ولا رذاذ مطر فنقول شتاء..
فقط شيء كرطوبة البحر وصلابة البر..
لا أشجار ولا نبات..لا اسمي الأشياء حمائم فتطير.. ولا الأمكنة انهارا فتهاجر.. ولا الأزمنة أعواما فتنزلق من بين أصابعي مخلفة حريقا في دمي..وهذا الليل فصيح مسرج بآلاف النجوم الواجمة المطفأة والقمر الحزين والهواء المثقل بالأنفاس الكئيبة وهوام الأرض و حشرات السماء الثعابين والبوم والغربان والخفافيش والرتيلاء الصراصير والحيات ذات الأجراس والضفادع المتربعة على عروش من غسلين..والكواسر والقوارض والعقبان والصراطين والجعلان..والفراغ الجسور الناطق بآلاف الخشخشات وآلاف العيون المشعة الواجفة المليئة بالاحتمال والتوجس والحركات الغريبة التي استأنس بها وتستأنس بي لمخلوقات مسكونة بالرعب مثلي..
شبيهتي في العزلة..
علا قتي الوحيدة بالوجود...
أنا أخيف أذن أنا موجود ..
في الواقع لم أكن خائفا لكنها الكلاب المدربة على قمع مظاهرات الطلبة وثورات الجوع و اضرابات الشغيلة والكادحين.. والكلاب الشاردة والضالة والمريضة والجرباء والعمشاء ..وأنا - يا عباد الله - لست خائفا ولا الخوف يعرف سبيله إلى قلبي ..ولم أذق كبد دجاج طول عمري كي لا أخاف ..وشربت كميات من دم الهدهد وتيمنت بريشه .. بريش هذا الطائر المشاكس المطرود من صرح سليمان ..رسوله إلى بلقيس.. الآتي من سبأ بنبأ عظيم.. لكن ما العمل والكلاب تترصد ني في الأحراش والوديان والسهول والغابات..والرياح تجري بما لا تشتهي سفني..ولم أجد ضميرا حيا واحدا ينقذني من ضائقتي ..وحده الراوي جعلني أنجو بأعجوبة .. وأخذ بيميني وسيرني وفق خطة جعلت الكلاب الأشد شراسة تضل سبيلها إلي ..
توقفت عن الجري..استلقيت على الأرض وسط الشوك والصبار والسدر والعليق والعناب أراقب الفراغ السد يمي المتشح بالعتمة..وأرنو لنزق الأمواج تكبحه رصانة السواحل واعد دقات قلبي ..وأنصت للهاتي المتقطع..كنت متعبا وكريها وجائعا وبي عطش شديد....والعرق ينسكب من بدني .. وثيابي ممزقة ومبتلة وعروقي نافرة..ورائحة الغبار ممزوجة بلزوجة أوساخ الجسد المهزول.. كنت كجرو يخرج من معركة كلبية خاسرا ممزقا مدمي ومحبطا.. تذكرت إخوتي وأهلي وأصحابي.. وصحت في خاطري قرابين ودعوات أمي ..ووصايا والدي.. وأمنيات خليلتي..وصداقة الكلاب والقطط التي رافقتها رد حا من الزمن وتقاسمت وإياها الخبز والملح..وددت لو أعناقها وأسند عليها رأسي وأبوح لها بانكسارات العمر الجميل..
لوحت للسيارات الآتية باتجاهي ..كان أربابها يمعنون في السرعة لاشك أنهم سمعوا بحكاية الفتى القادم من بادية( الرحامنة ) ليعمل بالمدينة..كنت ألوح بيدي وقميصي وجسدي وحواسي..وأضواء المدينة تأتي من بعيد ولا تصل.. تغرق في لجة الأطلسي المحيط الجميل السخي الودود..وفيما كنت اسمع صياح الديكة وآذان الفجر كان النباح لا يزال يترصدني في الغابات والسهول و الأحراش والوديان ..والخطر قاب قوسين مني أو أدنى من ذلك.. ..ومتانتي تكاد تنفجر و الضراط على أشده .. و تلك القذارة التي يستعاض عن كتابتها بنقط سوداء هكذا (...... ) كما يقول ميلان كونديرا في روايته الجميلة والشيقة ( الخفة الغيرالمحتملة للكائن ) .. لكن لو كان كلام كونديرا يحمل محمل الجد لما كتب ذلك( الخراء ) الذي يمتدح من خلاله ظل الفاشية والامبريالية العالمية..
توقفت أحدى الحافلات..انقـذفـت وسطها على عجل كان كل ركابها يضحكون وكنت بمفردي أبكي ...
و قبل أن أصدق أني امتطيت قارب النجاة..
وقبل أن أريح مؤخرتي العجفاء على الأرضية الباردة وسط الممر الضيق..
وقبل أن أجازف بفتح باب السؤال..
كان الركاب يشرئبون بأعناقهم ويجاهدون بأبصارهم لرصد ملامحي .. ويطلقون أسماعهم لالتقاط نشيجي . وأنا مطرق حسير ومنكمش كقنفذ أرنو بارتياب لبريق عيونهم وشحمات آذانهم المعلقة في الفراغ ..والدموع تنهمر من المحاجر باردة سوداء مرة الطعم..ومن خلال الرموش البليلة شاهدت جزمة مطاطية موحلة وعليها روث وتبن تكاد تصدمني...رفعت راسي كان هناك شخص سامق مادا إلي بورقة لا لون لها..
سألته عن وجهة الحافلة قال : لا أعرف ..
سالني عن وجهتي قلت له : لا أعرف ..
لتكن وجهتنا جزيرة الواق واق المهم هو الخروج من هذه المنطقة ..
تحركت الحافلة نحو الجنوب ..
هل تعلمون هذا الجنوب غامر في رحلة بين الرمل والرمل خلخل الرمل حتى فاض فخرج .. تدحرج عبر النتوءات ولم يفرق بين السهل والوعر..
قلت فليبدأ الرحيل إلى الجنوب الحلزوني بن موحا وحمو بن عبد الكريم بن المهدي بن عمر بن جنبلاط عبر خارطة الوطن ..
كان الجنوب يلف خاصرة الأطلس..
والأطلس يمتد كالسيف على ناصية مراكش..
ومراكش فاتنة تعشقها حوريات البحر الأزرق المتوسط القرمزية..
والبحر بين الألوان .. غلالات الزبد ..المد والجزر أعطى عطره لمراكش كما أعطت اسمها للوطن .. ومضى إلى ما وراء الشاطىء ليحرق السفن ويطلب اللجوء السياسي ..
كلمة واحدة جعلت الحافلة تستأنف سيرها : روووول...
ونفس الكلمة جعلت الركاب يلجمون ضحكاتهم ويستأنفون رطانتهم.. كنت كأني أعرف هذه الأصوات من قديم وأن الكلفة قد رفعت بيني وبينهم..ما إن ينادي أحدهم أحدا :
- آآآلبهجــــــــــا ..
حتى يلتفت إليه سائر الخلق مجـيـبـيـن :
- نعام آآآمــــولاي ..
لكني لم أدع أحدا باسمه ولا اعرف أحدا حتى .. كنت جائعا وخائفا ومنكمشا في أثوبي الرثة المتسخة المبتلة والممزقة علها تفلح في منحي قسطا من الدفء والستر في هذه العربة التي تشبه زنزانة سجن عربي من كثرة ما تراكم فوق أرضيتها من أزبال وقاذورات..
- أنا قلت إن هذه الحافلة متسخة وقذرة كسجن..
- كلا ..أنا لم أقل ذلك.. أقصد أن السجون عندنا ليست كريهة ولا رهيبة بالحجم الذي تتصورون..وليست صفراء ولا باردة ولا مقرفة .. ذلك كذب في كذب.. ضرب من الكلام المغرض نسجه متحاملون بهدف الإساءة لسمعة الوطن السعيد.. إن السجون بعكس ذلك نظيفة كسجانيها..والملابس مكوية تفوح منها روائح طيبة..والبق والقمل والصئبان لا وجود لها البتة..ولا وجود للصراصير والجرذان والبراغيث والذباب... ولا وجود للخنافس في وجبات الفول والعدس والفاصوليا والبازلاء بل لا وجود للبازلاء والفاصوليا والعدس والفول أبدا.. والمراحيض التي تقض المضاجع لا اثر لروائح البول والغائط بها.. والجدران مطلية بألوان زاهية تشرح الأفـــئـدة ..وفي الأبهاء الماء والخضرة والأزهار والرياحين محج الفراشات الملونة حاملة الرعشات للأفنان ناقلة القبلات للأكمام..وبها مسالك للصولجان وحلبات للفروسية ..والنزلاء لصوص صغار صغار مهذبون جدا.. وجوههم تطفح منها النعمة ضبطوا فقط وهم يراودون لقمة خبز عن نفسها في سطوة جوع..
أما اللصوص الكبار.. الدهاة.. المرتشون... المهربون ..المخربون.. المحتالون.. الحاقدون.. المخادعون..المقامرون .. المتسلطون .. المتخاذلون.. المتلاعبون.. المستهترون.. الأنانيون .. المزورون .. الماكرون .. الخونة الذين يهربون الخيرات والوطن فتلك حكاية اخرى قد يسعفنا العمر أو لا يسعفنا للعودة إليها...
كان محرك الحافلة يهدر..والناس يهدرون ويدحرجون الوشاية والنميمة بينهم ..و أفواههم تقذف سيلا من اللعاب وخيوطا رفيعة من دخان وروائح كريهة ويطقطقون بتلاعب وحنكة علكة أمريكية .... ونحن نجتاز انهارا لا هي بأم الربيع ولا سبو ..لا بالنيل ولا بردى ..ولا هي بالفرات ولا دجلة..و( لا أحد يسبح في النهر مرتين ) حقيقة استشعرها هيراقليطس..
وأنا وحيد كما ترون....( مقطوع من شجرة )..
والليل في أشد حلكته وقد أقسم أن لا يـنبلج ..
والهم في أشد وطأته وقد أجزم أن لا ينفرج ..
والناس أشكال..
أناس يحتضنون صحائف وثنية مغموسة في ماء السياسة..
وناس وثنيون تحضنهم صحائف مغموسة في ماء السياسة..
وناس وثنيون مغتسلون بماء السياسة..
وناس وطنيون..
ةناس سياسيون..
وناس ساسة..
وناس مسوسون..
وناس سا ئـسون..
وناس موسوسون..
وناس متعــبـون..
وناس متعــبــون ( مكسورة عينهم)..
وناس ثعابين ..
وناس أجورهم كمؤخرة دجاجة منها تبيض وتتبرز و تـتـسافد ..
وناس يؤجرون عيونهم..
وناس يؤجرون ألسنتهم..
وناس يؤجرون آذانهم..
وناس يؤجرون أكتافهم..
وناس أجراء
وناس لا أجرة لهم ..
وناس يتحدثون عن اصل الأجناس..وكيف خلق الله حواء من ضلع آدم ..وأول عملية قيصرية .. منذ قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو..
وناس يتكلمون عن المساواة والديمقراطية والعدالة بثقة في النفس عالية كأننا لم نتذوق هذه الديمقراطية ولم نأكلها شطائر شطائر.. ولم نرعب بها أبناءنا حينما يمتطون شيطان شقاوتهم.. وكأننا لا نملك العمارات والسيارات ولا نبني قصورا من الأحلام ولا نأكل في كل وجبة خروفا.. ولا نفترش ريش النعام ولا نلبس الحرير والديباج ولا ننام في أحضان الحوريات الحسان اللاتي لم يطمثهن انس ولا جان..
كان اللغط على أشده..وأنا مطرق استمع واجما حافظا لساني بين مصدق وغير مصدق لما وصل إليه هؤلاء الناس من معرفة وتبحر في العلوم ..أنا الوحيد الأمي الجاهل الحقير المعتوه الأحمق بينهم الذي لا يفقه شيئا ..والظلام ظلمات.. ظلمة الجهل.. وظلمة الحافلة... وظلمة الليل.. وظلمة الزراية.. وظلمة الاحتقار.. وظلمة الوحدة .. وراسي تكاد تنفجر من كثرة اللغط ..وفي كل لحظة تقف الحافلة فينزل قوم وتصعد أقوام ساحبة وراءها عطالتها واوساخها وأمراضها وفقرها المزمن أفاعيها وقردتها وعاهاتها وصوت الكمان يصر.. كمنجات من فائض علب المعونات..
رفعت راسي كانت ثقيلة كدمي ..وظهرت من خلال الدموع المراعي والحقول والمداشر والقرى تتوسد فاكهة النساء الدافئة ..وفي الممر الضيق أخذت تتحدد ملامح الركاب ..من قبل كنت أميزهم من خلال حديث الرجال عن شيـئـهم ومن كلام النساء عن أشيائهن ..والآن وبعد أن توضحت الرؤية فالرجال مجلبـبـون وبدون جلابـيب .. وعلى النساء آثار زينة خليط بهارات وعطر كريه زيوت ونيلة وحناء وسواك ومساحيق ووشم وحرقوص وأصباغ و صليل خلاخيل وأسورة..ومن بين الركاب إخوة عرب بأزيائهم الوطنية وأنوفهم المعقوفة ..لا شك أنهم وفدوا في مهمات رسمية ..يسرحون شعر عاناتهم ويمسدون حشفاتهم بأطراف أصابع متسخة..ويجرون ورائهم ككارثة جغرافيا مليئة بالانكسارات وتاريخا مليئا بالانتصارات لحروب انتصروا فيها ولم يخوضوها مرورا بحروب الاستنزاف حتى عاصفة الصحراء..
تذكرت للتو قراءاتي المبكرة لكتابات الفقيه العلامة سيدي محمد النفزاوي رحمه الله وشجاعته النادرة وتتلمذي على يديه ونجابتي وسرعة إدراكي لما كتب..
توقفت الحافلة.. انقذفت منها .. كان والدي يقرفص بجانب العربة تحت سماء الرحامنة وشمسها الملتهبة ويشير بذراعيه كأنما يحاور كائنات أسطورية .. قبلت راسه وبادرني بالسؤال..
- هل ?
- لا ..
- هل?
- لا..
- هل?
- لا..
- هل?
- لا..
جملة :هل?
وحاصل :لا ..
استشاط غضبا وهو يتوعدني ويكيل لي اللعنات ..
- كلب ابن كلبة ..
- أكتافك كأكتاف البغل.. ستفلح حيث أفلح أخوالك..
حتى أنت يا أبي تتنكر لي كهذا الزمان..
أنا ابنك عباس الذي انضحك عليه..
أنا عباس الذي الجوع والحرمان يعرفه..
عباس الذي قالوا لا ترجى من ورائه فائدة..
عباس الذي أغرقوه في المالح ليأكله القرش..
عباس الذي نسوه في أقبية المخافر لصلابة رأسه..
عباس الذي أرضعوه لبن حمير فأضحت الحمارة أمه بالرضاعة..
عباس الذي أرضعوه لبن حمارة فصارت الحمير إخوته من الرضاعة ..
عباس المتوحش في المزايا..
عباس المتوحد في الرزايا ..
عباس الشاهد..
عباس الشهيد..
عباس المتشهد..
عباس المستشهد..
عباس التشهد..
عباس الشهادة..
عباس المشهود..
عباس المشاهد ..
عباس المشاهدة..
عباس الاستشهاد..
عباس المشهد ..
لكنك أبي يا أبي ..وإخوتي هم الذين..
ولو لم تكن أبي ..لا فترقت وإياك في الطريق ولسلك كل منا سبيله..
كنت مطأطئا رأسي خافضا جناح الذل من الرحمة ..أسابق ظلي ويسابقني ..أسبقه فيسبقني.. ويسبقني فاسبقه.. وما نلبث أن نعلن حلفا ونتواطأ ضد الوقت والطريق والضجر كالصوت والصدى ..والقوس والسهم.. والنار والشرارة.. وأنا أراقب الحقول ملجمة بالخراب.. والفزاعات بنت على هاماتها الطيور أعشاشها ..وألسنة اللهب تتلوى في الفراغات السديمية ..والناس يفرون من أكواخهم مخلفيـن النعمة والمجد والجاه..ويسفحون دمائهم لإخماد جذوتها بينما يؤججون العاصفة ..والنساء يضاجعن ذئابا لها علاقات مشبوهة بتيوس مقنعة..
وتحت ظلال الخرائب اجتمعت اللقالق لتناقش مشاكل الهجرة ..بينما الزمن ينسج حتفهم بخيوط من مصير سلالات بائدة ..
وثمة تحت الشفق المضرج باشعة شموس سادرة جلس رعاة بأسمال ملوك مشردين يداولون بينهم بشبق عقيم فاكهة محرمة ...فيما استيقظت في داخلهم صداقات صاخبة لتماسيح أليفة..وينصتون بحزم لتخرصات رهبان إباحيين.. فيما الجرابيع تجرجر بمؤخراتها كواكب نحو أفول سحيق....
والناس الذين أعرفهم وتوهمت انهم يعرفونني يحاولون جاهديـن إدخال جمل في قذر ..وحينما كنت ابتسم في وجوههم كانوا يشيحون عني بأبصارهم ويضحكون ضحكات غريبة تجلجل في أعماقهم كالصهيل...والذين كانوا يكنزون الذهب والفضة ونذوب في وضاعتنا بحضرتهم يجمعون قشور الخضراوات من مزابل الفقراء المكتظة بالقطط والجرذان والكلاب ..
وفيما كنا نقترب من المنزل.. وفي راسي تتضارب أشتات من عواء وعويل وأزيز وهدير وأهازيج غجر ..كان والدي يتكلم ويلوح بيديه لا يزال ويتوعدني بالعصي التي اعد لي والحبال التي أودعها لرحمة الماء رأفة بي ..وكانت الكلاب التي ظننتها تعرفني وظننت أنها صديقتي / وكنت وإياها كسمن على عسل / تهر في وجهي بضراوة.. استحلفتها بالخبز والملح والذكريات الدفينة والعلاقات القديمة ناديتها بأسمائها لكنها تجاهلتني وتصدت لي قطعانا قطعانا تستحل سفك دمي..
رميت بقجتي .. وأخذت اجري ولا التفت..
وال (.... ) يدق بعنف..
وال ( ..... ) ينسكب من جسدي..
وال ( ..... ) يشرشر على فخداي..
وال ( ..... ) قد جف..
وال ( ...... ) يسيل عطنا لزجا من مؤخرتي..
وال ( ...... ) تطاردني بوحشية وتستبيح سفك دمي..
وأنا أجري ولا التفت..
وأنا أجري ولا التف..
وأنا أجري ولا ألت..
وأنا اجري ولا أل...
وأنا أجري ولا أ....
وأنا اجري ولا .....
وأنا اجري ول......
وأنا اجري و.......
وأنا أجري........
وأنا اجر...........
وأنا اج.............
وأنا أ...............
وأنا ................
وان ................
وأ...................
و....................

نقوس المهدي
اليوسفية - المغرب



#نقوس_المهدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانتخابات في مصر الآن..الفوز لآل مبارك والنصر للمعارضة
- رحلة عباس السابع
- الوضع الكارثي لقطاع الصحة باليوسفية
- مراكش الموت والميلاد
- تطريز السراب والتيه


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نقوس المهدي - هواجس عباس الخامس